علي الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 2362 - 2008 / 8 / 3 - 01:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحلقة الأولى
لكل شي يراد العمل به يجب أن تكون مقدمات وأسس صحيحة ومقومات النجاح,فهل قامت الاحزاب والكتل السياسية بتهيئة الارضية المناسبة لقيام نظام فيدرالي في العراق ؟هل وفرت المناخ الملائم لنموا هذه البذرة الجديدة بصورة سليمه؟ هل قامت الأحزاب بتثقيف وتوعية الشارع العراقي بأهمية الفدرالية وما سوف تقدمه من مردودات للمواطن على المدى البعيد؟؟وهل النظام الفدرالي يوحد العراق أم يقسمه الى كيانات وطوائف؟؟هل هي فدرالية أنفصالية كما يحاول الإخوة الكرد من تطبيقه حاليا من خلال مطالبتهم بضم مدينة كركوك؟؟ هذه أسئلة وأسئلة يطرحها الشارع العراقي المبتلى بهذه الأحزاب والكيانات الطائفية.
ما لمسناه من هذه الكيانات هو محاولة تقسيم العراق مذهبيا وطائفيا وعرقيا قبل بلورة فكرة الفدرالية.هل يعني هذا نظام فدرالي تقسيمي للعراق مستقبلا؟؟؟
العراق ومنذ الآلاف السنين معروف بقومياته المتعددة وثقافاته المختلفة نتيجة الحضارات التي نشأت في أرض وادي الرافدين كالسومرية والبابلية والأشورية والإسلامية وغيرها كثيرا,وكل حضارة تترك بصماتها على نمطية وسلوكية الأفراد الذين يعيشون فيها.ولهذا تجد المجتمع العراقي متعدد الحضارات والأجناس والقوميات والأديان ولكن في نفس الوقت بقي متماسك وموحد بفضل الآصرة الوطنية القوية وعدم ألفاء أي حضارة تنشأ للحضارة التي قبلها وخير شاهد على ذلك الآثار الباقية لحد الآن لكل حضارة من حضارات العراق المتعددة.
لكن الغزوات المتكررة على العراق من قبل المغول والتتر والأتراك والفرس الساسانيين,كل هذه الغزوات ولدت ثقافات وسلوكيات مختلفة في المجتمع العراقي وكلها حاولت الحد من ثقافة العراقيين التعايشية السلمية الوطنية( والتي كانت سائدة في أيام حضاراته السابقة) وتفكيك أواصرها المتماسكة بينهم , وبالتالي فرض واقع جديد عليهم غير الذي كانوا يعيشونه,ومن أهم أفرازات هذه الغزوات هي أشاعة ثقافة القتل والحقد والكراهية وعدم التسامح والمحبة وأشاعة البغضاء بين أفراد المجتمع العراقي للسيطرة عليه, فالعنف لا يولد إلا العنف والتباعد بين أفراد المجتمع الواحد وخلق الأعداء, والمحبة والتسامح لا يولد غير الألفة والالتقاء بين الجميع وخلق الأصدقاء وبغض النظر عن أنتماءاتهم الفكرية والعرقية والمذهبيةوكما قال سيد البلغاء الامام علي (ع)(الانسان أخو الانسان أحب أم كره) وهذا يعني أن الذي تختلف معه في الفكر والقومية أو الدين والمذهب لا يستوجب قتله أو أن تضمر السوء له.أين اليوم نحن من هذه المفاهيم السامية والتي أحوج ما نكون اليها الآن؟؟
بعد الاحتلال البريطاني للعراق والممتد من سنة 1914 الى سنة 1958 والتي حاولوا حعلها حقبة دستورية وبرلمانية في العراق والتخلص من تبعات المجتمع العشائري والطائفي لم ينجح الاستعمار البريطاني في ذلك لكون الفترة غير كافية لتوعية الجماهير وقصور المناهج التربوية للمراحل الدراسية آنذاك وقصور دور المرجعيات الدينية السنية والشيعية لأنها لم تألوا جهدا في أيصال المفاهيم الإسلامية السمحاء الداعية الى الألفة والمحبة وحرمة أنتهاك حقوق الاخرين أو الاعتداء عليهم, بل بقوا في دوامة كيفية التعامل مع المحتل وهل هو كافر أم لا. وهل هو نجس أم طاهر وغيرها من الأمور العبثية التي أضرت كثيرا بالمجتمع العراقي, وأقتصرت جهودهم على ثقافة كل مذهب وطائفة وقومية وبحث التراث الماضي الملي