أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد التاوتي - الشغب الفلسفي و الأمر الواقع















المزيد.....

الشغب الفلسفي و الأمر الواقع


أحمد التاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 2328 - 2008 / 6 / 30 - 07:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المسافة بين الباحث و الموضوع..الذات المتأملة و الأشياء.. الاستقراء الشامل ، الإحصاء..و غيرها ؛ مفاهيم و أدوات للمقاربة الموضوعية.
و في مقام الكتابة نكون موضوعيين أكثر إذا بدأنا من سؤال:
تحت أية رقابة أكتب؟
العرف، القانون، الأنظمة، جماعات الضغط، الاستحسان الاجتماعي ..الخ . أم أنها ليست رقابة..فتكون اتجاها نفسيا ينطلق من فكرة؛ من حيث أنا أنظر..و هي فكرة غارقة في الفردية و منسجمة تماما مع تربتها الأمريكية غير أنها تنخرط عندنا أحيانا في منظومة نشاز تشكل سلطة نزوات ذاتية مؤسسة للتعبير.
اتجاه نفسي يسلكه المنشغلون بمجال الآداب و الفنون الذي يتمتع بجوازاته الخاصة. كما يسلكه الساسة و القادة و كذا المناضلون السياسيين معا، الذين يتمتعون بدلال شعبوي كاف لقبول أفكارهم ونهجهم كيفما كانت غرابتها أو خطورتها.
و مع ذلك فهذا الاتجاه يدخل أيضا تحت طائلة الرقابة من حيث ارتباطه الوطيد بالمرجحات الأولى لشعبية – نربأ بربوعنا أن تصطبغ بها- مطبوع أهلها تماما على نظرية الاستخفاف.
لا يخلو سلوك كتابي أو غيره من الرقابة..أندرها و أبسطها رقابة الضمير. تعود هي الأخرى إلى منظومة ثقافية مكتسبة ترتبط حتما بوعي انتمائي معين.
فالموضوعية بمفهومها الصارم في الانسانيات خصوصا لم تدرك بعد.
بيد أن هذا لا يعفي عن مساءلات على مستوى تجليات الأحكام المتعلقة بواقع نعيشه .
فالحكم، على التمهيد السابق، يتأسس حتما على موقع من تقاطع العوامل المتعددة التي تصنع الفرد أو الباحث في أطواره المكتسبة. لذلك أردت سوق بعض الاحتراز الضروري ترشيدا و تقريبا لعملية التفكير في شؤون المجتمع و السياسة إلى الصفاء و الحياد و الحياة.

الوضع المكرس:
المقاربة الموضوعية ، إن صح منها العزم، تكشف باستمرار عن بذور الوهم في ما يجري وصفه بالوضع المكرس. ذلك أنه ظرفي بطبيعته ما دامت الأرض حبلى و الزمن حثيث. بل تكاد الظرفية تكون خاصيته الأولى باعتباره في أي موقع كان من سلسلة الأيام و الأحداث، ومهما امتد أجله طارئا.. و قد يكون بداية لمجموعة من النتائج المترابطة.. ولكن يجب أن يشخص بوصفه الأول كعارض في نسق طبيعي منسجم..عارض غير صحي باستمرار من أجل المساءلة و التصحيح الدائمين. و الخطر في استئناس العمل به و منه. و أخطر من ذلك اعتقاده قانونا أو أصلا في استنباط الأحكام القيمية - فالأوضاع تصنع أدبياتها - و تغدو بذلك تضحيات التغيير غفلة، و مسايرات التخلف حكمة كما هو الحال اليوم.

الملهيات الجاهزة:
الموضوعية الجارية اليوم في قراءة الخارطة الثقافية سياسيا و روائز التحول في الرأي العام و عوامل التغيير، مريح تأسيسها على أرقام إحصائية لبيانات الأعلى و الأدنى بأحزاب و أصوات و شرائح و جمعيات .
و مريح أيضا الاكتفاء بقراءة الاتجاهات العامة للوبيات الصراع بمستوياتها العمودية ، أو اتجاهات الأعيان و كتل المصالح عبر القطر العميق.
الراحة الأولى تفضي إلى قراءة ناقصة تنتج ما يشبه تمرير الإجراءات الإدارية غير المعنية بجهلة القانون. هي قدر مضبوط على ما يمكن أن يمهد لسياسة دفع-حال ، أو يعبد لقرار مشروع شكليا ليس إلا.
و الراحة الثانية تسلم إلى مغالطة في فهم الواقع..
فالقراءة إياها..، في الوقت الذي تعكف فيه على البنية الفوقية حقيقة لزوايا الكواليس التي صنعت المصالح و لم تصنع و طنا، و على مغامرات المصالح التي أصلحت الأموال و الأولاد و لم تصلح وطنا..، تهمل تماما إرهاصات و جياد الحياة في طور الاكتمال القادمة قهرا بسروج الأجيال الصاعدة بالمدينة من جهة، و مجتمعات النزوح إلى المدينة من جهة أخرى.
هاذين العنصرين إذا تقاطعا يشكلان نقطة اللقاء و التجمع و الإجماع على الوجهة المختلفة كيفما كانت بغض النظر عن جوهرها. إذ اللحظة الحاسمة في ذلك اللقاء تعتبر العامل الأكثر وضوحا في الاتجاه و التحول بجانب من جوانب الحياة.. قد يكون الفن أو السياسة أو احد الأنساق الاجتماعية أو جلها.. أو بكل بساطة، اتجاهات سلوكية كمودة لباس و نحوها.
ففي المدينة توجد على العموم ثلاثة أجيال بالإضافة إلى شريحة مندمجة:
- الأجيال التي استنفذت أغراضها من الحياة، و دلفت مجال التأمل و مسايرة الأحوال.
- الأجيال المنخرطة في استنفاذ أغراضها الحيوية و المتملكة لوسائل الإنتاج و الحركة.
- الأجيال في طريق التكوين و التعليم و التنشئة بالشارع و الأسرة و المدرسة.
- الشريحة المندمجة.. و هي تجمعات الأطراف أو النزوح أو الهجرة.

الأولى، على العموم، فترت بها حيوية التجديد.. بل أصبحت مرجعية أدبية في الغالب.
الثانية -على العموم دائما- ، بها حيوية إشباع الحاجات و الرغبات، و تأمين سير مختلف الأعمال و الأشغال بالحياة ، قوام أغراضها.. و هي مع ذلك ، تفقد الكثير من دافعيات الشباب في التجديد بعامل الاستقرار و بعامل المصلحة أيضا..
الثالثة بها كل الحيوية و الحماس المتدفق للمعرفة.. للاكتشاف و للمساءلة.. و هي تشبه إلى حد كبير في تركيبتها النفسية هذه الشريحة الرابعة: المندمجة..؛ حب الإطلاع على الجديد، تحقيق الذات ، و المساءلة في الحقوق أيضا.
فمن الملاحظ أن الكثير من الثقافات التي يبلورها الشباب و يطورها تكتسي الطابع المغترب في أصولها.. جدل أبدي قائم بين النزوح الخارجي و بين النمو الداخلي هو سر التلاحم إياه. و ليس أدل عليه من واقعنا بالجزائر مثلا "كثورة الريف" المنقضية.. كما يسميها الروائي الطاهر وطار . أو من واقع الفن الخليجي كمعانقة الروح الغنائية هناك للمرح الآسيوي الغزير.
واضح أن التجديد و الحركة بحكم طبيعة الاستعداد لدى مختلف الشرائح المذكورة من صميم اختصاص الشريحتين الأخيرتين اللتين تشتركان معا في طور البحث عن الذات و المكانة .
و التجديد هنا لا يعني المستقبل وحده. هو أيضا الحركة الفعلية و الحيوية بدواليب الاجتماع .. هو الحياة الراهنة و النابضة..أي البناء المتحرك ملتهب الاشتغال و النمو، على غرار البناء الاستقراري مكتمل التواضع و التعاقد.
طبعا هذا الأخير - البناء المستقر – يتطور نسبيا في "المجتمعات الطبيعية"( وهي أقوى دلالة من قولنا مجتمعات متقدمة) ... يتطور بشكل دائم طبيعي و مرن من جراء إصغائه الدائم و محاولة فهمه للبناء المتحرك.
أما بالمجتمعات الشاذة - أي المتخلفة – فلا يوجد في الغالب جسور بينهما.. و العادة في تسلم الأدوار بين الأجيال أو بين الشرائح بها هي الطلاق باللعان...
هذه الحقيقة غير الجميلة بالمرة.. أجد من أهون نتائجها استحالة توصل أبناء الوطن الواحد إلى تمثل إطار مرجعي شامل و موحد في متعلقات المنظومات و المعايير القيمية.


