أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نذير الماجد - لا تحجبوا أكسجين الوعي!















المزيد.....

لا تحجبوا أكسجين الوعي!


نذير الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 2347 - 2008 / 7 / 19 - 10:52
المحور: الصحافة والاعلام
    


لا شيء أشد مرارة عند المتصفح لشبكة الإنترنت من أن يجد الموقع المفضل لديه موصدا بأقفال الحجب، وأسوأ ما يعترضه في تجواله على هذه الشبكة المثقوبة والمرقعة بفعل مقصات الرقيب هي عبارة "عفوا الموقع المطلوب غير متاح". إنها الرقابة وسياسة الحجب التي عُرفت بها دولنا العربية فاحتلت الصدارة بين الدول المعروفة بمعاداتها لحرية التعبير، وهذا ليس مستغربا لأن السلطة في قاموسنا نحن العرب تستدعي القمع تلقائيا، حتى باتت لغتنا المحببة هي الصمت، لكن بوسع هذا القمع وتوابعه أن يقدم أجل الخدمات للفكر، ليس لأن الممنوع مرغوب بل لأن ارتفاع جدر المنع والرقابة وتلويث هواء الحرية بميكروبات التجهيل وسموم التلقين كفيل بأن يجعل المحاصر أكثر عناد وإصرار على معانقة الهواء الطلق واستنشاق نسيم الحرية!

لقد تواصل مسلسل الحجب رغم إقبال الإنسان العربي بشغف على هذه التقنية الحديثة التي تمثل له مصدرا نزيها للمعلومة والخبر وتعوضه عن حالة النقص التي تعتري وسائل الاتصال التقليدية التابعة للدولة، دول الخليج عموما ومنذ العام 1999م حين وفرت لأول مرة خدمة الإنترنت لمواطنيها لم تشهد تحسنا ملحوظا للحد من سياسة الرقابة والحجب، وإن كانت متفاوتة فيما بينها إلا أن المقص هو ذاته والمنتصر للحرية ينتصر لها في كل مكان، غير أن الصورة تكاد تكون أشد قتامة في السعودية، فبحسب تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" تحتل السعودية المرتبة الثامنة ضمن اللائحة السوداء، وهي اللائحة التي تضم أشد الدول عداوة لشبكة الإنترنت، ولأنها في عداد هذه اللائحة فهذا يعني وبكل بساطة أنها ليست على وفاق مع حرية الرأي! في هذا الجو الخانق والمعتم ولدت شبكة راصد الإخبارية كضوء يخترق العتمة والحصار وهي التي لم تسلم من الملاحقة والحجب منذ انطلاقتها في العام 2002م.

المصداقية العالية والنزاهة في متابعة ونقل الخبر والمواكبة المستمرة للمتغيرات أولا بأول والحرص الشديد على إنتاج الوعي وتثقيف المتلقي وتحفيزه على القراءة النقدية للواقع ، كل هذه الأمور شكلت عوامل كانت على الأرجح وراء هذا الطوق من الحصار المفروض على الموقع، هذه السمات استثارت "زبانية الإنترنت" فأحكموا الحصار وسعوا جاهدين لإفشال أي خطوة يائسة لاختراقه، فكلما عثر المتلقي على منفذ أو قناة للشبكة سارع هؤلاء الزبانية إلى حجبه بغطاء فولاذي صلب مختوم بعبارة "الموقع محجوب"!!

أما آن أن ترحمونا أيها السادة؟! فراصد بالنسبة لنا هو المتنفس الذي نتنشق منه أكسجين الحرية بعدما أعيانا الاختناق. إنها تبدو لنا تجربة يتيمة لم تتأصل بعد بين محيط متلاطم من القمع وتعطيل القابلية الإنسانية على التفكير، وكلامي هذا ليس ضربا من التمجيد أو التبجيل، فراصد لا تحتاج إلى شهادة مني أو من غيري، لأنها –وأظنكم تتفقون معي- ليست حكرا على توجه أو تيار دون آخر، بل تقف على مسافة واحدة من الجميع، وتفتح ذراعيها لكل الأطراف وتتحرى مصداقية الخبر بمهنية عالية وروح منفتحة على كل المشارب والاتجاهات على مستوى الوطن كله، حتى يكاد لا يوجد توجه أو تيار أو حتى فكرة متمردة إلا ولها صدى وترحيب في راصد، حتى "المشاغبين" في أطروحاتهم والمغضوب عليهم لمعاكستهم التيار وعزفهم خارج السرب بات لهم موقع ومكان لافت على صفحاتها، لهذا أجد أن أهم ميزة من مزايا هذه الشبكة هو توفيرها لمناخ من الحريات لم نعتده من قبل، فكان جديدا بكل المقاييس.

