التطور والجمال بين النظرية الهيغيلية والماركسية 2

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2360 - 2008 / 8 / 1 - 11:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

في هذا المقال سأتناول الموضوع التطور من وجهت نظر داروينية ليتبين للهيغيليين والماركسيين معا أن الأجمل لا يعنى الأقوى وأن البقاء ليس للأقوى بل للأفضل وللأنسب ولننظر بعيننا إلى أدباء منافقين يتسلمون مناصب ثقافية كبرى علما أن ثقافتهم لا تقارن مع ثقافة أبسط مثقف في بلدانهم وهذا يعني أيضا أن المشاهير والعظماء نالوا شهرة وعظمة في بلدانهم في عصر كان به مثقفون وفنانون أعظم وأفضل من المشاهير أنفسهم .
وهذا يعني أن البقاء ليس للأفضل والأفضل لا يعني الأجمل .

حين أقدم الأديب العربي الكبير (أديب عباسي )على الإنتحار كنت أنا في مقتبل العمر وكنت أرتاد الأندية الثقافية بكثرة وحين سمعت عن محاولة أديب عباسي الإنتحار , ذهبت إليه إلى المستشفى الذي رقد به حتى وفاته ...وتحدثت معه وحدثني بلا ملل مايقرب من 3 ثلاثة أيام نمتها بجانبه على مقعد محاذي لسريره وأذكر أنني وصلت إليه يوم الأربعاء وخرجت من عنده صباح يوم السبت .
وكنت أيامها شغوف بالماركسية وبالعقاد عدو الشيوعية والماركسية, وقد جمعت بحبي لذلك متناقضين إثنين : أولا حبي للماركسية وحبي للعقاد.
وكنت أميز وأنا أبلغ من العمر 22عاما بين الماركسية كماركسية وبين الشيوعية كشيوعية .

ولا أنسا أن نقاشنا دام ثلاثة أيام حول الجمال والقوة :
فالرجل الوحيد الذي أسكت العقاد هو أديب عباسي على مجلة الرسالة كما أعتقد ولست متأكذا من إسم المجلة ولكن فأر المكتبة_ وهذا لقب كان يلقب به أديب عباسي وهو في الجامعة الأمريكية ببيروت _, نعم فأر المكتبة رد على العقاد بمقال حول الجمال والقوة إذ إعتبر العقاد أن للجمال علاقة بالقوة أما أديب عباسي فإنه ناقض الموضوع من منطلق مناقضته للهيغيلية المتعفنة فقد قال أديب عباسي بالحرف الواحد :
(ليس للجمال علاقة بالقوة بدليل أن الأسد حيوان قوي ولكنه على درجة كبيرة من القبح )
ويقال أن العقاد لم يرد على أديب عباسي نظرأ لأنه كان في مقتبل العمر وكان من عادة العقاد أن لا يرد على الأدباء الصغار حتى لا ينالوا مجدا وهو جوهر عام من جوهر العقاد المتكبر والمغرور جدا .
وأنتم بالطبع ربما تجهلون أديب عباسي وهو أقوى أديب عربي ناضل في سبيل أدبه وإلحاده وكان مكروها جدا من قبل الكنيسة في الأردن بسبب إلحاده حتى أن الشماسة كانوا يتندرون عليه في أحاديثهم ولم يكتب لأديب عباسي أن نال شهرة أو نشركتابا وبلغت مؤلفاته 90 كتابا لم ينشر منها كتابا واحدا في نفس الوقت الذي نال به في الأردن أدباء وكتاب شهرة عالية وهم ليسوا بمستوى أديب عباسي وهذا ينطبق عليه المبدأ الدارويني للنشوء والإرتقاء وبقاء الأنسب وموت الأفضل وإندثاره
ونعود لقضية الأسد والأمثلة عليه كثيرة فلقد رفض عباسي إعتباره قِويا وجميلا وهو بهذا يريد أن يقول إما الجمال !...وإما القوة ...أما الإثنتين معا فلا...

الأنسب ليس الأفضل وقوة الأسد لم تجعل منه ملكا للغابة بل أعتبر ملكا لإعتبارات أخرى غير القوة ..
فإذا كانت القوة مقاسة بالسرعة فإن هنالك حيوانات كثيرة أسرع من الأسد ومن ناحية السرعة يحصل الأسد على رقم 9تاسع أسرع حيوان في الغابة .
وإذا كانت القوة بقوة الفك فإن فك التمساح أقوى من فك الأسد ...إلخ .

إذن من الذي جعل من الأسد ملكا على الغابة إن لم تكن قوته .
إن المهم هو أن المسائل نسبية .
وليس من الضروري أن يكون ملك الغابة أقوى حيوان على وجه الأرض.
أو كما قال الفقهاء : ليس من الضروري أن يكون خليفة المسلمين وملكهم أعلم إنسان في الدولة ...أو أتقلا رجل على وجه الأرض .
ذلك أن العلم والتقوى ليس من الضروري أن يكونا في الخليفة كما هما في العلماء أي أنه ليس من الضروري أن تكون عند الملك تقوى بمستوى تقوى رجل متعبد في مغارة ومعتكف عن الناس .
وليس من الضروري أن يكون علمه مثل علم رجل متفرغ بصومعته للدرس والكتابة .
وكذلك ليس من الضروري أن يكون إمام المسلمين أكبر رجل في السن أو أن تكون زوجته أجمل من زوجات باقي الأإمة !!!؟

إن كثيرا من الناس فهموا نظرية النشوء والإرتقاء فهما خاطئا وقالوا أن البقاء للأقوى .
وهذا ليس صحيحا فالبقاء ليس للأقوى وإنما للأنسب للضروف .
فمثلا تأخذ إحدى البنات حضها من الزواج بما لا تستطيع أن تحلم به أجمل إمرأة في بيئتها .
وأحيانا أو قل غالبا ما يحصل الشباب على زيجات من ملكات جمال علما أن جمالهم عاديا أو مقرفا .
وغالبا ما يعيش أدب وثقافة الهمل محل أدب وثقافة الكمّل .
أي أن البقاء ليس للأقوى ثقافيا وليس للأقوى علميا وليس للأقوى جماليا .
إن البقاء للأنسب للضروف للمتملقين سياسيا ولهزازين الذنب للرؤساء والمسؤولين إداريا وهذا يعني أنه ليس من الضروري أن يكون الأديب المشهور عالميا هو الأديب الأقوى قلمه بين كل الأقلام أو أن يكون أكبر فنان مشهور في العالم غنائيا هو الأقوى صوتا أو أن يكون رئيس الجمهورية الأكثر علما أو أن يكون بابا روما أتقى مسيحي مؤمن على وجه الأرض كذلك ليس من الضروري أن يكون خادم الحرمين الشريفين أتقى مسلم على وجه الأرض أو الأكثر علما .
وكذلك ليس من الضروري أن يكون قائد جيش عسكري أقوى وأشجع عسكري في الجيش ...إلخ.
إن الأجدد لا يعني الأفضل أو الأصلح وهذا يجرنا إلى موضوع الثورات السياسية والتي تعد الجماهير بحياة أفضل ورغم كل محاولاتها بخلق الأحسن والأفضل إلا أن الجماهير تعود بذاكرتها للوراء ليضهر لهم أن النظام السياسي القديم كان على كثرة مساوئه أفضل من النظام الحديث .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات