أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - عاصم بدرالدين - لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين














المزيد.....

لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2338 - 2008 / 7 / 10 - 10:34
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    


حقاً هي جريمة بشعة، وأبشع ما فيها إنها قتلت شاباً وطفلاً لا ذنب لهما في شيء. وأخطر ما فيها أن معظم منفذيها لا يزالون حتى الساعة خارج الإعتقال بتواطؤ شبه مفضوح مع بعض القوى الحزبية اللبنانية. لكن هذه البشاعة وهذا العمل الإجرامي غير قادرين على إخفاء حقيقة مرة قد تؤدي إلى جريمة أخرى، وإن لم تكن في المستوى نفسه من البشاعة، فإنها لن تقل عنه –في المستوى- كثيراً. ذاك أن المجلس العدلي اللبناني قد أصدر حكماً بإعدام تسعة أشخاص من المشاركين في الجريمة وطالب بإصدار مذكرة إلقاء قبض في حق المتهمين، وأحال المطالعة إلى قاضي التحقيق العدلي لإصدار قراره الإتهامي.. من نافل القول إن محاكمة هؤلاء المجرمين واجب وحق معاقبةً لهم على جريمتهم الهمجية النكراء التي أودت بحياة زياد قبلان وزياد الغندور في 23 نسيان من العام الماضي. لكنها تصبح ناقصة، وغير عادلة، عندما يتحول العقاب إلى شكل من أشكال الثأر.

إن فكرة العدالة، عدالة المحكمة والحكم، تتناقض تماماً مع فكرة الثأر. والإعدام هو ثأر مبطنٌ بحق أو مقنعٌ به، لذا ألغي من دساتير معظم دول العالم. إذ أن 84 دولة قد ألغت هذه العقوبة من قوانينها نهائياً، و12 دولة ألغتها بشكل جزئي حيث أنها تستخدمها فقط في الجرائم الغير عادية كجرائم الحرب مثلاً، و24 دولة ألغتها بطريقة عملية رغم بقائها في النصوص القانونية فإنها لم تستعملها منذ ما يزيد على 6 سنوات، حسبما تشير منظمة العفو الدولية (تقرير العام 2005) وطبعاً لبنان خارج هذه الدائرة الممتنعة عن إستخدامها وتعديل هذا الأمر يقع أولاً وأخيراً على عاتق المجتمع المدني المُغيب عن لعب أي دور فعال. وتشير المنظمة نفسها إلى أن الإعدام ينطوي، شأنه شأن التعذيب، على إعتداء متعمد على السجين. وحتى الأساليب التي تُدعى "إنسانية أو رحيمة"، مثل الحقنة المميتة، يمكن أن تسبب معاناة رهيبة. وهي قد تسبب في كثير من الأحايين ظلماً لمتهمين تثبت لاحقاً براءتهم إذ أن عقوبة الإعدام "لا رجعة عنها"، فضلاً عن أنها ليست وسيلة ناجعة للتقليل من عدد الجرائم المرتكبة كما تبرز ذلك تجارب عديدة.

من الطبيعي أن نرفض حكم الإعدام في حق هؤلاء، وفي حق الأخرين، حفاظاً على هيبة القضاء وعدالته، كذا محافظة على شرف الزيادين وأحقية قضيتهما، والأخرين من القتلى المظلومين. إن العقاب هو فعل حق، لا فعل إنتقام، وعندما يصير هكذا يسقط ميزان المحكمة، ويستحيل الأمر إلى نمط من الصراع القبلي الجاهلي العشائري، وقضاؤنا متمدن بما فيه الكفاية، على ما ندري، لكي يرفض هذه الوسائل المتخلفة والرجعية، المستمدة من القرون الوسطى الظلامية، في المحاسبة والمعاقبة. إن دافع هذه الجريمة كان في أساسه ثأرياً إنتقامياً وهذا ما جعلها مجزرة شائنة مقززة لا يقبلها أي إنسان، وفي المقابل تشي بدونية الوعي العقلي العشائري وغبائه. لذا وجب الإستنكاف عن القيام بالمثل، ليس تخفيفاً عن المجرمين، بل تخفيفاً للحقد والمنطق الثأري الذي لا يبني قضاءً نزيهاً عادلاً متطوراً من جهة. ومن جهة أخرى تطبيقاً لشرعة حقوق الإنسان التي يلتزم بها لبنان مبدئياً. صحيح أن القتلة لم يراعونها، لكن حينما نخرقها نحن بإسم العدالة، أو عندما يحاول القضاء (أو أي سلطة أخرى) التماثل بالمجرمين لتبرير قراراته فإننا نصير أشباه مجرمين، وهذا ما لا نرضاه، ولا نقبل أن يرضاه أي إنسان ولا أن يتشكل قضاؤنا على شاكلته.

إن إنسانيتا التي دفعتنا في الماضي لإستنكار هذه الجريمة وبقية الجرائم ومطالبتنا الدائمة بالكشف عن تفاصيلها وفضحها ومقاصة القتلة والمعتدين، تدفعنا اليوم إلى رفض تنفيذ عقوبة الإعدام في حق أي كان لأنها جريمة ثانية مضافة على سلسلة لا تنتهي من حلقات القتل الدامية، ولأنها مخالفة لأبسط الحقوق الإنسانية والمدنية (بما فيها الحق في الحياة) التي يحترمها ويقدسها الدستور اللبناني، والتي صارت اليوم هي نفسها ميزان العدل. ولا ريب أن القوانين المحلية لا تخلو من طرق وأساليب للمحاسبة والمعاقبة أخف وطأة، وأقل دموية.




#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما يتمادى القمع
- علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!
- ذلك السلاح.. في إنتظار التسوية
- ليس بئس العلمانية التركية، على بؤسها، إنما بئس الإسلام العرب ...
- الطائف ليس المشكلة الأساس
- إستفحال الإستغباء بالتصفيق
- العلماني خارج دائرة الإنغلاق
- وماذا عن الجيش؟
- صراع أبدي
- الإنتفاخ الطائفي
- متى الحرية؟ متى السيادة؟
- في ذكرى سمير قصير: أسئلة دائمة
- الدولة المعلقة والحرب والمعلقة
- هل العلمانية حل لمشكلة الأقليات اللبنانية؟
- لا نساء في الكويت
- ماذا بقي من الديمقراطية؟
- أخطئ سعد الحريري
- وأيضاً سمير قصير؟
- لا تنسى
- نماذج علمانية تخريبية


المزيد.....




- آلاف يتظاهرون في عدة محافظات بالأردن تضامنا مع غزة
- شيكاغو تخطط لنقل المهاجرين إلى ملاجئ أخرى وإعادة فتح مباني ا ...
- طاجيكستان.. اعتقال 9 مشبوهين في قضية هجوم -كروكوس- الإرهابي ...
- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - عاصم بدرالدين - لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين