أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر زكي الزعزوع - نولد ونموت














المزيد.....

نولد ونموت


ثائر زكي الزعزوع

الحوار المتمدن-العدد: 721 - 2004 / 1 / 22 - 06:01
المحور: الادب والفن
    


لاشك بان الإنسان كونه ، نظريا على الأقل ، أفضل مخلوقات الله ، فهو خلق في أحسن تقويم ، وميز بالعقل ، وعلم البيان ، وهكذا بدا صورة من خالقه .. هكذا تبدو اللوحة من الخارج ، ولكن ..
من الداخل تبدو الصورة قاتمة ، وأقصد بالداخل هنا واقعنا ، فالداخل مفقود ، والخارج مبدع مولود.
الإنسان في مجتمعاتنا العربية موجود للضرورة ، فهو يكمل صورة الأنظمة ولاتكتمل الدول إلا بوجوده. أما حقوق إنسانيته وكرامته ومواطنته ، فهي آخر ميزة يمكن أن يتمتع بها وهو كائن على قيد الحياة ، أما إن ووري الثرى – يحدث كثيرا ألاّ يوارى مواطن الثرى- فهو لحظتها فقط يكون إنسانا ، وتختلف طريقة مواراته عن طريقة أشقائه من الحيوانات، فهو على الأغلب يغسل ويكفن ويصلى عليه ، ويحضر مراسم دفنه على الأقل عشرة أشخاص ، وربما أقيم له عزاء ، والغريب ، الغريب حقا أن الناس حين يوارون هذا الإنسي الذي هو مثلهم يقولون : رحمه الله ، ارتاح من الحياة ، مع إن الحياة ممتعة أو هكذا يفترض فيها أن تكون ، فكيف نرتاح من الحياة ؟!
قديماً قال المتنبي : كفى بك داء أن ترى الموت شافيا،
وصحيح أن مناسبة قوله لهذه الحكمة تختلف عن مناسبة تذكرنا لها لكن لاضير من الاستعانة بها ، اليوم تسمع كثيرا من الناس يقولون : كم أتمنى الموت ، ولمَ لا؟ فهذه الحياة التي ابتدأت بصرخة وشهقة والتي كان ينبغي لها أن تكون مختلفة عن هذه الحياة هي عبء إضافي وحِملٌ ثقيل يئن حامله من ثقله ، ويحق له أن يتمنى إزاحته عن كاهله ، هكذا تبدو اللوحة بشكل عام..
المواطن العربي الذي يشبه أي مواطن آخر في أية دولة أخرى ، ويولد بالطريقة نفسها ، كالفرنسي والانكليزي والروسي…… نعم هو يولد بالطريقة نفسها ، فلكل واحد منهما أم حملته وهناً على وهنٍ ثم استلقت على على ظهرها لتخرجه الى النور ووصرخ كل واحد منهما الصرخة ذاتها ثم انفجر باكيا وهنا يتوقف وجه الشبه ، ولكن مايميز ابن الافرنجية الكافرة/ حسب تعبير بعض مشايخنا الموقرين/ هو أنه سيذهب بعد قليل الى مدرسة تحترم طفولته وسيعيش حياة تحترم مراهقته وسيجد إن أحب أن يعمل عملا ينال منه أجرا محترما ، وإن أحب أن ينتمي لأي حزب أو أي تيار فكري او ديني أو ثقافي  فسيكون بإمكانه فعل ذلك دون أن يخشى جرجرة وقبوا مظلماً ومجموعة لاتنتهي من الركلات واللعنات وسيلا جارفا من البصاق والتعذيب ، وسيصل ذلك الأوربي الىعمر الكهولة وهو موقن بأنه لن يكون مضطرا لمد يده للآخرين ، وسيظل مستمتعا بإنسانيته حتى يوارى الثرى ، وبهذا يعود ليتشابه مع ذلك العربي الذي شاءت الأقدار أن يولدا معا في يوم واحد ، أليست معادلة حقوق إنسانية طريفة "يولدان ويموتان" ولكن مايتخلل الفترة الفاصلة بين الولادة وبين الموت هي فترة يمكن تسميتها اصطلاحا حياة، وليس ضروريا أن تكون هذه الحياة هانئة كما لايتوقف المنادون بحقوق الإنسان يجاهرون ويعلنون ويطالبون، فقد قيل" والكلام على ذمة قائله" بأن الناس كلهم سواسية ، وتعلمنا ، نحن المسلمين، بأن الحياة الدنيا ليست إلا متاعا قليلا ، وأذكر مما أذكر من طفولتي أو مراهقتي أن جدتي رحمها الله كانت حين ترى ، تلفزيونيا طبعا، الرخاء الذي يعيش فيه الغربيون تطلق آهة حسرة وتقول متنهدة: ربنا وربهم واحد وهم بالعذاب أشد ، وهكذا اقتنعنا بأن حياتنا ليست سوى معبر الى آخرتنا التي سنتنعم بها ، فنسينا ما لنا وما علينا أيضا ، وطولبنا بأشياء وأفعال وتصرفات تستهلك ماتبقى من مساحة في حيواتنا ، فبدونا ، واللوحة الآن بلا إطار يؤطرها، مسالمين إيجابيين مستسلمين وحين أتى من يوقظنا وينبهنا بأن لنا حقوقا في حياتنا وعلينا أن نحصل عليها تلعثمنا وارتبكنا أيما ارتباك ولم نفهم أو لم نستطع أن نفهم ماالذي تعنيه حقوقنا وكيف تبدو ، وهكذا حتى تمكنا أخيرا من استيعاب الفكرة شيئا فشيئا فأردنا إطلاق ألسنتنا فما أتيح لنا ذلك لأن أولي الأمر منا أمرونا أن نسكت ولأن الله أوصانا بأن نطيعه ورسوله وأولي الأمر منا، فقد امتثلنا لما أمرنا به ، أو تظاهرنا بالامتثال ، وصرنا نحوك مؤامراتنا في ظلمات الأقبية وفي المستودعات الرطبة وفي البيوت المراقبة من قبل الأجهزة الساهرة على رعايتنا وأمننا ، حتى صرنا والحالة هذه ، أشبه بالوطاويط لانخرج إلا ليلا وفي النهارات ننكفئ على أنفسنا ونؤنس نزقنا المتصاعد بعبارات الحمد لله والشكر لأفضاله ونعمه.
***
وصلتني رسالة من صديق يدعوني فيها لأن أشترك معه في كتابة قصيدة نحتج فيها على احتلال العراق فاعتراني نوع من الخوف ، هل من حقي أن أشترك معه في ذلك الفعل فربما لايكون مشروعا؟ هل سيوافق الرقيب القابع متأبطا مقصه على أن نقوم  بذلك؟ والأمر الأهم .. هل سأتمكن من تخدير الرقيب المتنامي في أحشائي كابن حرام لأفعل ما أريد دون أن يخنقني؟!!!



#ثائر_زكي_الزعزوع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديكتاتور في يومه الأخير
- الحوار المتمدن …. الحوار الحر


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر زكي الزعزوع - نولد ونموت