أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد نبيل - رسالة من موسكو: ثلاث جمعيات لتمثيل المغاربة في روسيا و حضور باهت للمغاربة في المشهد الروسي !















المزيد.....



رسالة من موسكو: ثلاث جمعيات لتمثيل المغاربة في روسيا و حضور باهت للمغاربة في المشهد الروسي !


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 2334 - 2008 / 7 / 6 - 10:35
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


ثمثل المهاجرين المغاربة في موسكو ثلاث منظمات مدنية توالدت بفعل الصراعات التي وقعت بعد تأسيس أول جمعية بداية الألفية الثالثة، و نعني بها جمعية دار المغرب . ترى لماذا هذا الصراع بين جمعيات المهاجرين المغاربة وما هي خلفياته ؟ أسئلة، قادتني إلى محاورة عدد من مسؤولي المنظمات الثلاث ،بل وحضور إحدى جلساتهم في جامعة الصداقة بين الشعوب ، لمعرفة خفايا الصراع و آفاق مغاربة قرروا أن يستقروا في بلد تواجههم فيه العديد من العقبات والمشاكل.

دار المغرب بداية الصراع !
عندما قرر بعض المغاربة تأسيس جمعية دار المغرب، كان غرضهم حسب تصريحات أعضاءها، هو تنظيم أنشطة مغربية، و التعريف بها لدى الشعب الروسي. هذا الرأي الذي صرح لي به رئيس الجمعية في إحدى الجلسات التي جمعتني به ، لا يتقاسمه العديد من المهاجرين ، و خاصة أولئك الذين خرجوا من رحم دار المغرب وأسسوا جمعية الجالية المغربية التي نجري حوارا مع رئيسها في هذه الحلقة . جمعية المثقفين المغاربة تعد ثالث إطار يتشكل في ظرف وجيز، ليصبح للمغاربة ثلاث أصوات جمعوية لكنها خافتة. غياب الأنشطة الثقافية و حضور باهت في المشهد الروسي في العاصمة، أمر دفع بعض المهاجرين و أعضاء دار المغرب مؤخرا، إلى عقد اجتماع في مقر جامعة الصداقة بين الشعوب. حضرت اللقاء، لكن حصيلة الاجتماع ـ الذي غاب عنه أعضاء مكتب الجمعيتين المتبقيتين (المثقفون المغاربة و الجالية المغربية )، لأسباب لا نعرفهاـ لم تكن مُرضية.

خلفيات الصراع بين الجمعيات الثلاث، يقول عنها رئيس دار المغرب، إنها غير سياسية و البعض الآخر يقول عنها شخصية، أما آراء أخرى فتعتبر سبب الانفصال و الصراع هو غياب الديموقراطية و التنظيم في جمعية دار المغرب.

مشاكل المغاربة بالجملة و انشقاق الجمعيات واحد !
تأسيس دار المغرب و خروج جمعية الجالية المغربية من حضنها و التي بدورها سيخرج منها مولود جديد: المثقفون المغاربة، الذي يقول رئيسها د. المعطي موفكاد ، أنه من الصعب فك عقدة صراعات الجمعيات الثلاث .أمر يطرح أكثر من سؤال حول آفاق المهاجر المغربي، و الصورة التي يمكن أن يساهم في تقديمها للشعب الروسي الذي يرى المغرب صحراء مليئة بالبرتقال.
مشاكل الجالية المغربية تعرفنا عن بعضها و نحن نجالس محمد باهنا مدير مطعم و مهاجر مغربي حاصل على الجنسية الروسية. مشاكل المغاربة متعددة . فهناك أولئك الذين يعتقلون و السفارة المغربية لا تعلم عنهم أي شيء، بل لا تقدم لهم حتى المساعدة. فمحمد باهنا يتذكر بمرارة، كيف بلَّغ السفارة المغربية خبر حالة مهاجر مغربي قتل مغربيا آخر. الجرائم المرتكبة من طرف المغاربة دفعتني إلى طرح السؤال على باهنا حول المغاربة الموجودين خلف الزنازن الروسية ، أجابني و كانت في عينيه حرقة مغربية :
ـ منذ ثلاث سنوات كان هناك 11 مغربيا معتقلا. والغريب في الأمر هو أن هناك من ينتظر من المعتقلين من يؤدي لصالحه كفالة ماليا للإفراج عنه . السفارة المغربية لا تعلم ذلك، بل لا تعرف كيف يعيش المغربي في روسيا.

حاولت الذهاب بعيدا في حواري، و طرحت السؤال على باهنا الذي هو عضو في مكتب جمعية الجالية المغربية، حول الأسباب الرئيسية وراء دخول المغاربة السجون الروسية. رد علي و بوضوح تام وانطلاقا من تجربته الميدانية :
ـ أسباب اعتقال المغاربة مختلفة، فهناك من يدخل السجون الروسية بسبب المخدرات و القتل و السرقة أو الهجرة السرية...جمعية الجالية المغربية كانت تريد المساعدة، لكن السفارة المغربية لم تقم بالواجب و هناك مشكل في الاتصال بالسفارة هنا في موسكو. نعلم أنه ليس هناك اتفاقية لتبادل المعتقلين بين المغرب و روسيا، لذلك يظل المعتقل وراء القضبان إلى حين ترحيله. لكن ظروف السجن الروسي قاسية جدا فهي ليست كأوروبا، فالمعتقل يخرج وهو مصاب بأمراض كثيرة كالسل و غيره !
اكتشفت في محاورتي لمحمد باهنا ،أن مشاكل المغاربة تتجاوز السجون و الاعتقال لتصل إلى أمور تتعلق بالوثائق المغربية. استغربت كيف لا يمكن لأبناء الجالية المغربية الحصول على بطاقة التعريف الوطنية في السفارة التي تبرر الوضع، و كما جاء على لسان باهنا، بأن ممثل الإدارة العامة للأمن الوطني غير موجود في مقر السفارة المغربية في موسكو. فممثل الجيش و المخابرات و غيرهم موجودين في السفارة باستثناء ممثل إدارة الأمن الوطني...حال غريب و نتائجه أغرب على الجالية المغربية .

محمد باهنا لم ينس أن يؤكد لي عن صدمته بعد فتحه لموقع إخباري مغربي على شبكة الإنترنت ،خاص بجمعية الجالية المغربية. فالعديد ممن كاتبوا الموقع كانوا من المغرب يطلبون العمل. قالها بنبرة يائسة :
ـ كنت أنتظر أن تأتيني طلبات الشغل من روسيا لكن.... !

موقع السفارة في مشهد المشاكل المغربية، كان يتطلب أخذ وجهة نظرها في الموضوع. وكعادتي في مثل هذه الحالات، اتصلت هاتفيا بالقنصل المغربي في محاولة لعقد لقاء مع السفير المغربي، نسلط فيه الضوء على مشاكل الجالية المغربية في روسيا. وعدني القنصل بأنه سيبلغ السفير الأمر قبل أن يتصل بي، لكن شيئا لم يقع....فلا حياة لمن تنادي، فهاتف السفارة لا يرن، كما قال لي أحد المغاربة هنا في موسكو !

وكاستخلاص أولي، نجد أن المغاربة الذين فضلوا الاستقرار في روسيا، تجمعهم الهموم و المتاعب مع البلد المضيف من جهة و السفارة المغربية من جهة ثانية، كما تجمعهم لعنة الانشقاق الذي تظل باكورته، هي تكريس منطق التشتت وغياب فعاليات وأنشطة تقدم الصورة المغربية المجهولة لدى الشعب الروسي.
...................................................................................
في حوار مع د. الإدريسي رحالي رحال ،

*أحمل جوازا روسيا و لم أشعر أنني اندمجت...!

الإدريسي رحالي رحال، 58 عاما ، واحد من الأطر السياسية التقدمية المغربية التي درست سنوات السبعينات في الإتحاد السوفيتي سابقا، أصابه الإحباط حين عاد إلى وطنه الأم ،وتحمل مسؤولية دار النشر المغربية التي واجه فيها ضغوطا سياسية عدة ، الشيء الذي جعله يقرر العودة مجددا إلى روسيا .

حكاية الإدريسي رحالي مع الهجرة و المهاجرين في روسيا ،و تصوره للمشهد السياسي المغربي، مواضيع نتطرق إليها في هذا الحوار الذي جمعنا به في العاصمة الروسية موسكو.

س : بداية ، لماذا اخترت روسيا و كيف تم ذلك ؟
كانت لدي الإمكانية أن أذهب إلى العراق حين كان المد الاشتراكي في عز انتشاره. كنت داخل الشبيبة الاتحادية وكان أطرنا يعانون من نقص في التكوين الماركسي اللينيني. لذلك ، اخترت الإتحاد السوفيتي حتى أدرس التجربة السوفييتية ، و أعود لألقنها للأطر داخل الحزب و القطاع الطلابي . قال لي عبدالرحيم بوعبيد الله يرحمه ،" ماعندك ما دير في الإتحاد السوفييتي " . وبسبب هذا الرفض، خضت صراعا مريرا مع عبدالرحيم لمدة 7 أيام . وفي يوم ما، حين كان يمدد يديه على شعره كعادته، التفت ثم نظر إليًّ و قال لي:
ـ أتمنى لك حظا سعيدا .

أتيت رفقة المرحوم العلالي ، أما عائشة بلعربي، فجاءت بعد عام من التحاقنا. وبمجرد وصولي وجدت طوابير عباد الله ينتظرون لشراء الشومبو والسمك . أتذكر جيدا، كان يوم السمك الأسبوعي، فكل المأكولات كانت بالسمك. تساءلت :
ـ لماذا لا يختارون محلا آخر لشراء الشومبو ؟
أجابني أحدهم:
ـ إنك في الإتحاد السوفييتي ، ولست في بلد آخر !
عدت إلى المسئولين الروس و قلت لهم: أريد العودة إلى المغرب. كان الأخ يوسف بوعريش الطبيب ، الذي أرغمني على القيام بجولة في البلاد لمدة شهر، و بعدها أقرر في مسألة العودة أو عدم العودة إلى المغرب ، لكن في النهاية، قررت البقاء و متابعة دراستي في تخصص الهندسة المعمارية .لكن في إحدى حصص مادة تاريخ الحزب الشيوعي و وبحس سياسي مغربي ، قلت للطلبة العرب :
ـ إن الإتحاد السوفييتي له مصالح استراتيجية في العالم مثله مثل أمريكا .
رد علي الطلبة :
ـ هذا غير صحيح ، الإتحاد السوفيتي يساعد العرب ...!
بعد ذلك، توجه هؤلاء الطلبة إلى عمادة الكلية وبلغوها ما صدر عني داخل المدرج. أستاذ المادة آنذاك ، أراد أن ينتقم مني، ما دفعني إلى تغيير الشعبة، والالتحاق بشعبة القانون الدولي في أوكرانيا . أنهيت دراستي و حصلت على شهادة الدكتوراه في قانون البحار، كما أصبحت أستاذا في هذا التخصص إلى أن تزوجت هناك. وفي عام 1985 عدت إلى المغرب، لكن وزارة الصيد البحري رفضت أن تقبل شواهدي الجامعية. لحلو، الكاتب العام لوزارة الصيد البحري في تلك المرحلة، عمل كل ما في وسعه حتى لا أعمل في الوزارة. اتصلت بمحمد اليازغي ، فقال لي إن هناك العديد من المشاكل في دار النشر المغربية ، كن مسئولا عنها . وقعت لي مجموعة من الإصطدامات مع أخوة المكتب السياسي الاتحادي، لأنني أردت أن أعطي لدار النشر طابعا تجاريا ، لكنهم أرادوا أن يكون للدار طابعا سياسيا. و بسبب ذلك قدمت استقالتي التي رفضت عدة مرات... إلى أن قدمتها بشكل قانوني إلى محمد منصور ، فلاح من برشيد ومدير دار النشر المغربية آنذاك ، وهو الذي عمل قنبلة مارشي سونترال . نسي منصور استقالتي في محفظته لانشغالاته الفلاحية ، الشيء الذي أدى بي وبعد شهر ، إلى العودة من حيث أتيت رفقة زوجتي و أولادي. عدت إلى كييف ،ثم بعد ذلك إلى موسكو وخلقت شركة النشر التي تقوم بطبع الكتب الخيالية الممنوعة آنذاك في زمن الإتحاد السوفييتي. خلقت بعدها شركات عديدة ، إلى أن أسست شركة سوكوناب المتخصصة في النشر وأطلقت عليها اسم : الشركة القارية لإفريقيا و أوروبا. حاولنا في البداية استيراد السردين المغربي، لكن المافيا الروسية خذلتنا. توقفنا عن هذا العمل و نقوم حاليا بطبع المطبوعات و النشرات الخاصة بالسفارات فقط.

س: كيف ترى من موقعك، تجربة الهجرة ؟

لأكون معك صريحا، أخي محمد، لم أشعر أنني غريب، لأنني تزوجت روسية عاشت في القوقاز. مررنا بأيام الشقاء و الفرح و لنا ابنين. لا أشعر أني بعيد عن بلدي. لدي اتصال مع المغرب . لم أشعر بالغربة ، ربما لأنني درست هنا و تعرفت عل العقلية الروسية .

س: هل بالفعل مازالت لك نفس النظرة حول الهجرة ؟

بالرغم من أنني أحمل جوازا روسيا ، لم أشعر أنني اندمجت في المجتمع الروسي. أنا أشعر أنني مغربي لم يقدر على الاندماج . إن أردت الدخول في حزب روسي لا أحد سيقبلني. فأنا لست أشقرا وهم سيرون الإدريسي رحالي القادم من المغرب. هذه عنصرية، و من الصعب لواحد مثلي مارس السياسة في المغرب أن يندمج في هذا المجتمع. لدي خصوصية . وبالرغم من ذلك، نقاشاتي مع الروس تجد ردود ايجابية . أشعر في عيونهم احتراما كبيرا . لكن هذا على الصعيد الاجتماعي، لكن على صعيد السياسي، فهذا صعب التحقيق ، لأنه وكما قال رئيس الوزراء الروسي السابق ، أي محاولة لخلق حزب في روسيا تؤدي إلى تأسيس الحزب الشيوعي في نهاية المطاف. وحتى روسيا الموحدة (حزب السلطة)، جل أعضاءه، كانوا في الحزب الشيوعي، اللون الأبيض عوض اللون الأحمر فقط.

س: ما الذي يخفف من آلام الغربة والعنصرية ؟

هناك عدد من المغاربة في موسكو، و هذا يلعب دورا سيكولوجيا كبيرا. أقدم مثالا بالصديق عبدالله الذي كان يحس بألم العزلة . كان الأجنبي الوحيد في تلك المدينة . منعوه حتى من أن يرتدي لباسا صنع في الخارج، و قالوا له عليك أن تلبس مثلنا. قال لي يوما ما:
ـ سأموت في هذه المدينة ...!
اقترحت عليه أن أرسل له نسخ من جرائد المحرر... بعدها بمدة زمنية معينة ، قال لي :
ـ لقد وقع الاتصال بيني و بين المغرب.
كان ذلك عام 1976 ، عندما خلقنا الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في موسكو . كنت في السنة التحضيرية أتعلم للغة الروسية . خلقنا الإتحاد في فصل البرد و الشتاء الروسي. رخصوا لنا بيوم واحد لتنظيم المؤتمر . كنت أنا و العلالي و عبدالرحيم الرجراجي الله يرحمهم . قلنا للروس، إن المؤتمر سيدوم ثلاثة أيام عوضا يوم واحد. كنا نتحمل المسؤولية في مرحلة الشباب ....الثورية كانت تجري في الدماء. وجدنا حلولا لعدد من مشاكل الطلبة باسم الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، كحالات الطرد . كان الروس يخافون منا، لأنهم يتوفرون على لائحة بأسماء المشرفين على فدرالية الطلبة التي تضم ثلاث منظمات سياسية لها شعبية كبيرة في المغرب، وتلعب دورا كبيرا. استمر الإتحاد الوطني ثلاث سنوات لكن بعد ذلك انتهى أمره!

