أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسام محمود فهمي - الثانويةُ العامةُ..وامبراطوريةُ الغشِ















المزيد.....

الثانويةُ العامةُ..وامبراطوريةُ الغشِ


حسام محمود فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 2338 - 2008 / 7 / 10 - 02:06
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


الثانويةُ العامةُ مستقبلُ طالبٍ وأسرةٍ ومجتمعٍ، بل أيضاً وزارةٍ وحكومةٍ ونظامِ حكمٍ، إنها تغرسُ الانتماءَ أو النقمةَ إنها النجاحُ أو الفشلُ لشعبٍ بأسرِه، إذا بُنيت علي عدلٍ ومنطقٍ استقامَ الحاضرُ والمستقبلُ، وإذا كانت العنترياتُ رائدَها فلا أملَ ولا وقوفَ إلا علي الدماغِ مع عجينِ الفلاحةِ. انطلقَ الغضبُ براكيناً لما فاحَت روائحُ الغشِ في امتحاناتِ الثانويةِ العامةِ، لجانٌ خاصةٌ بالمحظوظين من الطلبةِ، أباؤهم أعضاءُ مجلسِ شعبٍ ورجالُ شرطةٍ وغيرُهم من الواصلين، من المسئولين عن أمنِ المجتمعِ وسلامتِه، امتحاناتٌ تُباع عيني عينك، فضيحةٌ، لأنها انتشرَت لا للعلم بها، الغشُ وأكلُ حقوقِ الغيرِ في الثانويةِ العامةِ وغيرِها شائعٌ، سِلوُ مجتمعٍ، قانونٌ غيرُ مُعلنٍ، معلومٌ للكافةِ، ارتضوه، تعايشوا معه، تباكوا علي الظلمِ وضياعِ الفرصِ.
الغشُ يرجعُ لعشراتٍ مضَت من السنين، احتيالٌ علي مشاعرِ الرأي العامِ بالامتحاناتِ التافهةِ وبإعادةِ توزيعِ درجاتِ الامتحاناتِ الأكثرِ صعوبةٍ، بنفخِ المجاميعِ علي غير طبيعتِها ثم نقلِ مأساةِ القبولِ في الكلياتِ المرغوبةِ لمكتبِ التنسيقِ. إنه نفسُ نهجِ الإعلانِ عن العلاوةِ إياها ثم سحبُها وأكثرُ بزياداتٍ مجنونةٍ في الأسعارِ، إنه الكلامُ بلا مللٍ عن الوقوفِ بجانبِ محدودي الدخلِ ثم تضييقِ حياتِهم بالجبايةِ التي تعودُ لعهودِ المماليكِ، إنه التمادي في الرغي عن الديمقراطيةِ والإصلاحِ مع الاستمرارِ علي الكراسي لأجالٍ وآجالٍ، إنه أيضاً نهجُ المعارضين رافعي شعاراتِ الحلولِ لاحتلالِ ذاتِ الكراسي بغرضِ تطبيقِ شعاراتِهم التي لن يكونُ من ورائها إلا القضاءُ علي الدولةِ بمفهومِها القانوني والسياسي والاجتماعي، إنه شركاتُ توظيفِ الأموالِ بدعوي الربحِ الحلالِ ثم الطيرانِ بالفلوسِ، إنه المنتجاتُ المعطوبةُ التي تضربُ الحياةَ، إنه الانتخاباتُ كلُها، أنه سَنُ قوانيناً تحت ضغطِ المصالحِ ودعاويٍ براقةٍ رجعيةٍ، إنه اِدعاءُ التعليمُ ونصبُ مؤتمراتِ تطويرِه، إنه المعاملاتُ كلُها؛ إنه دولةٌ ومجتمعٌ اعتادوا تبادلَ الغشِ، احترفوه، جميعاً، علي حدٍ سواءٍ.
