أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - روما 3















المزيد.....

روما 3


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 2327 - 2008 / 6 / 29 - 07:03
المحور: الادب والفن
    


أ ُحِبُّ روما وتحتلـُّـني لمـّا يموتُ القياصرة!
فقد أعادتْ أجنحتي
مرّاتٍ إليَّ واعتذرَتْ،
لذا أحببْتُ كلَّ أمةٍ خاسرة!
حين لا تعودُ كلُّ الكلابِ ذئاباً،
فيَمَسُّ لسانٌ باردٌ ساقـَيَّ
كما الريحُ في خِِيار ٍتسلـَّقَ خيطانَ المطر
فلا يـَثِبُ الجوعُ من براثنِهِ الى وجهي
ولا قواطعٌ تعانِقـُني؛
إنما يَشْدَهُني السُّهومُ في عيون ِروما الحجرية،
فالرخامُ الذي الآنَ أسكرني
مُعتـَّـقٌ في أرضِها،
فلِمَ الشرائط ُالخُضْرُ تنحني إذَنْ بحدودِها
والحلفاءُ الكثيفة ُيابسة ً تـنودُ
على عمق ِالجداول في سراب؟
أهذي أكفٌّ تنحني
حُزنا ًعلى أرساغِها
تسمَّرَت في جثثِ الشجر؟
أم بَرَما ًعلى ما تعالى بساحاتِها
شامخاً من كفـَن ِالحجر؟
أم على جَسَدٍ تثاءبَ في السماء
هاطلا ً مِنْ منافيها؟
تشرَّبَ ذاكرة َالتراب
فانـْهَمَرْ؟

* * *

ولكنْ لمّا كانت أورُ أميرة ًللبحورِ
وزارَها نبتونُ برمح ٍثلاثيٍّ
فهل كان حصادُ الماءِ أقراشاً؟
أم أن أسماكَ الفراتِ صغيرة ٌ
فأضافتْ للرُّمْح ِسَهْمَيْن؟
لأنـّا نـُحِبُّ هذا الماءَ زُلالا ً
فتـُجالِدُ الأسماكَ مذارينا
لنحيا،
فيرفعُ إبهاماً لنا
جوبـِتـَرْ.

* * *

لكنَّ عدة َروماتٍ نائماتٍ
لمْ تؤرّقـْني شباكـُها ورماحُها
فما كان همُّ العبيدُ في الحَلـَباتِ
أن يقارعوا أنفسَهمْ، كما ننتحرْ
ولا ماتوا في بَطـَرِ الأباطرة ْ،
لأنَّ في حزنِهِم ِالحقيقيِّ مفاتيحَ الفرح ِالذي نعرفـُهُ،
وبذورَهُ
ولأنَّ الآلهاتِ التي ماتتْ بِمرمرِها
ما تزالُ ملابسُها ملونة ً
في ذاتِ رَقصتِها؛
لكنـّا نقايضُ الحبَّ والأفراحَ باللهِ الغريبِ
وبالموتِ المباركِ والأرامل؛
فهل سقطتْ روما بعينيَّ،
كما العيدُ في عصرِ اليتامى،
كما غَزَلٌ من لغة الثـَّكالى النادبات،
كما إيمانٌ من رقيق ٍ،
كما العَدلُ في الغزو،
أو كما النجمُ في شمس النهار؟
أم أنها نهضتْ؟
فهل ستنهضُ الأرضُ لمّا تختفي أنيابُها؟

