أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شاكر النابلسي - الإرهاب: طبولٌ فارغةٌ تُقرع للضجيج والإثارة















المزيد.....

الإرهاب: طبولٌ فارغةٌ تُقرع للضجيج والإثارة


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2349 - 2008 / 7 / 21 - 10:38
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


-1-
عنوان هذا المقال يصلح لأن يكون عنواناً لمبحث طويل يضمه كتاب سميك ودسم. ورغم ذلك، فإن هذا العنوان المهم ليس جديداً، ولم يُهمل من قبل الباحثين في مسائل الإرهاب في الشرق والغرب. بل إن شخصية الإرهابي نالت من التحليل والتمثيل، أكثر مما نالته شخصيات عظيمة ومؤثرة في التاريخ البشري. وهذا يعود ليس إلى كون مصطلح الإرهاب مصطلحاً جديداً. فالمصطلح غير جديد. والإرهاب وُجد منذ أن وُجدت البشرية على هذا الكوكب، ولكنه يعود إلى أن مفهوم ومظاهر الإرهاب الحديث احتل مساحة واسعة من الفكر الديني والسياسي والاجتماعي البشري. وهذا الاحتلال أدى إلى انشغال رجال الدين والعلماء والخبراء ورجال السياسة والثقافة وغيرهم إلى إعادة النظر في موضوع الإرهاب، الذي أخذ لا يهدد دولة بعينها، ولا نظاماً سياسياً بعينه، وإنما يهدد البشرية ككل، وحضارتها القائمة الآن (الجاهلية كما وصفها سيّد ومحمد قطب)، وغير المرضي عنها، وخاصة من قبل رجال الدين المتشددين في كافة أرجاء العالم العربي والإسلامي، وخاصة باكستان، وأفغانستان، وإيران.

-2-

وعندما نقول جمهور الفكر الإرهابي، فإننا لا نعني فقط المصفقين والمرحبين والمهنئين بالعمليات الانتحارية (ومنهم من أقام "أعراس الدم"، ووزع الحلوى والعصيرات، وأطلق الزغاريد، كما حصل في مدينة "السلط" الأردنية، عندما قُتل الانتحاري رائد البنا، في مدينة "الحلّة" العراقية، في 2005) وإنما نعني بذلك، كل الماكينة الإرهابية، التي تضم قادة العمليات الإرهابية، وراسمي خططها وواضعي أجندتها، وكتَّاب النصوص والخطابات الإرهابية، من بعض رجال الدين المتشددين، وقراء النصوص الإرهابية، ومنفذي التعاليم والنصوص الإرهابية على أرض الواقع، الذين يتحول معظمهم إلى مجرد انتحاريين مجانيين، لا يعرفون ما هو الانتحار، ولماذا ينتحرون، ومن أجل من ينتحرون. وربما تكون فكرة الانتحار عند بعضهم ملحة ومقنعة، حتى قبل أن يلتقوا بمن يُيسر لهم طريق الانتحار، ويدلهم على مفاتيحه. وكل هؤلاء، لا يمثلون في العالم العربي أكثر من واحد أو اثنين بالمائة. ولكن الإعلام ومفرقعاته اليومية، والجرائم التي يرتكبها هؤلاء الإرهابيون، تفعل لهم كل هذا الضجيج الإعلامي في الشرق والغرب. ولا ضجيج إعلامياً للإرهاب بدون هذه الأحداث الصاعقة والمُتعمدة. فحادثة تفجير أو قتل واحدة ، كافية لأن تطوف العالم إعلامياً، وبصوت صاعق وضجيج هائل.

إن محاربة الإرهاب لا تكفي بالقضاء على منفذي العمليات الإرهابية، ولكن الأهم فضح الفكر الذي يشكل هؤلاء الإرهابيين ومحاولة إثبات زيفه. فحشرة الناموس يمكن محاربتها بالبخاخ القاتل المبيد. ولكن ما دامت هذه المجاري الطافحة موجودة ومكشوفة وغير مُعالَجة، فسنجد أن الناموس يختفي يوماً أو يومين، ليخرج لنا في اليوم التالي بأعداد كبيرة.

