أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - قصة صولة العواء














المزيد.....

قصة صولة العواء


عدنان الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 2330 - 2008 / 7 / 2 - 05:53
المحور: الادب والفن
    


تسنم سامي أزمة القلوب فكان أميرا مرتجى تنفرج له المغاليق, لم يعقه شظف العيش عن اعتلاء الفضائل ولم يتكئ على تأريخ أسرته التليد بل شرع ببناء صرح مجده بيده.
في غداة يوم مغبر وطأ سامي من غير قصد ذيل كلب, عوى الحيوان ثم ولى هاربا, وبعد بضع ساعات وقع سامي في براثن الم لا يطاق فحمل إلى طبيب حاذق أعاده إلى رحاب العافية.
وفي وقت آخر جلس سامي مستأنسا بثرثرة الطبيب, ومع تعجبه لكثرة أسئلته عن علاقته بعالم الكلاب فقد أجاب بعفوية انه يتنجس من هذه الفصيلة ويستقذرها ويمقت تملقها.
فحصه الطبيب مليا ثم انحنى عليه وقال لولا حساسيتك من الكلاب لغبطتك على عافيتك!, ضحك سامي وقال إذا كانت الكلاب سبب أسقامي فشفائي مؤكد.
نسي سامي وعكته وعاد إلى حياته مخترقا عباب الصعاب زارعا الآمال في أفئدة محبيه وفي يوم مشهود أقبلت غمامة سوداء فاستبشر الناس وقالوا هذا عارض ممطرنا, أظلمت الأرجاء وهطل المطر عنيفا عاصفا كأن بحرا سماويا قد انكفأ على الأرض فالتجأ الناس إلى مخادعهم فزعين .
بعد أيام لم يروا مثلها تقهقرت الغيوم وبزغت الشمس التي كادت من شدة خجلها ان تتوارى خلف غيمة بيضاء ناعسة.
هرع الناس يتفقدون الخراب الذي لحق ببيوتهم وأملاكهم ومزارعهم فوجدوا أفواجا من الجراء تملأ أفنية الدور والأسطح والأزقة والحقول فتحير الناس وتعجبوا وطغى حديث الجراء على ما سواه,خرج سامي مستطلعا فصدم بمنظر الجراء المنتشرة كالجراد وكلما التقى جماعة سمع تفسيرا مختلفا لهذه الظاهرة إلا ان اغلب الناس أشاروا إلى علاقة ما بين ظاهرة الجراء والغمامة السوداء, أنصت من غير تعليق ثم عاد إلى منزله مهموما حزينا, وسرعان ما تناسى الناس أمر هذه الظاهرة وتقبلوا الواقع من غير اكتراث بل ان فئة شكروا الله على هذه النعمة إذ اختفت القطط والجرذان تماما بعد شهر واحد فقط.
التقى سامي طبيبه بعد اشهر في منزل احد الوجهاء ودار حديثيهما عن حساسية سامي وما صار إليه مرضه ثم عرج الطبيب على انتشار مرض السعار وخلو دوائر الصحة من اللقاح المضاد, التقط الحديث ضابط شرطة يجلس قربهما وحكى عن خطورة التسكع بعد الغروب لانتشار الكلاب الهائجة في أزقة البلدة وحاراتها وذكر لهما روايات الضحايا عن همجية الكلاب المهاجمة وشراستها ،كما تحدث عن كوابيس النساء والأطفال وقلق الشيوخ المنتظرين لأحبائهم.
كانت أحاديث أبناء هذه البلدة العالقة في صخب النباح لا تعدو اجترار وجع يومي بعد ان نأت عنهم الآمال وهجرهم السمر إذ التزم اغلب الناس بيوتهم ليلا.
وبعد ان أزمن داء سامي وتنصل عنه اغلب زائريه أغلق بابه وانكب على إنشاء جماعة من عشاق الطهر تجتهد في تنقية القلوب وتلقيح الأرواح بأمصال مضادة للسعار وكانت فئته الأقل إذ انقسم الناس على جماعة مستلبة اسلموا أمرهم إلى صولة العواء ووقعوا تحت نير القهر والجوع وجماعة استثمرت الشقاء فأثرت وأتُخمت.
كان سامي يعلم ان الناس لا يغادرون منازلهم نهارا قبل تزودهم بكيس عظام وهراوة عسى ان يحفظوا كرامتهم أو سلامتهم على اقل تقدير, وقد تألم كثيرا حين سمع ان الطلب قد تضاعف على دمى الكلاب وصورها وان الأسواق أتخمت بالأقنعة والذيول الكلبية المتعددة الأشكال والألوان, أطرق سامي ثم سالت دمعتان صامتتان حين ابلغه احد أصدقائه الأدباء ان التملق وصل حدا جعل الخطيب يفتتح كلامه بعواء طويل والشاعر يلقي شعره نباحا أما الطرب فقد انقلب إلى كرب إذ استبيحت أشلاء المطربين على موائد عظماء العصبة الكلبية, واخبره كذلك ان مؤلفا موسيقيا اقترح إجراء مسابقة لتأليف سيمفونية تُطعم بعواء ونباح وتقديم أوبرا بصوت كلبة شابة, وقد قيل ان من شجع نشر الفن الكلبي هو مدير الإذاعة المسعور الذي أشيع عن والديه أنهما كانا كلبين سائبين دخلا البلدة قبل الغيمة السوداء بأيام.
كثر المتملقون واغلبهم ممن أصيبوا بداء السعار وكان أذاهم جسيما إذ اختصوا بتشمم الأخبار والتقاط مرارة الشكوى وأي حديث أو همس يشير إلى نجاسة الكلاب, وقد بلغت الخسة بالمتملقين ان أغلقوا مقر جمعية الرفق بالإنسان تحسبا لانضمام الأطهار إليها.
اعتاد الناس سماع نحيب أم سامي وتوقع الكثيرون وفاته لكن حدوث الطوفان أنساهم أمره إذ قُذف البر بأمواج من التماسيح الشرهة التي استطابت لحوم الكلاب فقضمت أعدادا كبيرة منها وفر الآخرون إلا القليل الذي آثر البقاء متنكرا بهيئة البشر وقد ادعى هؤلاء إسهامهم في صد هجمات التماسيح.
احتفلت جماعة سامي رغم ابتلاء البلدة الطيبة بالتماسيح وكان سامي يراقب الجموع الفرحة متعكزا على عصاه إذ لم يستعد عافيته بَعدُ بسبب روائح الكلاب المتسللة بين الجموع.
د.عدنان الدراجي
[email protected]



#عدنان_الدراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة اغتصاب ظل
- صعلكة
- سياحة
- الوطن البكر
- نزوة شجرة
- قصة أنفاس الفجر
- قصة رائحة بلدي
- نبتة الخلود


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - قصة صولة العواء