أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الطلسَم السابع 3















المزيد.....

الطلسَم السابع 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 10:55
المحور: الادب والفن
    


من مدوّنة مجهول / لم تكتب بعد ، على الأرجح ، تلك المصادر ، الموثوقة ، الممكن لنا إعتمادها في إجتلاء تاريخنا الإسلاميّ ؛ ما زالت ربما في عهدة اللوح المحفوظ . ولكن ما هيَ المعضلة ، في حقيقة الأمر : الواقعة أم مصدرها ؛ وما هوَ حجمُ الضرر ، الذي ألحقه واقعُ أنّ المؤرخينَ كانوا بمعظمهم من المحدّثين ؟ لك الله ، إذاً ، يا " بن طولون " ، ولنا قلائدكَ الجوهريّة ..

إنكَ أكثرَ حذراً في واقعة " الشمْسَة " ، بعدما كلفك الكثير الإسهاب ، غير المتروي ، في أخبار القرامطة وجعلَ مركزكَ ، العلميّ ، في مهبّ المظنة أمام التلاميذ والمريدين ، المالئين عن آخره الجامع الناصريّ ، البرانيّ ، في " الصالحيّة " . ففي عرضكَ للواقعة الأولى ، المُتضمّنة إنتهاك الكعبة وتدنيس وإنتهاب الحجر الأسود ، كنتَ قد غفلت عن التنويه بالمصدر ؛ وهوَ " أخبار القرامطة " لإبن سنان . شاءتْ لكَ الأثرة أن تتجاهلَ أصول التدوين ، مفضلاً إطلاق العنان للخيال ، مُضيفاً للواقعة بضعة أرطال من المفردات الفخمة ، البليغة ، زيادة ً للعبْرَة أو إتقاءً للشبهة .

دخلَ " الجنابيّ " إلى الحرم الشريف ، على رأس زنادقته ، ثمّ أعقبَ ذلك هتكُ الحرمات وقتل وسطو وسبي . تناسيتَ هنا أستاذنا ، مُتعمّداً ، ذكر حقيقة أنّ أهل " مكة " ، بنفسهم ، إشتركوا في المقتلة ، طالما أنها ستتيح لهم إسترجاع بضائعهم ، المدفوعة الثمن من لدن الحجاج ، المبخوسي الحظ . حسنٌ . ولكن من أين أتيتَ بهذا البيت ، الشعريّ ، المتوّج تفصيلك للمشهد الدمويّ ؛ حينما راح زعيم القرامطة يخوض صفوفَ ضحاياه ، عاملاً السيف برقابهم :
" أنا بالله وبالله أنا ، يخلق الخلقَ وأفنيهم أنا "

***
" الصالحيّ " ، في عرضه التاريخيّ ، الموسوم ، شدّدَ إذاً على نشيد ذلك الملحد ، هازئاً بالفرق الهرطوقية المُنكرة إطلاقا إياه ، زاعمة أنه محاولة ، مألوفة ، للتشنيع على إمامهم ، " الحلاّج " ودو ـ بيته الشعريّ ، المعروف ، الذي يقول مطلعه :
" أنا بالله وبالله أنا ، نحن روحان سكنا بدنا "

يلحّ مؤرخنا ، أمام ذلك الجمع ، الغفير ، على أمر الإرادة السبحانية التي أعجزت القرمطيّ عن إقتلاع ميزاب الكعبة ، الذهبيّ ؛ فيتوقف عندَ مايُسميه هوَ بـ " المعجزة " ، سارحاً شارحاً . وإذا بأحد التلامذة ، من الحاضرين ، يتناهض للردّ : " ولِمَ لمْ تحم مشيئته تعالى الحجرَ الأسود ، الأكثر قداسة ؟ " . اللعنة ! كان يجب عليه أن يُبدي الحذر ، الواجب ، قدّام فتية نابهين ـ كهذا التلميذ . بيْدَ أنّ الحماسة ، في آخر الأمر ، تناهت بمؤرخنا إلى متاهة اخرى . إذ إعتقدَ ، عندئذٍ ، أن إستصراخ اللعنات على الكفرَة ، سينقذه من الورطة المحرجة ؛ فإنهال بها على أطيافهم ، الشريرة ، المالئة المكان من حوله . ثمّ راح في وصف ذلك الحجر ، وكأنما هوَ اللؤلؤة ، الفريدة ، مُتناسياً أنه " لا يضرّ ولا ينفع " ؛ بحسب رواية ، مثبتة ، منقولة عن لسان الفاروق عمر ( ر ) . المعجزة ، لا بدّ أن تأتي بمضاعفاتها : " أرادَ القرمطيّ ، الزنديق ، إثباتَ بطلان تأثير الحجر ، المقدّس ، فأمَرَ بعضَ أتباعه بتكسيره وعلى مرأى من الحجّاج ، المروّعين . حينما إنتهيَ فرط الحجر إلى أجزاء عديدة ، مهشّمة ، أشارَ الملحدُ بإتجاه الجمع ، الجزع ، مستهلاً المقتلة الكبرى . ولكنه ، على الأثر ، كان أمام معضلة حقة ؛ فعندما همّ بأخذ أجزاء الحجر إلى موطن الكفر ، أضحى ثقلها هائلاً . هكذا إحتاج نقل الأشلاء تلك ، المقدسة ، إلى أربعين جملاً ، ناؤوا بحملها ... "