-3-

اختتمت في مدينة لوكانو - الكانتون الايطالي من سويسرا- قبل أيام، فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان "المتنبي الشعري العالمي" الذي يقيمه سنوياً، ومنذ مطلع الألفية الثالثة "المركز الثقافي العربي السويسري" في خمس مدن سويسرية مختلفة، وبلغات رسمية أربع هي، العربية، والألمانية، والفرنسية، والايطالية، إضافة إلى لغات أخرى تبعاً للمشاركين في كل دورة.

وفي فعاليات هذا العام، قدم "مهرجان المتنبي العالمي"، مسرحية يعالج موضوعها ظاهرة الإرهاب، بعنوان "الانتحاري"، من إخراج المخرج السويسري بيتر براشلر، وموسيقى ماتياس براند السويسري ورضا شريفنجاد الإيراني، وإنتاج مسرح مارالام، وتمثيل الممثل الفلسطيني خليل مسمح، والممثل المقدوني داج رستمي. ويركِّز عرض "الانتحاري" على أن الإرهاب ليس عملاً عبثياً، بقدر ما هو عمل منظَّم ودقيق. ومن هنا، تأتي صعوبة رجال الأمن في الكشف عنه وملاحقته. كما يركز هذا العرض على تعريف الإرهابي، وكيفية فهم نفسيته، من خلال الصراع بين الأضداد، كالموت والحياة، والحب والكراهية، والحقيقة والخيال.. الخ. وتأتي أهمية هذه المسرحية، من خلال التعرف على الثدي الثقافي الديني، الذي رضع منه الإرهابي، وعلاقته بالآخر وكرهه الشديد للحياة، وطلبه المستعجل والسعيد للموت. وبذا، نستطيع أن نصف الإرهابيين بأنهم انتحاريون، عدميون Nihilists فوضويون، ولكن بدون فلسفة العدمية وعلمها. وهم بالتالي، يطلبون الموت من أجل الموت. فالموت، هو الحقيقة الموضوعية الوحيدة الموجودة وجوباً، في طبيعة العقلية الإرهابية. وهذا ما نجح النص المسرحي – الانتحاري - في سبر أغواره. فالإرهابيون في منطقة الشرق الأوسط، لا يملكون من القوة والسلطة والفكر، ما يؤهلهم لأن يستولوا على السلطة، أو يغيروا السلطة، أو يحكموا بلداً حكماً رشيداً، أو يجبروا احتلالاً على الانسحاب، أو يقهروا عدواً لهم. فهم غير مؤهلين للقيام بأي عمل بنّاء وجاد. إضافة لذلك، فإن أفكارهم وخطابهم السياسي والديني والاجتماعي – وهذا أخطر ما في الموضوع – مضاد للخطاب العربي والإسلامي المعتدل، الذي يُعتبر هو الغالبية في العالم العربي. زيادة على ذلك، فإن موقف المجتمع العالمي والرأي العام العالمي من الإرهابيين، يكاد يكون موقفاً رافضاً ومضاداً واحداً. فهم - على سبيل المثال - يريدون إقامة دولة دينية، في كل بلد يسيطرون عليه، كما هو حال حماس في غزة، وكما هو حال النظام الخميني في إيران. فلننظر إلى ما آل إليه مصير حماس، والخمينية الإيرانية. والعالم الآن لم يعد يقبل بالمتطرفين فكراً وواقعاً. والرأي العام العالمي وصُنّاع القرار في العالم أصبحوا يحبذون ويميلون إلى الوسط؛ أي إما يمين الوسط، أو يسار الوسط. فالوسطية كانت دعوة دينية قديمة قبل أن تكون دعوة سياسية حديثة.

إنني اقترح على المسئولين الأمنيين في العالم العربي، نشر هذه المسرحية المهمة – الانتحاري – على الجمهور العربي، ومحاولة بثها في التلفزيونات العربية عدة مرات. فلا عامل مؤثر في محاربة الإرهاب قدر الفن، والفن المسرحي الراقي خاصة.

-4-

إن مختلف من تناول إشكالية الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، لاحظ بشكل واضح، أن جمهور الإرهاب، سواء كانوا من القادة أم من العناصر جمهوراً محدود المعرفة، وضيق الأفق والفضاء، لم ينظر إلى العالم بعدسة واسعة بقدر ما نظر إليه بعدسة ضيقة، وأن هدفه دائماً هو المستحيل.

صحيح، أن من بين قادة الجماعات الإرهابية، من هم من الأطباء والمهندسين، ولكن ليس منهم من المفكرين أو أصحاب الرأي السديد المشهود له، أو من يحمل درجة دينية علمية. وظهور بعض المتعلمين المتخصصين في صفوف قيادات التنظيمـات الإرهابيـة (الطبيب المصري أيمن الظواهري، والطبيب الأردني محمد العشا، الذي احتُجز في لندن، بشبهة القيام بأعمال إرهابية مثالاً) هو الاستثناء وليس القاعدة. ولقد فسّر كثير من المتخصصين الشرقيين والغربيين دوافع الإرهاب تفسيرات نفسية وسياسية واجتماعية ودينية واقتصادية مختلفة. وساق كل فريق حججه في هذا الموضوع. ولكن يظل الباحث الفرنسي أوليفيه روا، المتخصص في شؤون الإسلام السياسي من أهم من استطاعوا تفسير دوافع الإرهاب تفسيراً علمياً وتاريخياً. فهو يؤكد في كتابه " تجربة الإسلام السياسي"، بأن الإرهاب "سعي انتحاري لفضيلة مستحيلة". ويقول روا، إنه من المستهجن أن يردَّ الفكر الغربي الإرهاب إلى "الحشاشين" الإسماعيليين في القرن السابع عشر، دون أن ينتبهوا إلى تواصل هذا الإرهاب مع التقليد الإرهابي الغربي، الذي يرقى إلى الفوضويين والشعبويين الروس، كما ذكرنا قبل قليل.








#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العفيف الأخضر المفكر العقلاني المتغيّر
- رسالة أمريكية واضحة للشعب العراقي
- هزيمة الإرهاب وانتصار حرية الشعب العراقي
- العراق بين المطرقة الإيرانية والسندان الأمريكي
- لماذا كل هذا الفزع من الاتفاقية الأمريكية - العراقية؟
- أوباما الصهيوني: مسؤولية مَنْ؟
- ذكرى هزيمة لم نتعلم منها شيئاً
- ما هو الدور الأمريكي المطلوب في الشرق الأوسط؟
- لبنان أكثر حاجة من سوريا إلى السلام مع إسرائيل
- -المهدي المنتظر- و-الهلوسات- الإيرانية
- كيف حكم حزب الله لبنان في -أسبوع الاجتياح-؟
- الخاسرون والرابحون في الشرق الأوسط
- ما الجديد في حريق لبنان؟
- ما هي أسباب انتشار الإيديولوجيات الدينية المتطرفة؟
- الديمقراطية العربية بين الوهم والحقيقة
- نجود وعائشة: فعلٌ واحدٌ وردُ فعل مختلف
- هل سيقود الغلاء إلى حرب عالمية ضد الأغنياء ؟
- ما هي عوائق السلام في الشرق الأوسط؟
- الإعلام العراقي بين مطرقة الطائفية وسندان الإرهاب
- الهولوكوست الكُردي وأزمة الضمير


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شاكر النابلسي - الإرهاب: طبولٌ فارغةٌ تُقرع للضجيج والإثارة