استحضار ملاحم شعبنا المحتدمة هذه الايام يؤجج طاقات شعبنا لاجتراح ملاحم جديدة

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2332 - 2008 / 7 / 4 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تمر هذه الايام ذكرى ثورة العشرين التي واجه فيها شعبنا الاعزل اقوى اعداء الشعوب آنذاك الامبريالية البريطانية التي احتلت العراق تحت الشعار المخادع لاعداء الشعوب "جئناكم محررين لا فاتحين" . واجه شعبنا القوى الامبريالية المدججة باثقل الاسلحة واشدها فتكا قبل ما يقرب من القرن ببنادق بدائية وعصي مطورة (المكوار) رجالا ونساء واستطاعوا بوحدة صفوفهم وامتداد ساحة نضالهم من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ومن الصمود البطولي والاستهانة بالتضحيات من دحر العدو وارغامه على الاعتراف بحق شعبنا بالاستقلال وعلى اللجوء الى مختلف وسائل واساليب الخداع والاستناد الى القادة السياسيين المهادنين لتمرير الاستفتاء في اختيار نوع الحكم فكان النظام الملكي الرجعي التابع والانتداب وتستير التبعية والهيمنة الامبريالية بالمعاهدات الاستعبادية. واذ تعزز الذكرى ثقة شعبنا بقدراته على دحر اعدائه مهما امتلكوا من قوة ودهاء فانه ادرك خطر مثل هذه الوسائل لخداع الشعب من استفتاءات كالاستفتاء على الدستور المشوه الحالي الذي في ظله يجري تقسيم المجتمع والوطن على اساس طائفي وفي ظل بنوده يجري شل نصف المجتمع وسلب المرأة جميع حقوقها والانتخابات المزورة لفرض حكومات تابعة فضلا عن عقد الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق لتشريع هيمنتهم ونهبهم لثرواتنا .
وتمر الذكرى الخمسين، بل العيد الوطني لشعبنا عيد انطلاقة ثورة 14/تموز /1958 بكل ما جسدته من امجاد شعب عجزت عن تركيعه كل اسلحة اعداء البشرية الذين توحدوا في احلاف عسكرية وجعلوا من بغداد مقرا لاشدها عدوانا وحولوا ارض العراق الى قواعد عسكرية وامعنوا استغلالا وافقارا وتجهيلا لشعبنا وتمزيقا لصفوفه فضلا عن فرض قوانين الطواريء لعقود والمحاكم العسكرية وارتكاب المجازر في السجون وتكبيل الحريات والصحافة بعشرات القرارات والمراسيم وتزوير الانتخابات . وفي اشد حلكة الظروف وشعور الامبرياليين وادواتهم بالاطمئنان تلاحمت قوى الشعب الوطنية مع قوى الجيش في اروع ثورة شعبية شهدها العراق بل العالم وامتد تاثرها ليس على عموم المنطقة بل وعلى العالم مؤكدة بان الامبريالية العالمية وكل احلافها واسلحتها الفتاكة غير قادرة على تركيع شعب صمم على العيش بكرامة، شعب لا يستكين للظلم والاستعباد شعب طموح للتقدم والمساهمة في تحرر البشرية وتقدمها. انها ليس ذكرى انجاز جبار واحد بل انجازات جبارة حققتها الجماهير في انطلاقتها المستمرة بل والمتصاعدة ارعبت القوى الامبريالية التي بقيت تتحين الفرص على الحدود وشلت الادوات القديمة والجديدة التي حاولت تغرير الجماهير بمختلف الشعارات الرنانة ومحاولات التآمر . فكان ولا يزال من اهم دروسها وحدة القوى الوطنية وتلاحم الجيش والشعب فضلا عن دور الجماهير في تحقيق كل انتصار وصيانته بل وتطويره . ولا تقل اهمية دروس ضياع ثورة 14/تموز ومنجزاتها اهمية عن دروس انتصارها لكي نحمي كل انجاز او انتصار حاسم مقبل. وذلك بعدم تضيع العدو الرئيس وربط النضال ضد أي من ادواته بالنضال ضده ، فالامبريالية هي المدرب والموجه والممول لجميع الادوات والتركيز على الهدف الرئيس وربط النضال من اجل الاهداف الانية بالهدف الرئيس وهو تحرير الوطن واقامة النظام الديموقراطي الموحد.