س: بعد هجرتك إلى الإتحاد السوفيتي، بدأت بتعلم اللغة الروسية. ما هي العلاقة التي تنسجها مع هذه اللغة ؟

هناك تشابه بين اللغة الروسية و اللغة العربية فيما يخص الأزمنة . الماضي و المضارع و الأمر . وهناك ظاهرة معروفة وهي أن المهاجرين من شمال أفريقيا يتعلمون اللغة الروسية بسرعة على عكس الإخوة اليمنيين مثلا. عندما بدأت في تعلم اللغة، نصحني المرحوم الرجراجي :
ـ إذا أردت تعلم اللغة الروسية، فما عليك إلا أن تحفظها كما تحفظ القرآن . كرر العملية لمدة ثلاث أشهر وسترى!

س: بعد مسلسل الهجرة، أصبحت كذلك رئيسا لجمعية الجالية المغربية، ما هي الإنجازات التي حققها إطاركم الجمعوي ؟

عملنا الكثير من الأمور، جمعية الجالية المغربية كان لها صدى داخل المغرب وفي روسيا. أتذكر، راسلت وزير العدل الروسي السابق بخصوص حالة معتقلين مغاربة، فأطلق سراح خمسة منهم من بينهم فتاة مغربية. جمعية الجالية المغربية قامت كذلك بإصدار جريدة الجريدة المغربية في روسيا الفدرالية، وهي عبارة عن نشرة داخلية توزع بالمجان بين المغاربة الطلبة منهم و المهاجرين، وتضم أخبار عن المغرب وأنشطتنا. كنت مكلفا بعملية الطبع والنشر . آنذاك كان السفير السابق الجداوي ، الذي وصله الخبر عن طريق "شي خوت " ،الذين حملوا النشرة على عجل من أمرهم و ذهبوا عنده. السفير كانت له علاقة جيدة مع جمعية دار المغرب. لا أخفي أنه صديق واتحادي، لكن عندما أصبح سفيرا تغير. المهم لم يدعم العمل الجمعوي ، النشاط الذي كان يقوم به هو مجالسة أعضاء جمعية دار المغرب .
عندما سألني السفير يوم وصله خبر النشرة الداخلية:
ـ لماذا انسحبتم من جمعية دار المغرب ؟
أجبته بدون تردد :
ـ هؤلاء تجار و نحن لدينا رؤية أخرى للعمل. قمنا بعدد من الاجتماعات واللجان، لكن فهمنا بعدها بأن هناك أناس لهم مصالح شخصية، فخرجنا من هذا الإطار و خلقنا جمعية الجالية المغربية بلجان مختلفة و برنامج خيالي إن صح التعبير.
البيروقراطية الروسية و التنظيم يتطلب ميزانية ضخمة و نحن ليس لدينا الإمكانيات. أما دار المغرب فكان لابد من الخروج منها، فالرؤية للمستقبل و طريقة التنظيم و ضرورة تنظيم مؤتمر لتنصيب رئيس جديد، كلها مطالب ديموقراطية رفضها الإخوة في دار المغرب.

لقد كان هدفنا في الجالية المغربية، هو استقدام فرق فلكلورية مغربية مثلا، حتى يعرف الشعب الروسي الثقافة المغربية. الروس يقولون إن المغرب فيه البرتقال و شعبه صحراوي. أجيبهم في كل مناسبة :
ـ وهل سبق و أن رأيتم البرتقال يزرع في الصحراء ؟

س: إذن يبدو أن هناك صراعات سياسية بين الجمعيات المغربية ؟

ليس هناك صراعات سياسية . ربما، الإخوة في دار المغرب ترى الصراع سياسيا. دار المغرب فيها أغلبية من حزب التقدم و الاشتراكية و أنا اتحادي ومعي أخوة آخرين يتعاطفون مع الإتحاد . الصراع هو في طريقة التنظيم و الآفاق . سنوات مرت وليس هناك جمع عام. فجمعية دار المغرب لها طابع تجاري، فعندما طلبنا منهم القانون الأساسي رفضوا...وعندما توصلنا به ، أكتشفنا أن الجمعية تجارية ،غرضها توطيد العلاقات التجارية بين المغرب و روسيا، و لم نجد بنودا تخص تنظيم الأنشطة الثقافية مثلا. هناك كذلك، استغلال مغاربة تزوجوا بروسيات ووقع الطلاق، وظلوا في وضعية غير قانونية. فهؤلاء كانوا يرون في جمعية دار المغرب متنفسا للاشتغال، لأن رئيسها رشيد العربي يشرف على أكبر بازار في موسكو . سأقول لك ، حزب الاستقلال أكبر حزب مغربي خرج منه الإتحاد الوطني للقوات الشعبية . نحن كذلك لنا نفس المصير.

س: بحكم تجربتك و ممارستك الجمعوية ، ما هي في نظرك المشاكل الكبرى للجالية المغربية ؟

كل مغربي مهاجر في روسيا له مشاكله الخاصة التي يعيشها بطريقة سرية. كأحد الإخوان الذي كان مطلَّقا من روسية، ويأتي إلى الاجتماعات معنا و لم يقل أبدا إنه لا يتوفر على وثائق الإقامة. العديد ليسوا في وضعية قانونية. معرفة مشاكل المغاربة في روسيا أمر صعب، فكل واحد يخفي ظروفه ومشاكله.

س: أنت تقيم في المهجر منذ أكثر من 25 عاما، كيف ترى مغرب اليوم ؟

أين هم المغاربة الدين لهم غيرة و حب الوطن مثل أولئك الذين كانوا في الإتحاد الوطني لطلبة المغرب. بدأت الدراسة عام 1975 و عدت إلى المغرب عام 1985، فوجدت البلد قد انقلب رأسا على عقب. أصبح المغرب بلدا ماديا ، فالناس نسوا التضامن العائلي و احترام الأبناء للآباء . الأسرة أضحت مبنية على ما هو مادي. الآن هناك جيل جديد ، إن سألته عن المهدي بن بركة أو عبدالرحيم بوعبيد أو الفقيه البصري ، يجيبك: لا نعرفهم . إنه جيل البرابول و الهاتف المحمول ، إنهم يشاهدون صور أوروبا و يريدون فقط الذهاب إلى هناك، و ليس شيئا آخر، لذلك يجب عليك أن تزن أي خطوة تخطوها .

س: لكن، ماذا بخصوص المشهد السياسي المغربي حاليا ؟

كانت في المغرب قوى القصر و المعارضة متمثلة في الإتحاد الاشتراكي . عندما دخل الإتحاد الاشتراكي في الحكومة و القبول بالدستور و بالملكية ، انتظر الشعب المغربي معجزة ستحدث في المغرب ، كل المحاولات التي قادها الأخ عبدالرحمان اليوسفي و الوزن السياسي الذي يمثله، باءت بالفشل. مشاكل المغرب تراكمت لمدة 40 عام . هذه المشاكل لا يمكن حلها في ظرف وجيز، والوزير الأول ليس له سلطة الضرورية كي يطبق البرنامج السياسي لحزبه أو الأحزاب الوطنية (وليس الأحزاب المتملقة التي خلقت في زمن القمع ).

في نظري حتى نسترجع الأمل ، لابد أن يراجع الإتحاد الاشتراكي موقفه من الدخول إلى الحكومة و الدعوة إلى مؤتمر يشارك فه كل المناضلين ، سواء من عاش أيام الاستعمار أو أجيال ما بعد الاستقلال أو الغاضبين من دخول الحزب إلى الحكومة . رجوع الإتحاد إلى موقفه النبيل و هو الدفاع عن مصالح الطبقات الشعبية و مستقبل المغرب ، هو الكفيل بإفراز الساحة السياسية المغربية للأحزاب الحقيقة ، بالرغم من أن المواطن المغربي فقد الثقة في الأحزاب ، كما أن الأطر السياسية المغربية ليست لها بدائل و الساحة السياسية المغربية لم تفرز شخصيات في مستوى المرحوم عبدالرحيم بوعبيد و بن بركة و علال الفاسي .... الآن لدينا نوع من الأقزام .