بالأحقاد والسباب والكراهية والثار والقتل والجرائم التي أرتكبت بحق الانسان العراقي خلال تاريخه الماضي بعيدا عن الوطن والمواطنة الحقة والتي تكفل للجميع حق العيش بأمن وسلام. وأبقت النار تحت الرماد جاهزة في أي وقت لإشعال الحرائق في أي مكان من العراق والدليل على ذلك ما حدث في العهد الملكي من عدة محاولات للانقلاب على الدستور والبرلمان(أسموها ثورات) من أمثال ثورة بكر صدقي ورشيد عالي الكيلاني وغيرها الى أن جاء أنقلاب 1958 والذي الغي بموجبه الدستور وحل البرلمان العراقي وحدث ما حدث من كوارث وويلات للشعب العراقي ومنذ صباح اليوم الاول حيث كان الضحية الاولى الملك فيصل الاول وعائلته وخرق حقوق الإنسان والإنسانية من خلال الصراعات السياسية السياسية والسياسية الدينية ذهب ضحيتها الآلاف من الشباب العراقي نتيجة لثقافة الأحزاب التي تحاول التسلط على الحكم وفرض أمر واقع على الجميع من خلال أستخدام العنف والقتل والتصفيات الجسدية وتوالت الانقلابات العسكرية وحمامات الدم تستمر معها , الى أن جاء أنقلاب 17 تموز والذى أغرق العراق بحمامات الدم من خلال تصفية خصومه السياسين من كل الأحزاب والكيانات الأخرى بوسائل دموية رهيبه أبتدأت من عصابة أبو طبر المجرمة وناظم كزار السفاح ومنظمة حنين الاستخباراتية والتي كان يتزعمها أنذاك الطاغية صدام والتي تحولت فيما بعد الى جهاز الاستخبارات المركزي في العراق. وبهذه المنظمات الإجرامية وغيرها حاولوا فرض نظام شمولي عفلقي على الشعب وحكمه بالحديد والنار والشواهد كثيرة كجرائم الأنفال وحلبجه والمقابر الجماعية الناتجة عن قمع الانتفاظة الجماهيرية عام 1991 غير أعدامات مديرية الأمن العامة ودفنهم في مقبرة محمد السكران قرب جسر ديالى ومقبرة شيخ معروف وغيرها.
وبعدها جاء الحصار على العراق والذي عصف بالالاف من الاطفال والشيوخ نتيجة نقص الغذاء والدواء وبقي الشعب العراقي صابرا محتسبا عسى أن يأتي اليوم الذي يبدل سوء حاله الى خير, وأنتظرنا اليوم الموعود بسقوط الصنم بلهفة وشغف عسى الآتي يعوضنا عن السنين العجاف التي مرت على العراق, وأستبشرت الجماهير خيرا ببقايا الاحزاب التي كانت تعيش في الخارج والتي هجرها صدام من العراق سواء الدينية أو السياسية والتي أتت الى سدة الحكم والجماهير تمني النفس وتقول عسى أن تكون فترة 35 عاما التي قضتها هذه الاحزاب في دول أكثر تطورا وحداثة( وأغلبها عاشت في بلدان ذات نظم برلمانية وديمقراطية) كافية لتغير مفاهيم وعقول قادة هذه الأحزاب في كيفية التعامل مع شعبها المظلوم والمبتلى بالديكتاتوريات المتعددة بأوجه مختلفه. فعند مجي هذه الأحزاب لم تستند الى الوطن والشعب والوطنية لانها لا تمتلك القاعدة الجماهيرية من حهة ومن حهة أخرى لا تمتلك طروحات سياسية وبرامج أقتصادية لتطوير المجتمع, بل أخذت منحى أخر وهو الاعتماد على جهات دولية وأقليمية تقدم لها الدعم المادي والسياسي لتنفيذ أجندة خاصة بها في العراق, وكرست وعمقت جذور الطائفية والمذهبية و بعكس ما كان مأمول منها حيث أخذت تتصارع وتتقاتل على الكراسي والمكاسب المادية قبل كل شي والضحية المواطن الذي لم يكسب غير الويلات والدمار وهذا هو حال العراقي من الصبر الى القبر. وأخذ كل كيان سياسي ببناء قاعدة له لتكريس وجوده في المجتمع وفرضه كأمر واقع على الجميع, وبهذا الصراع نشأت عدة ديكتاتوريات بدل الواحدة التي كانت سائدة أيام النظام المقبور. وللحديث بقية في الحلقة الثانية
#علي_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