الشغب الفلسفي:
إن القيمة الموضوعية ترتبط وثيقا بمدى استعمال الاستفهامات النقدية كأدوات مشاغبة باستمرار على الواقع.
دور - فيما أعلم- شرع فيه رجال الإعلام عندنا بالجزائر على نقص عدتهم الفلسفية حينما احترف أغلب المثقفين لعبة الفن للفن ، و راحوا بذلك يكررون عقيميات ابن قسورة العرب.
ففي جميع الحالات، يمكن لأي واحد منا أن ينتبذ مكانا في نفسه..عميقا في وجدانه..مشاعا على ذاكرته التعليمية، و مصطحبا معه المخيال البشري الكبير.
حينها..، سوف لا يعدو أن يكون مسافرا في بعد من أبعاد النسبي لا غير.. يصقل الوهم بالوهم.. و يركب الأمل في رحلة النظر المتجانس في رواقه، و المختلف حتما – و لو صدق – و فضاء المطلق من جهة.. و كذا رحاب الواقع من جهة أخرى.
السياج النظري المحكم - إلى حد الآن – على مبلغ العلم ، يشكل التخوم السافرة للتقدم كلما انتظمت أدوات الحفر و النقب في المشهود..و لكنه يشكل أيضا العامل الأول في العقم الإبداعي كلما استعيرت أدواته منظارا للمعنى.
العلم وحده للعلم..
أما الفلسفة بتفريعاتها المتعددة – و منها الفن – فكلها للواقع، بما فيه العلم.
شغب حثيث على الواقع لا في ركابه فنجدنا في عز التدجين مع سدنته.
يجب الذي يجب.. دخلنا الآن - شئنا أم أبينا – تعارفية إنسانية ثقافية جارفة.
الثقافات المحلية، خصوصا منها التي " تمتلك شجرة النسب إلى السماء؟؟ " تأبى الانصهار في بوتقة أوسع و أعمق بدافع " الخصوصية " أو " الخصخصة" ، لست ادري أيهما أصح..
في أجود الحالات، هي تأخذ و تدع.. تتبادل في انتقاء..تضيف... و جميع ذلك تحت طائلة سيادة اعتبارية لا يحمد تجاوزها بالنظر إلى تماسك المجتمع الذي لا يدرك بالضرورة معنى التبادل و الحوار كما ترسمه النخب بأصنافها..
يغدو ذلك أيضا تحت طائلة سياسة تنظيمية يصعب خرقها بالنظر إلى برامج الأنظمة " الجرارية " التي لا تسمو بالضرورة إلى المطامح السريالية للشعوب.

هذا التوازي المربك لخطوات التغيير ، لا يمكن كسره إلا باعتماد التخفيف من حدة التشنج على أدبيات التأسيس للتنظيمات المختلفة، رسمية و عرفية.. تخفيف من أنجع أدواته و أسلسها استبدال تمثل الاحترام بتمثل التقديس أمام جميع " الأشياء " بالمفهوم السوسيولوجي.
فكلما بدأت المشاغبة الفلسفية عملها حول مقدس سياسي أو ديانتي أو عرفي معين ، كلما انفرج مسلكا مضيئا إلى العقد الأصلي التعارفي المؤلف.

أحمد التاوتي صاحب ثورة الشك
http://autrealgerie.blogspot.com



#أحمد_التاوتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشغب الفلسفي و الامر الواقع
- الأسئلة القاتلة


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد التاوتي - الشغب الفلسفي و الأمر الواقع