س: ما هو المخرج من هذه الورطة السياسية، بغض النظر عن مساهمة حزب الإتحاد الاشتراكي في العملية ؟

الإتحاد الاشتراكي سيكون قاطرة و ليس حلا لمشاكل المغرب . الأحزاب السياسية الأخرى يجب أن تتجرد من المصالح الذاتية و الأنانية و التهافت على القصر و على الأموال. على الأقل سنخلق داخل الأحزاب الوطنية نخبة جديدة تجد حلولا للمشاكل الاجتماعية و الاقتصادية. ليست لدينا استراتيجية للتنمية داخل المغرب لمدة سنة أو عشر سنوات ولا هم يحزنون . في روسيا ، هناك استراتيجية للتنمية لعشر أو للعشرين سنة المقبلة . في سنوات السبعينات ، عندما كنا نسافر إلى أسبانيا ،لم يكن هناك فرق بين هذا البلد الجار و شمال المغرب . كان الحمار الأسباني يحرث مثله مثل الحمار المغربي. أسبانيا ذهبت بعيدا بفضل كونزاليس الاشتراكي ، ونحن في حاجة إلى كونزاليس جديد في المغرب ، في بلد أعطاها الله ذخيرة تتمثل في الشباب . روسيا تعاني من شيخوخة الهرم السكاني. نحن عندنا فائض في الطاقات الشابة. أما بخصوص القصر ، فلا يجب عليه أن يلعب على الصراعات و التناقضات داخل الأحزاب وممارسة سياسة فرق تسد ، بل يجب أن يطلق يديه للكل حتى تكون في المغرب ديموقراطية حقيقية . أتسائل، لماذا لا تنظم ندوة وطنية تضم جميع الأحزاب السياسية وجميع المفكرين ....والخروج ببرنامج يساعد المغرب على التخلص من التخلف، لكنه في حالة العكس، أرى أن المستقبل ظلامي في المغرب.

س: إذن ماذا تتوقع ؟

"البربر يجرو لجهة والرباطي و العرب لجهة أخرى" ....سينفجر الوضع في المغرب...!

س: تقول إذن، إن هناك مشاكل عرقية في المغرب ؟

المشاكل كانت دائما موجودة، و الآن بدأت تطفو على السطح. مثلا البربر يعيشون في الجبل وكان يقال، إنهم سينزلون يوما ما لطرد العرب. العرب لا يقبلون تعلم اللغة الأمازيغية، وكأنك تريد فرضها على السكان . ربما الملك كأمير المؤمنين وأب روحي يغطي على الوضع. لكن هناك مجموعة من الشركات لا يعمل فيها، "الشلح " و شركات لا يعمل فيها العرب و أخرى لا يعمل فيها سوى "الفاسي" . شركات فيها فقط "رباطيين" . أما الابناك المغربية فلا تجد فيها موظفا له بشرة سوداء . عندنا عنصرية في المغرب ، العربي و "الشلح" الواحد يخلق نكتا حول الآخر . نحن نضحك الآن ، لكن يوما ما سيكون الوضع أسوأ .

س: أعتقد أن هناك مشاكل أعمق بكثير في مغرب اليوم ؟

مشاكل الشباب و الفتيات اللواتي يعملن في الشركات و قبل التوصل براتبهن بعشرة أيام، يضطررن لممارسة الدعارة. أما الأزواج فتلك حكاية أخرى . الزوج يعيش في بيت عائلته و الزوجة في بيت عائلتها . وعندما يريدون لقاء حميميا، يحملون معهم نسخة من عقد الزواج و يحجزون غرفة في الفندق . هذا الوضع يجب أن ينتهي... لا يمكن بواسطة عصا سحرية أو عن طريق خطاب ملكي أو وزير تقدمي أو بعد أن يبعث بن بركة من قبره ....سنعثر على الحلول . الأحزاب السياسية يجب أن تتخلى عن الأنانية و تفكر في مستقبل المغرب ، لأنه عندما تكون السفينة في خطر يجب أن يتجند الكل ، لإيصالها إلى بر النجاة . السفينة الروسية كانت غارقة في زمن يلتسين ، لكن في عهد الرئيس بوتين تم ترميمها ، بل بدأت تخيف العالم حاليا. روسيا أدت كل ديونها و شطبت الديون الخارجية المترتبة على ليبيا و العراق . حالة المغرب هي نفس حالة روسيا عام 1990. أتمنى من السياسيين المغاربة أن يأخذوا العبرة من روسيا التي كانت مهددة ووصلت إلى بر الأمان. يا أخي ، هناك أطر مغربية أنقدت بنوك افريقية من الإفلاس، وأصبحت من البنوك الكبرى . و لماذا يقوم المغاربة بهذا العمل في أفريقيا و لا يقدرون على القيام به في بلدهم ؟ ما ينقصنا هو الإرادة السياسية . لا يجب على النعامة التي تزج رأسها في الرمال.


