أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - أيتام خروشتشوف ليسوا مؤهلين للمراجعة وللنقد الماركسي















المزيد.....


أيتام خروشتشوف ليسوا مؤهلين للمراجعة وللنقد الماركسي


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 2358 - 2008 / 7 / 30 - 11:04
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


البورجوازية الوضيعة لا تمتلك بالطبع مشروعاً اجتماعياً مؤسساً على نمط خاص من الإنتاج قادر على إقامة مجتمع متماسك ومكتفٍ ذاتياً . لذلك تظل بناها الفكرية على تباينها معلقة في الهواء بلا قاعدة مادية في الأرض تسندها . إنها دائماً قبض الريح . من هنا فإنك لا ترى البورجوازيين الوضعاء يتثاقفون إلا وقد استلوا خناجرهم الصدئة لاغتيال المفكرين من أصحاب الأسماء الكبيرة في اليسار كما في اليمين لا فرق لعلهم يدرجون أسماءهم في القائمة . وهكذا جهد السيد ماهر الشريف حين كتب مائة سطر بلغو سياسي تحت عنوان "هل للماركسية مستقبل في عالم متغير؟" وسمّى فيها مائة إسم أوروبي وأمريكي ؛ وما كان هدف الشريف الحقيقي سوى السعي لإدراج اسمه رقم (101) بعد كل الكتاب الذين سماهم وليس نقد ماركس كما حمّل سطوره ؛ ولعل نقد ماركس هو آخر هموم الشريف.

لهذر الشريف تصدى أحد أيتام خروشتشوف مدافعاً عن الماركسية وهو السيد نعيم الأشهب، مندوب الحزب الشيوعي الأردني سابقاً في هيئة تحرير مجلة قضايا السلم والإشتراكية في براغ، فبدا ليس أقل جهلاً بالعلوم الماركسية من نظيره الشريف . أحدهم يهاجم ماركس والآخر يدافع عن ماركس وكلاهما يفهمان الماركسية من موقعهما البورجوازي الوضيع النافي بطبيعته لأي فهم حقيقي للماركسية . يعترف الأشهب أنه كان أحد الموالين للمنظومة الفكرية للدولة السوفياتي بسبب جهله بالماركسية، لكنه لم يقل لنا أنه لم يعد جاهلاً ولم يأتِ بأي سبب يمكن الإعتماد عليه لينفي جهله، الأمر الذي لا بدّ وأن يدفع بنا إلى الإشتباه بنقده حتى إلى أحد متثاقفي البورجوازية الوضيعة، خاصة وأنه " قدّر مثابرته وجلده على البحث والإنتاج " ليعير بعض المصداقية لنقد الشريف من أجل أن يضفي كل المصداقية على نقده، في حين لا نقد الشريف ولا نقد الأشهب لهما أدنى نصيب من المصداقية . فلأجل أن تنقد فكراً معيناً أو أن تدافع عنه لا بدّ أن تحيط بهذا الفكر إحاطة تامة، والشريف والأشهب كلاهما لا يدركان القواعد الأساسية للماركسية .

يقول الشريف .. " لم يعد أحد يناقش في أن انهيار ما سمي ب (الإشتراكية الواقعية) قد وجه ضربة قاصمة للماركسية "، ويرد الأشهب بالقول أن .. " هذا الإنهيار وقع تحت تأثير الأخطاء الخطيرة والتجاوزات التي وقعت في هذه البلدان " !! نقول للأول من هذين الدعيّين .. " ما علاقة ماركس بما قام في الإتحاد السوفياتي ؟ " ما قام في الإتحاد السوفياتي منذ العام 1919 وحتى العام 1953 عند رحيل ستالين إنما كان في نهاية الأمر قراءة لينينية لماركس . النجاحات المذهلة التي حققها حزب لينين خلال تلك العقود الثلاثة حطمت كل المعايير المعروفة في ميدان التنمية العامة ولم يكن ذلك إلا من جرّاء عظمة الماركسية " كلية الصحة " بتقدير لينين وبعبقرية القراءة اللينينية الستالينية . أما أن يجري تجاهل هذه النجاحات العملاقة من قبل الدعيّين كليهما فذلك أمر يستدعي الحط من مقاربتيهما للعلوم الماركسية . إن انهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الإشتراكي هو خير دليل عل صحة الماركسية وفق القراءة اللينينية الستالينية . خلفاء ستالين جميعهم قرؤوا ماركس قراءة معاكسة تماماً لقراءة لينين وستالين ؛ لذلك، ولذلك فقط وقع الإنهيار . ونقول للدعيّ الثاني أن إنتقال السلطة من طبقة إلى طبقة أخرى لا ينتج بحال من الأحول من أية أخطاء خطيرة وتجاوزات تقترفها الطبقة الحاكمة بل هو دائما، وفقاً للأسس الأولية للماركسية، النتيجة المباشرة لصراع طبقي حاد لا ينتهي قبل سقوط الطبقة الحاكمة، فكان الإنهيار الذي لم يفاجئ الماركسيين الحقيقيين . ألم تنتقل السلطة من طبقة كانت تغذ السير في عبور الإشتراكية إلى الشيوعية إلى طبقة أخرى تعود القهقرى نحو الرأسمالية ؟ ـ ولن تعود . لماذا لم يرد أي ذكر للصراع الطبقي في دفاع الأشهب عن الماركسية التي لا تقرأ التاريخ إلا بحرف واحد هو حرف الصراع الطبقي ؟ لقد كتب الرفيق ستالين في البرافدا في 29 مارس 1937 يقول ..

" يتوجب علينا تحطيم النظرية العفنة، التي تقول كلما تقدم البناء الإشتراكي كلما تراجع الصراع الطبقي وتدجّن العدو الطبقي، يتوجب تحطيمها والتخلص منها نهائياً . هذه ليست نظرية عفنة وحسب بل إنها في غاية الخطورة لأنها تغيّب الوعي لدى شعبنا وتقوده إلى الفخ حيث تمكن العدو الطبقي من أن يستعيد أنفاسه ليشن حربه ضد السلطة السوفياتية من جديد. الحقيقة هي العكس تماماً من هذه النظرية الفاسدة وهي أنه كلما تقدم البناء الإشتراكي كلما جنّ جنون بقايا الطبقات الاستغلالية المهزومة وأصبحت أكثر ميلاً لإلحاق الأذى بالدولة السوفياتية " .

لقد تجلت حدة الصراع الطبقي بتبديل جيورجي مالينكوف بنيكيتا خروشتشوف في العام 1954. وفي المؤتمر العشرين لحزب خروشتشوف الذي أنكر واستنكر تاريخ الدولة السوفياتية المتألق بمآثر تاريخية تقدرها عالياً كل البشرية. وفي الإنقلاب العسكري الذي دبّره المارشال جوكوف في حزيران 1957 وتم إثره طرد جميع البلاشفة من المكتب السياسي للحزب الذي كان قد سحب ثقته من خروشتشوف . وبخطابات خروشتشوف وتنظيراته العفنة ضد الماركسية اللينينية 1954 ـ 1964 ومنها رفض مبدأ الصراع الطبقي، وإسقاط دولة دكتاتورية البروليتاريا لتحل محلها " دولة الشعب كله "، وفك الإرتباط العضوي بين الثورة الإشتراكية وثورة التحرر الوطني، وأخيراً وليس آخراً الإنقلاب العسكري الذي رتبّه بريجينيف بدناءة لا نظير لها ضد رفيقه في الانحراف والخيانة خروشتشوف في العام 1964. ما يدعو إلى الاستهجان هو أن مندوب الحزب الشيوعي الأردني في هيئة تحرير مجلة قضايا السلم والاشتراكية، السيد نعيم الأشهب، اعتبر كل هذا مجرد أخطاء وتجاوزات وليس صراعاً طبقياً مثلما حلل ستالين وحذّر من تخدير وعي الشعب وهو ما قام به خروشتشوف عندما أنكر مبدأ الصراع الطبقي في المجتمع السوفياتي .

يوافق الأشهب على إدّعاءات أعداء الماركسية من مثل ماهر الشريف التي تقول بتقادم الماركسية فيزعم .. " أن ماركس وإنجلز كانا، كلما كتبا، كلاهما أو أحدهما (إنجلز بعد وفاة ماركس) مقدمة لطبعة جديدة من "البيان الشيوعي" يحرصان أن يشيرا إلى تقادم أجزاء منه في ضوء التطورات الحاصلة " . يستغل أعداء الماركسية عبارة وردت في مقدمة الطبعة الألمانية للبيان الشيوعي الصادرة عام 1972 حيث أكد ماركس وإنجلز كلاهما صحة المبادئ العامة في البيان دائماً وأبداً وأشارا إلى ما تضمنه البيان أيضاً وهو أن تطبيق المبادئ العامة يعتمد على الظروف التاريخية في الأمكنة المختلفة وعليه فإن بعض العبارات الخاصة بهذا المنحى فقط دون غيرها تحتاج إلى إصلاح صياغتها. أعداء الماركسية من مثل ماهر الشريف والجهلة بها من مثل نعيم الأشهب ( كما وصف نفسه) يحرفون الكلم عن مواضعه لينتهوا إلى القول أن أقساماً من البيان الشيوعي قد شاخت الأمر الذي رفضه كل من ماركس وإنجلز . وفي هذا السياق يلزم التنبّه إلى أن نقد الإقتصاد السياسي الرأسمالي الذي قام به ماركس يظل صحيحاً حتى بعد إندثار النظام الرأسمالي وذلك لأنه يتعلق بالرأسمالية تحديداً .

ما يثير الغضب والحنق في آن هو أن يدعي الأشهب أن الشيوعيين قد انقسموا بعد الانهيار إلى قسمين .. القسم الأول، وهو منه " ويتشكل من الذين استفاقوا من دور المتلقي السالب، لينتقلوا إلى دور الفاعل في مراجعة أحداث الماضي، بسلاح النقد الماركسي، ونفض الغبار والشوائب التي تراكمت فوق الماركسية، عن وعي أو بدونه من جهة، ومن الجهة الأخرى التصدي لتحليل الظواهر الجديدة بالدراسة والتقصي بروح المنهج الجدلي الماركسي " والقسم الثاني ويضم كل الذين تخلوا عن الماركسية بمختلف الحجج . الذين لم يعودوا يحملون راية الماركسية من مثل ماهر الشريف وكثيرين مثله في العالم العربي يتوجب ألا يحظوا منا كماركسيين بأي إهتمام طالما أنهم قد فقدوا كل تأثير مباشر في العمل الشيوعي . ما يهمنا هو القسم الأول من الذين ما زالوا يحملون راية الماركسية ليلقوا بها في الوحول والسيد الأشهب منهم . إنني لا أعلم حقاً فيما إذا كان الأشهب هو من دعا مع الداعين الآخرين لاستبدال إسم الحزب الشيوعي في فلسطين باسم "حزب الشعب" من باب تقليد عرّابه المنحرف خائن الطبقة العاملة خروشتشوف الذي استبدل دولة دكتاتورية البروليتاريا بمسخ هجين اسمه " دولة الشعب كله " . حزب السيد نعيم الأشهب هو حزب " الشعب كله " ، الشعب الفلسطيني بمختلف طبقاته العمالية والفلاحية والبورجوازية والرأسمالية.

يثير حنقنا الأشهب عندما يدعي الندم على جهالته في العلوم الماركسية وموالاته الغبية للمنظومة الفكرية للدولة السوفياتية كما يحدد دون أن يميز بين المنظومة الفكرية لدولة دكتاتورية البروليتاريا وعلى رأسها البولشفي الأعظم ستالين، والمنظومة المعاكسة والمعادية لها، " دولة الشعب كله " وعلى رأسها الخائنان نيكيتا خروشتشوف وليونيد بريجينيف !! يدعي الندم كما يدعي المراجعة النقدية وفقاً للمنهج الماركسي التي لا يقوم بها الأشهب وحيداً بل كل الأحزاب التي ما زالت تحمل اسم الحزب الشيوعي رغم أنف لينين وماركس، والأشهب ليس من هذه الأحزاب على أي حال بعد أن استبدل إسم حزبه . إدعاء الأشهب هذا باطل ولا يستند إلى أي أساس ودالتنا إلى ذلك ليس لأن الأشهب أصبح في حزب "الشعب كله" وهو حزب غير ماركسي وغير طبقي كما تقضي بذلك العلوم الماركسية، بل لأنه ما زال يردد المقولة المسخرة وهي أن بيروقراطية الطبقة الحاكمة في الإتحاد السوفياتي هي السبب وراء إنهياره، وهو ما يعني مباشرة أن فعل الطبقات كان غائباً تماماً في تاريخ السلطة السوفياتية على مدى سبعين عاماً الأمر الذي لا تقبله العلوم السياسية عداك عن العلوم الماركسية. أيتام خروشتشوف الذين شاركوا جميعاً بمقدار أو بآخر في دفع "حصن السلم والإشتراكية" إلى الإنهيار يحرصون بكل قوة على إبعاد مسألة الصراع الطبقي في الإنهيار السوفياتي لأن من شأن ذلك أن يقود إلى الكشف عن دورهم الخياني في الإنهيار. نسأل الأشهب ومن هم على شاكلة الأشهب .. هل كان للصراع الطبقي دور في انهيار الاتحاد السوفياتي ؟ هذا سؤال تحدي لأيتام خروشتشوف الخونة !!

ودالتنا الثانية على بطلان إدعاء الأشهب بالنقد والمراجعة هو تساؤله .. " لو جرى تطبيق مبدأ التسيير الذاتي ... هل كانت التجربة ستواجه المصير الذي انتهت إليه ؟! " وقوله في ذات السياق .. " لم يغفل (ماركس) عن صياغة مبدأ عام يحدد آلية تشغيل الإقتصاد الجديد وهي التسيير الذاتي ـ وتطبيق هذا المبدأ وتعميمه كفيل بتحقيق أمرين رئيسيين ومقررين في مصير التجربة أولهما أن تطبيق مبدأ التسيير الذاتي يسد الطريق على نشوء البيروقراطية " . يبدو هنا أن نعيم الأشهب يتكلم من خارج التجربة السوفياتية تماماً ـ وما أكثر الذين يتحدثون من خارج التجربة السوفياتية !! لئن لم يغفل ماركس عن صياغة مبدأ عام يحدد آلية تشغيل الإقتصاد الجديد وهي التسيير الذاتي فذلك يعني بالضرورة أن لينين كان غفلاً ولو لم يكن غفلاً لعثر على الصياغة الماركسية غير الموجودة إلا في مخيلة الأشهب . نعود هنا إلى محطتين في التاريخ السوفياتي: المحطة الأولى هي المؤتمر العام العاشر للحزب الشيوعي السوفياتي في العام 1921 حين عارض لينين بقوة دعوة تروتسكي القاضية بإيلاء النقابات العمالية إدارة الإقتصاد الوطني بقصد تفرغ الحزب إلى نقل الثورة إلى ما وراء الحدود إلى الغرب الأوروبي بحجة الثورة الدائمة . لقد رأى لينين أن هذه الدعوة تهدف إلى حرمان الحزب من أقوى الأدوات لإدارة الدولة ولإنجاز الثورة، كما رأى فيها سلخ الحزب عن طبقته وهو الذي يشكل طليعة الطبقة العاملة . أما المحطة الثانية فهي الفريق الإقتصادي المعادي للإشتراكية الذي تحلق حول خروشتشوف بصفة المستشارين، حين دعا خروشتشوف إلى الأخذ بمبدأ الإدارة المالية الذاتية للمؤسسة الإقتصادية وهو ما يعني خطوة هامة باتجاه إقتصاد السوق والاستغناء عن مبدأ التخطيط المركزي في إدارة الإقتصاد الإشتراكي وهو روحه . من هناك انتفخت إداراة الدولة بأرهاط البيروقراطيين خلال القيادة البريجينيفية . بمثل هكذا مراجعة نناشد السيد الأشهب بألاّ يراجع على الإطلاق .

لم يجرؤ الأشهب على تخصيص البيروقراطية بستالين وإدارته فتركها معممة حماية لعرابه خروشتشوف ورفيقه المافيوي بريجينيف . ترك تخصيص البيروقراطية لنباهة القراء بعد أن وقرت أسماعهم صيحات خروشتشوف وأيتامه استنكاراً لبيروقراطية ستالين . القراء لا يعرفون ستالين وفريق الحكم المتعاون معه . يمكن اتهام كل السياسيين في العالم بالبيروقراطية باستثناء ستالين . فالزمرة البيروقراطية الحاكمة هي بالضرورة جماعة متعاونة في خدمة طبقة اجتماعية بعينها تعود على هذه الزمرة بمنافع وامتيازات خاصة . فأي طبقة اجتماعية خدم ستالين ورفاقه في المجموعة الحاكمة ؟ أي طبقة ذات امتيازات بالطبع من دون الطبقة العاملة ؟ وأي منافع وامتيازات خاصة تمتعت بها قيادة الحزب وعلى رأسها ستالين ؟ لم يكن في المجتمع السوفياتي أي طبقة ذات امتيازات ولم يتمتع قادة الدولة والحزب بأية امتيازات فرئيسهم ستالين ظل وزيراً ثم أميناً عاماً للحزب ومع ذلك قام بكل وظائفه وأعماله راجلاً دون أن يركب عربة ودون حراسة لمدة أحد عشر عاماً حتى العام 1928 حين جرت محاولة لاغتياله فقررت قيادة الحزب عدم تحرك ستالين بغير عربة محروسة . مثل هذه الحقائق لا تسمح لأية افتراءات حول بيروقراطية ستالين . أولئك المفترون لا يميزون بين دولة دكتاتورية البروليتاريا من جهة وبين الدولة البورجوازية البيروقراطية من جهة أخرى، كما لا يميزون بين الديموقراطية البورجوازية من جهة والديموقراطية الإشتراكية من جهة أخرى والفرق كبير جداً بين الإثنتين .

