أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصباح الحق - ما هطل من السماء الخاوية















المزيد.....

ما هطل من السماء الخاوية


مصباح الحق

الحوار المتمدن-العدد: 2333 - 2008 / 7 / 5 - 10:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


معظمنا تبرمج في بيئة دينية ما تختلف شدتها ومرونتها، وسعيد الحظ هو من يشكك فيما تم تلقينه به من تعاليم دينية، مهما غلفتها القداسة المصبوغة عليها توارثياً. إلا أن السواد الأعظم من الناس يجد المأوى والملاذ في النقل بدلاً من إعمال العقل، هائماً بأحلام الخلود الموعود من خالق ليس له وجود.

وهذا ما يجعل بعض المفكرين (الليبراليين جدا) يتذبذبون في أفكارهم، فتارة تراهم قد قطعوا مسافة طويلة في التجرد من الخوف وعقدة اللسان والتحلي بالموضوعية وأفق التفكير وإعمال العقل والتحليل المنطقي، عندما يسردون كيف تكونت الأساطير الميتافيزيقية ودوافع الإنسان البدائي لإيجاد مخرج من معضلة الموت والفناء، ويعززون آراءهم بأدلة- لا ينكرها غير جاهل ومكابر- وأغلبها مما حفظه لنا التاريخ بشتى الوسائل، قبل أن يقدم المنتصر في حقبة ما بفرض التعتيم عليها وتحويرها لتلائم مآربه، وتارة أخرى ينقلبون على رؤوسهم ويركنون للمسلمات ويقولون بجرة قلم بأن ما سردوه وما أنفقوه من وقت (وحياة) في البحث والتنقيب كان للمتعة الفضولية والرياضة الذهنية وليس النقد والشك والتقصي، وبكل بساطة ينتهي بهم الأمر ليؤكدوا لنا أن الحقيقة المطلقة هي ما بين أيدينا من "كتب سماوية" كألواح محفوظة لدى الواحد القهار، وما هي سوى أسطورة.

وهذا ما يدفعنا للتوضيح لمن لا يهمه الأمر أنه لا مناص لأي توجه ديني مستحدث من أن ينهل من العقائد والأساطير القديمة، حتى ولو أنكر علاقته بها باستخدام بعض التطعيمات التي لا تشوه الأصل، بل تزيد من أصالته ورونقه. ويبدو أنّ الأمر كان عرفاً في جميع الديانات والمعتقدات، فالديانة الأحدث، بصرف النظر عن ادعاءاتها، تتبنى كمتلازمة التراث الأقدم وتضعه في قوالب تنسجم والمكتسبات التراكمية من الفكر المتجدد بطبيعته الإنسانية، مع دمج ما هو مستحسن، وغربلة ما هو مستهجن وفقاً للتقدم الفكري والأعراف والتقاليد السائدة والمهيمنة. وبالطبع، تطمس العناصر العقائدية البدائية والبالية حسب ذلك المفهوم.

انسحب هذا التوجه على العبرانيين الذين تشربوا التراث الديني للمنطقة، فظهرت ديانتهم هجيناً مكوناً من عقائد وأساطير الأمم التي هاجروا إليها كمصر وتلك التي احتلوها بالقتال مثل الكنعانيين والفلسطينيين، أو التي نزحوا إليها وقت سبيهم مثل بابل وآشور والفرس آنذاك.

كما احتضنت المسيحية نفس الموروث وأقامت معظم عقائدها على اليهودية التوراتية فضمته إلى أسفارها المقدسة، مع روتوشات في النقل والتعديل والتكييف لغرض الملائمة ومواكبة التطور الفلسفي والفكري والعقائدي والتراثي المكثف بالمزج الحضاري لعصرها. ولم يبتعد صاحب الإسلام عن ذلك الموروث من القصص والأساطير بل والطقوس التوراتية والمسيحية وبعض العقائد والمذاهب الأخرى السائدة في الجزيرة العربية.

لا غرابة أن نرى القرآن يرث تركة الأديان السابقة له وينقلها بقضها وقضيضها في بعض الأحيان، ويعدل في ما يراه غير مناسب أو لائق بالدين الجديد في أحيان أخرى. ولا عجب من أن ينبذ بعض مما اختلف أصحاب تلك العقائد فيه أو ما غدا غير مستساغ مع زيادة المعرفة واتساع مساحة الآراء والأفكار الدينية والتراكم والتجمع الهائل لكافة المذاهب.