س: وعلى ذكر الأطر المغربية، ما رأيك في تأسيس المجلس الأعلى للمهاجرين ؟

هذه مصلحة الحكم وحلول ترقيعية وجدها داخل المغرب، على الأقل لضمان سيولة العملة إلى خزينة الدولة . لا يهمهم لا المهاجرين و لا كيف يعيشون. إن أردنا وبطرق ديموقراطية و استراتيجية، إيجاد الحلول ، فلابد من وضع برنامج للتنمية ، برنامج يؤمن به المهاجرون المغاربة . مثلا، مؤتمر لربط المهاجر بوطنه... نريد تمويل و مساهمة . لا يجب أن نرى في المهاجر فقط وسيلة. عندنا مجموعة من المغاربة يرفضون أن يدخلوا العملة إلى بلدهم لأنهم يخافون... أعرف كذلك، موظفين ساميين ووزراء لهم أموال مودعة في بنوك الخارج. يجب أن نقدم المثال في المغرب. لقد أرادوا في البداية، أن يخلقوا ممثلين للمهاجرين في البرلمان المغربي. وهنا في السفارة المغربية في موسكو عقد اجتماع حول الموضوع، وقلت خلاله بصريح العبارة:
ـ لن يمثلوا المهاجر في البرلمان المغربي، يجب أن يتغير الدستور أولا.
الغريب أنه بدأت الحملة الانتخابية في موسكو ، و كأن الانتخابات حسم أمرها و بدأوا في إقامة الولائم ... !

التمثيل النيابي للمهاجرين ، فكرة تم تغييرها بتأسيس مجلس أعلى للجالية المغربية. ليس عيبا أن يتم تأسيس مجلسا أعلى للجالية مؤقتا، لكن شريطة إقامة زيارات للمهاجرين المغاربة في كل مكان والتعرف على أحوالهم.

س: وبالمناسبة، كيف هي أحوال المهاجرين المغاربة في روسيا ؟

عندما يحصل المهاجر المغربي على الجنسية الروسية ، تظل إمكانية حل المشاكل كائنة، أما في ظل وضعية غير قانونية، فمحكوم على المعني بالأمر بالطرد أو العمل في السوق السوداء بعيدا عن أعين الشرطة الروسية.
.............................................................................
*عن جريدة الصباح المغربية عدد الجمعة 4 يوليو 2008











#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الشاعر شريف الشافعي
- رسالة من موسكو إلى سيدي افني : صور اليوتوب تكشف عيوب السياسة ...
- رسالة من موسكو: غرفة السخافة
- رسالة من موسكو : عندما نأكل مع الجثث
- رسالة من موسكو: وداعا ماريا
- رسالة من موسكو: إلى الغالية دانا،
- رسالة من موسكو : عندما قرر خُرْمَة العودة إلى جهلموت
- سؤال الصحافة
- هنا موسكو : الراحلة
- هنا موسكو : كيف نحلم بصوفيا ؟
- هنا موسكو :العمر مجرد كلمة !
- متاهات الحب
- على هامش الملاحقات القضائية ضد صحافيي -الوطن الآن : ...
- طنجة تتغير....طنجة تختنق
- مقدسات ألمانية
- هل ما زال التغيير ممكنا في المغرب ؟
- سيدي علي وحكاية زواج الرجال بالمغرب
- مأزق الجاليات الإسلامية بألمانيا
- الراب و الحجاب وأشياء أخرى
- في حوار مع نائب رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد عزام


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد نبيل - رسالة من موسكو: ثلاث جمعيات لتمثيل المغاربة في روسيا و حضور باهت للمغاربة في المشهد الروسي !