أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصارعبدالله - حتى العميان ...يغشون!















المزيد.....

حتى العميان ...يغشون!


نصارعبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2331 - 2008 / 7 / 3 - 10:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على مدى ما يربو على نصف القرن من الزمان قضيتها فى معاهد ومؤسسات التعليم، طالبا للعلم ثم بعد ذلك باحثا ومعلما، ورغم كل ما شهدته وما كنت أشارك فى ضبطه أحيانا طيلة تلك السنين من واقعات غش تنوعت فيها أساليب الغش وأنماط الغشاشين، رغم ذلك فإننى لم يدر بخاطرى يوما أن أحد المكفوفين يمكن أن يعمد إلى الغش باستخدام ورقة برشام تقليدية ، غير أن الذى لم يكن ليخطر ببالى قط ـ قبل الواقعة التى سأتحدث عنها ـ هو ما حدث بالفعل منذ بضع سنوات فى الجامعة التى أعمل فيها عندما كان أحد الطلبة المكفوفين يملى إجابته على الموظف الذى كلفته الجامعة بالتدوين فى ورقة الإجابة ، وعندما تعثر المكفوف صارح الموظف بأنه قد أعد بمساعدة زميل آخر(مبصر)، كمية من ورق البرشام موجودة حاليا فى جيوبه وما على الموظف إلا أن يتفحصها جيدا وسوف يعثر على الإجابة المطلوبة فى واحدة منها !!، ولقد تعاطف الموظف يومها مع المكفوف ظنا منه أنه بهذا يؤدى عملا من الخير سوف يشفع له عند الله والناس!! ، ولهذا السبب فكم كانت دهشته عندما حرم المكفوف من أداء الإمتحان وأحيل إلى مجلس تأديب طبقا للقانون بينما أحيل هو ـ أى الموظف ـ إلى الشئون القانونية !!..والواقع أننى قد أدهشنى فى بداية الأمرأن يقوم أحد المكفوفين بالغش باستخدام ورق البرشام ، لكننى حينما تأملت الواقعة قليلا وجدتها متسقة تماما مع ذلك المناخ العام الذى أصبح يسود المجتمع المصرى ويسيطر عليه من قمته إلى قاعدته ، لا فى مجال التعليم وحده بل فى سائر المجالات تقريبا،حيث أصبح الحصول على المزايا أو المراكز أوالمكاسب المادية أو المعنوية لا يتأتى من خلال ما يتسم به أصحابها من الجدارة أو الكفاءة بل من خلال أشكال شتى من الخداع، بدءا من الغش والتزوير فى الإنتخابات على مستوى القيادات السياسية ( القدوة ) ، ومرورا بأنشطة الحياة المعتادة التى يتجلى فيها ما يقوم به الجسم الإجتماعى نفسه من خداع لنفسه أو لغيره ، وانتهاء إلى العملية التعليمية التى كان لا بد أن تصل إليها بالضرورة أصداء ما يجرى حولها من غش وتزوير وخداع! ، وما فعله ذلك الطالب المكفوف ماهو فى حقيقة أمره إلا محاولة من جانبه لتحقيق ما يتوهم أنه مبدأ تكافؤ الفرص: ( تكافؤ الفرص فى الغش) بين العميان والمبصرين!!.، فى ظل مناخ لم يترك مجالا من المجالات إلا وبدأ يتسلل إليه ويستشرى فيه بصورة أو أخرى، ... ولعل أخطر تلك الصور فيما أتصور هى ما يمكن أن نسميه بالغش الهيكلى الذى يستهدف تأكيد نفسه ووجوده ومن ثم تكريس ثقافة الغش كجزء من ثقافة المجتمع وبنيانه دون أية ضرورة خارجية تفرضه قسرا ، وعلى سبيل المثال : فما الذى يجبر قيادة سياسية معينة أن تلجأ إلى التزوير لكى تعلن أنها قد نجحت بنسبة تكذبها كل الشواهد ولا يسوغها العقل أصلا ، ما الذى يجبرها على ذلك طالما أن بإمكانها أن تفوز فوزا نزيها بنسبة يقبلها العقل ؟؟... الجواب على ذلك فى جانب منه على الأقل : هو الإيمان بثقافة التزوير والرغبة فى تكريس مثل تلك الثقافة تحسبا للمستقبل الذى ربما لن يتيح لتلك القيادة أن تنجح إلا بالتزوير وحده!!.. وفى المقابل ما الذى يدفع قيادة سياسية معارضة تحظى أيضا بتأييد نسبة لا بأس بها من المواطنين ، وترغب فى تكوين حزب جديد ، ما الذى يدفعها إلى تزوير عدد من التوكيلات لكى تبدو شعبيتها أضعاف ما هى عليه، ما الذى يدفعها إلى ذلك إذا كانت تمتلك بالفعل من التوكيلات الصحيحة ما هو مطلوب وأكثر ؟؟ الجواب لا يخرج عن احتمالين أولهما أن القيادة المعارضة تتأسى فى ذلك بالرؤساء وبالقيادات السياسية التى أشرنا إليها والتى تؤمن بثقافة الغش من حيث المبدأ أو من باب التحسب للمستقبل وثانيهما هو أن التوكيلات المزورة قد تم إعدادها أصلا بالإتفاق مع القيادات السياسية المعنية لكى لكى تؤدى دور ورقة الضمان التى تضع القيادة المعارضة من خلالها رقبتها تحت سيف التهديد بإبلاغ النيابة العامة عنها إذا ما خطر لها أن تخل بشروط صفقة معينة مبرمة بين الطرفين!! وفى كلا الإحتمالين نجد أنفسنا إزاء صورة من صور الغش والخداع الذى تمثله القيادة السياسية الحاكمة والمعارضة معا فى مواجهة القواعد المحكومة التى تدرك بحسها الفطرة ما يدور حولها وتشعر به وتجد فيه إسباغا لنوع ما من الشرعية على ما تمارسه هى من غش الذات والآخرين على مستوى حياتها اليومية!! ، ولعل أفدح صور الغش الهيكلى التى يتجلى فيها خداع الذات كأبشع ما يكون هو ما أصبح المجتمع المصرى بأسره يمارسه عندما يصدق أن المستوىالتعليمى للكثيرين من أبنائه قد وصل إلى ما يقرب من الكمال بدليلٍ الحصول على 99 % من الدرجات النهائية فى امتحان الثانوية العامة ، رغم أن هذه النسبة الوهمية حينما يقدر لها أن تتحقق بدون تسريب للإمتحانات ، فهى تتحقق من خلال امتحانات نمطية تقيس القدرة على حفظ النماذج النمطية التى يقوم بتلقينها للطلاب متعهدو الدروس الخصوصية، ولا تتحقق من خلال امتحانات تقيس القدرة على الفهم والإبداع والإبتكار، وعندما كان يحدث فى بعض السنوات أن يشذ عن النماذج المحفوظة أى امتحان من الإمتحانات يحاول أن يقيس أية قدرة إبداعية للطالب، كان يواجه بثورة عارمة من أولياء الأمور ، رغم أنه لا يضيرهم فى شىء أن تجرى المفاضلة بين أبنائهم فى مكتب التنسيق للقبول فى الجامعة على أساس مجموع وهمى قدره 99% أو على أساس مجموع أقل لكنه أقرب تعبيرا عن الحقيقة، طالما أن طلاب المقدمة سوف يظلون هم طلاب المقدمة فى الحالتين ، والغريب أن الوزارة كانت دائما تعتذر عن مثل هذا الإمتحان (وكأنها قد ارتكبت إثما) ، وتتعهد بعدم تكرار هذا الأمر مستقبلا ( أى أنها تتعهد للمواطنين، وللمدرسين الخصوصيين أيضا ، تتعهد لهم جميعا بعدم العودة إلى الحق، كما تتعهد بالمضى قدما فى طريق غش الذات )... والواقع أننى تفاءلت خيرا عندما تمسك الوزير يسرى الجمل بالإمتحانات التى وصفت هذا العام من قبل الكثيرين بأنها صعبة ، لكن هذا التفاؤل سرعان ما تبخر جزء كبير منه عندما عرفت أن بعض تلك الإمتحانات قد تم تسريبه فى بعض اللجان إلى أبناء مسئولين كبار ، ثم تبدد ما تبقى منه عندما أعلن الوزير أنه سوف يعاد توزيع الدرجات لصالح الأسئلة السهلة ( أى النمطية)، وبذلك أثبت الوزير الجمل أنه ليس جملا على الإطلاق.
[email protected]



#نصارعبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلنخسرها ..بشرف!
- البطارسة
- تحية إلى وليم نصار
- الترويج للطوارىء
- عام جديد ...عار جديد!
- سقف فهم بوش
- عن أعراض الأمراض الإعلامية
- الحزبان : الفيسى والفاسى
- تلك الشائعة
- من حكايات المجاعة
- البوكر العربية
- غسيل الأعراض!!
- رحيل رجاء النقاش
- أميون فى معرض الكتاب (2)
- لماذا سكت النهر؟
- احتجاب الشقيقة الكبرى!
- مقاطع غير ساخرة
- الجهل الرسمى أفضل !!!
- الديسمبريون
- نكتة الموسم


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصارعبدالله - حتى العميان ...يغشون!