أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لسه الأغاني ممكنة؟














المزيد.....

لسه الأغاني ممكنة؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2323 - 2008 / 6 / 25 - 10:38
المحور: حقوق الانسان
    


غضبتُ. ثم اندهشتُ. ثم تأملتُ. ثم فهمتُ. ثم أقبلتُ. ثم فُتِنتْ. هي سلسلة المشاعر التي تناوبتني حين شاهدتُ، للمرة الأولي، فيلم «المصير» لمخرجه الجميل يوسف شاهين. ذلك الذي تناول حياةَ ابن رشد، المعتزل الإسلامي الأكبر.

غضبي الأول كان مردُّه أن الفيلمَ جاء باللهجة العامية. أنا المفتونة بالفصحي، المرتعبة من اندحارها وانحدارها وانحسارها ومواتها البطيء، الوشيك، علي مرأي من الناطقين بها ومسمع! واندهشتُ إذْ رأيتُ تناقضا سافرا، فيما يشبه الإهانةَ، بين ابن رشد النخبوي، وتناول مسيرته بالدارجة.

قدّم ابن رشد شروحا لمنهج أرسطو المعقّد جعلتِ الغربَ يستعيدُ الأرسطيةَ بعدما طمرها النسيانُ. ليس هذا سبب نخبوية ابن رشد، بل أيضا لأنه هو ذاته مَن نادي بأن تكون الفلسفةُ ودراستُها حكرا علي الصفوة وحدها. هو يري أن الفلسفة، مثل الرياضيات، تتطلّبُ تركيبةً عقليةً خاصة، هادمةً السائد، متمردةً علي المستقر، شاطحةً نحو آفاق التبصّر والاستشراف العابر للمعلوم بين الناس. ذهنيةٌ عاقلةٌ غير ناقلة. ذهنيةٌ لا تقبل مسلّمات علي عِلاّتها دون تفكّر. هذه التركيبة العقلية غير متاحة للعوام من البشر. وبالتالي، وفق ابن رشد، لا يجوز أن يتعاطي الفلسفةَ إلا الصفوة.

فكيف والحال هكذا، أن يكتب ابنُ رشد النخبوي بلغة العامة؟! أليس هذا تناقضا ومفارقةً ومغامرةً غير محسوبة؟

نعم. هي كذلك. لكنْ بعد بعض تأمل فهمتُ أن هذا التناقضَ هو تحديدا مقصدُ الفيلم. فأحد شروط نجاح أي مشروع، فنيا كان أو غير فني، هو أن نسألُ: لمن يتوجه هذا المشروع؟ وبالتالي: فيلمٌ يحكي عن ابن رشد، لمن يتوجّه يا تُري؟ للنخبة؟ للمثقفين؟ للمشتغلين بالفلسفة؟ للشعراء؟

للمستنيرين؟ لحاملي شعلة بروميثيوس؟ مَن الذين يجب أن نخبرهم عن هذا العظيم القائل بوجوب تأويل النصّ السماوي، ثم إعادة تأويله مرّةً إثر مرّة، حتي يتفق مع مجريات الحياة؟ ذاك أن النصَّ وظيفتُه خدمةُ الحياة، لا مصادرتها وخنقها.

لمن نحكي قصةَ حياة هذا القائل: الحقُّ لا يضادُّ الحقَّ. والدينُ حقٌّ، والحياةُ والعلمُ والفلسفةُ حقٌّ، فكيف يتضاد الحقّان؟ لمن نقدّم فكر رجل يقول إن المرأةَ مثل النبات، الكلُّ يستفيد منه إلا هو! يأكل منه الطيرُ والحيوانُ والإنسانُ، ولا أحدَ يفكر كيف يشعرُ النباتُ أو بمَ يحلمُ وما حقوقه!

لمن؟ للنخبة؟ النخبةُ والمثقفون والمستنيرون ليسوا بحاجة إلي فكر ابن رشد. فهم في ركبه بالأساس. فيلمٌ كهذا وقصةٌ كهذه وفكر كهذا، لابد أن يحكي للناس في إطلاقهم. في المصنع والسوق والحقل والبيت والشارع. ومن ثم يجب أن يكون بلهجة الناس، بمحكيتهم. بحوارهم اليومي.

هذا مضمونيا. أما جماليا وفنيا، فيتفق هذا التناقض الطريف كذلك مع مدرسة شاهين الذاهبة نحو كسر المتوقّع وهدم المعتاد. الفيلمُ التاريخي تعودناه بالفصحي، لكن مع مخرج مثل يوسف شاهين، تتحطم تلك القاعدة عند قدميه ويخرج الفيلم بالعامية. ولماذا العامية المصرية وليس المغاربية مثلا كون ابن رشد أندلسيا؟ لأنها الأكثر شهرةً ومعلومية عربيا،

ولأن الفيلم موجّه بالأساس للقاعدة المصرية الراهنة التي تهبط من حال رقي شهدته مصر قبل قرن، إلي حال تردٍّ ثقافي وفكري مُزرٍ. أما عنوان المقال فأجمل ما في الفيلم. فهل يا تري: لسه الأغاني ممكنة؟ سلامتك يا جو! المصري اليوم/22/6/08



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، أُعْطِكَ فرجينيا وولف
- سؤالُ البعوضةِ والقطار
- ترويضُ الشَّرِسة
- مَن يخافُ -حين ميسرة-؟
- ولم يكنِ الفستانُ أزرق!
- أعوامٌ من النضال والاعتقال-مشوار فخري لبيب
- إلى أين تذهبُ الشمسُ... يا جوجان؟
- انظرْ حولك في غضب
- ثقافةُ الوقوف في البلكونة !
- بالطباشير: فقدانُ الهالة
- داخل رحم
- الأحدب والجميلة
- ناعوت: «الهدم والبناء» في الوعي أصعب من «المعمار!-
- السوبر قارئ
- عينا الأبنودي
- اِصمتْ حتى أراك!
- كلام شُعَرا...!
- أنفي والجيرُ المبتّل
- الجميلُ الذي أخفقَ أن يكونَ عصفورًا
- بالطباشير : عزيزي الله، من رسم الخطوط حول الدول؟


المزيد.....




- الرئيسان التركي والألماني يبحثان بأنقرة وقف الحرب على غزة وت ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا
- -طيور الخير- الإماراتية تُنفذ الإسقاط الـ36 لإغاثة سكان غزة ...
- إيران.. حكم بإعدام مغن أيد احتاجات -مهسا أميني-
- نداء من -الأونروا- لجمع 1.2 مليار دولار لغزة والضفة الغربية ...
- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لسه الأغاني ممكنة؟