ولو قمنا بتصنيف المقالات التي تنشر على صفحاتها تبعا لتوجهاتها الفكرية المتنوعة التي تشكل فسيفساء مجتمعنا لوجدنا الكفاءة العالية في التماهي مع التنوع الفكري والسياسي، فحضور الإسلاميين بتياراتهم المتعددة يوازيه حضور لافت للتوجهات اللييرالية والإصلاحية التي أخذت تتبلور وتعلن عن نفسها كظاهرة حديثة في وسط يتسم بالنزعة المحافظة، ولعل شبكة راصد كانت الأسبق في إبراز ودفع هذه الظاهرة لتصبح أمرا واقعا ضمن سجال وحراك فكري يدفع بعجلة المجتمع إلى الأمام، لكن هذا لم يحدث دون موجة اعتراضات وتذمر. وهكذا كانت راصد محل إعجاب وتذمر في نفس الوقت، وأحسب أن الساخطين الذين يصوبون عليها سهام حنقهم ويرشقونها باتهامات رخيصة كالانحياز أو إثارة الضوضاء والصخب والفتنة لم يعجبهم النهج الوسطي والمعتدل الذي التزمت به راصد، فحسب تصورهم، لا يجوز بأي حال تحريك المياه الراكدة أو إثارة الضجيج رفقا بالكسالى ورعاية لحالة الشخير العام، أما في حالة توفير ولو جرعة من الحرية لصعاليك الارتداد فإنها ستصبح هي الفتنة بعينها وجميعكم يعرف بأن الفتنة أشد من القتل! فلتتضافر الجهود الخيرة إذاً مع جهود خفافيش الحجب لتحقيق هدف مشترك هو تنظيف الشبكة من كل المواقع المخلة بالسكينة!

لكن المفارقة الجميلة أن مثل هؤلاء المتذمرين أنفسهم هم الأكثر متابعةً للشبكة، فلم يخب حضورهم قط، يكتبون المقالات ويناقشونها ومع هذا نجدهم لا يتورعون عن مهاجمة راصد واتهامها بالانحياز وتسويق الفتنة! وأيا يكن فهذه المزاعم والتي تحوم حول ثقافة محنطة تنزع لشنق الكلمة وتحنيطها وتكبيل حرية الرأي ونفي كل ما هو مختلف ومغاير إلى سلة المهملات، لا يمكن –كما أعتقد وأطمح- أن تغير شيئا من سياسة الشبكة التي اقترن اسمها بالتنوع و تقبل الاختلاف. لهذا ينتابني ذعر وخوف شديد كلما وجدت مقالا أو تعقيبا هنا أو هناك يعاتب الشبكة على خطابها المنفتح على جميع التيارات، فرغم إدراكنا بتمسكها بخطابها الحيادي إلا أن ما يؤرق كل محتاج للحرية كاحتياجه للهواء هو فيما إذا كانت راصد ستصمد كثيرا أمام قوى الضغط هذه أم أنها ستنساق وتخضع في نهاية المطاف لهذه الأصوات المجفلة من الحرية والناقمة منها؟! وبالتالي تصبح شبيهة بعشرات المواقع المملة المنتشرة على صفحات الإنترنت والتي تحظى بعناية الرقابة بشقيها الشعبي والرسمي!

مشكلة راصد أنها محايدة –أو تحاول على الأقل- و الحياد هو الشيء الذي إذا توفر تكاثرت معه حجارة الرفض والاعتراض، فلا يمكن أن تلتزم الحياد وفي نفس الوقت تكسب الجميع!! إذ كلما ارتقت درجة في الحياد كلما زادت نسبة التذمر! فأن تكون محايدا لا يعني أن يرضى عنك الجميع بل أن تتقبل الجميع، ولأن الحياد المطلق كذب مطلق كما يقال فإني لا أدعي ولا حتى راصد تدعي أنها تلتزم الحياد مطلقا بل أحيانا تستدعي الظروف الانحياز خاصة في القضايا الحقوقية والتحديث والإصلاح وما أشبه، فهنا لا يمكن لها إلا أن تنحاز..

