أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسل الأصبحي - قصة عاشق!















المزيد.....

قصة عاشق!


باسل الأصبحي

الحوار المتمدن-العدد: 723 - 2004 / 1 / 24 - 06:28
المحور: الادب والفن
    


أحببتها من كل قلبي وبكل جوارحي..
لقد غير حبها كياني وانعكس في تصرفاتي!
كل من في القصر لاحظ هذا في سلوكي. هي أيضا كانت من أول من لاحظه، لكن لم يفطن أحد أن حبي لها يكمن وراء تصرفاتي الغريبة تلك في الأيام الأخيرة..
هل كان عليّ البوح بحبي لها حتى تتفطن ويتفطنوا؟ وهل لمثلي البوح؟ تسائلت..!
ـــــــــــــــــــــ

ترملت وهي لم تزل في ذروة شبابها، مات عنها زوجها العجوز وهي في سن التاسعة عشرة.
تركها..، ولكنه ترك معها الكثير!
قصر وخدم ومال وفير، وكنت أنا فيما ترك.

لا زلت أذكر أول يوم دخل بها علينا وهي عروس، وكيف أخذ يعرفها علينا واحدا واحدا بأسمائنا، ونحن ننحني لها تحية..

حلوةٌ إبتسامتها..
دوما تنفرج شفتاها عن شمس حين تبتسم..
شعرها المتموج الأسود، ليلٌ حط رحاله على رأسها وأسدل أطرافه بين ظهرها وصدرها..، صدرها ذاك الجبل العارم شديد الإنحدار..
كانت جميلة..، جميلة جمالا لا يوصف!
لا يصدق عليها الوصف مهما أبدع الواصف..

عرف منذ الوهلة الأولى أنه لن يستطيع أن يوفر لها حاجة الشباب من الفرح والمرح، فهو إضافة إلى شيخوخته التي لا تسمح له بمجارات من هم في سنها كان منشغلا في أمور تجارته. لهذا عهد إلي من أول يوم أمر مؤانستها والترويح عنها، وهي المهمة التي يشهد كل من في بيت سيدي أني قمت بها على أكمل وجه وبمنتها الأمانة..

إن علاقتي بسيدي جدا قوية، كانت علاقة بين أب وإبنه! نعم كان سيدي يعدني بمقام الإبن، فسيدي عقيم لا ذرية له ومن ذاك اليوم الذي عرف فيه أمر عقمه بحث عن من يتبناه فتبنى في أول الأمر أحد الأطفال ممن كان يعيش في الملجئ، وكان له نعم الأب وأعطاه كل ما يمكن أن يعطيه أب لإبنه، ولكنه للأسف عندما شب نسي كل الحنان والرعاية التي أحاطه بها سيدي فاختلس أموال تجارته التي عهد له الحج أمر إدارتها، ليأهله لخلافته عليها بعد وفاته، ولكنه إستعجال الشباب!

كانت صدمة سيدي كبيرة ولكنه قام منها بسرعة، فسيدي للشهادة رجل قوي قل أن ترى أحدا في صلابته

توسم سيدي فيّ الخير وأختارني أنا من دون من كانوا حوله ليتبناني، ولقد سمعته وهو يقول لخادمه العجوز: "هذا هو من يبقى فيه الطيب" كانت شهادة طالماأعتزيت بها، وأقسمت من يومها أن أكون عند حسن ظنه بي..

رافقت سيدتي في كل مكان تذهب إليه وبقيت معها حيث تبقى ما كان لي البقاء، لا آلو جهدي لكي أكسر إحساسها بالوحده وأبث في قلبها السرور إرضاءا لسيدي ومولى نعمتي قبل أن يكون إرضاءا لها.

أستمريت على هذه الحال على مدى عامين وأنا أتفانى في ما أوكل إلي من مهمة، تقديرا لثقة سيدي بي! فهو لم يثق بأحد في أمر زوجه إلا أنا! كانت ثقته بي تفوق كل تصور. وكيف لا يثق بي وقد أتخذني ولدا له!

حتى أتى يوم وفاته..، يوم وفاته! ذاك اليوم المشؤوم كان وقع خبر وفاته علي كالصاعقة..

هي أيضا تزلزلت من هول الفاجعة، لم تتصور الحياة من دونه فهي لم تعرف الحياة إلا من خلاله، لم يكن لها أهل سوى جدة عجوز رعتها بعد وفاة والديها والتي بدورها توفيت بعد زواجها بثلاثة أشهر. أقدر شعورها فأنا أيضا لا أهل لي ولولا عطف سيدي لم يكن لأحد أن يعلم ماكانت ستكون عليه حياتي؟ إنها حقا حيات التشرد!

لقد ترك فينا رحيل سيدي فراغا كبيرا لا يمكن أن يسد، ولقد رأيت هذا الإحساس بالفراغ إلى جانب الإحساس بالضياع فيها كلما ألتقت عينانا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــ

خلعت ثيابها أما مي فأشحت ببصري عنها خجلا، ولكني عاودت النظر إليها عندما أستدارت واعطتني ظهرها ماشية نحو الجدول القريب من التل حيث كنا دوما نقعد أنا وهي، ننظر إلى الأفق من غير أن نتبادل الكلمات، خلا من كلمات قليلة كانت تبوح بها تحمل في طياتها قصة طفولة شقية مليئة بالحرمان وكنت حريص على الصمت أثناء كلامها إحتراما لتلك المشاعر التي كانت تعتلج صدرها وصدري أيضا أسا على ماض بئيس عاشته، حرمها من حنان الأب والأم..

ماذا كان هذا خلف الشجرة أعلى التل؟! كان يشبه شبح إنسان، نعم كان أحدهم يتلصص النظر على سيدتي وهي تستحم في مياه الجدول، ركضت مسرعا تجاه الشجرة حيث ألفيته هناك منذهل من السرعة التي أتيت بها، أكتفيت بنظرات تهديد ووعيد من عينين ناريتين ففهم الرسالة وذهب مسرعا..

لم تكن هذه المرة الأولى التي يأتي فيها هذا الطفيلي ليسترق النظر إلى سيدتي، ولكنها كانت المرة الأولى التي هرعت فيها إليه حاملا إليه نظرات الوعيد..

يبدوا أنها كانت قد أنتبهت للأمر، وهاهي الآن تخرج باتجاهي عارية فأشحت ببصري عنها. كان يزعجني أن تتعرى أمامي بغير خجل! ولكن لم يكن لي أن أعترض..

لا أدري، ولكن كان ثم هناك شعور يتملكني أنها تعرف منذ فترة طويلة أن هناك من كان يراقبها وهي تستحم عارية وأنه كانت ترتاح لهذا!

لقد صدق ظني في تلك الليلة! قد لاحظت في الآونه الآخيرة أنها تذهب بدوني، بل وتكثر من الذهاب وحيدة ليلا، فقررت أن ألحقها وأتبين الأمر، وأتثبت من الهواجس التي كانت تدور في رأسي. في البداية شعرت أن في الأمر نقيصة أن تتطلع على خصوصيات الغير ولكني تحت ضغط الغيرة- نعم الآن أعلم أنها كانت الغيرة- عللت الأمر بأنه حرصا مني على سلامتها!

وهناك عند الشجرة رأيتها ورأته معها..، كانا عاريين، كانت واقفة على ركبتيها ويديها وكان هو يمتطيها وشهيقها يملأ ليل المكان وقلبي ضجيجا.

لقد رأيتها اليوم، رأيت فتاة أخرى غير تلك التي أعرفها..

رأيت شهوة تتفجر!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أستمر خروجها ليلا لتلتقي به، وكففت عن اللحاق بها حتى لا أوجع قلبي ثانية برؤيتها معه. ولكن هيهات لهذا القلب أن يهدأ، فقد كنت أسمع شهيقها ويتمثل لي مرآه وهي يمتطيها كل ليلة مع خروجها، وأنا هنا لا أغادر القصر..

كانت أصعب أيام عمري تلك الأيام التي كنت أراها فيها تخرج أمام ناظري إلى أحضان أحدهم وأنا هنا عاجز عن منع هذه المهزلة. صدقوني الموت أهون عليّ من هذا العذاب اليومي، ولقد هممت أن ألقي بنفسي من شاهق أو أرمي بنفس تحت عجلات القطار الذي يمر غير بعيد عن قصر سيدي..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

أزداد الأمر سوءا عندما رأيته هذه المرة ولكن أين؟ هنا في القصر!
لم يعد الأمر خافيا فقد فسر كل من في القصر سر خروجها ليلا كل يوم، هو عشيق تقابله سرا، وقد علمت هي أنه لم يعد خفيا أمرها فقررت أن تستمر في فعلها علنا وتحت سمع وبصر الكل لهذا أصطحبته معها إلى القصر وبات ليلته معها، لتكون الطعنة النجلاء لي!

