أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - لقطتان من شارع عربي














المزيد.....

لقطتان من شارع عربي


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2361 - 2008 / 8 / 2 - 10:27
المحور: الادب والفن
    


للتوضيح فقط، ولمنع أي نوع من الالتباس، استميح القراء الكرام عذرا بأن أقول انني لا أعني بعنوان مقالي هذا الوارد أعلاه ما يسمى بـ الشارع العربي على سبيل المصطلح السياسي.
فإلى جانب غموضه البيّن، فهذا الاصطلاح بلا شك، شأنه شأن معظم أمورنا، قد أفرغ تماما من معناه، اذا كان لهذا الشارع العربي من معنى!
ما أعنيــه بكـــلامي تحديدا هو شــارع ما، في مديــنة عربية ما. شارع حقــيـــقي مطـلي بالأســفلت، مما يـــــــسميه أشــــقـاؤنا في العـــــالم الناطق بالانكـــليزية: ( ستريت)، أو في العالم الناطق بالالمانية: ( شتراسه)، أو بالفرنسية: ( أفينوو)..

لقطة أولى:

ذهب شاعر عربي الى شارع فلان الفلاني كي يشتري علبة سجائر بعد الساعة الحادية عشرة ليلا، فقد أودي الأصحاب الساهرون معه بعلبته التي كان قد اشتراها لتقضي الليلة معه. ولكن هيهات والحديث يدور وكؤوس الشاي وفناجين القهوة وأشياء أخرى معها تدور...
نزل شاعرنا اذن الى الشارع وهناك لمح منصة كارتونية صغيرة رصّت عليها علب سكائر من مختلف الأنواع. وبعد ان اختار نوعه المفضل، وقبل ان يقفل راجعا، انتبه الى أمرين:
ان البائع ليس شابا كالعادة بل هو في سن الكهولة،
وان ثمة لحن اغنية يدور عبر صوت مألوف قادم من أقصى الذاكرة.
كان الشيخ إمام عيسى يصدح بصوته المميز:
عمال وفلاحين وطلبة/
دقت ساعتنا والتقينا... الخ..
ترقرقت الدموع في عينيّ الشاعر وأحس بقرابة من البائع، وانحني قليلا ليكلمه بصوت خفيض مبطن برسالة غامضة واضحة: ها، الشيخ إمام يغني؟ وعبرت صور وخيالات كثيرة في ذهن الشاعر وتخيّل انه ربما كان هذا البائع رفيقا له ذات زمن ماض في احدى تنظيمات اليسار العربي. ولكنه عوض ان يستلم ردا ودودا مليئا بالحنين، لم يسمع إلا صوت البائع يعلو وهو ينهض قائلا: أخويا العزيز والله هذا الراديو.. الراديو.. وذهب يمسك بالمذياع الصغير المتهالك ويلوح به أمام أنظار شاعرنا الذي عرف لأول مرة ان الاذاعة الوطنية هي التي تذيع الليلة، ككل ليلة، أغنيات من هذا النوع.

لقطة ثانية:

كنت ماشيا في شارع كذا في مدينة عربية اسمها كذا، حينما لمحت أمامي رجلا يسير بتؤدة، حاملا بيده اليسري حقيبة مدرسية، ويده اليمني تمسك يد طفلته الصغيرة الجميلة بظفائرها الممسوكة بشريطين أحمرين.
وأنا أقترب منهما تناهت الى سمعي نغمات لحن أعرفه، وكلمات قصيدة احترم كاتبها بل شاعرها، كان الرجل يغني لابنته الصغيرة بصوت هادئ:
أناديكم/
أشد على أياديكم/
وأبوس الأرض/
تحت نعالكم/
وأقول أفديكم... الخ ..
ساقني الفضول والحنين الى الأقتراب أكثر منهما، وألقيت علي الرجل نظرة ذات مغزى، أو هكذا أردت، وكنت أريد ان أسأله ان كان يعرف ان تلك الكلمات التي يتغني بها لطفلته، هي للشاعر الفلسطيني توفيق زياد، لكنني فوجئت به يفزع، ويبتعد عني حاضنا طفلته ذات السنوات التسع لا أكثر، ويرفع عقيرته بالغناء شاديا بأغنية خفيفة لست أدري لمن، وانما كلماتها تقول، والرجل يشدد علي توضيحها بصوت عال سمعه كل من كان في الشارع حينها:
يا ريتك ترضي ياريت/
حبيبة قلبي تكوني/
لأعملك مش عارف إيش/
حيطانو من جفوني..
وتركني ومضي مسرعا، ودلف الى أول عطفة قابلته في الطريق..



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الثالث في الرواية التونسية المعاصرة: نور الدين العلوي ...
- البحث عن رفاعة وتدشين سينما الارتجال
- الشاعر التونسي عبد الوهاب الملوح في حوار مع حكمت الحاج: الجي ...
- الأصوات
- لو..شعر : رديارد كبلنغ
- سدة الهندية
- مَنْ لا يَحْضُرُهُ الفَقيهُ
- جِنْ
- صندوك الرمل مسرحية بالمحكية العراقية من فصل واحد
- -جنون- جليلة بكار وفاضل الجعايبي: رؤية جديدة للانسان والشعر ...
- تَحْفرُ الخيولُ قبرَ الفجرِ
- جسر على نهر دجلة أو قراءةٌ في تسنن حسن العلوي (2-2)
- جسر على نهر دجلة أو قراءةٌ في تَسَنُّن حسن العلوي (1-2)
- جنون في كتاب بعد أن كانت مسرحا
- موطني موطني نشيد بين شاعرين
- المرأة والحداثة والتفكيك والجندر في العالم العربي في حوار مع ...
- حتى نارك جنة.. الوطن بين رضا الخياط وشكري بوزيان
- الكلامُ المُسْتَعَادُ
- فن الشعر في ملحمة گلگامش
- Marcella


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - لقطتان من شارع عربي