أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن عبد راضي - سابق و لاحق .. و استقلالية القضاء














المزيد.....

سابق و لاحق .. و استقلالية القضاء


حسن عبد راضي

الحوار المتمدن-العدد: 2330 - 2008 / 7 / 2 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما كانت أحلام اليقظة عزاء للفقراء والمحرومين وقليلي الحيلة، فبها وحدها يستطيعون أن يسددوا ديونهم، ويشتروا لعوائلهم منازل صالحة للاستخدام البشري، بدل (البهذلة) في أقنان دجاج تسمى بيوتاً وبإيجارات باهظة، ويركبوا سياراتهم الخاصة بدل الركض وراء الكيات وأجرتها التي توشك على دخول كتاب غينيس للأرقام القياسية، ويحققوا كل ما تمنوا لأنفسهم ولأبنائهم ، و...، و ....، لكن كل ذلك سرعان ما يتبدد عندما يناديهم الواقع المزري، وتوقظهم الظروف التعيسة من سعاداتهم تلك، ليجدوا أنفسهم ثانية في قلب الفاقة والعوز .
قبل مدة، وكنت قليل الحيلة، قليل النفط الأبيض، شحيح الغاز، عديم الكهرباء ، منقرض الراتب، أخذتني نوبة أحلام يقظة، وفكرتُ في نفسي: ماذا لو مسخني الله في هيأة وزير كهرباء سابق، أو وزير دفاع سابق، أو رئيس هيأة نزاهة سابق أو حتى محافظ نينوى سابق، لكنت الآن انعم بـ (حقي المشروع!!) من ثروة العراق، وفي الوقت الذي أتبادل الأنخاب فيه مع دهاقنة الحرب والاحتلال، تجدني أهتف بأعلى صوتي : يعيش العراق، ويسقط الخونة .. تسقط الحكومة العميلة. سأفعل كل شيء ولا تثريبَ عليّ.
فهؤلاء الأربعة - وهم غيض من فيض- نهبوا من ثروة العراق ما لو اجتمع لصوص الأرض قاطبة على نهبه، ما وصلوا كعب أحدهم، وهم مع ذلك كانوا أعزاء على كتلهم النيابية وأحزابهم، وكانوا إذا قيل لأحدهم: (بز) أقامت كتلته الدنيا ولم تقعدها، وانهالت التصريحات "تتهم" وتصف الأمر كله بأنه "مؤامرة" ضد نهجها الوطني، وتهدد بالانسحاب تارة وبحمل السلاح تارة أخرى، وهكذا يضطر صاحب الـ (بز) هذه إلى سحبها مصحوبة باعتذاراته الشديدة، وتقريعه لنفسه على سوء تصرفه! وعلى مساسه بـ (الرموز الوطنية)!.
لو كنت أحد هؤلاء أو مثلهم لأصبحت (قوي الظهر) لا أحتاج إلى فريق من المحامين تعداده 1500 محامٍ مثل صدام، إذ ستكفيني كتلتي أو حزبي مؤونة كل ذلك، حتى أنهم لن يسمحوا بمحاكمتي أصلاً، وسيدرجونني بنداً مهماً من بنود المصالحة أو الاجتثاث أو العفو العام أو اي من التسويات المعروفة وينتهي الأمر. لقد تكونت لدى الناس - من جراء تراكم الخبرات في هذا المضمار - عقيدة خلاصتها أن على المرء أن يمشي بجوار الحائط، وحتى لو شاهد الفساد بأم عينه، فإن عليه أن يدخل عينه إلى محجرها ويطلّق (أمها) طلاقاً بائناً، ويغلق فمه على لسانه الذي لا تأتي من ورائه غير المصائب. لقد فاحت رائحة فساد بعض كبار السياسيين والموظفين إلى درجة ايقظتني من أحلامي، وعدتُ سيرتيَ الأولى : العبد الفقير إلى الله الذي يعيش مع بضعة عشر مليوناً آخرين من عباد الله الفقراء في أغنى بلد في العالم!! وتبخرت أحلامي في أن أكون أحد هؤلاء (الحيتان)، وحسناً فَعَلَتْ، لأنني تذكرت أن الرائحة الفاسدة التي ايقظتني كانت قد مرت على خياشيم القضاء العراقي الذي لم يقف مكتوف الأيدي، بل اصدر مذكرات اعتقال بحقهم كلٍ على حدة، بل إن أحدهم وهو وزير الكهرباء السالب، أعني السابق كان معتقلاً لدى القوات متعددة الجنسيات في الموصل، ومن هناك جرى إطلاق سراحه بالخطأ أو بالصواب، ومن المؤكد أنه (يناضل) الآن في إحدى الجزر الكاريبية محاطاً بالجمسيات والحمايات واطايب الطعام والشراب والنساء، ويضحك في سره أو حتى في علانيته من بؤسنا وتعاستنا، ويتمطق بـ (ذكائه) الفائق!. وأتذكر عندما صدرت مذكرات اعتقال بحقهم، كيف هب المدافعون من الكتل والأحزاب التي ينتمي إليها المطلوبون، مشمرين عن سواعد (التهديد والوعيد) ومعلنين حرباً لا هوادة فيها ضد القضاء والحكومة، لكن عندما ثبتت التهم بالدليل والبرهان، لم تعتذر تلك الكتل ولم تتبرأ من أفعال أولئك اللصوص، بل اكتفت بالصمت، وهو أمر لا تقره أخلاقيات العمل السياسي والحزبي والنيابي، والأمر نفسه ينسحب على مطلوبين آخرين بتهم تتعلق بدعم الإرهاب وما زالت مذكرات الاعتقال او التحقيق التي صدرت بحقهم تنتظر التنفيذ.
إن على الدولة العراقية ان تحترم دستورها الذي يكفل استقلالية القضاء، وعلى الحكومة ان تفي بالتزاماتها (التنفيذية)، وألا تجعل من ملفات المطلوبين بتهم الإرهاب والفساد أو أية تهم تتعلق بالصالح العام وأمن المجتمع والدولة، وزناً زائداً تعطيه لمن يراد استرضاؤهم، أو غرضاً معروضاً في مزاد سياسي، لأن من شأن ذلك أن يفرغ (استقلالية القضاء) من محتواها الجوهري، ويقلب موازين العدالة الاجتماعية التي تسعى الدولة الحديثة إلى إرساء قواعدها. العراقيون يثقون بالقضاء العراقي، لكنهم لم يشهدوا حتى الساعة حالة فساد كبيرة واحدة جرى الاقتصاص من مرتكبها أو مرتكبيها قضائياً، ما يرتب نتائج سلبية على مستويين؛ فالمواطن سيظل محبطاً وسيراوده الشك مجدداً في أهلية القضاء فالحكومة فالدولة في تحقيق العدالة ودفع الضرر العام عنه، وهذا الشعور يجعله ضعيفاً وأعزل في اية مواجهة ضد الشر والفساد، والمستوى الثاني هو أن المفسدين سيجدون في ذلك أكثر من حافز للإيغال في الفساد أكثر، لأنهم يرون (حيتان) الفساد تسرح وتمرح في ثروة البلد وحقوق الناس من دون خوف من حساب أو محاكمة أو حتى عتاب. إننا نسمع الكثير من الخطط عن ضرب الفساد والمفسدين، لكنها ستظل هواء في شبك، ما لم تكن هناك أمثولة، بل أمثولات، وأعني بها حالات تتضافر فيها جهود السلطتين القضائية والتنفيذية لمحاسبة المفسدين وسارقي المال العام واسترداد ما يمكن استرداده منهم وإيقاع اشد العقوبات بهم، لتتحقق بذلك (العبرة) الحقيقية من وجود النظام القضائي الذي لا تنحصر وظيفته في محاسبة ومعاقبة المجرمين، بل حتى في الوقاية من وقوع الجريمة وذلك بتوفير (الأمثولات) التي من شأنها أن تردع كثيرين عن الانخراط في اي نشاط إجرامي محتمل بسبب الخوف من العقوبة العادلة والماثلة. ولنتذكر جميعاً أن كل (لاحق) سيأتي عليه يوم ويصبح (سابقاً)، ولذلك لا بد من أن نحتاط لكي لا يصبح كثير من اللاحقين (سابقين) مع (هبرات) كبيرة من مال العراق والعراقيين، يعيشون في الجزر الكاريبية، ويتبادلون الأنخاب مع دهاقنة الحرب والاحتلال، ويهتفون بسقوط الحكومة العميلة!.



#حسن_عبد_راضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمامة عسقلان
- لدرء حروب مياه محتملة..هل يحتاج العالم إلى.. (مجلس أمن مائي) ...
- القلم .. والرصاص
- عقدة السوبرمان
- عصر الغذاء الرخيص


المزيد.....




- أندر إوز بالعالم وُجد بفناء منزل في كاليفورنيا.. كم عددها وك ...
- بعدما وضعتها تايلور سويفت في كوتشيلا.. شاهد الإقبال الكبير ع ...
- طائرتان كادتا تصطدمان في حادث وشيك أثناء الإقلاع.. شاهد رد ف ...
- بعد استخدامها -الفيتو-.. محمود عباس: سنعيد النظر في العلاقات ...
- لبنان.. القبض على رجل قتل زوجته وقطع جسدها بمنشار كهربائي ود ...
- هل ستجر إسرائيل الولايات المتحدة إلى حرب مدمرة في الشرق الأو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 10 فلسطنيين في مخيم نور شمس شمالي ...
- الصين.. عودة كاسحتي الجليد إلى شنغهاي بعد انتهاء بعثة استكشا ...
- احباط عملية تهريب مخدرات بقيمة 8.5 مليون دولار متوجهة من إير ...
- -كتائب القسام- تعرض مشاهد من استهدافها جرافة عسكرية إسرائيلي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن عبد راضي - سابق و لاحق .. و استقلالية القضاء