أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمان حلاّوي - مسرحية ( المجنون )















المزيد.....


مسرحية ( المجنون )


جمان حلاّوي

الحوار المتمدن-العدد: 2329 - 2008 / 7 / 1 - 08:29
المحور: الادب والفن
    



أشخاص المسرحية : 1- ألمجنون
2ـ الآخـــر
3ـ ستة أشخاص يتخذون عدة أدوار
4- طفل

قبل فتح الستارة

المجنون ( للجمهور ) : هناك مجنون يدعى " مهدي المخبـّل " يعرف عنه كل أهالي البصرة
القديمة ، يسكن خرابة قرب سكـّة القطار في نظران إحدى المحلات
العتيقة في البصرة..
وكنا صغارا" نخاف أن نتقرب من الخرابة وقال من رآه :
ان مهدي المخبـّل كان مدرّسا" قبل أن يسكن الخرابة ،
وكان يقرأ كثيرا" في الليل على ذبالة الفانوس.. ويتأمل النجوم ويبكي
ربما على زوجه التي عافها أو عافته ..
ولا أحد يعرف أين ذهب بعد أن كبرنا.. ربما شاخ وذهب كما شخنا
وسنذهب , وربما حدث آخر جمعه مع الفانتازيا التي ستشاهدونها ..


مدخــــــــــل

( ظلام خافت وأضواء متحركة )
( كادر المسرحية يقف هائجا" هاتفا" بالموت وبصوت غير مفهوم أمام منصة مشنقة وضع حبلها في رقبة شخص مبهم )

( يخرج الكادر, وينزع المشنوق الحبل حاملا" منصة الشنق ويخرج )

( يدخل الكادر مرة أخرى يهتف حاملا" شعارات ولافتات غير واضحة, ويخرج من الجهة الأخرى للمسرح )

( يدخل قسم من الكادر من كتف المسرح الأيمن, ويدخل القسم الآخر من كتف المسرح الأيسر.. الأشخاص أيمن المسرح يهتفون: يسقط, الأشخاص أيسر المسرح يهتفون: يعيش. يتقاتل الطرفان بالعصي , يسقط قسم منهم . يخرج الآخرون مسدسات ويقتل بعضهم البعض الآخر , ثم يقوم الجميع ويخرج )

( صوت خارجي يتم أثناءه إدخال ديكور الخرابة مع إضاءة تدريجية )

في تلك الساعة من شهوات الليل
صنعتني أمي من عسل الليل بأزهار التين
تركتني فوق تراب البستان الدافئ
يحرسني حجر أخضر
فالعالم مملوء بالليل

( يدخل شخص ويصرخ " العالم مملوء بالليل " ويخرج راكضا" )
. . . . . .

صنعتني ليلة حبّ أمي أقطر في الليل
تركتني فوق تراب البستان الدافئ
يجمعني الفقراء , ومرّ غريب
يعرف قدر الزهر فأفرد حجريه لروحي
وتساقطت له , ذلك مكتوب



ألمشهد الأول

المكان : خرابه وضع فيها تلفزيون وستلايت ومكتبة بسيطة رصفت فيها بعض الكتب
الزمان : الوقت الحاضر

صراخ خارجي: مجنون.. مجنون !!

( يدخل رجل متعثرا" , ثم يقف منتصبا" )
المجنون: لست مجنونا".. والله العظيم لست مجنونا"
يا عالم أنا لست مجنونا"
( يتلفـــّت )
أنا لست بمجنون !
( صوت مدفعية يهز المكان )
( ينطوي على نفسه , يستدرك )
ربما أنا مجنون , لكن لا
لن يجعلني العالم مجنونا" , حتى أنظروا ...
( يفتح تلفزيونا" )
وضعت ستلايت في خرا بتي وأشاهد من خلاله كل القنوات!!
أعيش أميرا" هنا في هذه الخرابة
وأعشق, فأنا عاشق كبير
( يخرج رزمة رسائل )
وهذه رسائل من زوجي
وهذه صور أطفالي
( تسقط الرزمة من يده وتتناثر .. ينظر إليها بحزن , يبرك ويلتقطها ثم يرزمها ويعيدها
إلى مكانها )
وهذه مكتبتي
( يسحب كتابا", يقرأ عنوانه )
" أوسكار وايلد " .. مات اوسكار وايلد وهو يتذكر بألم ممض كل لحظة مخزية عاشها

( يسحب كتابا" آخر )
" رامبو " .. مات هذا الولد الشاعر وهو يبيع السلاح للثوار عبر أثيوبيا منتظرا" لوطيا"يضاجعه!!

