أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منذر مصري - عراقي 3من 5- المنفى والأرض والموت وقصيدة النثر العراقية















المزيد.....



عراقي 3من 5- المنفى والأرض والموت وقصيدة النثر العراقية


منذر مصري

الحوار المتمدن-العدد: 729 - 2004 / 1 / 30 - 04:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عراقي... ( My Iraq )
 ( ما يشبه ملفّاً شخصياً )
3من 5( المنفى والأرض والموت وقصيدة النثر العراقية )

3- المنفى والأرض والموت... وقصيدة النثر العراقية !

مقدمة طارئة:
    قبل أن أنتهي تماماً من كتابة هذه المقالة، كنت قد أرسلت صورة عنها إلى الشاعر العراقي شاكر لعيبي ليقرأها وليبدي ملاحظاته عليها. ذلك لأني، كنت أشعر بأني أكتب عن شيءٍ لا أعرفه بتمامه، ذلك التورط في السجال الدائر بين العراقيين عن الأرض والمنفى، ثم تلك الرغبة الخرقاء مني أن أورد في نهاية مقالتي، كل أسماء الشعراء العراقيين النثريين وأنصاف النثريين الذين يعيشون خارج العراق، بقضهم وقضيضهم. حتى لو أدى الأمر لأن أستعين بمن أعرفهم ولا أعرفهم من الشعراء ليذكروني بهذا الاسم أو ذاك. فإذ برد شاكر يصلني أشبه بصفعة قوية مباغتة؛ رعد عبد القادر، الشاعر صاحب القصيدة التي أبهجت سعدي، وكانت موضع نقدي، مات !! نص رسالة شاكر هو التال ي:
أخي منذر
وصلتني مقالتك وقرأتها بتمعن. الأساسي والدرامي هنا: أن رعد قد توفي منذ بعض الوقت. ولعلك قد قرأت ما كتب عن ذلك في جريدة السفير وقبلها جريدة الزمان وموقع إيلاف.
أظن أن سجالاً مثل سجالك مفيد على أية حال. على أن نتائجه المفيدة في الصفحات الأخيرة. 
 مثل: أقدم اعتذاري سلفاً، إذا كان في كل ما سبق، أية إساءة للشاعر العراقي المقيم رعد عبد القادر، الذي أشارك سعدي في قلقي عليه، لاختياره... أو ( وذلك لأنه من الصعب أن تطلق حكماً على أي شاعر من خلال قصيدة واحدة ! وخاصة إذا كان حكمك على نحو ما سلبياً، وفي ذات الوقت يكن له شاعر كسعدي يوسف وداً وإعجاباً صريحين، لا يمكن أن يأتيا من الفراغ. ولكني رغبت، كما ذكرت، أن آخذها كمثل للقصيدة النثرية الرائجة التي نكتبها، نحن شعراء قصيدة النثر، منذ أكثر من ثلاثة عقود من السنين، دون أن يسأل أحدنا نفسه: ماذا أفعل ؟ ودون أن يسألنا أحدٌ أيضاً... )
ينبغي في تقديري أن توضع نصب أعين القراء منذ الصفحة الأولى.
 
تقبل فائق تقديري.
شاكر لعيبي
18-2-2003
ـــــــــ
ورغم أني من متابعي الجرائد عموماً، وجريدة السفير بالذات، وخاصة أني أنشر أحياناً في صفحاتها الثقافية، لكني لم أصدف أي شيء عن موت الشاعر رعد عبد القادر. فما كان مني إلا أن عدت لموقع إيلاف على شبكة الاتصالات العالمية ( الإنترنت ) لأجد ما ذكره شاكر، إضافة لكثير من التفاصيل التي كانت تنقصني عن رعد، الذي لولا موته المأساوي، والصاعق، في13/1 / 2003 أي بعد صدور عدد مجلة المدى الذي وردت به مقالة سعدي يوسف عنه، بأيام لا أكثر، لما كان لي أو لغيري من غير العراقيين أو حتى من العراقيين في منافيهم أن يعرفوها !! لكن المذهل في الأمر أن موت رعد، بظروفه الغامضة، قد حدث مجارياً تلك الصورة الملتبسة التي ترسمها قصيدته ( أغنية لطائر البرق ) فكما ورد في إيلاف: ( عادت زوجة الشاعر إلى البيت في حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر (الاثنين 13 كانون الثاني /يناير) بعد يوم عمل طويل فوجدت باب البيت الخارجي مفتوحاً بل ووجدت كل الأبواب والنوافذ في البيت مفتوحة أيضا على اتساعها، كانت الريح تعبث بالأشياء والستائر وقد بعثرت أوراق الشاعر الخاصة وظلت تدور بها من غرفة إلى غرفة، أما الشاعر نفسه فكان يجلس بكامل ملابسه على كرسي في إحدى الزوايا، كمن يتهيأ للخروج أو كمن عاد توا من الخارج. وكان على مائدة المطبخ بقية مما تناوله صباحاً، كسرة خبز وقطعة جبن وكوب شاي فارغ. لم يعرف حتى الآن على وجه التحديد إلى أين ذهب رعد صباحاً ولماذا عاد بهذه السرعة؟ فهناك دلائل عديدة على خروجه، ولا يعرف أحد أيضاً لماذا فتح كل الأبواب والنوافذ وكيف كانت لديه القدرة على أن يفعل ذلك، ثم لماذا قضى كل هذا الوقت قبل أن يخرج حتى فاجأته النوبة القلبية!
