أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمد غريب - التغيير حالة ذاتية وموضوعية في 14 تموز 1958















المزيد.....

التغيير حالة ذاتية وموضوعية في 14 تموز 1958


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 07:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التغيير الذي حدث فجر ذلك اليوم الذي نعنيه في هذا الموضوع أصبح واقعاً منذ اللحظات الأولى بعدما فرضته عوامل عديدة منها ذاتية وأخرى موضوعية، ولو أن هذا التغيير الواقع أصبح مراً علقماً للبعض من الذين يحاولون خلق حالة مشوشة من الإحباط لدى الأجيال التي تلت تلك الحقبة التاريخية لكن ذلك لا يعني إعادة التاريخ للوراء، والتغيير هو التعبير الأفضل لما حدث خلال الثواني الأولى من السلطة الملكية إلى السلطة الجمهورية وكل الحديث عن المنجزات بعدها والانتكاسة والانهيار يبقى ثانوي لأنه جاء بعده، فالتغيير الكبير في معنى وواقع السلطة حدث منذ تلك الثواني الأولى الذي أذيع فيها البيان الأول وبذلك انتهى عهد كان قائماً على أسس قانونية وطبقية ووفق رؤيا سياسية تمثل الطبقة والفئات ذو المصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في نوعية تلك السلطة وغيرَ ذلك العهد بعهد قام على أسس ورؤيا سياسية مختلفة قانونياً وطبقياً أيضاً مثلت طبقة وفئات اجتماعية لها مصلحة في التغيير ثم تبعتها الإجراءات الأخرى التي أبعدت أو فصلت ما بين الملكية كنظام سياسي والجمهورية كنظام يختلف عنه شكلاً ومضموناً، في هذا المضمار يحلو للبعض تناول مجريات ما بعد التغيير ويحاول وضع ما أصاب العراق من كوارث ومصائب بسبب الحكومات التي جاءت بعد انقلاب شباط 1963 الدموي وانقلاب 17 تموز 1968 على عاتق ذلك التغيير وهو تزييف للواقع لأن التغيير لم يفتح باب الجحيم على البلاد كما يدعي أحدهم بل القوى المعادية المرتبطة إقليمياً وخارجياً المعادية للتغيير وهي التي فتحت باب الجحيم في محاولات الانقلابات والاغتيالات والتصفيات والتحريض على الفتنة واستغلال الدين بحجة حرق القرآن الكريم وتتوجت بذلك الانقلاب الدموي المشؤوم الآنف الذكر، فليس صحيحاً تأطير انتقالة تشبه القفزة وفق إطارات خيالية وتمنيات ذاتية حسب " لو زرعوه ما خضر " أي لو لم يحصل التغيير لنجى العراق من المآسي الكثيرة التي مرت عليه ومنها إرهاب الدولة والاغتيال السياسي وشن حروب داخلية واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضد الكرد العراقيين والقوى التي كانت تناهض النظام السلطوي والحروب الخارجية والمقابر الجماعية وآخرها احتلال البلاد أو لكان الوضع قد تطور مثلما هو الحال في الملكيات الأخرى على الرغم من أن التغيير أصاب حتى تلك الملكيات ولم تبق على الإدارة السياسية نفسها بل طورتها وتغيرت بفعل الصراع من اجل تحقيق الديمقراطية والحقوق والحريات الفردية وتبدلت قاعدة الحكم واستغنت على امتداد تلك السنين الطرق والأساليب التي انتهجت في البداية ، التغيير بمعناه الواقعي الملموس تبدى في تخليص السيادة العراقية من آثار معاهدة عام 1922 التي فرضت من قبل بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى وبمجرد حدوث التغيير أنهت كل أشكال التبعية وأخرجت العراق من حلف بغداد ودائرة الجنيه الإسترليني وصدور قوانين الإصلاح الزراعي رقم 30 والأحوال الشخصية 188 وقانون رقم 80 حول المناطق غير المستثمر في المجال النفطي .
إن الحديث غير الدقيق حول التغيير الذي حدث في فجر 14 تموز 1958 هو القفز على الواقع والمنطق ومجريات الأحداث وارتباطها بالكم الهائل الذي أصبح من الضرورة أن تجري انتقالة نوعية بعدما بلغت التراكمات مرحلة يجب فيها التحول النوعي وطبعاً تختلف هذه التحولات في المجتمعات البشرية تبعاً لظروفها الذاتية والموضوعية ( مثل حدوث الثورة ، الهيجان والعصيان المدني والحسم العسكري وتحوله إلى أداة للتغيير الجذري .. الخ ) القفز على الواقع وبخاصة عند أولئك الذين يثيرون الغبار حول النتائج اللاحقة ومن بينها ما آل إليه الوضع العراقي خلال فترتي الحكم للبعث العراقي الذي دمر البلاد وخرب اقتصادها وشوه القيم الوطنية والقومية النبيلة يجعلهم يشوهون التاريخ معتمدين على البعض من الإصلاحات الفوقية التي قامت قبل التغيير كما يتعكز هؤلاء بدون الفهم العلمي لعملية التطور في المجتمعات وعلاقتها بالعامل الذاتي والعامل الخارجي ويحالون تفسيرها بشكل براغماتي في سبيل نفي الواقع الموضوعي الذي نتعامل معه في المكان والزمان ولحظة التغيير، التغيير مرة أخرى ليس كلاسيكيا مثل أي انقلاب عسكري مجرد الهدف منه تبديل وجود بوجوه وحكام بحكام بل الفكرة في الجوهر الذي اعتمد عليه التغيير وهو جوهر ظهرت معالمه منذ الاشراقات الأولى وليس كما يدعي البعض انه كان تشويه لجوهر التغيير الذي اتبع في السابق فالمتابع لسير الأحداث وبخاصة الحيادي إذا كان هناك حياداً بين التغيير واللاتغيير يجد أن النية من قبل قوى الردة عقدت منذ البداية لتشويه الوجه الحقيقي لهذا التغيير فعملت بكل جهدها وتفانت للوصول إلى أهدافها غير النبيلة وبدأت مسيرة الانحراف بعد اشهر قليلة من التغيير عندما وجدوا أن الأكثرية من الشعب العراقي بدأت تدرك الحقيقة وكانت تطالب بالمزيد من الحريات وتحقيق الديمقراطية والا كيف يمكن مثلاً منع إجازة حزب اتحاد الشعب الذي كان من أوسع الأحزاب جماهيريا وتمنح الإجازة للمرحوم للصايغ الذي مع احترامنا له لم يكن يملك ذلك الرصيد الجماهيري كي يكون بديلاً إلا اللهم انشقاقه وخلافاته ومن ثم العداء الكامن لمستقبل التغيير القادم الذي يهدد مصالح القوى المتخلفة والرجعية والقومية التي باعت القضية المركزية ما بين التهريج والتآمر وارتباط بعضها بالقوى الإقليمية والدولية مثلما ثبت بعد ذلك ومن عظمة الألسن التي كانت تعمل في ذلك الخندق المعادي للتغيير واستمراره وتعميقه لصالح الشعب ولصالح البلاد ومصلحة الوحدة العربية الحقيقية والقضية المركزية مثلما سمتها القوى القومية داخلياً وعربياً وعلى رأسهم حزب البعث العراقي وتحججوا بها كقميص عثمان وعندما استلموا كرسي الحكم لم تكن الوحدة العربية التي نادوا بها إلا تفرقة الدول العربية وزرع الشقاق والنفاق بينها وانتهى باحتلال دولة عربية شقيقة قدم لأميرها قبل الاحتلال بأيام وسام الرافدين أعلى وسام في العراق، أما القضية المركزية فانظروا الآن كيف كانت وكيف أصبحت حيث كل فلسطين تحت الاستيطان وحتى أراضي عربية أخرى، التغيير لم يهدف إلى القتل أو التدمير إنما التعديل في مسار العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وما حصل للعائلة المالكة مع الأسف الشديد خارج حدود التغيير ولا يعتبر حجة عليه لكي يشوه من اجل أهداف أخرى ولم يكن التغيير يهدف إلى تصفية الملك فيصل أو هذه العائلة جسدياً وما جرى بعد ذلك من تآمر وانقلابات وتصفيات وقتل جماعي وفردي وحروب راح ضحيتها عشرات الآلاف لم يكن المسؤول عنها ذلك التغيير بل المصالح المرتبطة والمعادية لعملية التغيير هي التي اشتغلت بعده وراحت تخطط بهدف تشويهه، والتغيير ليس حالة فردية لم تحدث سابقاً بل أنها امتداد للتغيير الذي سجل في التاريخ وفي بلدان متقدمة في أوربا وفي أمريكا واسيا والسلبيات التي حدثت مثل قضية الهنود الحمر وما نتج من أوضاع بعد الثورة الفرنسية والتغيرات السياسية على الأنظمة الإقطاعية ونتائجها الدموية واستهتار الرأسمالية واستعمارها لدول وشعوب أخرى والمضي قدماً في تهديد العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية فليس بالامكان اتهام التغيير بأنه المسؤول عن كل الكوارث التي حدثت بعده ومنها شن الحروب واحتلال البلدان مثلما حدث للعراق مؤخراً لكن المشكلة تكمن في من يدعي الحرص على القديم انه كالنعامة عندما يبحث أسباب التغيير في العراق ويبدو كالصقر عندما يستثني تجارب التغيير في بلدان أخرى لا بل يستشهد بنتائجها ويعتبرها من الايجابيات التي خدمت البشرية فهو يبدو في مثل هذه الوضعية ساذجاً ونمطياً يفهم الأحداث وكأنها مجزأة عن بعضها لكنه يقوم بجمعها بشكل تبسيطي على الرغم من تنافرها ووضعها في قارورة ليصدر أحكامه غير المنطقية ويحاول تفسير الظواهر على أساس غير علمي وبدون دارسة لمجرياتها وارتباطها بظروفها المعينة ويربط ما يجري في المجتمعات البشرية بخوارق أو بقدرات فائقة بدون إعادتها لفعل العامل البشري الذي يقوم بصناعة التاريخ البشري على الرغم من اختلاف الطبقات والمسببات والمصالح والكيفية التي جرى فيها التغيير وليس بالبدعة عندما نؤكد أن التغيير مستمر وحتمي وبأسبابه الموضوعية والذاتية ولن ينجو منه القديم ولن ينال منه الركود بل العكس وعندما تتم العملية الكبرى ويتخلص التغيير من الاستغلال والاستعباد وتتحرر القوى المنتجة فهو متجه ويتجه نحو اكتشاف الفضاء وفي كل خطوة يحدث التغيير وتظهر النتائج الايجابية وكذلك السلبية وقد تكون كارثية في بعض الأحيان مثلما حدث لمكوك الفضاء شالنجر أو غيره من الكوارث التي صاحبت التغيير في مجالات كثيرة ومنها استعمال القنبلة النووية ضد اليابان أواخر الحرب العالمية الثانية فليس من المعقول اعتبار اكتشاف الذرة وغيرها من الاكتشافات في مجال البرامج النووية للأعمال السلمية التي ساعدت على التغيير لأنها التغيير نفسه والادعاء بالقول لولاها لما حدثت تلك المأساة والجريمة الكبرى وهذه القضية تنجر على العشرات من الاختراعات والاكتشافات التي تغيرت بحكم عامل التغيير نحو الأفضل والأحسن ولو نضرب مثلاً عن ضحايا حوادث وسائل النقل البرية والجوية والبحرية الكثيرة فهل نقول لو بقينا على ركوب الجمال والحمير والبغال والخيول أفضل من تلك الاختراعات على الرغم من بساطة المثال لكن ذلك يتساوى مع الادعاء "لو" لم يحدث التغيير في 14 تموز لكان العراق جنّة وهي خدعة لتشويه الواقع والوعي ومحاولة للكسب العاطفي غير الموضوعي أما ما حدث أثناء التغيير في العراق من سلبيات ومن قتل فنحن بالضد منه ولا نقره لكن ذلك يشابه ما حدث سابقاً وما حدث بعده أيضاً ومثل هذه الحوادث والأخطاء والثغرات والنواقص لا يمكن السيطرة عليها 100% كما هو الحال دائماً وفي كثير من الأحيان بعيدة عن التخطيط كهدف ويبقى في الحقيقة معنى التغيير وجوهره التقدمي إذا كان يهدف لإقامة الشيء الأفضل والأحسن للناس.



