أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - قراءة في مجموعة ( الماء واقف في صفك)















المزيد.....

قراءة في مجموعة ( الماء واقف في صفك)


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 2359 - 2008 / 7 / 31 - 06:52
المحور: الادب والفن
    


قراءة في المجموعة الثانية للشاعر صابر الفيتوري
قصائد مفتوحة تعتمد على القدرة التحليلية للقارئ العربي

صدرت عن مجلة المؤتمر الليبية ، المجموعة الشعرية الثانية للشاعر الليبي ( صابر الفيتوري) بعد مجموعته الشعرية الأولى ( لطم لتاريخ الأمواج)....
المجموعة الجديدة ، في 88 صفحة من الحجم المتوسط ، تحتوي على ستة عشر نصا.
أهدى الشاعر مجموعته الشعرية هذه الى ( من صعب عليهم تجاوز العتبة) ، فأية عتبة يعني الشاعر الفيتوري ، هل عتبة النفس الإنساني،ة التي تميز الفرد الواحد عن الآخر؟ ، وهل يعني ( تجاوز العتبة ) ما هو خارج هذه النفس الجياشة بالعواطف المتصارعة ، والمشاعر المضطربة ، التي لا يمكن فهم ما يجول داخلها ، من يم هائج ، وبحر مصطحب ، ونفس لا يسكن الغوص في أوراها الملتهب ؟
قدم للمجموعة ، الأديب الناقد عبد النور إدريس : ب(أنها قصائد تنبعث من الداخل) ، وان الشاعر نجح في أن يجدد في الطريقة الشعرية ، التي كانت سائدة ، تهيمن على الجو الشعري ،كما استطاع ان يخرج على علامات الترقيم ، ويرى عبد النور إن القصائد هذه ، (تمثل قفزة نوعية) ، وللشاعر اهتمامات أخرى ، بالإضافة الى الشعر ، فهو يكتب النقد والمقالة ، وأجرى العديد من الحوارات ، مع شعراء وقصاصين ، مبدعين في العالم العربي ، كما انه يزاول مهنة البحث عن المتاعب ( الصحافة)، فهو مدير مجلة ( الفضاء الالكترونية) التي تتميز بالمواضع الجادة ، يرحب بالكتابة فيها كبار المبدعين باللغة العربية
تتعدد التأويلات ، التي يستخلصها قارئ هذه المجموعة الشعرية ، التي تتميز بجمال ألفاظها ، وقد تتباين تلك التأويلات ، تباينا شديدا حسب اختلاف الرؤى الفكرية ، التي يحملها القراء المختلفون ، والشاعر الفيتوري شاعر ملتزم ، يمضه كثيرا جراح الوطن العربي العسيرة على البرء ، ومعاناة وطنه الصغير ليبيا ، الذي أضحى بعد مواصلة اجتراح الهموم ، عجوزا تركض:
ليبيا
عجوز
تركض على شاطئ الذاكرة
دون ان تترك أثرا
لجرح أصابعها على الرمل
أي الشعوب العربية استطاعت ان تترك أثرا ، على شواطئ الذاكرة المنسية ؟
يكثر الرمز ، ويظهر كرم الشاعر في استخدامه ، مما يجعل صوره الجميلة ، لا تعطي نفسها بسهولة ، للوهلة الأولى ، فالليل الأسود المظلم السواد ، يتغنى بالتوعك المختبئ ويبسط خريف الرمز ، ويستخدم الشاعر الأضداد بكثرة ( المخبوء ويبسط،،، الصمت ونحنحة ،، الحياة والموت ،، الليل والفجر):
الليل
يتغنى بتواعكه المخبوء
يبسط خريف الرمز مرآة
يراوح بنحنحة الصمت
فوق جناح الفجر
كراكب لحصى الهمسات
تكفنه الحياة .... حينا
ويعتريه الموت ...... حين
يحنو على نجم الأرض في يباسه
;نلاحظ هذه البراعة في استعمال الأضداد ، في قصيدته ( ترنيمة الحب والموت) فالحب باعتباره حياة دائمة ، وميلاد جديد ، يقرنه الشاعر هنا بالموت الذي هو نهاية الأشياء ، و فناء المعاني ودفن العواطف ، فأحلام الشاعر بالابتعاد عن المجاملات ، يجعله يخاطب الموت ، معلنا عن رغبته تلك ، وإلا حكم على الموت ، بموت آخر يحقق فيه ذاته
يا موت
أيا موت
قدس الوحي الطالع
من شفتي المتورمة
بعيدا
عن إمبراطورية المجاملة
نفذ أحلامي
وإلا سأمنع الحب فتموت
وتحقق ذاتك بحكم عليك
×××××
ما حلمته البارحة
إضافة فخرية للائحة
المسكوبة من ثغر عقيم
يتحدث الشاعر في قصيدته ( جثة مطعونة بالقبل) عن مئات الرغبات اليسيرة ، التي تراود فكر الإنسان ، وتحيى مع نبضه ، لكنه يصطدم بمئات من العقبات التي تعترض الطريق ، جاعلة حياته مرة المذاق ، وطريقة وعرة المسير :
تصحبك السماء المتسربلة بالذكرى
من غابة العمر السقيم
إلى حيث ألف ميلاد
ووجه أحمر والاسمنت مشتعل والحلم حدث
ترتطم أحذيتك بالجدران لجرس خلف مئذنة

