أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رمضان الصباغ - الشهيد مهدي عامل الذى أرعب الظلاميين بفكره ومواقفه















المزيد.....

الشهيد مهدي عامل الذى أرعب الظلاميين بفكره ومواقفه


رمضان الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 6146 - 2019 / 2 / 15 - 22:43
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


إذا كان الكاتب الحقيقي ، هو الناقد لعصره ومجتمعه ليرتقي هذا المجتمع سلّم التقدم ، ويتجاوز التخلف والركود 0 والكتاب والمفكرون العظام هم الذين وضعوا هذا المفهوم نصب أعينهم ، وعملوا من أجله ، ودفعوا كل نفيس وغال من أجل ذلك 0

ولكننا في عالمنا العربي نجد هذا المفهوم مجرّما ، فالخطوط الحمراء كثيرة ، وسقف الحرية قد انخفض إلى حدّ بعيد في كثير من البلدان العربية ، فحرية التعبير ، والنقد ، والتفكير العلمي جميعها من العادات المكروهة ، بل وفي كثير من الأحيان تستوجب العقاب ، الذي يصل إلى قصف الأقلام ، والزجّ في السجون ، وتنتهي بالاغتيال 0

والذي يواجه حرية الفكر ليس فقط رجال السياسة ، أو الحكام ، بل لقد أعطي رجال الدين ، والمتطرفون الأصوليون أنفسهم الحق في التفتيش في ضمائر الكتاب والمفكرين ، وتأويل النصوص كما يحلو لهم ، والفهم السطحي والظاهري ، دون التعمق والبحث في بنية العمل الفني أو الفكري ، وتسابقوا في العدوان على حرية التفكير ، سواء بالتحريض لدي العامة على المفكرين ، أو تحريض السلطات ضدهم ، وفي أحيان كثيرة ينفذون ما يرغبون بأيديهم ، ورشّاشاتهم وخناجرهم ، وبأدواتهم التي ورثوها عن العصور الوسطي 0 فكانت النتيجة هذا السيل من دماء المفكرين والكتّاب أصحاب الرأي الحر 0

وفي مثل هذه الأيام ، وبالتحديد في 18 مايو ( آيار ) 1987 استشهد في شارع الجزائر في بيروت المناضل والمفكر "مهدي عامل" الاسم الحركي
لـ "حسن حمدان" أستاذ الفلسفة بالجامعة اللبنانية

ولقد ولد مهدي عامل في بيروت عام 1936 ، وتلقي علومه في مدرسة المقاصد في بيروت ، ثم نال شهادة الليسانس والدكتوراه في الفلسفة من جامعة ليون بباريس 0 وكان عضواً بارزاً في اتحاد الكتاب اللبنانيين والمجلس الثقافي للبنان 0 انتسب إلى الحزب الشيوعي عام 1960 وانتخب عضواً بالجنة المركزية عام 1987 عام استشهاده 0

لماذا اغتالت أيدي الجهل والتطرف والطائفية ( مهدي عامل ) ؟
لقد فعلت ذلك لأنها لا تملك القدرة على الحوار مع التفكير العلمي ، ولا تقوي على المواجهة الحقيقية مع فكر مهدي عامل ، وأنها بفهمها المتخلف للتراث والدين ( الذي تحتمي به لتمرير أفكارها المتخلفة ، والرجعية ) تري في حرية التعبير ، والتفكير العلمي نهايتها ، ولذا فإنها تتستر وراء فهم سطحي للنصوص ، وتقوم بعمليات التصفية الجسدية والاغتيالات أملا في الإبقاء على سيطرتها على عقول الجهلاء 0

لقد كان "مهدي عامل" مفكراً رأي في القلم سلاحاً للدفاع عن الحرية ومواجهة القوي الظلامية التي بدت كخفافيش الليل في أتون الحرب الأهلية اللبنانية 0 فانتقد الطائفية ، وشرّح وحللّ بنيتها 0 فقد رأي أن الطائفية ليست كيانا بل هي علاقة سياسية محددة بحركة معينة من الصراع الطبقي ، ومحكومة بشروط تاريخية خاصة 0 وإذا كانت البورجوازية اللبنانية مصرّة على أن يكون الصراع الاجتماعي صراعاً طائفيا 0 فإنه يؤكد على أن الطائفية هي أساس علاقة التبعية بالإمبريالية ولذا فإن النضال ضد الإمبريالية يجب أن يلتحم أيضاً بالنضال ضد الطائفية 0 فالطوائف ليست وحدات اجتماعية بل هي علاقات سياسية تحددّها حركة معينة من الصراع الاجتماعي 0 كما أن الطوائف ليست طوائف بذاتها بل بالدولة ، ورأي أيضاً أن النظام السياسي اللبناني نظام ديكتاتورية مقنّعة ، واستمراره مرتبط بكونه كذلك ، وإلا فقد شرعيته 0 والديمقراطية الطائفية فاشيّة طائفية 0 ولذا فإن نقيض الفاشية في لبنان ، هو نقيض الطائفية 0 وأن قوى التغيير هي قوى المقاومة ضد الإمبريالية العالمية ، والاحتلال الصهيوني ، أما قوي التأييد الطائفي فهي نفسها قوي التعاون مع العدو الصهيوني 0 وقد رأي أن طائفية هذه الدولة ليست ضرورة طائفية بل هي ضرورة طبقية 0

لقد كانت مقولات ( مهدي عامل ) في توصيف البنية الطائفية والدولة الطائفية بالغة الغني وذات أهمية استثنائية في فهم المسالة اللبنانية – على حد تعبير ( مسعود ضاهر ) 0 وقد كان النقد العلمي والصارم للطائفية والنظام الطائفي في لبنان ، وكشف غطاء التيارات الدينية التي تكرس هذه الطائفية ، هو السبب في استشهاده على أيدي حرّاس الظلام ، وقوي التخلف في لبنان.

وقد كان يؤكد باستمرار على أن الفكر العلمي فكر كوني ، ولا يصح فيه القول بأنه شرقي أو غربي أو شمالي أو جنوبي ، إلا عند من ليس له من العلم سوي الجهل به ، بالتالي العداء له 0 ليس مثل هذا الفكر الظلامي وريث التراث ، حتى لو ادّعي ذلك 0

فالفكر العلمي هو الركيزة الأساسية للتقدم ، والقول – عن جهل – بالأفكار المستوردة ، إنما يؤكد عنصرية وتخلف القائلين بذلك ، فالتاريخ يكذب ذلك والواقع أيضاً 00

وإذا كان فكر مهدي عامل علميا ، فهو أيضاً فكر نقدي ، وكان نقده – كما يري "كريم مروّه" ، رفيق دربه – ( يطاول الوقائع القائمة ، ولا يستثني حتى مشاريع التغيير ، بما في ذلك المشروع الاشتراكي ذاته الذي كان ينتمي إلى مرجعيته الفكرية - الماركسية )

لقد كان لا يكف عن طرح الأسئلة ، ولا يكف عن محاولة التوصّل إلى الأجوبة التي تنطوي أيضاً على أسئلة وإشكاليات جديدة 0 وكان يرى أن الركون إلى البداهة ، هو النقيض الأساسي لعملية إنتاج النظرية – ويضيف (محمد دكروب ) في كلمته في الندوة الفكرية التي نظمها مركز البحوث العربية عن مهدي عامل فيما بين ( 27 – 29 ) مايو 1988 بمقرة بالقاهرة: (00 في مسيرتنا الفكرية والشخصية هذه ، مع مهدي ، وعبر سجالنا المتواصل والخصب هذا ، كنا نكتشف أن هذا المفكر الكبير والطفل الحبيب المحرض والمستفز والودود ، البسيط ، حتى الشفافية ، والمعقد حتى درجة الغليان الداخلي والمكبوت 000 وكنا نكتشف أن تحديداته الصارمة نفسها كانت تنقلنا ، بهدوء ، ولكن باستمرار ، إلى التخلص التدريجي من الاستخدام العشوائي وغير الدقيق للمصطلحات والمفاهيم ، وإلى التخفيف ما هو جاهز من الأفكار والصياغات 00 رجل يتقن تحريك الفكر ، وتفتيح العيون) 0