( صوت قذيفة , ثم أخرى )
( يدخل الآخر راكضا" )

الآخـــر : أركض , أركض .. لنهرب !!
المجنون : أركض ؟ لم ؟! .. لا أذهب إلى أي مكان , هذا مكاني ..

( تدخل دبابة فضاء المسرح عبر شاشة سينما .. تقترب حتى تحتوي المكان )
المجنون : خذيني .. اقتليني أيتها الرعناء !
الآخــر : هل هي مركبة من كوكب مجهول ؟
المجنون : ألا تعرف أنها دبابة ؟!
الآخــر : ليس لدي ستلايت كما لديك .. أنا معدم !
لكن آه , تذكرت .. إنها فعلا" .. أنها مثل تلك التي ....
إنها علامة . ستظهر علامات ....
من أين لك هذا الستلايت ؟
المجنون : أعطاني إياه شيوعي أرادني أن أعرف العالم , حاول كسبي لكني رفضت !!
الآخــــر : لماذا رفضت ؟ إنها تجربة جديدة
المجنون : آه , عاقل آخر .. غبي آخر !!
الآخـــر : أنت مجنون , الكل يقول أنك مجنون , لكني وبكل فخر لست مجنونا" ..أنا "عاقل"
المجنون : تنام فوق الأرصفة وتأكل من المزابل وتقول عاقل ؟؟
الآخر : العالم ملك للجميع لا ملك أحد , أنام حيث هناك سماء إذ لا رابط لي ولا أهل , أما أنت
فقد تركت زوجك وأطفالك وسكنت الخرابة، لماذا الهروب ؟
المجنون : لم أهرب من أحد .. لا أحد يحدد كيف نعيش ..
الآخر : حتى الله ؟
المجنون : أوف , لا تدخلنا بالسياسة الله يخليك!!
أقصد لا امرأة ولا حزب ولا حكومة ، ولا حتى كوفي عنان !!
أعيش حيث أرغب أن أعيش
وأفكر وكما يحلو لي أن أفكر
وأتسكع كيف أريد , وأشرب كما أرغب
وأتكلم لغاتي المنسيّة ....
أتعرف كم لغة منسيّة في تاريخ هذا العالم الجاحد .. عشرات .. مئات !!
أتعرف ماذا تعني اللغة ؟.. حضارة بأكملها !
أتعرف ما هي الحضارة .. شعوب عاشت وفكرت وتنفست نفس الهواء الذي تتنفسه,
وتأملت وتألمت .. لكن العالم الجاحد نسيها ..
لنشرب حتى الثمالة , ثم نقبـّل في الصباح نهد صبـّية غسلته توا" من تقبيل المساء !
الآخر : وبعد
المجنون : درست العوالم المنسية حتى تذكرت أني منسي لا أفقه مكاني .. أين أنا وفي أي عصر
أعيش .
الآخر : ما بك هذا اليوم ؟!
المجنون : تبديل حثالة بحثالة .. حثالة بأخرى.. أخرى بحثالة.. أخرى بأخرى .. لا أرض لي سوى
هذه الخرابة , فالأرض أما ضيعة لضباع أو دعوة لعزاء !
الآخر : أذن الحرية يا صديقي ..
المجنون : الحرية , نعم .. وأصبحت صديقك !
الآخر : لم لا , وتقاربنا بعض الشيء
المجنون : تبقى مسكينا"!
الأخر : وأنت مسكين أيضا"
المجنون ( بألم ) : نعم مسكين ومجنون ..
لا تقل لأحد أنا هنا .. هل قلت ذلك لأحد ؟
الآخر : لا والله وكما وعدتك سابقا" وأقسمت أن لا أبوح لأحد بمكانك .

( يبكي المجـــــنون بصـــــمت )

الآخر : ما بك يا صديقي , لماذا تبكي ؟!
المجنون : البكاء حالة سلام
حالة هيام ..
حالة مجون وجنون
البكاء شرقي , خلق شرقيا"...
عاطفي , همجي .. قدم الزمان
أيام الكهوف حين كانت ألام ترضع أطفال الجميع
ويضاجعها الجميع ..
وبلغة منسية كانوا يتحابـّون
كما لغتنا حين نسكر فرادى مهجورين
وسط الظلام والبرد والضياع والهروب
الآخر : هذا الكلام يلائم ذلك المؤلف كما في روايته التي أعطيتني إياها , لا أتذكر اسمها
المجنون ( غير مصغ ) : ثم سمعت توفيق زياد
هذا المهاجر الكوني يصرخ " أدفنوا موتاكم وانهضوا "
يخبرنا أن ننهض ..
ثورية هذه , وثوري هذا
لماذا يموتون لندفنهم ؟!
لماذا الموت ألقسري أولا .. ثم نمسي ثوريين لننهض

( موســـــــــــــــيـقـى )

ماذا أريد , وماذا يريد العالم ؟
إنهم لا
يستحقون الموت
العالم كله لا يستحي
هي جرأة الكذب
أن نملك غش العشق
أيها الكذابون
أتعشقون وتغشون في العشق ؟!
كارثة .. ابتليت بهذه السلالة !!
الآخر : لقد تكلمت كثيرا" , حتى أني دخنت لا أدري كم سيكارة وأنت تتكلم
المجنون : سأموت .. سأغرق !!
الكادر ( خلف الكواليس ) : هي .. هي .. مخبـّل
هي .. هي .. مخبـّل !!


المجنون : أما أن أموت بانتفاخ الكبد , أو أن أعيش عاقلا" تافها" معكم !!
وسط صفوة حثالة العقلاء

( ظلام خافت مفاجئ مع قرع طبول بعيدة , وسط الظلام يتواجد شخصان بملابس عربية, ومهد فيه طفل )

الأول : أركض به.. أركض
الثاني : لكنه لم يزل نائما" !
الأول : قلت أحمله واركض به , إنهم قريبون منا وسيقتلونه
الثاني : لا تستعجلني أرجوك , لا مكان لدينا للاختباء سوى هذا البئر
الأول : أرم نفسك والطفل
الثاني : سيموت فالبئر عميق !
الأول : لا يموت .. لن يموت , مكتوب عليه أن يعيش , أدخل بسرعة
الثاني : خولت أمري لله أن ينقذني والطفل .. ربي ومولاي أحفظ الطفل فهو أمانة في أعناقنا أنت القادر الرحيم
( يبكـــــــــي )

( يخرج الشخصان راكضين مع الطفل)

( يدخل عدة فرسان شاهرين سيوفا" )

الرجل الأول : لم نعثر على شيء ، انه مخبئ في مكان آخر !
الرجل الثاني : ابحث جيدا" يريده مولاي حيا"
الرجل الأول : ليس هناك سوى الصحراء
الرجل الثاني : اذن فهو بلاغ كاذب .. سنحاسب المخبر
الرجل الأول : لنعد ونبلغ قائد الشرط



ألمشهد الثانــي

( ظلام ، بقعة ضوء على المجنون )

المجنون : بدأت أخاف أن أفقد من وثقوا بي
الظلمة شيء موحش .. أن ............
لا تعرف أين تضع قدميك
أن لا ترى أرنبة أنفك
وماذا يمكن أن يكون أمامك
أو خلفك , أو ماذا يتربص بك
إنها دوامه التيه الغريبة العقيمة..
إنها النتانــة !!
رائحة الخرابة نتنة ..
لا .. بل أنا من يحمل النتانة
إذ لم أسبح منذ فترة
ولم يزرني صاحبي
ارتجف ربما هي الحمى
متى يكون الخلاص
كذب ليس هناك خلاص
كذب ليس هناك جنة ونار
لا..
لا تكفر ..
أخذني البرد
وجال بعقلي ماعون طعام ..
ورغيف خبز..
" أدفنوا موتاكم وانهضوا "
يا لكم من سـّذج
يا شعوبا" مسكينة
لكن متى الخلاص ..؟
متى الخروج ؟!!

( يصعــد فــوق صــندوق )
أيها الناس..
إنما جئت لأنقذ بقاياكم
( يتدارك ) لا ليس هكذا
أيها الناس .. جئتكم عالما" بما وصلتم إليه من تشتت وتشرذم
( يتدارك ) لن يفهموا تشرذم , لتكن لغتي أكثر شعبية !!
سأقول : يا ناس يمته تصحوا يا ناس !!

