أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانيه عقلة حداد - -سكر بنات-... هواجس نسائية بأسلوب رقيق














المزيد.....

-سكر بنات-... هواجس نسائية بأسلوب رقيق


رانيه عقلة حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 08:15
المحور: الادب والفن
    


سكر بنات او كراميل ثيمة مرتبطة بعالم النساء الخاص، ومنذ البداية الاولى للفيلم اللبناني "سكر بنات" انتاج 2007، اخراج نادين لبكي، يتم التمهيد الى عوالم نسائية داخلية على وشك الاكتشاف، من خلال حركة الكاميرا المتدفقة نحو مساحات الكراميل - العنصر الخاص بالنساء وحدهن- فيظهر الكراميل كما لو انه بحر يكتنفه الغموض... ويغري على الغوص فيه واكتشافه.
هالة المكان
تدور احداث فيلم "سكر بنات" في صالون نسائي اسمه سيبال، وهذا يذكر بالفيلم الفرنسي "صالون فينوس" اخراج (توني مارشيل) انتاج (1999)، الذي تدور احداثه في صالون نسائي ايضا اسمه فينوس، ويتناول الحب والعوالم الداخلية لعدة نساء بعضهن يعمل في الصالون والبعض الاخر يترددن عليه كما هو الحال في فيلم "سكر بنات"، وان كان هناك تشابه في الفكرة والقالب... الا ان كل فيلم يختلف عن الاخر باحداثه، كما ان شخصيات كل منهما تحمل خصوصية البيئة التي تعيش فيها.
الحمامات العامة او الصالونات النسائية اماكن لها خصوصيتها فهي مقتصرة على النساء، ومرتبطة بجسد المرأة وشكلها الخارجي، لذا كانت مغرية لعدد من الافلام كي تكون مسوغا يمكن من خلاله الدخول الى عالم النساء، من ثم التعرف على حياتهن الخاصة... فتلك الاماكن بما يكتنفها من سرية تبدو كصناديق مغلقة لا يستطيع الرجال النظر الى ما في داخلها، وكذلك بما تحتضن من شخصيات متنوعة وغنية بعوالمها الداخلية تداعب فضول المرء وتغريه باكتشافها سواء أكانت شخصيات عاملة فيها او ترتاد عليها.
في "سكر بنات" كما لو ان يد فضولية وضعت عدسة المكبر على هذا الصالون، فتمكنت لا من رؤية النساء بداخله وحسب انما كذلك عالم كل منهن الخاص مكبرا للحد الذي يمكنا كمشاهدين ملامسة اعماقهن، ولان لاعماقهن الاولوية لذلك لم يكن ظهور الرجال بالجسد في الفيلم مهما – باستثناء الشرطي وخطيب نسرين- فهم حاضرون بشكل او باخر، فكل الاشياء توحي وتذكر بوجودهم وبانهم السبب الذي يقف خلفها.

في انتظار الحب
"سكر بنات" يقدم ست شخصيات نسائية منها؛ روز (سهام حداد) وليلي (عزيزة سمعان) اختان تجاوزتا الستين من العمر، كل منهما في انتظار الحب على طريقتها، وعندما يأتي الحب ولو متأخرا كما حدث مع روز الخياطة حين احضر رجل كهل بدلته لتجري عليها تعديلات، تشرق للحظات عندما يدعوها للقاء وتتذكر جسدها المنسي تنفض عنه الغبار فتصبغ شعرها وتضع الزينة لكن في اللحظة الاخيرة الموروث المختزن في لا شعورها يمنعها من الذهاب الى الموعد، فتنطفئ من جديد وتزيل مكياجها بمزيج الدموع.
اما ليلي... فهي كما لو انها امرأة هاربة من احدى اغنيات فيروز، وان بدت امرأة خرفة انما هي كما تغني فيروز" عندها حنين ما بتعرف لمين"... واذا كانت امرأة فيروز (صارلها شي ميت سنة عم تكتب مكاتيب مش معروفة لمين وبتوديلن اخبار)، فإن ليلي في انتظار مكاتيب مش معروفة من مين، فدأبها ان تجمع اوراق من الشارع في كيس كل يوم على انها رسائل من حبيبها الذي طال انتظاره، وهذه من الصور الجميلة عن ثنائية الحب والانتظار.