تتمثل البيروقراطية بانفصال البطانة الحاكمة في الدولة عن طبقتها ولا يقع مثل هذا الإنفصال إلا بعد أن تظهر دلائل الإفلاس على المشروع الإجتماعي للطبقة الحاكمة فهل بدا مشروع لينين مفلساً بعد أن حطمت الدولة السوفياتية وحدها النازية والفاشية في أوروبا وأعادت إعمار البلاد السوفياتية الشاسعة على أفضل مما كانت عليه عام 1950 ؟ يقول المراجع نعيم الأشهب .. " راحت البيروقراطية تقيّم العمل بمعايير اعتباطية وعشوائية مما قتل الحوافز في العمل والإنتاج "، ويحدد أكثر فيقول .. " جرت تجارب معزولة ومحدودة، زمن خروشوف وبداية عهد بريجينيف، لتقييم العمل بشكل سليم وأعطت نتائج باهرة. لكن البيروقراطية المهيمنة أجهضتها ". يستدل من هذه المزاعم أن ستالين كان قد أقام معايير اعتباطية وعشوائية للعمل وهو ما قتل حوافز العمل والإنتاج . وبظهور الثنائي خروشتشوف ـ بريجينيف جرت محاولات لإقامة معايير سليمة أعطت نتائج باهرة !! ما يغلب في ظني هو أن مثل هذه المزاعم الوقحة الفاجرة ليست أصلاً للسيد الأشهب بل منقولة عن خرشتشوفي آخر عريق في الخيانة . ففي مقارنة عابرة يقرأ المؤرخون الموضوعيون إدارة ستالين من 1922 حين كانت " الشعوب السوفياتية تبيت على الطوى " بتصريح لينين وحين استوجبت الأمور الأخذ بالسياسة الاقتصادية الجديدة (NEP) كخطوة تراجع على طريق التنمية الإشتراكية بوصف لينين أيضاً إلى العام 1928 وقد بلغت التنمية مستوى تجاوز مستوى العام 1913 قبل الحرب ومكن الدولة من الإستغناء تماماً عن سياسة النيب. أما في السنوات العشر التالية 1928 ـ 1938 فقد حقق الإتحاد السوفياتي مأثرة التصنيع الكثيف نقلت الإتحاد السوفياتي إلى مقدمة الدول الصناعية . أما انتصار الإتحاد السوفياتي في الحرب الكبرى 1941ـ 1945 وقد تمكن من سحق الهتلرية في وكرها برلين فكانت الشهادة القاطعة على عظمة النظام السوفياتي وخاصة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي . وفي مقدمة كتابه " البريسترويكا " يشهد غورباتشوف على أن الإتحاد السوفياتي بقارتيه قد غدا خلية نحل واحدة فأعاد إعمار الإتحاد السوفياتي في العام 1950 إلى أفضل مما كان عليه قبل الحرب في حين فشلت كافة الدول الأوروبية الرأسمالية أن تفعل مثل ذلك بالرغم من المساعدة ت مشروع مارشال . وفي ذات المقدمة يتساءل بذهول غورباتشوف المعروف بعدائه لستالين .. كيف استطاع ستالين أن يحقق كل هذه الإنتصارات العظيمة وفشل الآخرون ؟! والمفاجئ لصاحب مثل هذه المزاعم الوقحة هو أن ستالين ظل متمسكاً باستخدام قانون القيمة الرأسمالية في إدارة الإقتصاد السوفياتي بالرغم من معارضة الكثيرين في القيادة السوفياتية .

أما النتائج الباهرة التي إدّعاها الأشهب لخروشتشوف وبريجينيف فيشار إليها بمشروع خروشتشوف الشهير " إصلاح الأراضي البكر والبور " عام 1957 والذي بحجته تم طرد جميع البلاشفة من المكتب السياسي للحزب والذي حقق خسائر للدولة تتجاوز 30 ملياراً من الدولارات ـ وبالمناسبة أنصح الأشهب قراءة تفاصيل المشروع في مذكرات خروشتشوف نفسه ليسري عن نفسه بساعة من الضحك . وأنكر خروشتشوف دور العمال في قيادة الدولة وقدّم عليهم الفلاحين ظناً منه، وهو الغبي والجاهل في الماركسية، أن الفلاحين يبنون الإشتراكية دون أن يعي الطابع البورجوازي لإنتاجهم ؛ ومن أجل ذلك تفاخر بنقل زراعة الذرة من أميركا إلى الإتحاد السوفياتي . فأي معايير للعمل يمكن الحديث عنها في مثل هذا السياق ؟ مقابل معدلات التنمية المرتفعة فيما قبل 1956 والتي راوحت حوالي 10% سنوياً انهارت الخطة الإقتصادية السباعية التي أعلنها خروشتشوف عام 1959 وانتهى برنامجه الزراعي إلى كارثة إقتصادية وعانى الإقتصاد السوفياتي طيلة عهد الثنائي خروشتشوف – بريجينيف 1956-1982 من تراجع لا يتوقف ولما آلت السلطة إلى تلميذهما أندروبوف أخذت الشرطة تلاحق العمال الهاربين من العمل وتعيدهم بالقوة إلى المصانع . كل هذا هو من حقائق التاريخ لا سبيل لإنكارها حتى أمام أيتام خروشتشوف من مثل السيد نعيم الأشهب .

ليس أدل على جهل ماهر الشريف ونعيم الأشهب كليهما بالماركسية من ظنهما أن كارل ماركس كان قد اشتغل على نظريته من أجل إصلاح العالم وإقامة العدالة الإجتماعية التي سخر منها ماركس مر السخرية ! عندما قال ماركس أن وظيفة الفلسفة غدت تغيير العالم لا تفسيره فإنما كان يعني أن القانون العام للحركة في الطبيعة هو الديالكتيك الذي لا يسكن للحظة . ما لا يدركه قليلو الماركسية هو أن ماركس لم يكن رجل إحسان . كان ثورياً فقط لأن حركة الطبيعة هي دائماً وأبداً ثورية .

نعود لنناشد الجميع بأن لا ينقدوا ماركس أو يدافعوا عنه قبل أن يدركوا تماماً القواعد الأساسية للماركسية التي أولوها قوانين الحركة في الطبيعة .

فـؤاد النمري
www.geocities.com/fuadnimri01



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- َعَلامَ يختلف الشيوعيون البلاشفة اليوم ؟
- العمل الشيوعي والمسألة الوطنية (2)
- العمل الشيوعي والمسألة الوطنية
- حقائق العصر الكبرى وتقادم الماركسية المزعوم
- الحزب الشيوعي اللبناني يستعير مكتبه السياسي من مكتب حزب الله
- ما بين العمل البرجوازي والعمل الشيوعي (Individual production ...
- الحرية في الجوهر
- في حوارٍ ماركسي
- في المعتقدات الصدئة
- إلى الذين استبدلوا الماركسية اللينينية بالسياسات الوطنية الب ...
- في الحوار غير الماركسي
- إساءة إستخدام قوانين الديالكتيك (ما لا أزال مختلفاً فيه مع ا ...
- الهدّامون من الشيوعيين سابقاً
- لغز التسلح السوفياتي !
- ما زال في أيتام خروشتشوف نَفَس يتكلم !
- الأمين العام خالد حداده .. نصيراً للشيوعية !
- المرتدون عن الماركسية
- في تقادم - المسألة الوطنية -
- قضايا محورية في المرحلة الطارئة على التاريخ - مناقشة مع الرف ...
- أغرب ما في التسابق البورجوازي الرجعي لنقض ماركس !


المزيد.....




- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - أيتام خروشتشوف ليسوا مؤهلين للمراجعة وللنقد الماركسي