( ينزل من الصندوق مستاء" ) انه الغباء بعينه
( يضحك ) الغباء بعينه والله !!
( ضجـّة غير مفهومة خارج المسرح , يتحرك المجنون متحيرا")
( يدخل الآخر راكضا" , ثم يقف متنفسا" بصعوبة )

الآخر : حصل ما كنا نخاف منه , حصل .. حصل !!
المجنون : ما الذي حصل أخبرني
الآخر : حصل , حصل . أين نذهب ؟
ستقلب الدنيا !!
المجنون ( ممسكا" به ) : عماذا تتكلم .. أهدأ وأجبني ..

( يخرج الآخر , ثم يعود راكضا" )
الآخر : الا تخرج لترى
المجنون : لا أستطيع الخروج إذ لم تحن الساعة , أخبرني ماذا هناك ؟..
الآخر : حصل ما كان الناس يتكلمون عنه ..
المجنون : عماذا كانوا يتكلمون ؟!
الآخر : عن شروقها من المغيب !!
المجنون : وتسميني مجنونا" ؟!
الآخر : لا بل حصل , ستقلب الدنيا
المجنون : هل أنت جاد ؟

( يخرج الآخر راكضا" بارتباك )
المجنون : بعد ثماني دقائق يصل تأثير التغيرات الشمسية إلى الأرض منذ أن دخل عليّ صديقي المشرّد

( صوت ارتطام و اهتزاز وكأن هزة أرضية حصلت )
المجنون : ها قد وصلت ..

( ظلام .. إنارة .. ظلام , صوت عواصف وإنارة متذبذبة )
( يبدو المجنون مثل شبح وسط هالة الضوء المتذبذبة )
المجنون ( مقلدا" صوت عدة رجال ) :
- اركض به .. أركض
- لكنه لم يزل نائما"
- قلت أحمله واركض به , أنهم قريبون منا وسيقتلونه
- لا تستعجلني أرجوك , لا مكان لدينا للاختباء سوى هذا البئر
- أرم نفسك والطفل
- سيموت فالبئر عميق !
- لا يموت .. لن يموت , مكتوب عليه أن يعيش , ادخل بسرعة !!
- انه الصوت منذ الأزل ...
( يجثو المجنون على ركبتيه . إضاءة عامة )
المجنون : انتهت الهزات , ربما تاهت الأرض في أديم السماء .....
وسنعود الى العصر الجليدي بعد ان فقدنا الشمس وحرارتها .. وتعود الديناصورات
والعوالم المنسية بلغاتها المنسية ..

( يدخــــل الآخــــر )

الآخر : الحمد لله فقد اختفت وظهرت من مشرقها من جديد
المجنون : الحمد لله .. لكن هل رأيتها , أكيد ؟!
الآخـــر : أكيد , ليس أنا وحدي قد رأى ذلك كل الناس ..
المجنون : وحتى أولئك في أقاصي الأرض ؟!
الآخــــر : لا أدري , ربما .. لكنهم في ليل الآن كيف تشرق عليهم .. لا .. لا أدري فأنا لست
سوى إنسان بسيط مسكين , لا تسألني هكذا أسئلة مخيفة !!
المجنون : لقد عادت لي رؤاي التي حدثتك عنها .. أقول لك ذلك لأنك حفظت سري منذ زمن
بعيد .. هناك طفل يخبـّأ وهناك فرسان يحملون سيوفا" ...
الآخـــر : الله يعلم ..أهو أنت
المجنون : أنا ؟
أنا في زمن المدافع والكلاشنكوفات وليس السيوف يا ....
الآخـــر : من أذن.. ولماذا يأتيك هذا الحلم ؟
المجنون : لا أدري !!
الآخـــر : لا تدري ؟!
المجنون : لا أدري , ثم لماذا هذا الإلحاح , لم تكن هكذا سابقا" !
الآخــــر( بنظرات ذات دلالة إلى المجنون ) : سأذهب أبحث عن طعام ..
المجنون : لاتفكر في ..
الآخـــر : يأتونك بالطعام !!
المجنون : اذهب وكفى تلميحات لا معنى لها !

