أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - البعث من الصراخ الي التسول















المزيد.....

البعث من الصراخ الي التسول


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد هزيمة يونيو سعت النظم العربية للملمة جراحها باستعاده بعضا من كرامتها المهدرة وشرفها المخترق بمعارك تعوضها مما ضاع من هيبتها. وظل العبئ الاكبر وهو استعاده الارض من الاحتلال الاسرائيلي كعمل لا يقدر عليه الا اولي العزم – وما اقلهم وندرتهم في بلاد العرب. فالحرب بدات باشاعة كاذبة عن حشود اسرائيلية علي حدود سوريا وانتهت بحشود فعلية من مصر علي حدود اسرائيل الغربية. فبدا المر كتوريطات دخلها من خانته غريزة الشم السياسي في معركه خاسرة رغم انهم من العسكر. فضاعت مساحات من الارض تفوق مساحة اسرائيل عده مرات . ضاعت سيناء بانعدام تام للمسؤولية لهذا حرص النظام في مصر علي استعادتها باسرع ما يمكن ولو علي حساب تلك الشعارات الكاذبة التي اطلقها كثيرا عن امه العرب ووحدتها التي لا يغلبها غلاب. وكانت معارك ما بعد 67 مباشرة كتدريب للتحرير وترميم من النظم لما تهدم من مصداقيتها.

وظلت الجولان حبيسة مرهونة عند اسرائيل لاكثر من اربعين عاما رغم انها اصغر بكثير من سيناء او الضفة الغربية. فكيف يمكن تفسير انتهاء الاحتلال لسيناء وأجزاء من الضفة وغزة بل ولبنان بعد أن ورطها عبد الناصر بينما ظلت الجولان علي حالها؟ فالاوراق التي في يد كل طرف فقد ارضه تختلف عما في يد الطرف الاخر. منبع الاختلاف يكمن في صدقية المعلن كاوهام او اضغاث احلام الا من رحمه ربه وادرك اكذوبه امه عربية واحده. مصر كانت اول من اخذ ارضه ولو بثمن باهظ. فلا يوجد في السياسة تخاريف العوده كما ولدته امه. اكاذيب عبد الناصر عن القومية و مشاريعها التوسعية ليست سوي كلام وخطب نارية وجعجعة علي طريقة ابو العربي عن ذلك الوهم المسمي بالوحده العربية. ادركت مصر بهزيمتها ان وحده البلاد المتحدثة بلغة الضاد ليست اكثر من اكذوبة وربما في حقيقتها شعارفيه غواية للجماهير من اجل بقاء النظام في السلطة الي ابد الدهر مثلما هو رائج من عقائد في بلاد المسلمين انتظارا ليوم القيامة. اما في سوريا فتلك اوراق اخري.


المشروع البعثي في بلاد الشام له جذوره التاريخية منذ زمن معاوية ابن ابي سفيان وتحت حكم العثمانيين المتأخر بالاستقلال او جعلها المركز وليس كملحق لمراكز اكثر تخلفا منها في قلب جزيرة العرب. كانت وحدتها دائما حلما لمن سيطر علي دمشق. وهو ذات الحال عندما استقل ابن طولون بمصر من بعدها محاولا الاستقلال بمصر عن اي دار خلافة سابقة باعتبار مصروحده سياسية وامنية مستقلة بذاتها منذ فجر التاريخ. مصر ظلت وحده جغرافية مستقلة امتدادها الطبيعي جنوبا في السودان حيث منابع النهر الذي قامت عليه حضارتها. فبلاد الشام او جزيرة العرب ليست بالنسبة لها سوي تخوم لتامينها في الداخل من الغزاه القادمين من الشرق. وتاريخ غزو مصر هو تاريخ انهيار واختراق بوابتها الشرقية. لهذا كانت الحملات المصرية اما للتاديب او الردع شرقا تامينا للحدود ومنعا للغزو. فليس هناك اذن مشروع مصري حقيقي ممتد في التاريخ يمكنه الادعاء بما يسمي الوحده مع الشرق. وهو ما يختلف جذريا مع مشروع الوحده العربية وهو ما ثبت في معالجتها الجاده لنتائج الخامس من يونيو 67.

عوده سيناء كافية لمصر اما عوده الجولان فلن يكون كافيا لبقاء مشروع سوريا الكبري حيا كما كان قبل الهزيمة الكبري. وربما هذا هو السبب الرئيسي الذي اجل استعاده الجولان حتي تحين الفرصة ليكون المشروع الوحدوي السوري قابل للحياه والتحقق مرة اخري. لكن الاحداث والمواقف علي مدي الاربعين عاما الماضية كانت محبطة لايديولوجيا دمشق باكثر مما هو صالح لاستعاده الجولان. هكذا وقفت الممانعة مؤخرا والصمود والتصدي قبلها كادوات انتظار لفرصة تحقيق كابوس الوحده العربية ولو علي حساب رهن الارض.

بلاد الشام في المشروع السوري تضم ايضا لبنان والاردن وفلسطين وريما جزءا من العراق. مجموع تلك البلاد كان ضمن اوراق التفاوض السورية المسكوت عنها بعكس مصر التي كانت اكثر عقلانية في رؤيتها لحال المنطقة بكونها اوطانا متعدده وليست كيانا واحدا او حتي مشروع كيان واحد مستقبلا. لهذا كان التفاوض علي الارض والامن كاف لانجاح المفاوضات المصرية الاسرائيلية لخلوها من اوهام العرب ولالتزامها بما هو حقيقي وواقعي.هكذا ظلت الجولان رهينة عند اسرائيل لصالح افكار البعث بالوحده. وبكلمات اخري كان الاحتلال الاسرائيلي وثيقة تامين لقيام الوحده العربية.

دق فك الارتباط بين الاردن والضفة الغربية في ثمانينات القرن الماضي اول مسمار في نعش الصمود السوري مما جعل التفتت العربي الي كيانات اكثر تعتبر سحبا من ارصده المفاوض السوري. وتحولت الحرب الاهلية اللبنانية كساحة لابتلاع لبنان خصما من المشروع السوري. فسياسة البعث في لبنان – واثناء الحرب الاهلية- ليست سوي جعل الاخيرة مجرد ارضا خراب تابعة لنظام دمشق بدون سياده استعدادا لالتهامها بوضع اليد. وظلت الامور تجري هلي هذا المنوال وبمباركة من اسرائيل وامريكا بل وبلاد عربية لها مآرب اسلامية مشبوهه مما اطال زمن احتلال الجولان وخلق رأيا عاما لبنانيا عن مدي الافساد القومي او الاصولي فيها.


ظلت لبنان عصية علي السوريين حتي ولو اصبحت تعج بمخيمات فلسطينية تهتف وتردد صدي شعارات الناصرية والبعث. واصبحت الولايات المتحده هي البوصلة أو الهاند بووك الذي تستقي منه المنطقة الاجابة علي السؤال " ما العمل" عند كل منعطف او ازمة. فامريكا شرط في كل شئ منذ ان رعت الاتفاق الاول لوقف اطلاق النار ثم زيارات كيسنجر انتهاءا بكامب ديفيد. ولان امريكا كدولة عظمي تتدخل عندما تكون هناك جدية في العمل فقد تركت سوريا لقدرها في بلاد الشام حتي ياتي الواقع علي الارض بامر كان مفعولا.

لم يخدم التفتت اللبناني الداخلي مشروع سوريا الكبري بل باعد بينها وبينه فاجهزت امريكا علي حلم دمشق في لبنان فاخرجت جيشها منه بامر لا يقل اهانة عن الامر الصادر الي صدام حسين وابنائه بمغادرة العراق. وكانت تلك الخسارة الثالثة في المشروع السوري ضمن اوراقه المؤجلة الي يوم التفاوض الاعظم. وبقي حلم دمشق المعلق علي الفلسطينيين باعتبارهم الورقة التي لا بديل عن القائها ابدا حتي انقلب الفلسطينيون علي انفسهم وتفتتوا بوازع سعودي وتآمر وهابي من اجل خلق امارة اسلمية كنواه للمشروع الاسلامي فتحولت القضية الي غزة والضفة. اما في العراق فحدث ولا حرج من خروج العروبة منه ما جعل الحدود الشرقية لسوريا عارية من اللحاف اليديولوجي القومي.