ورغم مشقة الحياة ،وعسر تحقيق رغباتنا اليسيرة فيها ، إلا إننا ما نلبث أن نعيد الألق لأحلامنا الصرعى ، ونعيد إليها التوهج المفقود:
يدعوك إلى صحنه
بكامل لغتك البربرية
يمكنك ان تغازل الشمس
بجثتك المطعونة بالقبل
المرتمية على الإسفلت
وهبت روحا أخرى
في واقع مظلم ، يسوده ظلام ، مترامي الأطراف ، يعيشه المرء ، ولا يرضى بمفارقته ، تتحول الأشياء إلى أضدادها ، الليل يصير حبا ، يمكن أن يتحول الليل إلى حب ، فكيف يمكن ان نسمي القلق نورا ؟ إنها رغبة بتوافق الأضداد مع بعضها ، أو تحول الأشياء الى نقيضها ، حلم بدونه ، تغدو الحياة قاحلة ، عديمة الخضرة ، خالية من النبات ، الذي يحول الجفاف إلى دفء جميل ,، ما ضر لو لعبنا بالصباح؟ ، أكثر مما يمكن اللعب بحلمة دمية ، ما ضر لو حققنا عمل ما نريد؟ ، لو تخيلنا ان حلمنا المتواصل صار حقيقة ، فسر في عالم الأحياء ، واقتبس لك نجمة ، من نجومه المتلألئة ، فما الفرق بين نجمتك تلك وبين الخرافة ، التي تسعى إليها دائبا ، فإذا الحقيقة والخرافة سيان :
الصور الوحشية تنزل عن الحائط
سم القلق نورا
والليل حبا
العب بالصباح كما لم تلعب بحلمة دمية
اسرد للغبار كتابك
وامش مع الأحياء
واقتبس نجمة( خرافة)

يحاول الإنسان أن يحصل على الأشياء الهينة ، التي تشغله دائما ، ويروم الوصول إليها ، ولكن لان زمننا تعس ، ولان أيدينا مكبلة ، فإننا نحاول طويلا ان نرتق ثقوب ذاكرتنا ، وتلك التي أحدثها الزمن ، في خيوط الشمس ، فقطعها ، يحاول رتقها ، كي يدخل من خرم الإبرة ، وأن يجعل رحيله ،عن هذا العالم المصدع ملاذا ، هذا العالم مصنوع من ورق المبدعين ، وما يسطرونه فوقه من شبقهم وجراحاتهم :
أحاول أن ارتق الذاكرة
وخيوط الشمس لأدخل في خرم الإبرة
أحاول أن اجعل الرحيل ملاذا
لكي أهرع فوق الورق بكل شبقي التاريخي

يستمر وجع الإنسان ، وتعايشه مع الألم والضياع ،وهيمنة القسوة ، نسمع تراتيل دائمة للوجع ، منذ زمن الطفولة المحمل بالانهزام ، يستقر وجعنا الكبير ، في دفاتر الأطفال ، نجد في العيون رغبة في الانقضاض ،يقابلها حب في الموت حتمي ، وفي ظل انهيارنا الدائم ، نستمع الى صوت العود ، مغردا شجيا ، يلبس أجسادنا ، ثياب الضياع المستديم ، ويخنق أحلامن ، في التمتع بجمال الأمسيات المؤود ، والسبات يحتل شوارعنا ، شارع خلف شارع
تراتيل الوجع
في دفاتر الأطفال
في العيون مدافع وجثث
صوت العود يلبس الأجساد
ثياب الضياع يخنق جمال الأمسيات
والسبات شارع خلف شارع

في زمن الفجيعة والانكسارات ، انقلب كل شيء ضد حقيقته ، ، أشياؤنا تتفتت ، ولم تعد قادرة ، على تضميد غياهب جراحاتنا ،المنطلقة باستمرار ، قد نستطع ان نرفل شروح النفس المنبعثة ، من فقدان الحنين ، ويمكن ان نعثر على تبرير مقنع لموسيقى الجسد ، ونظل تمثالين غامضي المعنى ،مجهولي الدلالات،( رذاذ بنكهة الفاكهة)
يا لعبة القائمين على الهوى
هلمي نشتت
أشياءنا الكبيرة
أشياؤنا التي لم تعد تضمد غياهب جراحنا
نستطيع ان نرفل شرخا في الحنين
أن نبتكر تبريرا
لموسيقى الجسد
وننتصب كتمثالين من نور
بغموض في المعنى
قصائد جميلة ، ذات معان مبتكرة ، تغري بمتابعة القراءة ، والغوص في تأويل الدلالات ، تدل على تمكن الشاعر، من أدواته الفنية ، ومن القدرة على انتقاء الألفاظ الموحية ، علما إن الشاعر الليبي ( صابر الفيتو ري) تخصص في الأدب الانجليزي ، قد أضاف اطلاعه على الآداب الأوربية الحديثة ، مهارة كبيرة ، بدت جلية في هذه النصوص.

صبيحة شبر



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الأديب الكبير غريب عسقلاني
- واقع الطفولة في العراق وسبل الخلاص
- حقوق المرأة بين الحقيقة والضلال
- العلاقة بين الابداع والمتلقي
- قراءة في مجموعة قصائد نثرية
- حوار مع الشاعر علي عطوان الكعبي
- ترجمة الابداع بين الضرورة والمصالح الفردية
- التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟
- وضع المعلم العراقي خارج العراق
- التبعية ذلك الارث الثقيل
- الابداع النسائي والمعوقات
- الأرامل العراقيات منسيات
- مجتمع القرود
- المدونات والاضافة التي يتطلع اليها القاريء
- أطفالنا العراقيون وطفولتهم الضائعة
- شاعر التفاؤل والشباب وقهر الصعاب
- أبناء أبرار
- عيد الطبقة العاملة العراقية
- التاسع من نيسان : ماذا حمل للعراقيين ؟
- أما أن لهذا العنف أن يزول ؟؟


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - قراءة في مجموعة ( الماء واقف في صفك)