( يخرج الآخـــر )
المجنون : لم يحن الوقت بعد
لم يحن الوقت بعد.. يا ألهي أرحمني من ثقل فوق كاهلي
عجـّل .. عجـّل يا ألهي !!
( يبــكي , يحاول ضبط نفسه )
ما ألذي ستقوله حين تخرج
" أيها الناس ...
يا ناس يمته تصحوا يا ناس "
وبعد !!
أنا لا أصلح لأي شيء ..
لكنك لا تعي ما في داخلك
لا تعرف مؤهلاتك
لا تدري أية جينات تحمل

( يصرخ )
أكاذيب , أنا لاشيء من هذا وذاك
صاحوا عليّ مجنون , وهاأنذا في الخرابة
أصلح لهذا فقط ..
أما ما يريده هؤلاء , لا أدري كيف سأكون !!
اللهم قويني ..اللهم امنحني من لدنك قوة ..
أريني شارة أن كنت أنا فعلا" من سيكون ..
أهو سحر....
أم أزل أن أكون !!

( يدخل طفل إلى الخرابة , يتفاجأ المجنون )

المجنون : ماذا تريد بني ؟!
الطفـــــل : أين أمي , لقد أضعتها!
المجنون : أين أضعتها ..في السوق ؟
الطفــــل : لا أدري , أريد أمي

( يبكي الطفل , يحمله المجنون )

المجنون :أتعرف من أنا ؟
الطفـــل : لا أعرفك , أريد أمي
المجنون : لقد كنت على حافة الانهيار وأنت دخلت .. أشكرك بني !
الطفـــل : أنزلني أنت تخيفني !
المجنون : بعثت في قوة .. شعرت بدفئك وأنا أحملك , ما أسمك ؟
الطفـــل : محمد
المجنون : محمد .. اسم جميل , وأبوك يا محمد؟
الطفـــل : إبراهيم .. أريد أمي , أنا خائف !
المجنون : سأبحث عن أمك تعال ولا تخف !

( ظلام باهت , صوت طبول )
( يدخل ثلاثة رجال مبهمي المعالم بملابس عربية متمنطقين سيوفا")

الأول : حان الوقت , أنت من سيكون
الثاني : استلم مهمتك يا فتى الفتيان!
الثالث : ينتظرون الإشارة أيها القائد الغائب الحاضر ..
المجنون : أقود من ؟
الأول : تقود بقية الله نحو الفتح المبين !
المجنون : من هم .. أني لا أراهم!!
الثاني : إنهم فتية آمنوا بالله , وأنت الفتى الأول !
المجنون : أريد البحث عن أم الطفل..
الثالث : أترك أمر الطفل الآن , أنها المعركة الحاسمة !!
المجنون : ربما اختلطت الأمور ..
الثالث : لا انه أنت .. نحن متأكدون
المجنون : كيف عرفتم , أفحصتم حامضي النووي !!!
الأول : ماذا ؟؟!!
الثاني : ماذا يقول ؟
الثالث : لا أدري !!
( يدخل الآخـــر بملابس عربية متمنطقا" سيفا" , بقعة ضوء عليه )
الآخـــر : تهيـّأ ونحن بعدك ..
المجنون ( متفاجأ ) : أنت ؟؟
الآخـــر : لا وقت للكلام
المجنون: أستقاتل بهذا ( مشيرا" الى السيف )
الآخر : بالتأكيد .. وستنزل جنودا" من السماء تناصرنا !!
المجنون: ملائكة ؟!!
الآخر : لاأعلم .. الله معنا !!
المجنون : لم أتهيـّأ بعد !!
الآخـــر : لا تدرك ما تحمل.. تقدم فقط . أنت الفتى الأول , فتى الفتيان !!

( يحتضن المجنون الطفل ويتكوّر عليه )

الطفـــل : هل أنت خائف عمّو ؟!
المجنون : لا أدري !!

( يعود يحتضنه )
( يسجد الأربعة أمام المجنون )


المشهد الثـالث

( إضاءة نصف المسرح أو بقعة ضوء )

شخص أول : قيل أنه سيظهر
شخص ثاني: والله سمعت .. كلامك صحيح مائة بالمائة !!
شخص أول : ويقولون أنه سينشر العدل ويوزع الحقوق والهبات !!
شخص ثاني: والله سمعت.. كلامك صحيح مائة بالمائة!!
شخص أول : لكنه ليس حاد الأنف كما قرأت .. إن أنفه أفطس
شخص ثاني: لا يهم , لكن متى سيخرج ؟
شخص أول : يعني أشهر , ربما أسابيع أو أيام ..
شخص ثاني: أو ربما ساعات !!
شخص أول : أشهد أن لا أله ألا ألله وأن محمدا" رسوله , والله كلامك صحيح مائة بالمائة !

