أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - لماذا انتشرت صورة الأمريكي القبيح؟















المزيد.....

لماذا انتشرت صورة الأمريكي القبيح؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2362 - 2008 / 8 / 3 - 11:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

برزت الولايات المتحدة الأمريكية للعالم كقوة عظمى اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، بعد الحرب العالمية الثانية، بسبب خروج جيشها من أراضيها، ربما لأول مرة في تاريخها، للدفاع عن حرية أوروبا، وإسقاط النازية والفاشية والعسكرتاريا اليابانية، ووضع حد لانتشار الشيوعية، وكبح جماح الاتحاد السوفيتي والصين. وكان لتبني أمريكا لمشروع إعادة إعمار أوروبا (مشروع مارشال (1947وتمويله والإشراف عليه، الأثر الكبير لدى الأوروبيين لتتويج أمريكا، كقوة غربية عظمى في العالم. كما كان لتصدى أمريكا بالدرجة الأولى لمحاربة الشيوعية، ووقف تمدد الاتحاد السوفيتي في دول أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، ومساعدة شعوب هذه الدول على الثورة ضد الاتحاد السوفيتي، كما حصل في ربيع براغ عام 1968 في التشيك، السجّل التاريخي المعظم لأمريكا.

-2-

ما من غني وقوي وعظيم إلا محسود. هذا على مستوى البشر والأفراد في كل زمان ومكان، وكذلك الحال بين الدول. فجزء كبير من كراهية شعوب العالم لأمريكا، ناتج عن أمريكا - وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991- أصبحت القوة العظمى الوحيدة في العالم. وأصبحت تقرر سياستها تجاه الدول والشعوب الأخرى على هذا الأساس، ولا تلتفت إلى مسألة توازن القوى، التي كانت مهمة، أثناء الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفيتي.

لقد تمركز الحقد والحسد لأمريكا في دول أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، والشرق الأوسط، وجزء من أوروبا كفرنسا في عهد الديجولية خاصة. وفيما عدا بعض الدول الأوروبية، فإن الدول والشعوب الحاقدة والحاسدة لأمريكا، هي دول ضعيفة وفقيرة، وتنتظر من أمريكا أن تفعل لها المعجزات باقتصادها وسياستها، دون أن تكون في هذه الدولة أرضية صالحة ومهيأة، لاجتراح مثل هذه المعجزات لو صحّت، وصدقت.

-3-

لكن الكراهية والحقد والحسد العربي لأمريكا، تفوق كل كراهية، وكل حقد، وكل حسد.

فمن المعروف أولا، أن الفرد العربي والشعب العربي عموماً، هو من أكثر الشعوب حسداً للغني والقوي والمسيطر. ولذا جاء ذُكر الحسد والحاسدين في القرآن الكريم، واضحاً وصريحاً في عدة آيات وسور منها:

﴿أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً ﴾ (النساء: 54).

﴿ومن شر حاسد إذا حسد ﴾ (الفلق: 5).

كما جاء ذكر الحسد في الحديث النبوي الشريف كقوله:

( لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها، ورجل آتاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق)، وقوله: (إن الغلَّ والحسد، يأكلان الحسنات، كما تأكل النار الحطب). وامتلأ ديوان الشعر العربي بأبيات كثيرة عن الحسد والحاسدين. وكل هذه النصوص التراثية، تدلنا على مدى تغلغل الحسد في النفس العربية، وتأثيرها في حياة العرب، علماً أن ضرر الحسد وضرر الحقد كذلك، يعود على الحاسد والحاقد، لا على المحسود، والذي يُحقد عليه. ولكن العرب خففت من سيئات الحسد، وأدركت أن الحسد مهم للنشر الفضائل، فقال الشاعر:

وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتــاح لهـا لســان حسـود
ولعل مثل هذه الأدبيات المختلفة، موجودة في كل تراث الأمم الأخرى.

