|
الطلسَم السابع 5
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 2351 - 2008 / 7 / 23 - 11:46
المحور:
الادب والفن
من مدوّنة مجهول / حينما جاءت الأخبارُ ، المهولة ، بسقوط " بغداد " ، ومن بعدها " حلب " و " دمشق " ؛ حينها حسب ، تذكّر إسماعيليو " مصياف " ما حلّ بقلعة دعوَتهم ، الكبرى ، " آلا موت " ، التي حلّقتْ أزلاً ـ كرخّ خرافيّ ، من الجبال المشرفة على بحر الخزر . آيسوا ، ولا غرو ، من مناعة حصن " الربّ " ، وقد سمعوا عن أسوار المدن الإسلامية ، الكبرى ، المتهاوية بفعل مجانيق أولئك البرابرة ، الآسيويين . حقّ لهم ، والحالة كذلك ، الجزع على أنفسهم ، ففروا وعائلاتهم وماشيتهم في كلّ شِعبٍ ومسلك خللَ جبلهم الحالق ، الصديق .
أشهر اخرى ، ولّت بين يأس ورجاء . إلى أن تسنى لأولئك المشرّدين ، البائسين ، تنفس الصعداء : الأخبار الأكثر جدّة ، حملت طيّها البشارة العظمى ؛ إنكسار المغول ، مرة ً واحدة ونهائية ، على أيدي مماليك بني " أيوب " ، المصريين . ولكنّ الفرحة ، الغامرة ، ما قدّر لها أن تعمرَ طويلاً . فرَغ " بيبَرس " ، القائد المرعب ، من إستئصال الوجود الإفرنجيّ ، في بلاد الساحل ، خاتماً إياه بما إستهلّ به وجوده ، قبل قرنين من الزمن ؛ بمذبحة عامّة في " أنطاكيَة " ، الحاضرة البيزنطيّة العريقة ، العتيقة . أرادَ الرجلُ تثبيت أمانته لنعت " الغازي " ؛ لتشبّهه بسلف أسياده ، الأوّل . فمرّ على موطن الإسماعيليين ـ كالطرف البرق ، مخلفاً فيه الخراب والأشلاء والسّواد ، وبشراسة فاقتْ ما كان يمكن ان يفعله المغولُ ، لو أنهم ملكوا البلاد .
*** أستبيحت بلدة " مصياف " في أحد أطول أيامها . تأكد للقائد المملوكيّ ، المُنتصر ، أنّ هذا الهرَم المُدمّى ، الذي صنعه رجاله ، هوَ جثثُ جميع القتلى والأسرى من ساكني البلدة ، فأمر أن تقام وليمة الغداء على الفور . إلى سماطٍ ، زاهٍ ، محتفٍ بالمأكول والمشروب والرياحين ، إقتعدَ جمعُ العقداء ، مستمتعين بالمشهد المؤثر ، لذاكَ الهرم الدمويّ . بُعيدَ المُفاكهة ، شاءت الحاشيَة أن تمتع العاهل بمفاجأة طريفة . ما لبث أن تقدّم رجلٌ في ثياب المهرّج ؛ كان في مطاعن العمر ، وعلى الرغم من حيويّة نظرة عينه الرماديّة ، الوحيدة . " من تكون ، يا هذا ؟ " ، سأل القائدُ المملوكيّ ذلكَ الأعور . ـ " يدعونني " كراكوزاً " ، يا مولاي " إرتاعت الحاشية من جرأة المهرّج ، وكيف إستبق بإسمه الحقير ، الغريب ، إسم ظلّ الله على الأرض . هذا الأخير ، من حسن الحظ ، يبدو أنه لم يتنبّه للأمر ؛ أو أنه كان بمزاج جيّد ، لا أكثر . ـ " علمتُ أنكَ من ساكني قلعة الزندقة ، تلك ؟ " ـ " صدقتَ يا سيّدي " ـ " حسنٌ ، وماذا كنتَ تعمل هناك ؟ " ـ " أنا إمامُ الجماعة ... " ـ " ها ؟! " ، ندّتْ بدهشةٍ عن القائد ، وسط ذهول ووجوم الآخرين من حوله . على أنه أتبعَ ذلك بهأهأةٍ مديدة ، صاخبة ، حينما تذكّر أنه أمامَ أحد المهرّجين ، المعابثين . ثمّ ما عتمَ المرحُ ، على الأثر ، أن عمّ الحاشية أيضاً . هكذا تابعوا عاهلهم ، المرعب ، الذي تناهتْ به شدّة الضحك حدّ إنقلابه على قفاه ، الفاره : كان " كراكوزُ " عندئذٍ يُمَثل قدّامَ الهرَم ، البشريّ ، عرضاً طريفاً للنكاح الربانيّ ، مُقلداً إمامَ الجماعة الهرطوقية ، الإسماعيلية .
[email protected]
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطلسَم السابع 4
-
زمن السّراب ، للشاعر الكردي هندرين
-
الطلسَم السابع 3
-
الطلسَم السابع 2
-
دمشق ، عاصمة للمقتلة الجماعية
-
الطلسَم السابع *
-
أسمهان : أيقونة وأسطورة 2 2
-
أسمهان : أيقونة وأسطورة
-
حَواريّو الحارَة 6
-
النصّ والسينما : بداية ونهاية لصلاح أبو سيف
-
حَواريّو الحارَة 5
-
حَواريّو الحارَة 4
-
حَواريّو الحارَة 3
-
حَواريّو الحارَة 2
-
النصّ والسينما : السمّان والخريف لحسام الدين مصطفى
-
حَواريّو الحارَة *
-
مَسْرىً آخر لمَغاورها
-
أقاليمٌ مُنجّمة 10
-
أقاليمٌ مُنجّمة 9
-
غربُ المَوت ، للشاعر الكردي دانا صوفي
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|