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تكون المرأة إمعة بدون حقوق إنسانية
- العودة إلى حنين الخلاص
- خلط الأوراق في انتخابات مجالس المحافظات في العراق
- الاتهام بالتدخل هو تدخل في شؤون العراق
- بالقرب من خاصرة الجنّة
- البرنامج الذي سرقت من خلاله أموال العراق
- الهدف من اللعبة الدموية
- الاتفاقية الطويلة الأمد حلم أمريكي قديم
- مسودة قانون العمل الجديد وطموحات الطبقة العاملة العراقية
- متى تتفهم الدول العربية أن ديون العراق سببها النظام السابق؟
- حتى تولد بغداد كعشتار الحبّ
- الانتخابات الأمريكية القادمة ما بين التكتيك والاستراتيجي
- الرئيس الإيراني على طريقة - لا تفكر لها مدبر - بالظهور**
- الوكالة الدولية ومخاطر برامج الإسلحة الإسرائيلية والإيرانية
- الانتخابات العمالية النقابية وتغيب عمال القطاع الحكومي
- من الضروري رفض استغلال اسماء الرموز الدينية ودور العبادة في ...
- الحل الدستوري القانوني هو الأنسب لقضية كركوك وليس الحل السيا ...
- مواقع الانترنيت الالكترونية وتشويه وعي المتلقين
- الانتخابات النيابية القادمة مركز انتخابي واحد لا عدة مراكز
- من الضرورة إنهاء مرحلة التحالفات الطائفية المستوردة


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمد غريب - التغيير حالة ذاتية وموضوعية في 14 تموز 1958