لكن في اعتقادي أن التحدي الأكبر يكمن في كسر الرتابة الفكرية المستفحلة في مجتمعنا الرافض لأي زحزحة لما عرف بالثوابت، ولعمري أي ثوابت هذه التي تستعمل كأداة حادة تستأصل شأفة الفكر وتفقأ عين البصيرة وتجهز على العقل المزود بقدرة التفكير وفعل الوعي؟!. حجة الثوابت هذه مع ما فيها من ضبابية هي صنو الاستبداد الذي اعتاش عليها وكرسها كمقولة تلجم كل رغبة في النطق والتفكير، وكل ذلك تحت شعار: لا تنطق إلا همسا!!

التحدي الآخر الذي نجحت فيه راصد إلى حد كبير هو تبني سياسة منفتحة ومتسامحة إزاء شركاء الوطن من شتى أطيافه وتياراته الفكرية، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز الاندماج والتآلف الوطني رغم الشحن الطائفي ورغم الأصوات الانطوائية المنادية بالقطيعة والتشرذم، هذه السياسة والتي نجحت في تبنيها راصد بامتياز بدأت تثمر عن وعي اجتماعي يتجاوز حالة التقوقع على الذات نحو تحقيق مفهوم أوسع للشراكة واحتضان المختلف مذهبيا وفكريا ومناطقيا. لكن هذا لم يحدث بالطبع على حساب خيار النقد والتشريح للواقع المأزوم، فصفحات راصد حافلة بالدراسات والتحاليل النقدية الهادفة إلى التعرية والإصلاح والتغيير.

النقد والانفتاح إذاً مهمتان أساسيتان اضطلعت بهما شبكت راصد ونجحت فيهما أيما نجاح، صحيح أن مزاولة النقد والفكر عموما لازال في بداياته في أوساطنا الثقافية، وصحيح أن السواد الأعظم من الأفراد والرموز في المجتمع لا يروق له هذا المناخ التشكيكي الذي من شانه خلخلة الأنساق الثقافية السائدة، إضافة إلى استغلال البعض للحريات المتاحة للالتفاف حولها ومن ثم تطويقها ، إلا أن العلاج ليس بمجاراة هذه المومياءات المنبعثة من دهاليز العتمة في مجتمعنا، وليس بمكافأة رعاة تكميم الأفواه، بل بمزيد من جرعات الحرية والوعي..

ملاحظة:
شبكة راصد الأخبارية موقع سعودي يعنى بشؤون المنطقة الشرقية المحاذية للخليج العربي والغنية بموارد النفط والغاز، هذه الشبكة تعتبر الأبرز حضورا ونشاطا في ميدان الصحافة المحلية على الإنترنت لكن السلطات مصرة على حجبها الذي تكرر عشرات المرات ضمن سياسة يضعها البعض في سياق الحساسية المذهبية و التمييز الطائفي ضد الأقلية الشيعية في شرق البلاد.



#نذير_الماجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكسات على هامش الفقه!
- فقهاء ولكن..!
- إلى من يتغنى بالموت ليل نهار!
- لماذا كذب وليد جنبلاط؟
- آمنوا ولا تفكروا!
- حوار الأديان في السعودية.. هل هو اكذوبة أبريل؟!
- اشكاليات الحجاب في الخطاب الديني
- السعودية:المرأة و السيارة و جدل لا ينتهي
- طبروا كلكم إلا أنا!
- الاسلاميون في البحرين و مفاتيح جنة الفقهاء!
- عاشوراء: موسم المنابر و حصاد الوجاهة!
- التحية إلى روح بينظير بوتو
- نحو رؤية جديدة للزواج
- الإسلاموية و فوبيا التجديد!
- أحاديث في الحب
- فتاة القطيف: قضية فتاة أم وطن!
- الفن ليس محظورا منذ الآن «2»
- العمامة الفاخرة و -الناصح المشفق-
- الفن ليس محظورا منذ الآن!
- عمامة برجوازية في باريس!


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نذير الماجد - لا تحجبوا أكسجين الوعي!