في دولةِ الغشِ الغلبةُ للصوتِ الأعلي، لمن يجيدون الإدعاءَ، التظاهرَ، التباكي، لقد نجحت نقابةُ الأطباءِ في تحديدِ أعدادِ الطلابِ المقبولين بكلياتِ الطبِ، منعَت انشاءَ كلياتٍ خاصةٍ، بحجةِ الحفاظِ علي مستوي المهنةِ، بحجةِ الزيادةِ في أعدادِ الأطباءِ، تناست سوءَ توزيعِهم علي مستوي المحافظاتِ والقري والنجوعِ، أغمضت العينَ عن مصائبٍ ارتكبَها كباراَ منهم. المنطقُ العادلُ يحتمُ أن تزدادَ نسبُ القبولِ في جميع الكلياتِ علي حدٍ سواءٍ بمعدلٍ قريبٍ من معدلِ زيادةِ المتقدمين للامتحانِ، وإلا فالبديلُ هو الاستمرارُ في ارتفاعِ المجاميعِ إلي حدودٍ خرافيةٍ تجافي الأصولَ البديهيةَ وتشيعُ عدم الاستقرارِ والرضا في مجتمع يغلي أصلا. التعللُ بمحدوديةِ القدرةِ الاستيعابيةِ للكلياتِ المرغوبةِ لا يشفي غليلاً ولا طموحاً، ما ذنبُ الأسرِ في إخفاقِ مؤسساتِ الدولةِ ككلِ في التأقلمِ مع الزيادةِ الطبيعيةِ للسكانِ مع العلمِ بانخفاضِ معدلاتِها؟ أضفُ حكايةَ الجودةِ كشعارٍ جديدٍ لإحباطِ المجتمعِ المصري ولتحميلِه وزرِ تحديدِ أعدادِ المقبولين بما يُسمي كلياتُ القمةِ، شعارٌ هلاميٌ دخلَ موسوعةَ الشعاراتِ، موسوعةٌ الشماعاتِ.
لا مجالَ هنا لترديدِ مقولةِ إن زيادة َالسكانِ هي سببُ المشاكلِ والتغني بها كشماعةِ فشلٍ ومعاقبةِ الشعبِ ووأدِ آمالِه من خلالِها، الطبقةُ المتوسطةُ لا تستثمرُ إلا في أبنائها، هم ثروتُها ومستقبلُها، هم أملُها وفرحُها. ألم يكن الحدُ من الإنفاقِ اللامسئولِ في العديدِ من المجالاتِ كافياً للاستجابةِ للطموحاتِ العامةِ؟ أما تعللُ مافيا بعض النقاباتِ المهنيةِ التي تزعمُ أن في قلةِ الأعدادِ بالكلياتِ المرغوبةِ توفيراً لتعليمٍ أفضلٍ فمردودٌ عليه، صفحاتُ الحوادثِ تحفلُ بأخطاءٍ قاتلةٍ لمن تعلموا أيامَ السمنِ البلدي ووصلوا إلي مراتبِ الأستاذيةِ واحتلوا بإعلاناتِهم صفحاتِ الجرائدِ وميكروفوناتِ وشاشاتِ الإعلامٍ. أيضاً، ما نحن فيه من معاناةٍ وتدني أوضاعٍ داخليةٍ وخارجيةٍ نتيجةٌ طبيعيةٌ لنهجِ اللاتخطيطِ الذي سلكَه من تولوا المسئوليةَ بعد سنواتٍ من الدراسةِ أيامَ قلةِ الأعدادِ والطراوةِ. هذه النقاباتُ المهنيةُ المتباكيةُ تريدُ تخفيضَ الأعدادِ تكريساً لمصالحِ القلةِ عاليةِ الصوتِ التي ترغبُ في الانفرادِ بكل المزايا الاجتماعيةِ والماديةِ.
لقد ارتفعت المجاميعُ في الكلياتِ المرغوبةِ العام الماضي بسبب تحديدِ أعداد المقبولين بها علي الرغمِ من المانشيتاتِ الحمراءِ الزاعقةِ عن زيادةِ أعداد ِالمقبولين بالجامعاتِ، من العيبِ خداعُ الرأي العامِ وتصورُ أنه لا يقرأ ولا يفهم ولا يستوعب ولا يحلل ومن اللازمِ طرحُ التساؤلِ العامِ هل تحديد أعداد المقبولين بالكلياتِ المرغوبةِ يتمُ لصالحِ توجيه الطلابِ لتعليمٍ خاصٍ؟ لأي مصلحةٍ يُزرعُ عدمَ الاستقرارِ والغضبِ في المجتمعِ؟ هل مسلسلُ الثانويةِ العامةِ أحدُ وسائلِ الإلهاءِ العامِ؟