* * *

هل قـَصصُ العراق ِتصطفُّ بقلبي
حجارة ً رُصِفتْ
في أزقةٍ ملساءْ؟
وهل أشعارُنا، أرواحُنا
سلاسلٌ وفيّـة ٌ ألوانـُها
فضيّة ٌعندَ أيدينا؟
فهل فجرٌ نديُّ يمرُّ هنا، تحتَ أصابعِنا؟
وهل هو فجْرُنا؟
نحنُ نعرفـُهُُ باسِماً لخريفٍ
تصَدَّأ َعند كراتِ الحديدْ؛
فكم سافرتْ وإيّانا في العراق كأزمان ٍ
من كلِّ ثانيةٍ،
حيثُ ينقلـُنا الخريفُ من مَوْج ٍ لمَوْج،
فكم رقـَصَتْ تحتَ جفنـَيَّ في الليل ِشظيّتان،
كِسرتان ِمن حَصى السلمان،
تـُساهِرُنا سنينْ
فتشحُبُ في الوجهِ السجونْ
فلم يكن لي فرحٌ دافئٌ
لأنـّي نقلـْتُ همومَ تلالـِها العطشى كذلكْ،
وينوخُ للعِدْل ِالشتاءْ،
ثمَّ تـُثـْقِلـُهُ العيونْ.

* * *

تجئُ روماتٌ لصحرائنا
ظمْأى لضفـّةِ بئرنا
كأنْ لم تـَكـْفِها
قناطرُها وأرماثـُها
لكني ما عرِفتُ يوما ًأنَّ بغدادَنا
ستـَهْزِمُها
فيغدو التـُّجّارُ أعدائي مِراراً،
ولم تكنْ عينٌ لعاصفةٍ ترى درْبَنا المتربَ
وكل الدروبِ اليها معطـَّلة ٌ
فلنْ تـُزاحَ هذي الرمالُ عن قلبي.
سيرمونني إذنْ من الهواءِ لربع ٍخال ٍهناكْ
بعدَ أنْ يُكسِّروا ساقـَيَّ،
فأهبط ُ كالوحي ِالمهشَّم ِ!
وآتي رمالا ً تـُموِّجُها
رياحٌ كأيّامي،
تـُرَفرِفُ فيها السَّمومُ
بأضلاع ِ كـَثـِيبٍ،
أنـْحَلـَهُ الجوعُ، مُعْدِم ٍ،
ولن تـُزرعَ الصحراءُ يوماً،
ولن بالمحبّةِ يُحْكى عن عظامي،
فلن تشبهَ الكلماتُ أيّاً من أعشابـِنا
ولا بيادرُ الرمل ِحاكتْ
أيّاً من كلامي؛
فهم على مرِّ عصورِهِمْ زرعوا عظاماً
فنـُمْنا بظلٍّ لأشباحِها، واختفتْ
خلفَ الخِباءِ الظباءْ
ونـَأتي جميعاً بعد لـُعبتِنا
كي نرتوي من ذاتِ الدِّلاءْ.

* * *

تزورُ أحزانُ العراق ِهذه الأوطانَ
تمرُّ بالبحرِ
بكل هذا الماءِ الذي لمْ يجمعْـنا كجَدِّنا،
حُصْن ِالهواءِ الذي يفصلـُنا،
تطرقُ بوّاباتِهِ الصمّاءْ،
تشربُ في حاناتِهِ
من النفطِ مايُسْكِرُنا جميعاً
تـُغطـّي مسافة َالأحياءِ والأمواتِ هذي
قبل مجيئي من جنوبِ حضارةٍ أ ُولى
في نهايةِ الأوجاع ِ في ساق ِالحِذاء،
هنا في ذيل ِأوربا!

* * *

ستزورُ الغربَ أحزانُ العراق
حاملة ً ضفافـَها
تـُخوِّضُ في رفيفِ أعلامهِ
خِفافـَها.

* * *

فلا تكـْـتـَحِلـْنَ نساءَ روما بالبطـَرْ
فحزنُ النساءِ في العراقِ محيطاتٌ
من نفطهِ الخام ِالمصدَّرْ
فانظرْنَ فيه قليلا ً، ربما
عيونـُكنَّ يُكـَحِّلـُها النـَّظـَرْ.