  رحل رعد عبد القادر عن أقل من 50 عاماً، وهو يعدُّ من ابرز الأصوات الشعرية التي ظهرت خلال السبعينيات وقد أصدر عدداً من المجاميع الشعرية أولها ( رماد الأسئلة- 1978) وآخرها ( صقر فوق رأسه شمس- 2002 )
ــــــــــ
المقالة:
         اختتم الشاعر سعدي يوسف آخر عدد مجلة ( المدى ) لسنة 2002رقم 38-4، بنافذة، عنوانها ( بهجة قصيدة النثر العراقية ) أطلَّ منها على الجدل الذي يتردد أحياناً، في المجالس أو على الصفحات الثقافية، حول ثقافتين، الخارج أي المنفى، والداخل أي الأرض، على حد تعبير سعدي. محاولاً التخفيف من غلواء ترى في كل ما يكتب في العراق، الداخل، تخلفاً وانصياعاً. مشيراً، ربما، من بين ما يشير إليه، إلى ما كتبه الشاعر العراقي المقيم في باريس عبد القادر الجنابي في مقالة له، يمكن الإطلاع عليه في موقع ( إيلاف ) على الانترنيت، بعنوان ( العراقيون قبائل لغوية ) يقول فيه: ( العراقي لا يقدر أن ينتج إبداعاً حقيقياً في ظل الاضطهاد: من سيهتم بكل هذه النتاجات الأدبية التي تمت في ظل نظام صدام حسين؟ وما هي فعلاً قيمتها الإبداعية إذا قورنت بما يكتبه اللبنانيون اليوم مثلا ؟ يكفي أن معظم الذين رزحوا عن إرادة أو لا، تحت قمع النظام العراقي، وفيما بعد خرجوا، طفقوا يشعرون أن ما يكتبوه في رحاب المنفى له ألق يتحسر عليه الرازحون في الداخل تحت أغلال ثقافة الموت والاضطهاد ) وللرد على هذا يستشهد سعدي بما ذكره الشاعر والمترجم العراقي أيضاً هاتف الجنابي في مقالة سابقة له بذات المجلة: ( بأن المنفى اليوم لم يعد كالذي كان قبلاً، يوم كان المبدعون المنفيون يجهرون بقطيعةٍ مع ما غادروه ! فقد تقلص إلى وضع جغرافي لا غير، وصار همُّ الجسم الأكبر من المثقفين المنفيين التطابق لا الخلاف ! ) ثم يختم سعدي المقطع باستنتاج غريب، رغم أنه يبدو وكأنه جاء كنتيجة منطقية لكل ما سبق وقيل، وهو: (... هكذا تفقد الهجرة عمقها العظيم، وتفقد الثقافة إمكاناً نادراً للتجدد والتمتع بالحرية، حتى ليتساءل المرء: لم المنفى إذن ؟ ) وقد أوافق أو لا أوافق على هذا الحكم، غير الدقيق كفاية، بفقدان الهجرة لعمقها العظيم، والثقافة لإمكانية تجددها والتمتع بالحرية، في الأوضاع والظروف القائمة. ولكن ما رأيته غريباً هو بالتحديد سؤاله: ( لِمَ المنفى إذن ؟) لأنه على حد علمي أن المنفيين والمهاجرين العراقيين لم ينفوا أنفسهم لمجرد المنفى, لم يهاجروا لمجرد الهجرة، أو لم يكن خيار هجرتهم خياراً، بالمعنى الذي ينبغي أن تحمله الكلمة، فهم بأغلبيتهم الشديدة لم يهاجروا، أو لأقل، لم يولوا الأدبار، بعيداً عن أهلهم وبيوتهم إلاَّ مرغمين، وربما خيارهم ذاك كان، لا أكثر ولا أقل، خياراً بين الموت أو...الهرب. مثلهم بكافة أنواعهم مثل المهاجرين والمنفيين العرب من أي بلد عربي، فما بالك بالمبدعين والمفكرين منهم. وهذا شيء، لا ريب، أن سعدي يوسف أول من يعرفه.
ولإثبات أن المنفى في شروطه الحالية، ليس بشيء ( ! ) ـ علامة الاستفهام هذه من عندي،  لأني حقاً لم أتوقع أن يصل الكلام إلى هذا الحد. ولأني إذا قبلت بحق سعدي في الدفاع عن أدب الداخل فإنه من قبيل المبالغة في رد الفعل أن يقول إنه ليس بشيء! حتى ولو كان ... ـ مقايسةً بالأرض وأهلها ومبدعيها، يأتي سعدي بشاهد، وكأنه جاء عرضاً: ( وصلتني، مصادفةً ) مجموعة قصائد نثر لـ " رعد عبد القادر " صدرت عام 2002 ببغداد عن مكتبة المنصور العلمية، عنوانها " صقر في رأسه شمس ". يبدأ سعدي كلامه عن المجموعة بإطراء ظاهر، قائلاً إنه من متابعي ما يكتب رعد عبد القادر، وإنه ظل يكن له وداً، ولشعره إعجاباً، حيث كان يسعده الحصول على نص من نصوصه، حتى وصلته مجموعته الأخيرة ـ ويا ليت سعدي قد ذكر هنا ما يشير إلى أنها باكورة أعمال رعد، أو، إن لم تكن كذلك، بعضاً من عناوين مجموعاته الشعرية السابقة، أو أي شيء من هذا القبيل، ليتسنى لنا تكوين صورة ما لشاعر اسمه رعد عبد القادر مهما كانت مختصرة ـ فاطمأن عليه، واطمأن بذات الوقت على تقديره المبكر. ثم يورد النص الكامل لقصيدة قصيرة من قصائد المجموعة. وها أنذا أورد القصيدة كاملةًً أيضاً، فهي لا تزيد عن خمسة عشر سطراً، حرفياً كما جاءت في المجلة، ليكون ما أريد قوله عنها واضحاً ودقيقاً:
( أغنية لطائر البرق )

نم هادئاً
بأمان
سبعُ شجيرات وردٍ يحرسن نومك
وطائرٌ يصفر لحناً سماوياً:
نم هادئاً
دع النهاية مفتوحة
وأغلق الباب جيداً، وإن قرعوا لا تفتح
القصيدة قرب رأسك وقدح الماء
وطائر البرق في نومك
هل رأيت أحداً في الحديقة ؟
وإن قرعوا لا تفتح
دع النهاية مفتوحة
وأغلق الباب جيداً وإن قرعوا لا تفتح
نَم هادئاً، هادئاً
بأمان.
ــــــــــ رعد عبد القادر _15/3/2002
قصيدة رعد عبد القادر هذه، يقول سعدي: ( تمثل إلى حدٍ ما، طبيعة الجهد الشعري المعتمد على ملموسية اللغة، وعادية الملتقط من المادة الحيوية، وأطروحة التصعيد إيماءً وإيهاماً ) وقد وجدت أنه بعد قراءة هذا التوصيف، شبه الشائع عن قصيدة النثر، من المفيد، إن كان ثمة إمكانية إفادة في هذا المجال، أن أعتبر بدوري هذه القصيدة، مع ما كتبه سعدي عنها، كمثال لما وصل إليه نتاج شعراء قصيدة النثر، دون ذكر الاستثناءات، من فوضى شديدة في آليات التعبير. وقصور في تحقيق شروط العملية الإبداعية، على وجهيها: الخاص بالشاعر، والعام المتعلق بنوع، بمجال، بتاريخية، الفن الذي تنتمي إليه هذه العملية، مما أدى به بكتلته الكبيرة إلى الافتقاد إلى الحد الأدنى من القدرة على الإقناع، إقناع حتى أنصاره، فما بالك، بأعدائه !
1- عنوان المجموعة ( صقر في رأسه شمس ): رغم أن العناوين، ليس محتماً عليها أن تطابق المحتوى مئة بالمئة، ولكن عنوان مجموعة رعد عبد القادر ( صقر في رأسه شمس ) صورة تركيبية، رمزية، لا علاقة لها بملموسية اللغة ولا عادية الملتقط من المادة الحيوية..  حاولت قبولها باعتبارها وصفاً لنحت ما، أو ختم. وأظن بأن شعراً يتصف بما ذكره سعدي عليه أن يختار عنواناً من نوعٍ آخر. ولكن بعد إطلاعي على هذه القصيدة الوحيدة لرعد، وإمعان النظر بها، أجده عنواناً مناسباً إلى حدٍّ كبير.
2- أما عنوان القصيدة نفسها: ( أغنية طائر البرق ) فهو أقرب لتكرار عنوان المجموعة، لأنه يعتمد التركيب، والرمزية، شبيهاً لحد كبير بعناوين قصيدة التفعيلة الدارجة في عقدي الستينات والسبعينات وحتى الآن. وهو  أيضاً يتعلق بطائر ذي سطوع، رغم أن البرق يأتي مع طقسٍ أو وقتٍ تغيب فيهما الشمس التي في رأس الصقر كما العنوان !
3- المقطع الأول:
( نم هادئاً
بأمان
سبعُ شجيرات وردٍ يحرسن نومك
وطائرٌ يصفر لحناًً سماوياً: )
وسأحاول من هذه البداية أن أبين أن جهد الشاعر، قليلاً كان أم كثيراً، لم يكن كافياً للوصول بالقصيدة إلى ما نوه عنه سعدي. فهو يقول: ( سبعُ شجيرات وردٍ يحرسن نومك ) وهي صورة متخيلة تماماً، لا علاقة لها بالملموسات ولا بالملتقط العادي من المادة الحيوية، أو بتعبير أدق، الملتقط الحي من المادة العادية. إضافة لأنها غير قادرة لأن تقدم إحساساً عضوياً محدداً. أي أنها تعتمد تركيباً قسرياً للكلمات، دون التدقيق بما تحمله من المعاني. وهي تنتمي إلى نوع من الكلام، يسمح به قائله لنفسه أن يقول أي شيء، دون مراعاة لطبيعة الأشياء، ولا لأي منطق خاص أم عام، داخلي أم خارجي. وفي ذات الوقت يحاول ادعاء العكس، أي أنه يورده دون أن يقصد به طرافة أو مبالغة أو شيئاً لا يصدق غايته به الإدهاش. ذلك أنه إذا سأل المرء نفسه: لماذا سبع شجيرات بالتحديد ؟ هل للعدد هنا، ما دام ليس وصفاً لمشهدٍ مرئيٍ، واقعي، أي ليس تعداداً عينياً لشجيرات وردٍ حقيقية، دلالةٌ ما ؟ لماذا لا يكون ثلاث شجيرات، أو عشر شجيرات، أم أن سبعاً عدد كاف لنفهم أن هناك عدداً كبيراً من شجيرات الورد يقمن بالحراسة ؟ أو هل هناك معنى آخر ؟ دلالة رمزية لا نعرفها ؟ أم أن رعد انتقاه لأنه أحد الأعداد الطوطمية 7و 12و 40 ألخ، أو ربما عدد فقط لا يقصد منه رعد إلا كونه عدداً ما ؟!! ولماذا شجيرات ورد وليس فل أو ياسمين أو أي نوع آخر من الشجيرات ؟ ولماذا يقول يحرسن نومك ولا يقول: يحرسنك ؟ وأخيراً، كيف يمكن لسبع شجيرات ورد أن يحرسن نوم أحدٍ ؟ كل هذه التساؤلات يجب أن يكون لها أجوبة مقنعة. ولا يمكن هنا، كما أرى، للقارئ الذي يسأل، وهذا من حقه، وربما واجبه، أن يجد أجوبة مقبولة لكل هذه الأسئلة، لا بشكل مباشر، و لا بشكل غير مباشر. أي أنه لا يمكن لهذه الصورة أن تُفهم مباشرةً، كما هي حرفياً، ولا بطريقة غير مباشرة، أي معاكسة، كأن يكون قصد الشاعر عكس المعنى الظاهر، حيث ليس لشجيرات الورد القدرة على الحراسة، لذا فهو أو نومه يُحرس من قبل من لا يستطيع حراسته ! وهذا غير وارد حسب السياق. ولكن إذا رغبنا بالانسياق للمعنى الذي يراد منا أن نفهمه من هذه الصورة، فإنه لنا أن نتصور هذه الشجيرات السبع، التي بالرغم من كونها شجيرات ورد، فهي ذات كثافة وذات أشواك ! فيكون اختيارها لا بسبب ورودها التي تسمى بها، بل بسبب ملحقاتها من أغصان وأشواك ! وبهذا يكون رعد قد ترك لنا فراغاً أكبر من اللازم لنملأه، أي أنه لم يعط الصورة حقها من التفاصيل التي تحتاجها لتؤدي المعنى المطلوب. وهذا أمر في غاية الأهمية، يغض النظر عنه الكثير من الشعراء، رغبةً بالتكثيف، أو الاختصار. لكنه يخرج بالكلام وهو لا أكثر من كلام ناقص، قاصر عن الوصول إلى المعنى الذي في ( قلب الشاعر ) كما يردد. غير أن أكثر ما آخذه على هذا المقطع هو السطر الأخير منه: ( وطائرٌ يصفر لحناًً سماوياً: ) فإذا غضضت النظر عن علامة القول (: ) في نهايته، التي إن صح وجودها هنا، باعتبار أن الطائر هو من يقول: ( نم هادئاً... ) فيجب أن تكون موجودة قبل كل مرة ترد بها اللازمة ( نم هادئاً )، وهذا ما لم يفعله رعد، وأخشى أن تكون خطأً مطبعياً. أقول أننا لا نستطيع في هذه الجملة، أن نحدد تماماً، ما إذا كان الطائر يشارك بالحراسة، أم أنه فقط طائر يقف على غصن من أغصان هذه الشجيرات يصفر للنائم لحناً سماوياً، وذلك رغم وجود واو العطف ! لأنه أولاً: جاء بعد نهاية جملة ( يحرسن نومك ) التي تعود للشجيرات حصراً. وكان يمكن، إذا كان القصد مشاركة الطائر بالحراسة، منعاً لأي التباس غير محمود في المعنى، أن يقول ( مجرد اقتراح ):
( سبعُ شجيرات وردٍ
وطائرٌ يصفر لحناًً سماوياً
يحرسون نومك: )
وثانياً: لكونه طائراً يصفر، والطيور الصافرة عادةً مخلوقات رقيقة، لا قدرة لها على حراسة منيعة ! ثم أن ما يفعله الطائر، وهو الصفير، ليس أفضل طريقة لحراسة نوم أحد ! إلا بحجة أن الألحان السماوية تساعد على النوم الهادئ !
4- المقطع الثاني:
( نم هادئاً
دع النهاية مفتوحة
وأغلق الباب جيداً، وإن قرعوا لا تفتح )
يكرر الشاعر مطلع القصيدة ( نم هادئاً ) باعتبار النص ترنيمة للنوم، ولكني أجد تناقضاً في قوله ( دع النهاية مفتوحة ) لأن النهايات المفتوحة عادة أدعى للقلق لا للهدوء والأمان. وإذا كان هذا تناقضاً ملتبساً في التأويل والفهم فحسب، فهو في قوله ( وأغلق الباب جيداً ) يناقض بشكل مباشر ما سبق من كلامه ( دع النهاية مفتوحة ) ثم تأتي جملة:( وإن قرعوا لا تفتح ) لتدب فوضى لا تحتمل في لا أكثر من ثلاثة أسطر، فكيف يطلب منه أن ينام هادئاً، وسيكون هناك قرع محتمل على الباب الذي عليه أن يغلقه جيداً، ولا يفتحه إن قرعه أشخاص لا يأتي رعد بأي معلومة عنهم ! وسؤالي هنا: هل إذا استجاب النائم، الذي يفترض أنه غير نائم ليكون هناك تبرير لطلب أي شيء منه، ولم يفتح لهم، فهل يدعه أولئك الأشخاص نائماً بهدوء ويتلطفون بالذهاب ؟؟؟ كما أن النص بهذه الجملة، يقوم بنقلة قاسية من الكلام عن النوم وشجيرات الورد والطائر الذي يصفر لحناَ سماوياً إلى من يقرعون الباب والناس نيام !! وأظن هذا ما قصده سعدي يوسف بتعبيره ( وأطروحة التصعيد إيماءً وإيهاماً ) فرعد يصعد القصيدة لموضوع سياسي، أمني، يتناوله بالتلميح لا بالتحديد، حيث لا حاجة له لأن يخبرنا، لا قليلاً ولا كثيراً، من هم أولئك زوار الليل ( هذا إذا التوقيت ليلاً، فلا إشارة في النص تؤكد ذلك ) الذين يقرعون الأبواب، معتمداً على أن أننا نعرفهم ! فهم ليسوا لصوصاً عاديين، أو أخوة فتاة اكتشفوا علاقتها مع ذلك الشخص ! أو طالبي ثأر من عشيرة أخرى، بل عناصر أمن، أمن السلطة لا الشعب كما في كل الدول العربية، أي عناصر مخابرات، وهذا لا يحتاج لكثير ذكاء ليعرف، ولا حاجة أيضاً لأن يخبرنا لأي سبب جاؤوا في طلبه، فهو يحيا في بلد مستباح أمنياً حتى غرف نومه. إضافة على أنه من النصائح الجاهزة للشعراء، أن تلميح، أو غير المباشرة، صفة مطلوبة في الشعر ! وخاصة السياسي منه.