فالأسطورة ليست خرافة، بل هي قصة مقدسة ذات مغزى يعكس انطباعات بدائية ذات صلة بتفسير الكون والوجود وحياة البشر. والأساطير القديمة لا تختلف جذرياً عن أخواتها الواردة في التوراة والإنجيل والقرآن، بل هي التي تشرح كيفية تكوين الفكر البشري وتصوره الكوني.

لقد تصور العقل البدائي أن بداية الخلق كانت من ماء. وسيطر هذا المفهوم على الفكر الجماعي عند الحضارات الشرقية الغابرة لدرجة أنه لاقى اتساعاً وانتشاراً رائجاً للغاية. وتتكرر الفكرة فيما بعد في الأساطير البابلية التي تحكى عن نشأة الكون من المياه الاولى (تعامة) المقابلة لـ (نمو) السومرية. ولو أخذنا على سبيل المثال أسطورة البابلية (الاينوما ايليش) والتي تعتبر امتداداً صادقاً وصرفاً لمعتقدات السومريين، فسوف نجد أنها تجمع بطياتها ما تواتر من شذرات عن تصورات الوعي الكوني للشعوب الغابرة قبلها، وتحكي لنا أدق تفاصيل حياة الإنسان البدائي من دهشة من الوجود والإعجاب بجمال الحياة والغيرة على استمراريتها عبر البحث عن الخلود بدافع الخوف من المجهول، ولوجدنا أن قصة الخلق البابلية لا تبتعد أية مسافة تذكر عن ما تلاها من إبداعات أسطورية وأدبية مهرها أناس بخاتم سماوي "ثلاثي الملكية" فيما بعد. لنقرأ الأسطر التالية من (الاينوما ايليش):

"عندما فى الاعالى لم تكن سماء
وفى الاسفل لم يكن ارض
لم يكن ( من الالهة ) سوى آبسو أبوهم
وممو , وتعامة التى حملت بهم جميعا
يمزجون أمواههم (جمع ماء) معا ..."

وفى الأسطورة السورية نجد "يم" المياه الأولى وقد انتصر عليه الإله بعل وشرع بعد انتصاره تنظيم العالم. وفى الأسطورة المصرية كان " رع" أول اله يخرج من المياه الأولى وهو الذي أنجب فيما بعد بقية الآلهة . وفى الأسطورة الإغريقية نجد " اوقيانوس " هو المياه الأولى , والإله البدئى الذي نشأ عنه الكون. وفى التوراة العبرانية أيضا نجد المياه الأولى وروح الرب فوقها قبل التكوين " وكانت الأرض خربة وخالية وروح الرب يرف فوق وجه الماء" التكوين 1 . كما أكد لنا كاتب القرآن نفس الفكرة بقوله: " وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء " وقوله " وجعلنا من الماء كل شيء حي".

يتضح للقارئ أن الفكر البشري البدائي حاول تفسير الكون والحياة وابتكر الله ليكون بداية كل شيء، إلا أننا في هذا العصر نرفض تلك التفسيرات الواهية ونعتمد على العقل في تفسير الظواهر الطبيعية. ففكرة الله المتناقلة من الأساطير والمقولبة في الكتب السماوية لم تجلب الراحة للإنسان، ولم تعطه تفسيراً يقبله عقله، بل فرقته عن أخيه وشوهت صورته وسلبته أغلى ما يملك في رأسه. وما يهمنا هنا أن نعود إلى جادة العقل، ونعمل على إيقاف المجازر البشرية باسم الأديان التي أثبتت بأنها "مهزلة العقل البشري". لا تقل لي هذا مستحيل، أو عبث لا طائل منه، فإن بدأت من نفسك مع يقينك بأنك لا تنتظر غيرك ليبدأ المشوار، فسوف نصل إلى ما يخدم الأجيال القادمة من حياة خالية من الأوهام والخرافات، وبالتالي ستكون تلك الأجيال في وضع تكرس استخدام أجمل هدية وهبتنا إياه الطبيعة وهي العقل لخدمة الحياة والعطاء والازدهار والرقي تحت شعار وضاء خالي من النفاق أطلقه المعلم ذات يوم........... "سُحقاً للأديان".



#مصباح_الحق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في شيزوفرينيا الله
- الله مصاب بالشيزوفرينيا
- قراءة مغايرة لمأساة نجود وعائشة
- هل في الحياة حقيقة مطلقة؟
- قدسية الأسماء وتغييب العقل
- تأكيد أسطورة دور التعليم الديني في نشر الإرهاب
- فقحنا وصأصأتم
- حراس الله
- وفاء سلطان....... الوعي للجميع


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصباح الحق - ما هطل من السماء الخاوية