* * *

سيسافرُ الحزنُ العراقيُّ
يزورُ هذه الأوطانَ الطرية
دونَ أجنحةٍ
فاتحاً ذراعَيْهِ لها
يهصُرُها، فيضمُّها
حتى الوَجَع ِالأخير.
فهو في أعين ِالأطفال ِفي بغدادِنا
يدفأونَ في الحضن ِالحميم
لمّا تـُرعِد القنابلُ ليلا ً
يَضُوءونَ، خوفا ً
في كل تعتيم.
ومثلَ خوفي عليهمْ يجئُ كريم
بقلبي
يجئُ في كلِّ زماني
يخطو في كلِّ الثواني.

* * *

كان مكبَّلا ًبالحجر
بالمسافاتِ والعطش؛
كان الملحُ يُزْرَعُ في سِباخ ِالروح،
والمعاني شللا ًفي الألسُن ِ؛
كنتُ دوّامة ً كونية ً،
وخليّة ًمن بدني.

* * *

لم يكن حزنُ العراق ِمنقوشاًعلى صخرةٍ بيضاء
ولا يسيلُ بأيِّ لون ٍ،
لكنـّه صخـْريّ ٌ؛
ولمْ تتضحْ أشكالُ أحجارُ روما في الدّ ُخان
حتى حينَ أبْطأ ْتُ:
قشّة ًبجدول ٍكثيفِ الطين؛
فهل سنسيلُ في الزمان ِسويّة ً
كما سالتْ الى الشرق ِكثيراً؟

* * *

حُبْ ؟
أيُّ حُبْ ؟
دُخانـُكمْ يُلوِّثُ أجنحتي أيضاً،
تـُحْرِقون كلَّ يوم ٍ روماكـُمُ
وتـُدمِعونَ قلبَ الرَّبْ!

* * *

لكني في بردِ الطرقاتِ اجتزتُ نوافذ َعمياء
بحثاً عن أوطان ٍ تطرُدُني
وأرض ٍ تدوسُني
وغيم ٍ يطلبُ مني مطرْ.
فلو شرِبْتُ كلَّ حرماني سماويِّ الكـِبَرْ
كمحيطاتٍ ملوّثةٍ
أو ذقـْتُ بمعدتي مرارتـَه السُّمّيّة ْ،
لمالَ قلبي
عشبة ًبرية ًطفلة ً
بريح ِكبرياءٍ جبلية.

* * *

تصخَّرَ قلبي بموتِ أحبتي
أورثوني بياضَ الهمِّ أكواما
فدعوني أذلـِّلُ هذا الحزنَ التجَبّرَ، يَخنـُقني
أعواماً فأعواما
صارت سيولُ الأرض دمعا ً،
أنـْهُرُها جراحا ً
وجبالـُها أوراما،
فأرضُنا المعطاءْ
كأرضِهِمْ يوما ً،
رُدَّتْ لنا حقولا ً
تبرعَمَتْ عُمُدٌ بها
رفاقا ً قـُدامى،
كما الذكرى
خـُزامى.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 8 - روما - 2 (من مرثاة - كريم -)
- 8 - روما 1
- 7 - فسيلة
- الكهف 2
- أنت معنى (مقاطعٌ من مرثاة بعنوان - كريم -)
- مقاطع من مطولة بعنوان -كريم- (
- مقاطع من مطوّلة بعنوان - كريم -
- مداعبات مهموم - 4 - حيوان كاتب
- ملاحظات في الكتابة عن الدين. 1 - المقالات المعادية وحرية الر ...
- مداعبات مهموم - عوائل تمزقها الجنسية - الجزء الثالث
- مداعبات مهموم - عوائل تمزقها الجنسية - الجزء الثاني
- مداعبات مهموم - عوائل تمزقها الجنسية
- أمتعة
- الجِزَم
- شاهد عيان:- ساهمتْ زوارق السفارة البريطانية في دجلة بانقلاب ...
- -ما يستترُ به الصائدُ-: السبب والذريعة في اللغة والتأريخ
- إنهيارُ القارّات
- حَيْرة
- قلعة صالح - شمسٌ وريحٌ ونهرٌ ونخيلْ
- الأمم المباركة والأمم المارقة!


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - روما 3