تلك اهم الاسباب التي ادت لما حدث من اقتراب سوري من ايران خاصة بعد أن علت اصوات الصراخ والوعيد من طهران كالتي عهدناها من النظام الناصري قبل حرب يونيو او من صدام طوال رعاية امريكا له في حربه ضد الفرس او من الفلسطينين بقياده عرفات. الضجيج الايراني كان طربا ونشوه سماعية علي الاذن البعثية في دمشق وصاغية له من قلعة العروبة المتبقية في غرفة الانعاش. لكن سرعان ما ادركت عاصمة الامويين انه ضجيج بلا طحن وان علاقات طهران بامريكا، خاصة بعد غزو العراق وسقوط صدام، هي اقوي وتخفي ما لا يتحمل اي طرف عربي سماعه. وظل العرب العاربة والعرب المستعربة يتلمسون حقيقة كل هذا الشد والجذب بين امريكا وايران. فهم لا يفقهون في السياسة بقد ما يفقهون جيدا في التآمر. من كان منهم يحمل اوراقا ثبوتية فقد سلمها للامريكان ومن لا يحمل بطاقة هويه او فاقد لهويته فقد ظل علي بابا البيت الابيض ينتظر بواقي العشاء ليقتات منه.

كل هذا يجري والجولان محتلة مما يعني ان فرصة استعادتها اصبحت شبه منعدمة في ظل المفاوضة باسم المشروع البعثي علي بلاد الشام. مؤخرا صرح الرئيس بشار الاسد في منتدي الاتحاد من اجل مشروع متوسطي بفكاهة غير مسبوقه إنه مستعد للتوسط لإيران حول ملفها النووي، موضحا في الوقت ذاته أن شن هجوم عسكري على طهران بسبب برنامجها النووي ستكون له عواقب خطيرة. متناسيا ان العرب تحالفوا مع امريكا لشن حرب علي العراق العربية مرتين. فالفرس بعد ان تشيعوا لم يهتموا بالجولان بقدر صراخهم علي القدس كمزايده لا اكثر لان العتبات المقدسة لديهم اهم بكثير من حائط المبكي او مربط البراق وكذلك الجولان. فما القيمة الاسمية


للورقة البعثية الفاقده لكل شئ حتي تساهم في التفاوض او تساعد الولايلات المتحده لتجاوز عقبة المفاوضات مع ايران. لكن الاكثر سخرية ان يصرح الاسد في الوقت نفسه انه يطلب مشاركة الولايات المتحده اضافة للاوروبيين في مفاوضاته علي الجولان بمساعده تركيا الجار الشمالي والراعي الرئيسي لما يجري في بلاد الشام. مما جعل الجانب الايراني علي لسان منوشهر متقي ان يعلن في اليوم التالي من العاصمة التركية مباشرة أجواء تفاؤل باستعداد الفرس لمشاركة امريكية مباشرة في مفاوضات التخصيب وفتح مكاتب رعاية للمصالح الامريكية في طهران وتشغيل خط طيران مباشر بين طهران والولايات المتحده.

وعملا بالحديث الشريف " إذا حيتم بتحية فحيوا باحسن منها او ردوها"، علي الفور ردت الفاضلة كوندليسا رايس بان سياسة امريكا قد تغيرت اتجاه طهران. هكذا دعا اعداء امريكا والامبريالية الكاو بوي بحصانه ليكون راعيا رئيسيا في مفاوضاتهم في كل قضايا عوده الارض. فماذا تبقي لفضلات نظام البعث من اوراق عربية ليساوم بها علي اي مشروع له؟ فلم يجد من بد سوي استعاده ارضه. فهل هناك سياسة او استراتيجية عربية ام انه ارتباك ثم ضياع ينتهي دائما بالتسول؟






#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسرائيل بين الدولة والاسطورة
- الأمة انجاز بشري وليست هبة من السماء
- إفلاس القمم بين عروبتها واسلامها
- معركة القبح والجمال
- حسن ومشعل وكوهين
- الاستشراق هدم وبناء لو كنتم تعلمون
- بين خداع اللغة وخداع الفكر
- كيف اصبح الجهاد قذارة؟
- هزيمة الارهاب
- ثقافة عربية ذات مضامين جاهلية
- بين عالم الأسوار والحواجز وعالم الاتصال والتواصل
- الحرملك زمن الفرنسيس
- الفتنة والسلطة في الإسلام
- بين بابا روما والعقل العربي
- حرب الرموز بين أبناء العم
- في البدء كانت العلمانية
- الديموقراطية والخيانة الزوجية
- النووي الإيراني ومساومة التاريخ
- الإسلام والعلم نقيضان لا يلتقيان
- تحطيم الأصنام وطمس العقول


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - البعث من الصراخ الي التسول