5-المقطع الثالث:
أقوم بتقطيع القصيدة، رغم أنها كما ترون غير محددة المقاطع، ولا يوجد نقاط في نهاية الجمل، ذلك أن عملية التشريح التي أحاول القيام بها، لا ريب تتطلب عمل كهذا، يساعدني عليه تكرار اللازمة، أو تكرار سطر، أو اكتمال معنى:
( القصيدة قرب رأسك وقدح الماء
وطائر البرق في نومك )
يعود رعد عبد القادر في هذين السطرين لاستخدامه الزائغ لواو العطف، فهو عندما يقول (  وقدح الماء ) نتساهل معه ومع أنفسنا، في اعتبار قدح الماء مع القصيدة قرب رأس النائم، لا ( وقدح الماء وطائر البرق في نومك ) وذلك لأن الاحتمال الأول أقرب إلى الفهم الصحيح، فمن الطبيعي أن يوضع قدح الماء قرب رأس النائم، وهذه النقطة ترينا حتمية تداخل منطق طبيعة الأشياء مع المنطق الخاص بالشعر، أو أي فن آخر. وكان باستطاعة رعد، تسديداً منه للكلام، أن يقول، وها أنذا أقوم، كما فعلت سابقاً بالمقطع الأول، بما لا يجب أن يقوم به أي ناقد، لأنني حقيقة لست، وهو اقتراح بديل ما للسطر:
(  القصيدة وقدح الماء قرب رأسك )
مع أني كنت أفضل:
( قدح الماء قرب رأسك
والقصيدة وطائر البرق في نومك )
ويلاحظ أنه يختم السطر التاسع بذات الكلمة التي ختم بها السطر الثالث ( نومك )، وتكرار كلمة ما مختلف عن تكرار سطر أو مقطع، وغير مستحب إلا إذا كان ظاهر القصد والغرض. دون هذا على الشاعر الحريص أن يتجنب ما أمكن استخدام ذات الكلمة أكثر من مرة، وخاصة في نهاية الأسطر. ولكني أيضاً أستغرب من تجاهل رعد لما يمكن تسميته المنطق الشعري الذي له قواعده وشروطه، والذي وإن أُقِرَّ باختلافه عن المنطق الطبيعي، لكنه، كما أشرت، متصل به يقوم على مجاراته أو مناقضته حسب ما يبتغيه الشاعر. ومن فاسد الكلام في أي نوع أدبي إهماله والعمل باعتبار أن هذه الشروط والقواعد غير موجودة. وذلك لأن كل من لهم علاقة بالشعر، مبدعين ومتلقين، منتجين وتجاراً ومستهلكين، بشرٌ، مرتبطون بهذه القواعد وخاضعون لهذه الشروط، كما هي مرتبطة بهم، خاضعة لشروطهم، وبسبب هذا الارتباط والخضوع المتبادل، تختلف وتتغير حسب اختلافهم وتنوعهم، في الزمان والمكان. أقول بعد هذا الاستطراد: أستغرب، ولا أفهم، حتى إذا غضضت نظري عن قدح الماء والقصيدة قرب رأسه، التي توحي لنا بأن المخاطب المقصود هو شاعر، وعلى الأغلب الشاعر رعد عبد القادر نفسه، فالشعراء غالباً ما يكتبون عن أنفسهم بضمير المخاطب أو الغائب. وغضضت نظري أيضاً عن عدم قدرتي على تصور أن يكون طائر البرق في نوم أحدٍ ما ؟ أي معنى يقصد بهكذا استعارة ؟! نعم أعترف بأني لا أفهم، كيف يطلب من أحدٍ أن ينام  هادئاً، وطائر البرق بسطوعه الذي يبهر الأبصار وقرقعته العظيمة، في نومه ؟ كيف يُقبل بشيءٍ كهذا ؟ إلا إذا اعتبرنا الكلام في الشعر ليس من المفترض أن يعبر عما هو يعبر عنه ! أي أن علينا أن نفهم ليس ما يعنيه بل شيئاً آخر غير ما يعنيه، لا ظاهرياً ولا باطنياً. ثم أن رعد باستخدامه لمفردة طائر للمرة الثانية بمدلول آخر مغاير عن مدلوله قبل أربعة أسطر، كما لو أنه أدخل على قفص هذه القصيدة الضيق، طائراً آخر غير الطائر السماوي الذي يصفر لحناً سماوياً وهو طائر البرق، مع ما يؤدي إليه هذا الاختلاف في نوعي هذين الطيرين من اضطراب وفوضى في القفص، أقصد بنية قصيدة صغيرة كهذه.
ثم إذا كان عنوان القصيدة: ( أغنية لطائر البرق ) فهل من الخطأ أن نفهم إن من يُطلب منه النوم بهدوء وأمان، هو طائر البرق، أو المشبه، الملقب، المكنى !! بطائر البرق. وإذا كان الجواب، بأحد صوره، بأحد احتمالاته، نعم... إن من يرنم له لينام، هو... طائر البرق، وهذا شيء غريب بحد ذاته، فكيف عندها يقول له: ( وطائر البرق في نومك ) ! وهكذا يغدو المشهد، في ما يتعلق بالطائر، كالتالي: نم هادئاً يا طائر البرق، طائر سماوي يحرس نومك، وطائر البرق في نومك !! أم أن الأغنية، بقراءة ما، قد تخطر على بال أحدٍ ما، موجهة لا إلى الشخص الذي يطلب منه النوم، بل فقط إلى طائر البرق في نوم هذا الشخص !!!
6-المقطع الرابع، والأخير:
( هل رأيت أحداً في الحديقة ؟
وإن قرعوا لا تفتح
دع النهاية مفتوحة
وأغلق الباب جيداً وإن قرعوا لا تفتح
نَم هادئاً، هادئاً
بأمان. )
لأنه من الصعب هنا، وبعد السطر التاسع أن أحدد مقطعاً، ذا وحدة من أي نوع، فقد اعتبرت، كي لا يكون السطر العاشر وحده مقطعاً، الجزء الباقي من القصيدة كله مقطعاً رابعاً وأخيراً، وهو ستة أسطر من أصل خمسة عشر سطراً، عدد أسطر القصيدة بالكامل، أي أكثر من الثلث، ولا يتضمن سوى سطر واحد جديد، فالسطور الخمسة الأخيرة تكرار لأسطر سابقة والنهاية تدوير لسطري البداية مع تغيير طفيف بترداد للحال ( هادئاً ) مرتين. والتكرار والتدوير رغم زيوعهما في نتاج الشعر العربي الجديد، مع ما انصب عليهما ( التدوير خاصة ) من انتقاد باكر ( نازك الملائكة، مثلاً )، فقد بقيا، رغم انقضاء كل هذه السنوات، إحدى الأدوات الشعرية العامة المستخدمة في كل أنواع هذا الشعر، ذي الوزن والقافية منه أي ما يسمى شعر التفعيلة، والحر والطليق أي ما يسمى قصيدة النثر على أنواعها، بآن. غير أنهما، فعلياً، لا يضيفان شيئاً للنص، وبأحسن الأحوال يقدمان حلاً سهلاً، لفظياً، إيقاعياً، أو تأكيداً لمعنى ذكر سابقاً، يفيد لاختتام مقطع أو القصيدة. وهما يلائمان القصيدة الطويلة أكثر من القصيدة القصيرة، وذلك لسبب واضح، وهو أنه، في قصيدة من خمسة أسطر أو عشرة، أو خمسة عشر سطراً، سيحتل منها أي تكرار أو تدوير جزءاً كبيراً. غير أن العذر الجاهز هنا، في قصيدة ( أغنية لطائر البرق ) هو أنها،كما ذكرت، ترنيمة للنوم. والتكرار برتابته، للألفاظ والمعاني، يساعد على ذلك كما هو معروف. أما السطر الجديد فهو ( هل رأيت أحداً في الحديقة ؟ ) وهو، بعد أن يفكر المرء، ولو قليلاً، عمن عساه في الحديقة، يجد أنه يتابع الإشارة إلى أولئك الذين ( وإن قرعوا لا تفتح ) وهو سؤال أيضاً يعاكس الطلب المتكرر بالنوم الهادئ، لأنه إضافة لكونه يسبب المزيد من الإثارة والقلق، يتطلب من ذلك الشخص أن ينظر من النافذة أو الباب ليرى إن كان هناك أحد في الحديقة، كل هذا يؤدي إلى أن طلب النوم الهادئ، كان في الأصل صورياً، فهو يعلم، أو كأنه يعلم، أن طائر البرق لن ينام لا بهدوء ولا بأمان. وهكذا تنتهي القصيدة إلى شبه لا شيء. ونحن، مثل هذا، الطائر، الشاعر، الشخص، المهدد بأولئك الذين ربما رآهم في الحديقة، والذين ربما يقرعون الباب، ويطلب منه ألاَّ يفتح لهم، لا ندري ماذا يجب أن نفهم، ولا ماذا يجب أن نفعل !
ــــــ
جميلٌ من شاعر بمقام سعدي يوسف أن يطري أي شاعر، وقد فعل ذلك، بحدود معرفتي، العديد من المرات، مرةً معي ( مجلة البديل عدد 3 عام 1982) وأخرى مع رياض صالح الحسين  المنشورة كمقدمة لمجموعة رياض ( بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس ) وكذلك مع بركات لطيف وعناية جابر و.... فهذا يشكل دفعاً حقيقياً للشعراء،وخاصة الذين ما زالوا في بداية هذا الطريق الطويل والنائي والمنحرف والمحبط بقسوة أحياناً، والذي غالباً لا يصل إلى شيء. وسعدي، عادة، لا يبخل بعدد من الملاحظات التي يتوسل بها لفت نظر الشاعر إلى نقطة ما، وإفادته من ناحية ما. وهذه المرة يتابع سعدي ويقول ( لكن قصائد المجموعة ليس كلها بهذا الصفاء ) !! و السؤال الذي يخطر على البال هو: إذا كانت هذه القصيدة بهذا العكر، فكيف بقية قصائد المجموعة الأقل صفاءً إذن ؟
أقدم اعتذاري سلفاً، إذا كان في كل ما سبق، أية إساءة للشاعر العراقي المقيم رعد عبد القادر، الذي أشارك سعدي في قلقي عليه، لاختياره، ليس لوحده، البقاء في الوطن، ويا له من وطن، وعلى الأرض، ويا لها من أرض، ولم يشد الرحال إلى حلب أو دمشق أو عمان أو بيروت القريبات، أو إلى لندن وبرلين وستوكهولم وباريس وحتى بونس أيرس أو نيويورك وشيكاغو ومدن أخرى أسطورية وغير أسطورية. كما فعل الملايين الأربعة من أبناء جلدته، لأنه لا بد، لأنه يجب، أن يبقى بعض منا في مكانه، هنا وهناك، رغم كل شيء !! والذي ينتابني شعور، بأنه بالتأكيد شاعر جيد، حتى لو وجدت كل هذه المآخذ على قصيدته، والتي أشعر أيضاً، بأن سعدي، ربما لم يكن موفقاً في اختيارها. وذلك لأنه من الصعب أن تطلق حكماً على أي شاعر من خلال قصيدة واحدة ! وخاصة إذا كان حكمك، على نحو ما، سلبياً، وفي ذات الوقت يكن له شاعر كسعدي يوسف وداً وإعجاباً صريحين، لا يمكن أن يأتيا من الفراغ. ولكني رغبت، كما ذكرت، أن آخذها كمثال للقصيدة النثرية الرائجة التي نكتبها، نحن شعراء قصيدة النثر، منذ أكثر من ثلاثة عقود من السنين، دون أن يسأل أحدنا نفسه: ماذا أفعل ؟ ودون أن يسألنا أحد أيضاً. وأن أحاول، من وجهة نظري الخاصة، أن ألقي عليها نظرة متفحصة، مدققة، فلا أبخل بدوري حتى وإن كانت قصيدة صغيرة، من /15/ سطراً لا أكثر، من ذكر ملاحظاتي عليها، التي، بالطبع،  لا أعتبرها غير قابلة للرد والنقاش، وذلك لغاية واحدة، هي طرح بعض الأسئلة المباشرة وغير المباشرة التي يجب أن تُطرَح، وتقديم بعض الأجوبة، المباشرة وغير المباشرة التي يمكن أن تُجاوَب، إن أمكنني. كجزء من مساهمتي الشخصية المحدودة والمتواضعة في تطوير هذه القصيدة التي أكتبها وأدافع عنها.