(بقعة ضوء في زاوية أخرى من المسرح )

شخص ثالث : سمعت انه كان يختبئ في مثلث برمودا طوال هذه المدة !! لذلك هذه العواصف
التي نسمع بها وغرق السفن وما إلى ذلك !!
شخص رابع : لا أعتقد , وكيف سيأتي إلينا أذن وينقذنا ؟!
شخص ثالث : ربما على متن بارجة أميركية لأن برمودا قرب أميركا فيحملونه معهم حين
يجلبون الغداء اليومي لجنودهم هنا !!
شخص رابع( صارخا" ) : كيف على متن بارجة أميركية وهو قد جاء يقارع أميركا التي
عاثت في الأرض فسادا" !!
شخص ثالث : ربما سباحة
شخص رابع : يقطع المحيط الأطلسي سباحة ويأتينا مبللا" !!
شخص ثالث : لا أدري , لا أدري .. هذه مشكلته !!

(بقعة ضوء في زاوية أخرى من المسرح )

شخص خامس : يقولون انه مجنون يعيش في خرابة !!
شخص سادس : لا تقل هذا , أنه الفتى الأول .. فتى الفتيان !!
شخص خامس : أذن كيف صادف أن يكون مجنونا"
شخص سادس : ربما للتمويه !!
شخص خامس على العموم متى يخرج لنتهيأ !
شخص سادس : وما يهمك أنت أن خرج .. أنت لص , يعني " حرامي "
شخص خامس : يهمّني جدا" .. لأستولي على ما تبقى من حقوقي التي أكلها الكبار
شخص سادس : يعني تنهب !!
شخص خامس : ولم لا,هي فرصة , أعمل أي شيء فالأرض لنا وكل ما عليها, فقد
ضحينا كثيرا" وحان الوقت أن نأخذ حقوقنا بأيدينا !!

صوت المجنون : أيها الناس ..
يا ناس .. يمته تصحوا يا ناس !!

( يخرج الشخص السادس )
( الأشخاص : الأول والثاني والثالث والرابع والخامس يأخذون أشياء متناثرة ويضعونها في جيوبهم , يخرج قسم منهم ويرجع الآخر ليأخذ المزيد وهكذا وسط صيحة المجنون المتكررة طوال الوقت ..)

الشخص الخامس( مجاوبا" ولم يزل يسرق) : نحن لسنا نيـّاما" .. نحن صاحون ألا ترانا !!
المجنون : ربما لم يحن الوقت بعد , أو ربما لست أنا من سيكون ..
( يتأمل السارقين )
لا .... حقا" لا، لست أنا من سيكون ..
أو لست أصلح أن أكون من سيكون ..

( صوت انفجار كبير , تتراقص الأضواء حمراء وصفراء .. )
( هدوء وأجساد الأشخاص الأول والثاني والثالث والرابع والخامس ساقطة على الأرض )
( يدخل الآخـــر ممزق الثياب . مصابا" بشدة )

الآخـــر : انفجار ..لكن لا أدري أين الفتى الأول .. اختفى , أسأل الله أن لم يصبه مكروه !!

( إنارة , الخرابة ولم تزل أجساد القتلى على الأرض وكأن الانفجار وكل ما حصل كان
داخل الخرابة )
( يدخل المجنون مستاء" ممسكا" بالطفل , يهجم على المكتبة , يرمي الكتب على الأرض
ويبعثرها)

المجنون : لا أريد هذه الحضارة , لا أريد هكذا حضارة ..
انه عالم منسي منحط يثير الشفقة والحزن ..لا ينصلح ولا يصلح لشيء , لا كما
العوالم المنسية التي عرفتها مفعمة بالحب والصدق .. ملأى بالحياة

( يفتح التلفزيون ويجلس على كرسي معطيا" ظهره للجمهور محتضنا" الطفل . يقلب القنوات بواسطة الريموت كنترول . يتوقف عند أغنية ما , يظل يتأملها منصتا" )

( ستــــــــارة )

جمان حلاّوي
Email/[email protected]




#جمان_حلاّوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمان حلاّوي - مسرحية ( المجنون )