زمن هارب... رغبات مكبوتة
ليال (نادين لبكي)، نسرين (ياسمين المصري)، ريما (جوانا مكرزل)، وجمال (جيزال عواد)، اربع نساء تعملن في الصالون النسائي، جمال تحاول القبض على الزمن الهارب بعد ان تجاوزت سن الخصوبة، رغم ان لديها ولدين من طليقها، لكنها تحاول بشتى الطرق ان تظهر لمن حولها انها لازالت صغيرة، فتحرص على ان لا تدع للزمن فرصة ان يترك على وجهها ما يدل هلى انه كان هنا ومضى من خلال زينتها ولباسها ومكياجها، كما ان زجاجة الصبغة الحمراء التي تحملها في الحقيبة، احدى اهم ادواتها للتحايل على الزمن، فبضع نقاط منه على تنورتها من الخلف، او على الورق الخاص بالحمام كفيل بان يوهم الاخرين انها انها لا زالت في سن الخصوبة... انها لا زالت صغيرة.
ليال ونسرين وريما صبايا في اعمار متقاربة، كل منهن تحمل في داخلها رغبة ... معاناة وهاجس ما، ريما لديها ميول جنسية مثلية، ليال تحب رجل متزوج سرا، نسرين تواجه مشكلة اخفاء فقدان العذرية على خطيبها المحافظ قبيل الزواج، فتلجأ الى التحايل والكذب ايضا على خطيبها ومن خلفه المجتمع الذي يدين الفتاة غير البكر ... فتقرر ان تجري عملية لاعادة الغشاء.
"سكر بنات" من تلك الافلام التي لا تختار الغوص عميقا في اسباب مشاكل المرأة، او التحفيز على التغيير، انما تعرض بهدوء الواقع؛ هموم وهواجس النساء المتباينة دون ان اتخاذ موقف اخلاقي واضح معها او ضدها، لكن بالتلميح من خلال التهكم الذي يلقي بظلاله في بعض المشاهد والمواقف؛ كاسم عنتر الذي يحمله الرجل خطيب نسرين المناقض لحاله وهو مضروب في قسم الشرطة، او عندما تقترح جمال على نسرين ان تستخدم دم الزغلول ليلة الدخلة لتغطي عدم العذرية، والحديث الذي يدور بينهن عند مرافقة نسرين في عملية الرتق...
وان كان "سكر بنات" لا يقدم شيئا جديدا شكلا ومضمونا عن المرأة العربية واقعها، قمعها، ورغباتها المكبوتة... لا يقدمها من منظار ورؤية جديدة لكن تميز الفيلم يكمن في قول ما قد قيل سابقا باسلوب رقيق وعذب وجذاب، كان لتوظيف لون الصورة الدافئ، والموسيقى في ايقاعها الهادئ التأملي، دورا كبيرا في النجاح بتقريب المشاهد من العالم الداخلي الخاص بكل شخصية، وكأن بلون الصورة الدافئ يقدم اعماقهن العذبة وقلوبهن الدافئة العامرة بالحب المؤجل، واما الموسيقى الوترية كأنها تعزف اوتار ارواحهن، ولا يقل الاداء المتميز والعفوي لجميع الممثلات اهمية عن هذه العناصر، رغم عدم الخبرة السابقة في التمثيل – باستثناء نادين لبكي- وكذلك الاهتمام بتفاصيل بعض الشخصيات، وايقاع المونتاج الهادئ، والصور التي فيها من الايحاء اكثر من البوح الصريح، وجميع هذا الذي - يؤشر الى تمكن المخرجة من ادواتها- جعل للفيلم جاذبيته وحضوره الجماهيري ليس عربيا وحسب وانما عالميا ايضا.

*كاتبة في الصحافة السينمائية -الاردن
[email protected]





#رانيه_عقلة_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -تانغو ... انت لا تغادرني ابدا-
- نادي شومان السينمائي
- ما زال هناك ما يمكن فعله ... في الذكرى الستين للنكبة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانيه عقلة حداد - -سكر بنات-... هواجس نسائية بأسلوب رقيق