أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - بدر الدين شنن - الاستبداد والتحولات الاقتصادية الاجتماعية















المزيد.....

الاستبداد والتحولات الاقتصادية الاجتماعية


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 2326 - 2008 / 6 / 28 - 12:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بعد أن ’و ضعت تطبيقات اقتصاد السوق وتوجهات الخصخصة قيد التطبيق ، وانطلقت الخطوات العملية للاستجابة لمتطلبات البنك الدولي وا شتراطات الشراكة الأوربية ، التي سماها البعض ب " الليبرالية الاقتصادية " وسماها البعض الآخر ب " التحويل الاقتصادي " وكلاهما يستدعي إقالة الدولة من دورها الموجه للاقتصاد ، ’طرحت معها ، بصورة أكثر جدية من قبل ، مسألة " نمط " الدولة المطابق لهذه الليبرالية أو هذا التحويل . أما النظام ، فهو ثابت في د ست السلطة ، يوجه عبر الاستبداد النمط المناسب له في مخططاته الاقتصادية ، بما ينسجم مع مصالحه وا ستدامته .

في كل الأحوال ، بات نمط الدولة الراهن في حالة انزياح ، يتعين التعاطي معه ، على ضوء تجربة نحو نصف قرن من أنماط الدولة المعاشة ، للحيلولة دون ا ستقراره غير صالح الاقتصاد الوطني .. وفي غير صالح الطبقات الشعبية .

نمط الدولة " التقدمية " في العهد الشباطي مابين 1966 - 1970 ، المشحونة بالرغبة في بناء اقتصاد وطني متعدد ، يستند إلى قطاع عام انتاجي وخدمي ، يوفر القوة والمنعة للدولة ، ويؤمن فرص حياة كريمة أفضل للمجتمع ، قد أصبح وراء الظهر منذ زمن طويل .. منذ أن قام الفريق حافظ الأسد عام 1970 بحركته " التصحيحية " واضعاً البلاد على مسارات جديدة مغايرة عنوانها " ستكون سوريا ألمانيا غربية أخرى في الشرق " .

لقد ا شتغل الرئيس الراحل بدأب على إعادة هيكلة الاقتصاد حسب رؤاه المستقبلية باتجاه رسملة الاقتصاد برمته . لكنه منذ البداية ، كان حريصاً على عدم الانزلاق نحو مستحقات هذا الخيار السياسية المعاصرة ، التي تشترط التخلي عن التفرد بالحكم ، والانتقال إلى الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة . فكانت إعادة مشروطة ومتكاملة مع أ سس ومقومات الاستبداد . وبذا جاء نمط " ا ستثنائي " للاقتصاد مطابق لنمط الدولة الاستبدادية ، التي جاءت به واحتضنته . نمط تتميز سماته الاستثنائية بأنه لم يعد مطابقاً لشروط الاقتصاد الموجه من طرف ، وغير مطابق لشروط الاقتصاد الرأ سمالي من طرف آخر . وأنه في حالة تعارض مع حوامله الاجتماعية . ذلك أنه لم يتح في المجال سابقاً للقوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في الاقتصاد الموجه ، أن تمارس بالآليات الديمقراطية والشفافية ، دورها في تعزيز هذا الاقتصاد وحمايته ، لتوظيفه في تطوير الاقتصاد الوطني عامة ، وحماية مستويات المعيشة للطبقات الشعبية خاصة . وأنه لايتيح في المجال لاحقاً لشروط الاقتصاد الرأ سمالي السياسية أن تشق طريقها ، وتؤمن ا شتراك كامل الطيف الرأ سمالي الوطني في لعبة الديمقراطية وتداول السلطة وتقاسم فائض القيمة .

وكانت المحصلة لعملية رسملة الاقتصاد ، أن ترسمل أهل الحكم قبل رسملة الاقتصاد ، وتحولوا إلى أصحاب الملايين من الدولارات ، وأن ’دفعت القوى الكادحة والفقيرة إلى مادون خط الفقر ، وانتشر الفساد على كل المستويات ..

بعد ثلاثين عاماً توفي الرجل . لكن سوريا في نهاية المطاف ، نسيت السير على نمط الدولة " التقدمية " الموعودة ، ولم تتعلم السير على نمط الدولة الرأ سمالية المنشودة .

ومع ثبات خطوات الرسملة للاقتصاد في عهد الرئيس الابن ، التي ا ستدعت اقتصاد السوق والخصخصة ، تكرس النمط " الاستثنائي " للدولة ، وشق طريقه ’بعد جديد اجتماعي اقتصادي في الأزمة السورية الشاملة ، سوف ينعكس لاحقاً ، بأشكال متعددة على قوى المعارضة . فهي إذ تتوحد في مرحلة الاستبداد حول اليمقراطية ، إلاّ أنها ، بسبب تعدد خلفياتها الاجتماعية الاقتصادية ، تنقسم حول البناء بعده . وكلما أمعن النظام في رسملة الاقتصاد .. في اقتصاد السوق والخصخصة ، يتجذر هذا الانقسام ويتعمق ، ويستبق البعض التداعيات المتوقعة في تحديد خياراته واصطفافاته . تعبر عن ذلك منذ الآن الطروحات المتفائلة ، بما يشبه الحتمية التاريخية ، حول تلازم أوجه الليبرالية الاقتصادية والسياسية والديمقراطية ، وتزكية " الليبرالية " الاقتصادية الجارية ، وضرورة إلحاقها بوجهها الآخر الليبرالية السياسية .

بيد أن حسابات حقل بيدر التلازم النظري لاتنطبق على حسابات بيدر النظام ، الذي يبني كل مؤسساته وتوجهاته على قواعد الاستثناء ، المعبر عنه بتمسكه بثوابته الأساسية في الحكم . ذلك أن الحرص الذي اكتنف المسار الاقتصادي " الجديد " في عهد الرئيس الأب ، بعدم الانزلاق نحو مستحقاته السياسية ، أي تلازم الرسملة بالديمقراطية ، قد اتخذ طابعاً أكثر تماسكاً في عهد الرئيس الابن ، وتعزز أكثر بناء النظام على وحدانية مركز القرار السياسي والاقتصادي والأمني ، على خلفية وعي كامل ، بأن السماح بتعدد المراكز والمرجعيات على مستوى النظام ، والتعدد على مستوى المركز الواحد ، سوف يؤدي إلى خلخلة النظام وربما إلى نهايته . بمعنى أن التمييز بين فريق سياسي وآخر اقتصادي وثالث أمني ، ورصد تحرك هذا الفريق أو ذاك ، والرهان على انعكاس حراكه على الفريق الآخر ، هو تجاوز للواقع السافر .

ومن الممكن ملاحظة أن من يقوم بهذا التجاوز هو أكثر من تيار سياسي أو ثقافي . هناك تيار سياسي ’يحمّل الفريق الاقتصادي في الحكومة مسؤولية كل الموبقات الاقتصادية ، الغلاء ، والخصخصة ، واقتصاد السوق ، في محاولة الهدف منها تبرئة الفريق السياسي ( النظام ) وتبرئة الذات من تحمل المسؤولية في هذا الوضع المزري . وهناك تيار سياسي ثان يرى في " التحويل الاقتصادي " بوابة الديمقراطية والتنمية والعدالة ، في محاولة تعبر عن الرغبة في التقاطع مع النظام في المرحلة " التحويلية " الجارية ، شرط إطلاق الحريات السياسية والنقابية . وتيار ثالث سياسي ثقافي عبر عن هذا التجاوز ، بأن ا ستسلم أو كاد للعطالة ، بعد انحسار دور الخارج في التغيير وبعد انفتاح الخارج على النظام عامة . وبعد بروز تلاوين التناقضات الجديدة في الصراع الداخلي مع النظام خاصة .

بعد قراءة متأنية للمشهد السوري ، نجد أن المنحى الاقتصادي الجاري تطبيقه على قدم وساق ، رغم كل الاحتجاجات اللفظية من هنا أو هناك ، هو نتاج موضوعي لمسار اقتصادي خبيث ، لم يجرؤ المحتجون عليه الآن بإطار السلطة من التعرض إليه في السابق . ولم يجرؤ على التبشير به من خارج السلطة سابقاً المتفائلون به الآن . وهو لم يبدل في جوهر التناقض بين النظام والمجتمع .. سيما جوهر مسوغات المعارضة لسياسات النظام ونهجه وظلمه ، وإنما بسبب الطابع المتوحش لاقتصاد السوق والخصخصة ، قد أعطي أبعاداً سياسية اجتماعية أوضح وأعمق من ذي قبل للحراك المعارض .. وأكد بارتباطه ، أي المنحى ، بوحدانية مركز القرار السياسي الاقتصادي الأمني ، أن النظام لن يعطي لا الليبرالية الاقتصادية بمضامينها وتجلياتها المعاصرة ولا الليبرالية السياسية المستحقة معها . كل ما سوف يقوم به هو تكريس ذاته وإعادة ا ستنساخها بالشكل الذي يعبر عن حريته ( ليبراليته ) هو الاقتصادية والسياسية ، التي قد تفتح حيزاً محدوداً من الهوامش لبعض المتهافتين على فتات موائد النظام .

مامعناه بكلام آخر ، أن " التحويل الاقتصادي " المتمثل باقتصاد السوق والخصخصة ، المسمى أيضاً ب " الليبرالية الاقتصادية " ، إنما هو في حقيقته تحويل في آليات النظام الاقتصادية ، لتستحوذ الطبقة الحاكمة على مزيد من الثراء .. من السيطرة على الاقتصاد الوطني . ذلك أن الليبرالية الاقتصادية بوابة الليبرالية السياسية والتنمية الاقتصادية الاجتماعية ، كما يقال ، لامكان لها في البلدان المفوتة إلاّ في مخيلة الحامين بالرأ سمالية . فحسب التقسيم الرأ سمالي الاحتكاري وخاصة ( العولمي ) من غير المسموح به نشوء اقتصاد قوي منافس في هذه البلدان . والرساميل الأجنبية التي قد تأتي إليها للإستثمار ، إنما هي تأتي جرياً وراء معدلات سريعة وعالية من الربح ، وتتجه إلى العمل في المشاريع التي لاتحتاج إلى رأ سمال عضوي كبير ، حيث يكون فائض القيمة نسبياً ، بل تتجه إلى المشاريع السياحية والعقارية ، التي يدور فيها الرأ سمال بإيقاعات ووتائر أسرع محققاً فائض قيمة مضاعف . وهو أي " التحويل الاقتصادي " خداع للمجتمع وللطبقات الشعبية .

لعل مصر ، مرة أخرى ، هي المثال المقارب للحالة السورية . فما جرى في مصر باسم الانفتاح الاقتصادي ، وتمثل بخصخصة القطاع العام ومؤسسات الدولة الخدمية . وبيع العديد من مؤسساته بلصوصية حقيرة مثل بيع أثاث منزلي مستعمل . وتطبيق اقتصاد السوق ، وسيطرة كبار الرأ سماليين على الحكم . وانفلات القمع والغلاء وارتفاع الأسعار الجنوني . وانتشار الفساد ، والجريمة ، والدعارة بكل تجلياتها البشعة ، الجنسية والسياسية والأخلاقية ، تحت ضغط الفقر الأسود والقمع وآلام اقتصاد السوق والليبرالية الاقتصادية المتوحشة ، يجري العمل على تحقيقه في سوريا أيضاً با سم " الليبرالية الاقتصادية واقتصاد السوق .. ومثلما جرى التحويل الاقتصادي الليبرالي بمصر بقرار السياسي وقيادته بذاته ولذاته ، يجري هذا التحويل في سوريا بقرار السياسي وقيادته بذاته ولذاته أيضاً . وهذا ما يجيز القول ، أن مثل هذا التحويل أو الليبرالية محكوم بنتائج لاتطابق ، سيما في البلدان المحكومة بالاستبداد ، ما يطرح عن دوره أو دورها الحتمي في التنمية والنهوض الاقتصادي وفي إشاعة الحرية .

وهذا ما يلفت مرة أخرى ، إلى التوقف عند نمط الدولة الذي يجري في كنفه هذا التحويل الاقتصادي الليبرالي ، قبل إصدار الأحكام والتوقعات تجاه تجليات التحويل وانعكاساته الإيجابية أو السلبية . كما يلفت إلى أن نمط الدولة الاستبدادي الذي ’يزمع في كنفه إجراء تحولات اقتصادية ليبرالية ، يتطلب نمطاً مكافئاً من الحراك المعارض ، يحتوي على مختلف أشكال النضال الجماهيري .. ويصبح البحث عن نمط دولة ، يطابق برنامج التغيير الوطني الديمقراطي المنفتح على العدالة الاجتماعية .. إحدى أولويات بحوث الاجتماع السياسي لمختلف ألوان الطيف السياسي في المشهد السوري .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء لايصدق .. حدث .. وقد يحدث بصورة أخرى
- سوريا أمام منعطف جديد ..
- لن تجلب روما الربيع لتصحر الغذاء العالمي
- المشهد اللبناني الجديد .. أكثر من تسوية وأقل من حل
- بديل نقابي مستقل .. مرة ثانية - إلى النقابي المعتقل مروان ال ...
- مجزرة معيشية جديدة
- الطبقة العاملة والجماهير الشعبية في مصر تنتزع المبادرة
- بديل نقابي مطلبي ممكن
- قمة تحت خط العجز
- حتى تنهض المعارضة وتحقق التغيير
- يوم المرأة العالمي وسمات المرحلة الراهنة
- انتصاراً لشعب غزة البطل
- وتبقى المعارضة عصية على القمع وعلى الانتهاء
- حول وحدة الطبقة العاملة والحركة النقابية
- المواطنة و- هيبة الدولة - والرعب
- ليس من طريق آخر للفوز بالحرية
- الأعزة في غزة لستم وحدكم
- الحرية والحياة لعارف دليلة
- السؤال الجدي في المشهد المعارض
- دفاعاً عن الوطن والديمقراطية


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - بدر الدين شنن - الاستبداد والتحولات الاقتصادية الاجتماعية