أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد الفخاري - ما الذي تسعى إليه محكمة الجنايات الدولية باتهامها للرئيس السوداني؟















المزيد.....

ما الذي تسعى إليه محكمة الجنايات الدولية باتهامها للرئيس السوداني؟


محمد الفخاري

الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 06:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تعتبر محكمة الجنايات الدولية من المؤسسات الدولية التي أخذت على عاتقها الحفاظ على السلم والأمن في العالم من خلال محاربة كل شكل من أشكال الديكتاتورية والعنف الممنهج ضد الشعوب التي تتعرض للإبادة أو التطهير العرقي. ولقد استطاعت بعد إصدار قانون روما المنظم لها في السابع عشر من يوليوز 1998 إيجاد أرضية لتأسيسها والمصادقة على قوانينها من طرف عدد كبير من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة التي دعت إلى تأسيسها. هكذا إذن أصبحت المحكمة ذات وجود فعلي تمارس عملها في مناخ من الحياد والاستقلالية منذ سنة 2002 حيث باشرت النظر في ملفات جنائية ذات أبعاد إثنية مثل جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي تماما كما حدث في البوسنة والهرسك ورواندا وسييرا ليون. ولقد شكل الرئيسين السابقين لصربيا و سيراليون سلوبودان ميلوسيفيتش وشارلز تايلور أول ضحايا القرارات القضائية الدولية التي وضعت مفهوما جديدا للمواطنة ألا وهي المواطنة الدولية.
وما زال العمل بالمحكمة الجنائية الدولية قائما حتى اليوم بالرغم من رفض العديد من الدول قرار الانضمام إليها حيث لم يصادق على القرار مؤخرا سوى مائة ستة دول تخلف عنها كل الدول العربية باستثناء الأردن كما برز غياب أول دولة تنادي بنشر قيم الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان واحترام الشرعية الدولية وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي يتواجد جنودهما في كل بقاع العالم ويعيثون في الأرض فسادا على كل الأصعدة من قتل ممنهج واغتصاب واختطاف وسجن وتعذيب بدون أن تطالهم يد هذه المحكمة.
ومما لا شك فيه أن قرارات هذه المحكمة تعتبر سارية المفعول على الدول الأعضاء فيها وغير الأعضاء بدليل أن قرار المدعي العام لويس أوكامبو، الرامي إلى إصدار مذكرة اعتقال في حق الرئيس السوداني عمر البشير المتهم بجرائم حرب وإبادة جماعية في دارفور، يطالب بمحاكمته على خلفية التهم المذكورة بناء على دلائل تورطه كقائد لمليشيات الجنجويد. ولقد استند المدعي العام لدى المحكمة في اتهامه للرئيس السوداني على ثلاث عناصر هي تباعا الاغتصاب والتخويف وقتل الأطفال والشيوخ. لكن هناك ثلاثة أسئلة تطرح نفسها بإلحاح: ما الداعي إلى فتح ملف دارفور على حساب ملفات أخرى أكثر خطورة؟ لماذا يتهم البشير في هذا الوقت بالذات وبعد مضي ما يقرب خمس سنوات على أزمة دارفور؟ ثم كيف لمؤسسة قضائية تعتمد القانون الدولي مرجعا لها في محاربة جرائم القتل والاختطاف خططت لاختطاف وزير الشؤون الإنسانية السوداني أحمد هارون بعد أن رفض الرئيس عمر البشير تسليمه هو وعلي كوشيب القيادي السابق في مليشيا قوات الدفاع الشعبي؟ يمكن تلخيص الإجابة في عناصر بسيطة لا تدع مجالا للشك حتى ولو ادعت المحكمة العكس. إن الصراع الدائر في دارفور لا يعدو كونه شماعة تحاول من خلاله محكمة الجنايات الدولية تغيير النظام في السودان من خلال القانون الدولي بعد فشل الدول الغربية في ذلك سياسيا. ثم إن اتفاق نيفاشا ساهم في الخروج من الأزمة بعد التوصل إلى صيغة تم بموجبها تقارب الآراء بخصوص شمال السودان وجنوبه. وإذا سلمنا من قبيل الطوباوية أن محكمة الجنايات تسعي فقط إلى محاسبة المتورطين في جرائم التطهير العرقي، أليس من الأولى أن تفتح ملفات دول تحتلها الولايات المتحدة أو تسود فيها مثل أفغانستان وباكستان والعراق والصومال التي شهدت أبشع جرائم ضد الإنسانية ومسلسلات القتل الجماعي والتعذيب في المعتقلات والتاريخ يشهد على فظاعة هذه الجرائم وقذارتها؟ أليس من العدل أن تحاسب إسرائيل على كل جرائمها الموثقة بالصوت والصورة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل؟ لماذا لا يستطيع المدعي العام لدى المحكمة أن ينبس ببنت شفة عندما يتعلق الأمر بمساءلة جندي أمريكي أو إسرائيلي فيما اقترفته يداهما فبالأحرى الرئيس الأمريكي أو رئيس وزراء إسرائيل؟ إذا كانت المحكمة تسعى لما تدعيه من إحقاق العدل ومحاسبة الجناة فحري بها أن تتوخى الحياد والموضوعية في تعاملها مع كل القضايا لأن لا أحد فوق القانون سواء كان جنديا أو رئيس دولة وإلا فسوف تصبح هيبة القانون الدولي في الحضيض ولن تعترف بعد ذلك أي أمة من الأمم بقرارات المحكمة أو تحترم القانون الدولي في صراعاتها.