ـ " ولكن ، أستاذنا الجليل ! كيف ذلك ، وكلنا يعلمُ أنّ زعماء الجاهلية ، الكفار ، إستطاعوا بسهولة ويسر حمل الحجر الأسود ، نفسه ؟ " ، بادر ذلك التلميذ إلى الإعتراض ثانية ً . كان يذكّر ولا شك بتلك الواقعة ، الشهيرة ، عن إختلاف رجالات " قريش " ، الجاهلية ، على شرف حمل الحجر ذاك ، بُعيدَ موسم تنظيف الكعبة ؛ فكادوا يقتتلون وكلّ منهم يحاول الإستئثار بالمهمّة . " لنحتكمَ إلى أول شخص ، يَلجُ الحرَمَ من تلك الناحية " ، إقترحَ أحدهم مومئاً إلى الجهة المفضية للبادية . إذ ذاك ظهرَ صبيّ ، حدَث السنّ ، يقود بعض الماعز ، فعرفوا فيه أحد أبناء " هاشم " . أنصتَ الراعي ، الصغير ، إلى حكاية الخلاف وما عتمَ أن أشار عليهم بحكمةٍ ، ما كان لها إلا أن تذهلهم ببساطتها : " إجعلوا الحجرَ على رداء ، وليحمل كلّ منكم طرفه " . وما كان هذا الصبيّ ، الحكيم ، سوى محمّد بن عبد الله ( ص لاحقا ) . أربعون جملاً ، أستاذ !!

***
واقعة " الشمسة " ، كانت أقل غرابةٍ روايتها ؛ على الأقل بالنسبة لمؤرخنا ، الذي رواها برصانة مُستفيداً على ما يبدو من تلك الواقعة ، الموصوفة آنفا . لندعه يؤكد ، أنّ المرء لا بدّ أن يكون كافراً ، إذ يجرؤ على إنكار نور محمّد ( ص ) . هذا النورُ ، بحسب سيرة " إبن هشام " ، قد إستوفى كماله إثرَ إسراء نبيّنا إلى السماء السابعة . وكان أحدُ أولاد العمومة الهاشميين ، الجاهليين ، قد شككَ بالمأثرة تلك ، السماوية ، زاعماً أنها من أساطير العجم ؛ فنزل فيه الكتاب : " إذ تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين " .

هذا النورُ ، الإلهيّ ، لا شأن له ، على الأرجح ، بتلك السحابة التي رافقت خاتم الرسل مذ صغره ، وكانت تقيه ومن بمعيّته شرّ الهاجرة . أما والحالة كذلك ، فقد ألهمه وحيه بإختراع إنسانيّ ، جديد : الشمسة . ومن كان بحاجةٍ لمعرفة أوصاف الإختراع هذا ، النبويّ ، فليعُد إذاً للمؤرخ " إبن طولون " ؛ هوَ المُفصّل في أمره ، والمُنوّه من ثمّ أنّ بني العباس ورثوه فيما ورثوه من أسلافهم ، الأمويين ، المُبادين عن آخرهم تقريباً . القرامطة ، يقول مؤرخنا ، وقعوا على قافلة الحجّ ، العائدة لأحد الخلفاء العباسيين ، وكانت تضمّ كنز النبوّة : حجر إبراهيم وقرن كبش إسماعيل وعصا موسى وحلق مريم و شمسة محمد . ومن نافل القول ، أنّ القافلة إنتهبتْ بعدما قتل نصف رجالها وسبي معظم نسائها . ثمّ رحلَ الكفرة أولئك بغنائمهم ، محتفظين بكل ما حواه المحمل الشريف . مظلة عتيقة ، رثة ، من سعف النخل ، تبدّت لهم عندئذٍ بين قائمة المنهوبات ؛ فأرادوا رميها في الطريق . ولكنّ أسيراً كهلاً ، تطامن برأسه فجأة ليرجو الحرسَ أن يهبوه اللقية تلك ، علها تقيه شمس الظهيرة ، الجهنمية . لم يكن هذا الكهلُ ، كما عرفنا فيما بعد ، سوى " الأزهريّ " ؛ العالم البغداديّ الفقيه ، الذي أدركَ ، لوحده ، أيّ كنز ألقاه بين يديه أولئك الكفرة ، الجهلة . بقيَ الرجلُ في أسرهم بضعة أعوام ، تمكن خلالها من تكريس فراغه في إنجاز كتابه " التهذيب " ؛ إحدى درر اللغة العربية ، الواقع في عدة مجلدات . أطلقوا سراحه ، أخيراً ، فعاد فوراً إلى حاضرة الخلافة الإسلامية ، ليستأذن من ثمّ في المثول بحضرة الخليفة . دخلَ عالمنا على أمير المؤمنين وهوَ يحمل له هديتين : الشمسة والمخطوطة .



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطلسَم السابع 2
- دمشق ، عاصمة للمقتلة الجماعية
- الطلسَم السابع *
- أسمهان : أيقونة وأسطورة 2 2
- أسمهان : أيقونة وأسطورة
- حَواريّو الحارَة 6
- النصّ والسينما : بداية ونهاية لصلاح أبو سيف
- حَواريّو الحارَة 5
- حَواريّو الحارَة 4
- حَواريّو الحارَة 3
- حَواريّو الحارَة 2
- النصّ والسينما : السمّان والخريف لحسام الدين مصطفى
- حَواريّو الحارَة *
- مَسْرىً آخر لمَغاورها
- أقاليمٌ مُنجّمة 10
- أقاليمٌ مُنجّمة 9
- غربُ المَوت ، للشاعر الكردي دانا صوفي
- أقاليمٌ مُنجّمة 8
- عزلة المبدع ، قدَر أم إختيار ؟
- مسْرىً لمَغاورها


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الطلسَم السابع 3