ازدادت أعدادُ الناجحين في الثانوية العامة في الأعوامِ الماضيةِ بنسبٍ غيرِ طبيعيةٍ، دخلَت المجاميعُ موسوعةَ الأرقامِ القياسيةِ، للغشِ والخداعِ، هل ثبَتَ أن المجتمعَ المصري يعجُ بالعباقرةِ؟! لقد كان الطالبُ الفاشلُ هو من يحصلُ علي 95% أما الآن فهو الحاصل علي 98,7%!! من المؤكدِ أن الفشلَ ليس له لكنه للنظامِ بكل مؤسساتِه التي أورثت الحقدَ والكراهيةَ وعدمَ الانتماءِ في أجيالٍ وأجيالٍ. ملهاةٌ مضحكةٌ مبكيةٌ مؤسفةٌ، يُصاب كلُ مسئولٍ أجلسَ علي الكرسي بداءِ الحكمةِ، تراه ناصحاً مُشوِحاً مُستفيضاً فيما يكُر ويُبغبغُ متصوراً أنه يعلمُ وأننا نجهلُ، غافلاً عن أنه مجردُ كبشِ فداءٍ، طالَ به زمنُ الكرسي أو قَصُرَ!!
لقد كتبنا لأننا لا نملكُ السكوتَ علي وضعٍ يُجافي كلَ عدلٍ ومنطقٍ، لا يجوزُ لمتخذي القراراتِ الرضوخِ لدعاوي تضرُ بالصالحِ العام ِأو ترديدِ أقاويلٍ بلا سندٍ صحيحٍ أو الركونِ للعشوائيةِ. أسلوبُ المعالجةِ يعكسُ كيف يتصدي نظامُ حُكمٍ لأكبرِ مشاكلِه؛ للشعبِ حقوقٌ أساسيةٌ وحواسُه من عيونٍ وأذانٍ وأيضاً عقولٍ سليمة.ٌ
قبلُ الختامِ، عند إعلانِ نتيجةِ الثانويةِ العامةِ تجبُ مراعاةُ أننا بصددِ ثلاثةِ امتحاناتٍ مختلفةٍ للعلومِ والرياضياتِ والدراساتِ الأدبيةِ، ترتيبُ الأوائلِ بالمجموع المطلقِ لا يتفقُ إذن مع العلمِ والتربيةِ لأنه سيرجحُ طلاباً علي غيرِهم دونما سندٍ، إلا إذا كان غشاً.
الثانويةُ العامةُ ليست مجردَ شهادةٍ، إنها صورةٌ صارخةٌ لمجتمعٍ يتعجبُ لانكشافِ الغِشِ علناً لا لوجودِه، يُدمنُ الغِشَ، غِشُ نفسِه دون سواها،،
مع الأسفِ،،

مدونتي: ع البحري
http://albahary.blogspot.com/



#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهنةُ: مُفتي فضائياتٍ
- القاهرة اليوم00 فقط؟!
- تَحَجبي تَتَزوجي
- الفوضي في مصر .. غيرُ خلاقةٍ
- رهانُ الإخوانِ
- الإلهاءُ العامُ...
- شبكةُ حزبِ الله..
- علاوةٌ أم نقمةٌ؟
- تصعيد المرأة .. بين الشعارات والاعتبارات
- متي تنتفض الكراسي؟
- التعليمُ -المميز- وتدميرُ الكلياتِ
- هل تصبحُ مصرُ خليجيةً؟
- المدير الزغنن
- مُغتصَبةٌ جانيةٌ .. وإعلامٌ خائبٌ
- عندما يُحرَضُ الطالبُ علي المؤسسةِ التعليميةِ
- لجان الترقيات بالجامعات..جولة جديدة؟!
- الجودة في التعليم .. الصراحة راحة وأمانة
- الحق في الميليشيات
- شركات تخريب الجامعات
- كركر يكسب


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسام محمود فهمي - الثانويةُ العامةُ..وامبراطوريةُ الغشِ