بما أن محكمة الجنايات الدولية لا تعترف بمفهوم الحصانة عند رؤساء دول العالم الثالث لكنها تقبل به بل وتخضع له في الدول الغربية فإن الواقع يدل على عجز هذه المحكمة في تأدية الدور المنوط بها كما أن ازدواجية المعايير تبقى هي الغالبة على قراراتها وذلك راجع لعدة عوامل أهمها تواجد هذه المحكمة في أوروبا واستمراريتها تعتمد أساسا على الميزانية المخصصة لها من طرف منظمة الأمم المتحدة الراعية لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي تساهم بدورها بنصيب أكبر في هذه الميزانية، إضافة إلى أن تعيين موظفي هذه المحكمة من قضاة ومحامين ومدعين عامين خاضع لمعايير تختارها تشريعات الدول المحتضنة للمحكمة. إذن كيف لها أن تحاسب من يحتضنها ويضمن وجودها؟ من جهة أخرى، أضحت المحكمة سيفا مسلطا على رقاب الحكام العرب الذين لا يتعاونون مع الدول الغربية ويتبنون كل التوجهات الصادرة عنها إذ أن الغرض من توقيف الرئيس السوداني ليس تحقيق للعدالة بقدر ما هو سعي إلى تهديد الحكام العرب بطريقة غير مباشرة عن طريق إعطاء العبرة لكل من تسول له نفسه معارضة الأحكام والقرارات الدولية التي تصب في الغالب لصالح الدول الغربية كما أنهم يعلمون تمام المعرفة أن المحكمة تتوفر على ملفات سرية تستطيع تطويق أعناقهم من خلالها.
هي إذن قوانين وتشريعات القوي على حساب الضعيف، وأحد مظاهر الاستبداد والإمبريالية الجديدة التي تميز قانون الغاب في جوره وتسلطه على الشعوب والأمم الضعيفة. هي سياسة الكيل بمكيالين، فعندما تنخرط الدول الضعيفة في مخططات الدول القوية وتنفذ ما تمليه عليها باسم الشرعية الدولية حتى لو كان على حساب شعوبها فإنها تنال الرضا الدولي ويتم بذلك إبعادها عن كل الشبهات بل مدحها ووصفها بالمعتدلة والديمقراطية ولكن إذا حدث العكس فإن هذه الدول تصنف في خانة الشر والدول الراعية للإرهاب إلى ما دون ذلك من التهم المعدة سلفا والجاهزة للاستعمال وكأنها ألبسة مصممة على مقاس كل دولة على حدة باختلاف توجهاتها السياسية والإيديولوجية والثقافية حتى أصبح التطرف معطفا لصيقا بالدول التي ترفض الانصياع لرغبات ونزوات الدول الغربية التي لا تفكر إلا في مصالحها حتى لو اقتضى الأمر الدوس على كرامة الأمم الأخرى أو إبادتها أو تدميرها كما حدث في العراق الذي وعد بإرجاعه إلى العصور الوسطى وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد وهو ما تأتى له بالفعل منذ غزت الولايات المتحدة الأمريكية العراق حيث حولته إلى ساحة للطائفية والصراع الداخلي ومسرحا لأبشع صور القتل والدمار لم يشهد التاريخ مثيلا لها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. هكذا أتت أمريكا على الأخضر واليابس في العراق وأبادت شعبا بأكمله ولا من حسيب ولا رقيب ولا حتى من يواجهها بجرائمها ليس فقط في العراق بل في كل بقعة من العالم. في ظل كل ذلك، أين هو دور محكمة الجنايات الدولية في محاسبة أمريكا ممثلة في بوش الذي وصفته رئيسة مجلس نوابه بالفاشل والمتهور؟ أين دورها على الأقل في وقف آلة القتل الأمريكية والإسرائيلية التي تحصد كل يوم أرواح النساء والأطفال والشيوخ؟
يكفي أن محكمة الجنايات الدولية عاجزة أمام قوة هاتين الدولتين اللتان لم تصادقا على قرار إنشائها، لأنهما تعرفان أنها قد تشكل خطرا على مصالحهما حيث أنهما تطبقان قوانينهما وقراراتهما على العالم وتفرضان نفسيهما وصيتين عليه في كل ما يتعلق بالقضايا السياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية. إذن ما الجدوى من هذه المحكمة ما دامت لا تستطيع معاقبة الظالم ونصرة المظلوم في ظل الغياب الملحوظ للعدل والعدالة كهدفين أسميين تسعى إلى تحقيقهما؟




#محمد_الفخاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المأزق الإسرائيلي
- ترانيم كونية
- من أكون؟
- إلى كيوبيد
- مطر في طنجة
- سايكس بيكو 2007
- درس في الحب
- هل يهاجم العلمانيون الحقيقيون الإسلام؟
- السباق نحو التسلح...إلى أين؟
- فن الشعر
- فراشات التمرد
- تقرير لجنة تقصي الحقائق...وماذا بعد؟
- طوق النجاة
- إلى عنيدة
- ما قبل وما بعد الدمار
- الراقد على الصليب
- هكذا تكلم أبي
- تقاسيم على آلة الحب
- العاشقان
- متى ينقشع الليل؟


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد الفخاري - ما الذي تسعى إليه محكمة الجنايات الدولية باتهامها للرئيس السوداني؟