كما تمر هذه الايام ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد في 3/تموز/1963 رغم فشلها فقد كانت ملحمة ثورية رائعة بكل ما اتسمت به من شجاعة فائقة للمعقول وتحدي يتجاوز كل اشكال التحدي!! شعب مستباح بافتك اشكال الابادة يمارسها مراهقون مدججون بافتك اسلحة القتل ومفوضون بممارسته دون مسؤولية واستباحة البيوت واعتقال الالاف بل ومئات الالاف حتى حولت المدارس والملاعب الى سجون ومعتقلات وحيث يمارس القتل تحت التعذيب واغتصاب القتيات . كل ذلك دفع مجموعة من المجندين والمراتب العسكرية وعمال وحرفيين وبمساندة التنظيمات الثورية في المحافظات ان يقرروا تعديل المسار التاريخي الذي التوى ولجم قوى الردة وانهاض الحركة الثورية من كبوتها وهي تواجه ارهابا دمويا وتشرذما وصنوفا من القهر والتعذيب في السجون. واجترحوا ملحمة مجيدة صاغو خطواتها بجسارتهم واحلامهم فهاجموا معسكر الرشيد ليحرروا الاف الضباط المحتجزين ويستولوا على السلاح، ووضعوا برنامجا ثوريا يرمي لاستعادة ثورة 14/تموز مسيرتها والانطلاق الى الامام. وشكلوا قيادتها المقبلة من الشخصيات الوطنية المعروفة بنزاهتها واهليتها لقيادة الحكم الوطني الديموقراطي المنشود متحررين من كل طموح شخصي او مصالح فئوية . فاثبتوا بجرأتهم وانطلاقتهم وجسامة تضحياتهم بان شعبنا على اتم الاستعداد للانتفاض وتقديم التضحيات دفاعا عن الكرامة الوطنية مهما تعقدت الظروف ومهما استفحل الظلم ومهما تجبر الاعداء .
وكما يستفيد شعبنا من تجاربه درس المحتلون الامريكان كل هذه الملاحم الثورية لشعبنا فضلا عن ملاحم شعوب العالم ورسموا الخطط لتلافي ما اقترفوه وحلفائهم من امبرياليين وادوات . فحلوا الجيش العراقي في الايام الاولى للاحتلال واطلقوا العنان للطائفية لتمزيق وحدة الشعب وعطلوا المصانع والمعامل لتسود البطالة والبؤس وجندوا مختلف اشكال المليشيات وفرق الموت وفتحوا الحدود لمختلف فرق الارهاب الدولي وشجعوا الفساد المالي والاداري واباحوا قتل النساء جماعيا وعلنيا في الشوارع حرقا او رجما اوذبحا وتقطيعا لشل نصف المجتمع عن النضال والبناء ومع كل ذلك فشلوا في شل مقاومة شعبنا لاحتلالهم ولقوانينهم واتفاقياتهم لانهم فشلوا في فهم سايكولوجية شعبنا ومآثره في الايام العصيبة. ومااستحضارشعبنا لملاحمه الثورية واستيعابه لتجاربها الا تعزيزا لثقته بقدراته وتفوقه بوحدته وجرأته واستعداده للتضحية على تحقيق النصر على اعدائه الامبرياليين وادواتهم من العملاء والمرتدين واستعدادا لتحقيق ملاحم ثورية جديدة وصيانتها بل وتطويرها.
سعاد خيري في 4/7/2008

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات