أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد المجيد - القات في اليمن ... العبودية المختارة














المزيد.....

القات في اليمن ... العبودية المختارة


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2324 - 2008 / 6 / 26 - 11:47
المحور: المجتمع المدني
    


مشهد قبيح لا تميّز فيه بين إنسان يتعاطى القات، وبين حمار يلتهم حزمة برسيم.
يتميز الحمارُ بأنه ينشط بعد تناول وجبة دسمة من البرسيم، ويستطيع حَمْل أضعاف ما يرهقه به صاحبه.
أما الإنسان فهو يستلقي على ظهره بعد فترة تخزين، ثم تهرب من جسده كل الخلايا النشطة، ويحل محلها خمود وكُمون وكسَل وبلاهة، وأنا لا أفهم كيف يقوم الحمار، أعني الإنسان الذي يُخَزّن القات من مكانه ليتوجه إلى العلي القدير بالصلاة، ويقرأ قرآنا لو نزل على جبل لرأيته خاشعا باكيا؟
أنا أفهم أن المخدرات جريمة تطارد عدالةُ الدولة مرتكبيها، أما أن تكون تلك المخدرات الخضراء التي تساوي تماما بين الإنسان والحمار منهج دولة، وأسلوب حياة، وثقافة شعب، و( تابو ) لا يقترب منه الدين، ولا يقوم إمام المسجد في خطبة الجمعة بتحريمه واعتباره أم الجرائم في حق متعاطيه والمجتمع وأهله فهو لغز الألغاز. هل رأيت جلسة تخزين جماعية وقد أحاطت بها من كل مكان حزم من القات، واسترخت أجساد مخزنيه، وانتفخت وجوههم كأنهم مرضى على فراش الموت؟
هل رأيت حمارا، أعني إنسانا في نهاية جلسة التخزين القبيحة وهو يبتسم لك فيختلط اللون الأخضر الباهت مع أسنان صفراء فاقع لونها، وقد خرجت من الفم روائح كريهة لا تدري إن كان صاحبها نام قيلولته في حظيرة حيوانات، أو أنه استنساخ جديد لحيوان هجين يترك عائلته وزوجته وأطفاله ليحتضن بدلا منهم أعشابا سامة وقذرة تتولى تغييبه عن العالم، ورفضه إنسانيته التي كرمها الله عز وجل؟

ترى هل يخاف الرئيس من القضاء على الشجرة الخبيئة لئلا يستيقظ الشعب من سباته؟
أي إهانة تلك التي أقنعت شعبا بكامله أن هذا المخدر لا يصطدم بالدين والأخلاق والانسانية؟
هنا يأتي علماء السلطة وهم أكثر من الهمّ على القلب؟
يمسكون المصحف الكريم باليد اليسرى، ويصافحون الطاغية باليد اليمنى. يقرأون القرآن الكريم، ويعبدون الشيطان بعده.
تجدهم ملتصقين بالمستبدين واللصوص وجزّاري الشعوب.
عندما استدعاهم صدام حسين لتبرير غزوه الكويت، كانوا حاضرين بين يديه قبل أن يقوم من مقامه. وكان الحسن الثاني يبني لشعبه زنزانات تحت الأرض المغربية الطيبة، وينهب خيراته، ويحتقر أبناء المغرب، وعندما يأتي موعد الدروس الحسنية في رمضان من كل عام، يأتيه علماء السلاطين ليقنعوه، وهو غير مقتنع، أن السماء أصدرت عفوها عنه قبل أن تقوم أصغر دابة بزيارة سجن تزمامارت.
واجتمع علماء السلاطين بُعَيّد اتفاق وادي عربة ليقولوا لشعبنا الأردني بأن الله يبارك التفريط في الوطن والاستقلال!

وكلما دخلت السجنَ دُفعةٌ جديدة من المعتقلين في مصر وتونس واليمن والسودان وسوريا وليبيا و ... رفع علماء السلاطين أيديهم بالدعاء للسجان الأكبر أن يًثَبّت الله قدميه فوق رؤوس العباد، ويلهب سوطه على ظهورهم.
القات أشد ضررا من الحروب، وبعدما كان الحكم الموالي لموسكو في الجنوب على وشك النجاح في القضاء على المخدرات الخضراء، أصبح اليمنان يمنا واحدا، والحظيرة تتسع لكل جلسات تخزين البرسيم، أقصد القات!
يطلب المسؤول رشوة لكي يتمكن من تسديد نفقات السموم، ويلغي القات الزمن من مُخَزّنيه، وتتسع دائرة العجز الجنسي، ويكتشف الأطباء أمراضا في الجسد النحيل لم يعرفوا عنها من قبل.

في منتصف النهار يبدأ الجسد في إثارة كل الخلايا، فيحث صاحبه على الاسراع للبحث عن أم الكوارث، فالعادة تجعل كل المحرمات طبيعية، ورجال الدين لا علاقة لهم بما يغضب السلطة، والسلطة ترفض أي محاولة لايقاظ الشعب، فالجماهير المغيَّبة والمخدَّرَة والنائمة هي شعوب بلهاء، اختارت العبودية عن سبق اصرار، ورفض دورها الانساني، وجعلت بهجتها الكبرى في الاستلقاء جماعة في حظيرة أبقار أو حمير، فهذا هو الحل الوحيد للهروب من التكليف الإلهي بالعمل والشرف والعبادة وتعمير الأرض وخلافتها.

صمتُنا على انتحار شعب بالعشب الأخضر مشاركة منا في إبادة جماعية لدولة عربية همَّشَها الاستبداد والقات.




#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار بين مواطن خليجي و ... إعلامي عربي
- قراءة في ( الغريبة) مليكة أوفقير
- إعلاميون وفندقيون وجواسيس
- أنت متهم لأنك تحب وطنك .. سورية!
- رسالة مفتوحة إلى فيصل القاسم
- فيصل القاسم يعلن وفاتي في الثلاثاء الأسود
- بعد اطاحة الطاغية مبارك .. البيان رقم واحد
- دعوة لتحريض الإخوان المسلمين ضد المرشد العام
- بيان الثلاثين نصيحة للعصيان المدني في 4 مايو
- 4 مايو .. نهاية طاغية في عامه الثمانين
- خطوات ضرورية قبل القبض على مبارك ومحاكمته
- الغضب الشعبي المصري في 6 ابريل
- النرويج .. الآن يمكنني الحديث عنها
- لا تصدقنا يا رسول الله فنحن كاذبون
- دماء السودان في رقبة البشير
- سيدي الرئيس .. استحلفك بالله أن تستقيل
- الكوارث المنسية في الصحراء المغربية
- جوانتانامو .. العار الأمريكي والصمت العربي
- مبروك .. ليست هناك أماكن شاغرة في مسقط
- الحروب الصليبية العنكبوتية .. شروط النصر وعلامات الهزيمة


المزيد.....




-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد المجيد - القات في اليمن ... العبودية المختارة