أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - توفيق أبو شومر - كتب مدرسية ( مُقرَّرة) في الجامعات !















المزيد.....

كتب مدرسية ( مُقرَّرة) في الجامعات !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2324 - 2008 / 6 / 26 - 02:51
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ظلتْ الثقافة في عالمنا العربي قابعة في (الحجر الصحي) العربي طوال سنوات طويلة، وظلتْ تتنفس عبر محقن صغيرٍ لا يكفي لأديبٍ واحد ، حسب قول الراحل يوسف إدريس:
" إن ما في أجوائنا العربية من أكسجين الحرية ، لا يكفي لتنفُّس أديبٍ واحد"
وظلّ كثيرٌ من الحكام العرب يصنفون الثقافة على أنها عدوهم اللدود الذي يجب أن يحذروا منها ، لذلك فقد فسروا الأنشطة الثقافية والفنية تفسيرا جاسوسيا حربيا ، فقد حظروا نشر روايات وكتبٍ عديدة ، ومنعوا عرض مسرحيات كثيرة في حدودهم الجغرافية ، وواظب كثير من المسؤولين والرؤساء من أبناء يعرب، على وضع استراتيجيات هجومية ضد الثقافة في العالم العربي، فمنهم من حدّد اللون الثقافي الذي يجب أن يسود ، ومنهم مَن أدخل الثقافة في بيت الطاعة الحكومي وحددها ضمن أُطرٍ وزارية للثقافة وأجرى عليها المرتبات والأعطيات ، لكي يقوم باجتذاب كل المثقفين ، وتطويعهم ليصبحوا جوقة موسيقية ، تخدم الحاكم ، وإن كانت في الظاهر تزعم بأنها تتغنى بالوطن .
وفي موازاة الخطة السابقة ، أوعز بعضُ الحكام إلى رجالهم بمحاصرة بعض العقول الواعية لغرض إفقارهم أولا ، ثم إقصائهم ثانيا عن جماهيرهم بطرقٍ ووسائل شتى.
ولهذا لم يتمكن العالم العربي من إحداث ثورة فكرية نهضوية ، كما فعل الأوروبيون في أواخر القرن الثامن عشر ، وبداية القرن التاسع عشر ، عندما أحسوا بعد أنهار من الدم وعقب الصراعات الدينية والعرقية وبعد أن حاكموا الأدباء والمثقفين حتى بنواياهم ، وليس بكتاباتهم ، وقد استمرت هذه الصراعات والحروب أكثر من أربعة قرون ، إلى أن أحسوا بأنهم لن يظفروا بالمستقبل إلا بخطة ثقافية تبدأ أولا بتأليف الموسوعات الثقافية ، وتولَّى زمامَ النهضة الفلاسفةُ والمثقفون والواعون ضاربين عرض الحائط بما يتهددهم من مخاطر ، معتمدين على دعم زملائهم من الكتاب والمبدعين ؛ فشكّل ديدرو وجان جاك روسو ، ودلامبير وفولتير كتيبة الهجوم الأولى ضد الجهالة والطغيان حتى أن أحد مفجري ثورة العقل الذي كان يختفي تحت اسم كوندرسييه وكان اسمه الحقيقي ماري جان كريتات ، كتب كتابه المشهور بعنوان (الملخص في تقدم العقل البشري) على أغلفة معلبات الطعام لأنه كان مطاردا من الجاهلين قال :
" إذا آمن الفلاسفة في العالم بالمصلحة العامة لبني البشر، وكونوا كتيبة قوية ، فسوف يهزمون الظلم والجهالة والطغيان "
وآمن المصلحون والمثقفون ببدهية أساسية ، وهي أن كل تطور يجب أن يبدأ أولا بتطوير برامج التعليم ، وتأسيس تعليم جامعي مستقلٍ ، يأخذ في الاعتبار المستقبل ، لذلك فقد أخذت الجامعات في أوروبا في التخصص في مجالات العلوم والفكر، بحيث تستقطب كل المهتمين والواعين، من كل الأجناس .
ولم تحاول أنظمة الحكم أن تُدخل الجامعات في نظامها (الميري)أو الحكومي ، حتى أن بعض الجامعات ظلتْ ترفض الدعم الحكومي ، حتى لا تتحول إلى مؤسسات حكومية ،يُسيِّرها الروتينُ ، ويقودها العسكرُ والمغامرون السياسيون .
أما في عالمنا العربي فقد ظل النظام الجامعي يعيش تحت عباءة الحكومات ، وأصبح موجهو العقول في الجامعات معلمين تقليديين وموظفين حكوميين ، يتقاضون مرتبات شهرية ، وفق الجدول الزمني الذي يدرسونه في الجامعات ، وليس وفق الكفاءات والإبداعات ومقدار حفز العقول على الابتكارات ،وصار ولاؤهم للدولة مقدَّمٌ على ولائهم لثقافتهم وإبداعاتهم .
وليس من قبيل المبالغة القول بأن كثيرا من الجامعات في العالم العربي، أُلحقت بالتعليم الأعدادي والثانوي وأصبحت تسير وفق نظامه ، ولعل أبشع الآثار التي ترتبت على ذلك، أن تحولت الغايةُ منه إلى تخريج موظفين حكوميين، يُسهمون في الروتين الحكومي المعتاد ، فأصبح الحضورُ الجسديُ مقدَّما على التفتُّح العقلي.
وقد كتبتُ في مقالات سابقة عن مظاهر التردي في التعليم الجامعي ، وسوف أظل أتقصَّى هذا الموضوع لأتمكن من إثارة المتنورين والواعين إلى خطورة مستقبل هذا التعليم ، وسأشير إلى ظاهرة آخرى تدل على تراجع الجامعات ، بحيث أصبحت صورة من المدارس الإعدادية والثانوية ، وهذه الظاهرة حذرنا منها الدكتور شكري عياد، الذي كتب مقالا قبل واحد وعشرين عاما في مجلة الهلال التي أحفظ نسخة منها حتى الآن عدد أكتوبر 1987م يقول :
"هكذا سارتْ الجامعةُ على هوى الطالبِ البليدِ والأستاذ المهمل ، وفق نظرية " الضعيف أمير الرَّكب "
فأصبح كتاب الأستاذ، هو المرجع الأول والأخير في معظم الكليات، وشمّر المعيدون عن سواعدهم ، وقاموا يلخصون الملخصات، ليمدوا بها الطلاب، الذين لجأوا إلى الدروس الخصوصية ....."
إن ظاهرة الكتاب الجامعي المقرر، ليست خطيرة لأن الأستاذ يُجبر طلابه على شرائه واقتنائه بأضعاف ما يستحقه من ثمن ، بل لأن الكتاب (المقرر) يتناقض تماما مع جوهر التعليم الجامعي البحثي الذي يُعوِّد الطلاب على البحث والاستقصاء من مراجع عديدة ، ويدفعهم إلى بناء نظرياتهم الجديدة ،غير المعلبة في الكتب المقررة ، كما أن الكتاب المقرر يصوغ من الطالب نسخة مشوهة من أستاذه ، وهذا يتناقض مع جوهر النظام الجامعي المؤسَّس على أن التعليم ، هو توسيع لآفاق المتعلمين ، وليس مستودعا للحفظ والنقل من الكتب المقررة .
ومن مظاهر الخلل في الجامعات العربية التي تسير على هذا المنوال ، أنها ما تزال تسير وفق أنظمة (العُهدة) الحكومية ، ويعني ذلك بأن معاملها ومراكز أبحاثها ومكتباتها يشرف عليها (جندي) من الأكاديميين أو مساعديهم، يتسلمونها كعهدة حكومية ، ووفق مفهوم العهدة الحكومية ، فإن الجندي المسؤول يُبقيها مُغلقة حفظا لها ، حتى يتمكن المسؤول من تسليمها كما تسلمها سليمة معافاة من الأذى !
وما أزال أذكر أن طالبا ممتازا كسر جهازا علميا أثناء التجربة في إحدى المدارس الثانوية العربية التي كنتُ أعمل بها ، فطُرد من المدرسة ، ولم يعد إليها إلا بعد أن دفع والده ثمن الجهاز المكسور !!
ومعلومٌ بأن الطالب المذكور لن يُقدِم مرة أخرى على لمس أية تجربة ، حتى لا يُعاقب مرة أخرى !
وكان مفروضا أن يحدث العكس ، فيُعاقب كلُّ مسؤول يُسلم عهدته ومعمله بدون خسارة ، لأنه ببساطة لم يعمل ، غير أن المؤامرة على هذا التعليم تقضي بذلك .
ومن المعروف بأن معظم الجامعات العربية تغلق أبواب مكتباتها ومعاملها عندما ينتهي الدوام الرسمي الحكومي ، وتأخذ إجازاتها وأعيادها ، وفق اللوائح الحكومية المعتادة ، وهذا بالطبع يُحدد من قدرة الباحثين على الوصول إلى المعلومات في غير ساعات الدوام الرسمية ، وقد تحدَّث عن هذا الخلل في الجامعات العربية الدكتور أحمد زويل في كتابه عصر العلم .
من المفروض أن الجامعات هي بمثابة قرون استشعار عن بعد ، تستشعر الأزمات قبل حلولها ، وتضع الخطط والبرامج اللازمة للمجتمع .
ومن المؤكد بأن الجامعات هي دفيئات المبدعين ، فهي التي تكتشف المواهب ، وتقوم بصقلها وتوجيهها لتتمكن من تحقيق التقدم والرفاه .
تُقاس الجامعات الكبرى في العالم ، ليس بعدد المنتسبين لها ، وليس بمساحتها الجغرافية ، ولا بشهاداتها المتنوعة ، كما يحدث في العالم العربي ، بل تٌقاس بمقدار إسهامها في التطور والرقي ، وبعدد العقول الواعية التي تنتمي إليها ، وبمقدار تأثيرها فيما حولها من آليات النهوض والرقي والإبداع .
ومعظم العرب يتناقلون قصص كثير من المبدعين العرب ، الذين لم يظفروا بالحد الأدنى من الحياة في وطنهم ، فغادروا أوطانهم العربية ، والتحقوا بالجامعات العالمية ، وحصلوا بسهولة على جنسياتٍ ، ونالوا المنزلة والحظوة ليتمكنوا من الإبداع .



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عوالق شبكة الإنترنت !
- من يوميات صحفي في غزة !
- الإعلام وصناعة الأزمات !
- محمود درويش يبحث عن ظله في الذكرى الستين للنكبة !
- مجامع اللغة العربية ليست أحزابا سياسية !
- لا تَبكِ.. وأنتَ في غزة !
- كارتر وهيلاري كلينتون وأوباما !
- الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)
- أوقفوا هذا العبث في غزة !
- سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من ...
- جمعية المختصرين !
- مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
- هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
- موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
- هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - توفيق أبو شومر - كتب مدرسية ( مُقرَّرة) في الجامعات !