-4-

ولكن حسد وحقد العرب على دولة كأمريكا مضاعف جداً. بل إن كل من يقترب من أمريكا وسياستها بشكل ايجابي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يُرشق في الشرق الأوسط بالحجارة، وتنهال على رأسه اللعنات، وتملأ وجهه البصقات. ذلك أن كراهية العرب المضاعفة لأمريكا لها أسبابها الخاصة ، وتتلخّص في مساندة إسرائيل ودعمها بلا حدود، وعدم المساعدة على حل القضية الفلسطينية، ومساندة أمريكا لأنظمة الحكم الخليجية وغيرها من أنظمة الحكم العربية، وغزو أمريكا للعراق.. الخ. كما ازداد كُره العالم العربي والإسلامي لأمريكا خاصة، بعد كارثة 11 سبتمبر 2001. وهو الاستنتاج الرئيسي الذي توصلت إليه "اللجنة الفرعية للمنظمات الدولية وحقوق الإنسان بلجنة الشئون الخارجية التابعة لمجلس النواب الأمريكي"، في تقريرها الصادر يوم 11 يونيو 2008 بعنوان "تراجع سمعة الولايات المتحدة دولياً : لماذا ؟" والذي كان موضع جلسة الاستماع، التي عقدت في ذات اليوم لمناقشة ما ورد في التقرير من نتائج، بمشاركة عدد من المتخصصين الأكاديميين في العلاقات الدولية ودراسات الرأي العام. حيث أشار بيل ديلاهنت رئيس "اللجنة الفرعية للمنظمات الدولية وحقوق الإنسان" في افتتاح الجلسة إلى أن غالبية استطلاعات الرأي توصلت فيما يشبه التوافق العام، إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية في عهد إدارة الرئيس بوش الابن، قد أدت إلى تنامي تيارات مناوئة للمصالح الأمريكية، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في إطار حلف شمال الأطلسي أو بين دول أمريكا اللاتينية . وهو ما أثار تساؤلاً هاماً حول أسباب هذه الظاهرة، وأثرها على وضع الولايات المتحدة في النظام الدولي، الذي يشهد تحولات في طبيعة التفاعلات الدولية، ووزن الفاعلين الدوليين المشاركين في إطارها.

وكشفت استطلاعات الرأي بين عامي 2002 و2006 عن تراجع شعبية الولايات المتحدة خلال هذه الفترة بنسب تتراوح بين 45% في اندونيسيا، و40% في تركيا، و27 % في بريطانيا، بينما تصاعدت المؤشرات الإحصائية الدالة على تنامي كراهية الولايات المتحدة في الدول الإسلامية وأمريكا اللاتينية لتصل إلى 82% و86% على التوالي. وأن حوالي 86 % من المنتمين للنخبة السياسية في دول أمريكا اللاتينية، يرون أن السياسة الأمريكية تجاه دولهم لا تتمتع بتأييد شعبي.

وتعززت هذه النتائج، بما كشف عنه مركز "بيو لاستطلاعات الرأي العام" في استطلاعه الدولي عام 2006 من تقلّص لشعبية الولايات المتحدة دولياً بين عامي 2002 و2006 ، مما دفع أندرو كوهت رئيس مؤسسة "بيو" للقول، بأن هذا التناقص يُعد الأبرز في تاريخ الولايات المتحدة خلال الخمس والعشرين عاماًً الماضية.

وخلُصت الأبحاث، إلى أن سبب زيادة قُبح وجه أمريكا في العالم وفي العالم العربي والإسلامي خاصة، يعود – إضافة للأسباب السابقة الخاصة بالعرب والمسلمين - إلى أن الحرب الأمريكية على الإرهاب، بما انطوت عليه من مبادئ مثيرة للجدل، مثل الضربات الإستباقية، والتقسيم الثنائي للعالم بين محوري الخير والشر، فضلاً عن استدعاء مقولات صدام الحضارات، قد أثرت على تحوّل حالة التعاطف الدولي مع الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 إلى شعور بالاستياء تجاه السياسات الأمريكية، لدرجة أن بعض القائمين على مؤسسات استطلاع الرأي أكدوا أن تأييد الولايات المتحدة لم يشهد تدنياً إلى هذا المستوى في أية من فترات تاريخها بما في ذلك الحرب الباردة.






#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذبحة التراث في الثقافة العربية المعاصرة
- هل تخشى أمريكا من الثروة الخليجية؟
- التركة العراقية في الإرث الأمريكي
- كيف تقتل أمريكا إسرائيل بدم بارد؟
- الإرهاب: طبولٌ فارغةٌ تُقرع للضجيج والإثارة
- العفيف الأخضر المفكر العقلاني المتغيّر
- رسالة أمريكية واضحة للشعب العراقي
- هزيمة الإرهاب وانتصار حرية الشعب العراقي
- العراق بين المطرقة الإيرانية والسندان الأمريكي
- لماذا كل هذا الفزع من الاتفاقية الأمريكية - العراقية؟
- أوباما الصهيوني: مسؤولية مَنْ؟
- ذكرى هزيمة لم نتعلم منها شيئاً
- ما هو الدور الأمريكي المطلوب في الشرق الأوسط؟
- لبنان أكثر حاجة من سوريا إلى السلام مع إسرائيل
- -المهدي المنتظر- و-الهلوسات- الإيرانية
- كيف حكم حزب الله لبنان في -أسبوع الاجتياح-؟
- الخاسرون والرابحون في الشرق الأوسط
- ما الجديد في حريق لبنان؟
- ما هي أسباب انتشار الإيديولوجيات الدينية المتطرفة؟
- الديمقراطية العربية بين الوهم والحقيقة


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - لماذا انتشرت صورة الأمريكي القبيح؟