صدرت الأوامر بأن تطاع كلمته ككلمتها، وامتثل الجميع إلا أنا،
حيث كنا دائما نتبادل نظرات التحدي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أشتد بي الأمر وهالني أن أعيش هذا الهوان، أن ُتمتطى من أُحب كل يوم تحت سمعي وبصري وأنا لا أحرك ساكنا،
حقا أنها لحياة حقيرة تلك التي أرتضيتها لنفسي..

قمت وركضت ثائرا باتجاه باب القصر ودلفت إلى الداخل وتوجهت إلى الطابق الثاني حيث كانت غرفتهما- غرفة سيدي سابقا- وأقتحمتها عليهم بشكل مريع وبدون سابق إنذار وثبت عليه فرميته من عليها إلى الأرض وجثمت عليه بثقلي- كنت ضخما وقوي- وعضضت عاتقة بالقرب من رقبته، وكان يطلق الصرخات في حين كنت أحاول الوصول إلى وريدة..

وبينا أن أسعى للوصول إلى وريده سمعت صوت تحطم على رأسي!

لقد كانت هي.. حبيبتي قد هوت على رأسي بمزهرية كانت بجانب السرير الذي كان يهتز بها هي وهذا الحقير اللص، الذي سرقها مني..

كانت أنفاسها تتسارع من الحدث وكانت تواجهني وهي تلوح بعصى سيدي التي كان يتكئ عليها، لا أصدق أنها مستعدة أن تضحي بي لأجله، تضحي بي أنا من أحبها وأخلص لها بصدق لأجل رجل لم تعرفه إلا من أسابيع، كل ما قدمه لها ليالي حب زائف على سرير بارد..

وبينما أنا تحت تأثير الصدمة من فعلها أحسست بسخونة تخترق جانب بطني لتنفذ من الجانب الآخر، وألتفت إليه وكان ماسكا بمسدس سيدي والدخان يخرج من فوهته..

أنتابني شعور قاتل،
ذاك الذي تشعره عندما تعرف أنك مرفوض ممن تحب..

شعرت بالدموع تتجمع في عيني ولكن لم يكن لمثلي البكاء فهرولت عابرا حجرتها باتجاه النافذة التي حطمت زجاجها قبل أن أعبرها حاملا معي جروحي..

ولشدة فرقي من الأمر وتعب جسمي من الرصاصة التي أخترقته فقدت توازني فوقعت بظهري على حافة الدرج الإسمنتي الذي يوصل إلى مطبخ القصر، فسمعت فرقعة تصدر عن ظهري، ولكني لم أفقد وعي،
رأيتهم كلهم حولي كل من كان في القصر كان قد ألتف حولي وأقترب أحدهم مني وقال لهم بعد أن فحصني أنه قد كسر مني العمود الفقري إضافة إلى الطلق الناري.

شقت طريقها بينهم وهي تصرخ" لقد خرف هذا الكلب أصبحت تصرفاته لا تحتمل فليحمله أحدكم إلى أقرب مزبلة ليموت فيها"، كانت تلك آخر جملة سمعتها منها.
لم يجرؤ أحد على تلبية طلبها فالكل كان يعرف المكانة التي كنت أحتلها من قلب سيدي، ولكن اللص لم يأبه وأندفع نحوي وجذبني من طوقي وأخذ يسحبني إلى خارج القصر،

كنت ألقي نظرتي الأخيرة على القصر وهويبتعد مني وأتذكر ذكريات لي فيه كانت جميله ..

لم تكن بي قوة على النباح ولكن هذا لم يحول دون عواء حزين بكا له من كان حولي من سكان القصر قبل أن يغيبوا عن عيني..
 
بقلم: باسل الأصبحي  



#باسل_الأصبحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى تعلموا لما نصبتُ حبل المشنقة؟


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسل الأصبحي - قصة عاشق!