إلا أن قصيدة النثر قد تجاوزت، لا ريب، بكتلتها الكبيرة، بذلك الركام العجيب من النتاج الهام والعادي والسقيم معاً، الكثير مما ذكرت وما لم أذكر من العثرات. وبما أن الحديث عن قصيدة النثر العراقية، فبالرغم من كون الشعراء العراقيين ( قبائل لغوية تتناسل في الشتات ) على حد تعبير عبد القادر الجنابي، مبعثرة، ضائعة، وبالرغم من صعوبة تذكر أسماء جميع أصحاب، المجموعات الشعرية التي تصدر من كافة أنحاء العالم، والقصائد المتميزة التي نقرأها في الصفحات الثقافية وفي مختلف الدوريات الأدبية وعلى مواقع الانترنيت، فقد أستطعت، بمعونة صغيرة من الأصدقاء، وبالعودة إلى ما لدي من أعداد بعض الدوريات العربية الأدبية، كالثقافة الجديدة والبديل العراقيتين والكرمل ونزوى والنقاد وألف وكرَّاس وعيون.. إضافة إلى موقع إيلاف والامبرطور وموقع جهات الشعر على شبكة الإنترنيت، أن قوم بجرد عدد يكاد لا ينتهي، من الشعراء العراقيين، المنفيين، الذين لا تكمل، بأي اعتبار، الصورة الجديدة للشعر العربي المعاصر بدونهم، هم الذي قدموا واحداً من أهم وأغنى وأجمل و... أشقى وجوهه. شعراء، وأخص الشعراء النثريين ونصف النثريين منهم، ( من يكتبون قصيدة النثر و قصيدة التفعيلة معاَ، وهم كثر في الشعر العراقي ) ولا أقصد بهذا الانتقاء والتوصيف إنقاصاً من قيمة أحد. الذين وجدت أشد الصعوبة في تفريقهم عن أخوتهم، شعراء التفعيلة، والذين، بظني، إن لَم يعادلوهم بالأهمية فربما يزيدونهم بالعدد. لذا أرجو مسامحتي على أي خطأ يمكن أن يرد، دفعتني إليه رغبتي بأن لا أفوت اسماً منهم، رغم علمي باستحالة ذلك! وها أنذا أوردهم، بقليل من المراعاة لتقسيمهم كأجيال، ومع ملاحظات أردت بها أن أبدي شيئاً من ذلك الحب الذي شعرت به اتجاههم وأنا ألاحق أسماءهم ومطارح إقامتهم وبعض عناوين مجموعاتهم:
صلاح فائق ( صاحب الرهائن، جاء لزيارتي في اللاذقية وأعجب برسومي أكثر من أشعاري )، سركون بولص ( حامل الفانوس في ليل الذئاب الذي حسبه جمال باروت صديقي بولص سركو )، فاضل العزاوي ( ذو البيان الختامي لقصيدة النثر )، جان دمو (قرأت عنه ملفاً في مجلة ما، ولم أستطع العثور عليه مجدداً، علمت منذ أيام أنه مات في استراليا )، أنور غساني، ( الاسم فقط ) مؤيد الراوي ( حصلت على مجموعة له عام 1979في وارسو ) شاكر لعيبي ( أحببت استغاثاته الضائعة ثلاث مرات، نرة في اليمن بعد جلسة تخزين قات، والثانية في بيروت، والثالثة في دمشق، وفي كل مرة يضطر لجمع قصائدها من هنا وهناك )، خالد المعالي ( جمل الأنطلوجيات، أحد العراقيين الهامين كما قال لي على الهاتف محمد فؤاد )، شوقي عبد الأمير ( الأمير ) وعلي عبد الأمير ( أ ليس شاعراً؟ )، كاظم جهاد ( ها أنذا أحذف الملاحظة التي أزعجتك يا كاظم )، عبد القادر الجنابي ( ما كانه أبداً لم يكن )، جنان جاسم حلاوي ( أرسل لي محمود شريح شؤونه اليومية التي لا تعني أحد وعنت لي الكثير)، هاتف الجنابي ( الاسم الذي يصعب لفظه على البولونيين )، عوّاد ناصر، فاضل سلطاني، وليد جمعة، ( هل كتبوا نثراً يا مهدي ؟ )، عبد الكريم كاصد ( قليله نثر أيضاً، ولكني لا أنسى زيارتنا له في بداية الثمانينات أنا ورياض صالح الحسين عندما كان يقطن مع زوجته في حي المهاجرين بدمشق )، هاشم شفيق ( زارني أيضاً في اللاذقية ونام عندي مع أقماره المنزلية، ومرة اتصل بي وأنا لا أدري إن كنت في يقظة أم في حلم !! أحدثك عن هذا إذا رغبت يا هاشم )، مهدي محمد علي ( صديقي، ومستشاري اللغوي، من سأكون محظوظاً إذا مت قبله وكتب عني قصيدة رثاء كما يفعل مع جميع أصدقائه )، صموئيل شمعون ( عصفور يمشي فوق السجادة رأيته في بيت أختي مرام ) -  نبيل ياسين، كمال سبتي ( صادفته السنة الماضية في دمشق وأهداني مجموعته الأخيرة ( آخرون قبل هذا الوقت ) وأضعتها، لم أكن أعلم أن له هذه الأهمية )، صادق الصائغ، منعم الفقيه ( بعيداً عنهم... في الدنيمارك )، أسعد الجبوري ( عرفته سريالياُ عراقياً في دمشق منذ ربع قرن، صاحب موقع الإمبراطور حيث الأستاذ له رأس ذبابة )، كريم عبد ( جيد في كل ضروب الكتابة، وهذه مشكلة )، محمد مظلوم ( المكثر من الارتكابات )، عبد الحميد الصائح، عدنان الصائغ، سلام صادق ( في البلاد المجنحة )، غيلان ( في استراليا وهذا ليس اسمه الحقيقي، قال لي مهدي )، رعد فاضل، رعد مشتت، أحمد مشتت،  أوروك علي وأخوه عقيل علي ( لا تتوارى أيها الطائر )، حسن وحسين خليفة، عدنان محسن ( نصوص عن الغير )، نجم محسن،  نعيم قطان، جمال جمعة، جمال مصطفى ( أمطار بلا سبب )، جليل حيدر ( طائر الشاكو ماكو )،  باسم مرعبي ( العاطل عن الوردة وأشياء أخرى )، أمل الجبوري ( تحب بخيانة شديدة، وتخون بحبٍ شديد )، حميد العقابي ( ترى هل هو من كان بصحبة هاشم في زيارته لي باللاذقية؟ )، دنيا ميخائيل ( الحرب تعمل بجد حقاً )، مصطفى عبد الله، طالب عبد العزيز ( أ هو خارج أم داخل العراق ؟ ) نصيف الناصري، أحمد عبد الحسين ( صَدَقت، الشعر عقيدة موجعة )، زاهر الجيزاني، صلاح حسن، صلاح حيثاني، فضل خلف جبر، سلام سرحان، سنان أنطون، علي الرشيد، فَلاح الصوفي ( كما ورد في المخطوطة )، أحمد هاشم، عقيل منقوش ( تحت قصائدهم تقرأ مخيم الرفحاء )ناصر مؤنس ( صاحب الحيل الميكانيكية )، رياض إبراهيم، آدم حاتم ( لا أحد ) وتحية لمجلة كرّاس لطبعها المجموعة بعد وفاته )، عبد الرحمن الماجدي ( حامل الأختام المذهبة وصديق البريد الإلكتروني )، فائز العراقي ( هل أصدر مجموعة بعد ؟ ) علي مزهر ( صاحب موقع نيسابا )، عباس خضر، فيفيان صليوا، علي شايع، عبد الكريم هداد، جمال الساعاتي... ومن بعد ؟ دون أن أنسى عميدهم، شاء بعضهم أم أبى، أو شاء هو أم أبى! سعدي يوسف بالذات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اللاذقية: 15/1/2003
ملاحظة لاحقة:جاءني بعد نشر هذه المقالة في إيلاف وجهة الشعر عدد غير قليل من الرسائل من قبل الشعراء العراقيين الذين ذكرتهم والذين فاتني بادئ الأمر أن أذكرهم ثم استدركتهم لا حقاً. بعضهم صحح لي بعض المعلومات وبعضهم ساءه وصف أو تفصيل. وأحسب أن نشرها خلال تأزم الوضع في العراق وقبيل وقوع الحرب بفترة وجيزة، لعب دوراً في عدم بدء حوار كنت آمله، وما أزال، حول قصيدة النثر ومكانة قصيدة النثر العراقية بالذات في الشعر العربي الجديد. إلا أن أكثر ما أرغب بنقله لكم هو ملاحظة عابرة، ذكرها لي صديقي مصطفى عنتابلي، بأن تدقيقي وتشددي في صوابية مفردات القصيدة وتراكيبها، وإصراري على ربط المنطق الشعري بالمنطق الطبيعي والحس السليم ووضوح المعنى إلخ ، هو ما كان يضيق به الشعر بكافة مراحله، وهو ما يجب على الشعر الجديد الثورة عليه وتجاوزه. لكني، حتى وإن كنت أدعي بوجوب الثورة على كل شيء وتجاوز كل المعيقات والاشتراطات لكتابة شعر حر بكل معنى الكلمة، لا أستطيع، حقيقة، القبول بعدم وجود أي شرط  للكتابة، وخاصة الكتابة الجيدة والمؤثرة. ثم أنه لا ريب هناك ما هو جيد في الكتابة وما هو رديء أو أقل جودة. فكيف لنا أن نحدد ذلك أو نحاول تحديده، بدون تفكيك النص وتبيان آلياته، ومحاولة الكشف على حسن عمل هذه الآليات أو ضعف عملها للوصول بالقصيدة إلى غايتها مهما كانت تلك الغاية؟  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية الجزء الثالث ويتبعه الجزء الرابع من الملف



#منذر_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراقي 2من 5- الشعر: سعدي يوسف- مهدي محمد علي
- عراقي - 1من 5- المحتوى- المقدمة- نداء
- معادلة الاستبداد ونظرية الضحية - في الذكرى الثالثة عشر لوفاة ...
- محمود درويش : أيُّ يأسٍ وأيُّ أملٍ ممزوجين معاً في كأسٍِ واح ...
- عادل محمود لَم يخلق ليكون شاعراً !
- علي الجندي قمر يجلس قبالتك على المائدة
- أي نقدٍ هذا ؟
- بوعلي ياسين مضى وعلى كتفيه شال من شمس شباطية
- يوم واحد من حياة إيفان دنيسوفيتش- للروائي الرجعي عدو الحرية ...
- كتابٌ أكرهُهُ وكأنَّه كتابي
- دُموعُ الحَديد
- حجر في المياه الراكدة - مقابلة مع وكيل مؤسسي الفرع العاشر لل ...
- على صَيحة ... يَعقِدُ جمميعَ آمالِه - مقدمة لمختارات من شعر ...
- محمد سيدة ... هامش الهامش
- احتفاءً بحق الموت العربي
- رقابة في ملف مجلة الآداب عن الرقابة
- الحرب والشَّعب والسُّلطة والمعارضة في سوريا
- هل من المحتم أن يكون للعرب مستقبل ؟


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منذر مصري - عراقي 3من 5- المنفى والأرض والموت وقصيدة النثر العراقية