وفي إطار نقده لمقولات "إدوارد سعيد" في الاستشراق ، نجده يؤكد على أن الفكر الثوري لا يستطيع أن يقبل النظام البنيوي المغلق لنفيه للتناقض وعدم قبوله للفكر الطبقي ووضعه المفاهيم في نظام بنائي واحد 0 كما أنتقد القول بثنائية الشرق والغرب أو الأنا والآخر لأن هذه الثنائيات – في رأيه – تمنع الفهم الحقيقي للواقع 0

وقد طرح أيضا في كتاباته مفهوم نمط الإنتاج الكولنيالي والذي حظي بمناقشات عدة من الباحثين وأثار جدلا عميقا ، وحواراً خصباً بين فصائل اليسار 0 وناقش الأبحاث التي قدمت في ندوة الكويت ( 1974 ) حول أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي وناقش أفكار زكي نجيب محمود ، ونقولا زيادة ، وأنور عبد الملك كما ناقش آراء فؤاد زكريا حول سؤال النهضة التي لم تحدث في العالم العربي لتخلّف العقل العربي 0 وانتقد الآراء التي تكرّس للماضي 0 ورأي أنه حتى إذا بقيت في الحاضر بعض عناصر الماضي فيتم ذلك في إطار مختلف 0 فإسلام ابن رشد ليس هو إسلام حسن البنا أو سيد قطب 0 كما انتقد "أدونيس" الذي كان يري الغزالي نموذجاً للفكر العربي 0

وإذا كانت علاقات الإنتاج القديمة لا تزال قائمة ، وأن الفكر التقليدي مازال هو الأكثر حضورا الآن ، فإن بنية النظام الحالي بنية قمعية ، وأن الفكر العربي السائد فكر اتباعي ، ويرفض الإبداع 0

وقد كانت حياة مهدي عامل حافلة بالإنتاج الفكري والحوار ، وكانت أفكاره دائما تطرح العديد من الأسئلة ، وتجيب عن تساؤلات يطرحها الواقع ، سواء في لبنان أو العالم العربي ، فمن نظرية الثورة ، إلى التناقض ونمط الإنتاج الكولونيالي ، إلى الخوض في مجال التربية والتعليم والمناهج الدراسية ، ونقد الطائفية ، والعلاقة بين النظرية والواقع ، ومواجهة الأفكار السلفية وتسليط الضوء ونقد آراء إدوارد سعيد في "الاستشراق" وانتهاء بكتابة الشعر: ( تقاسيم على الزمان ) ، و ( فضاء النون )

لقد كان مهدي عامل غير مبال بالتهديدات التي جاءته محددة بأنه سوف يكون الهدف الثاني بعد المفكر الكبير" حسين مروّة " (1908 ، 1987) الذي اغتيل في فراشه في فبراير 1987 0 لم يعبأ للتحذيرات ، وظل ظل يمارس حياته العادية كأن شيئا لم يحدث ، فجاءته الرصاصات من سيارة ، وهو في طريقه إلى معهد العلوم الاجتماعية للقاء طلابه سائرا على قدميه 00 وكانت أصابع الاتهام تشير إلى التطرف الإسلامي ( أمل – وحزب الله ) ولم يكن مهدي عامل آخر الشهداء فقد تلاه آخرون من المفكرين العلمانيين والعقلانيين الذين ضاقت بهم خفافيش الظلام 0



#رمضان_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يفكر المثقفون ؟!
- العقلانية العربية ومشكلات الحداثة
- المفكر العلمانى فؤاد زكريا فى عيد ميلاده الثمانين
- الابداع والحرية
- الاصولية الاسلامية --الاحوان المسلمون نموذجا
- المفكر والسلطة
- التعبير فى الفن
- شعر : الوردة
- معذرة ياقمرى ----شعر
- الغيبوبة والسكين
- الصخرة الدموية
- مادة العمل الفنى
- على هامش الذكرى
- كلمات مختصرة عن الشىء الشائع
- فلسفة الفن عند زكى نجيب محمود
- آه يامصر
- الالتزام في الادب والفن بين سارتر والماركسية


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رمضان الصباغ - الشهيد مهدي عامل الذى أرعب الظلاميين بفكره ومواقفه