أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جواد البشيتي - لماذا تردُّ طهران على -التهويل- ب -التهوين-؟














المزيد.....

لماذا تردُّ طهران على -التهويل- ب -التهوين-؟


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2322 - 2008 / 6 / 24 - 10:04
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


"هي حرب نفسية لا أكثر".. هذا هو، على وجه العموم، جوهر موقف القيادة الإيرانية من كل ما يَصْدُر عن الولايات المتحدة، أو إسرائيل، من إشارات، بعضها كلامي، وبعضها عملي، إلى أنَّ "آخر العلاج" لإصرار إيران على المضي قُدُماً في "تخصيب اليورانيوم"، وهو "الكيِّ"، أو الحرب، قد يُعْمَل، أو سيُعْمَل، به عمَّا قريب؛ فلماذا، وما هي أهمية، إصرار إيران على التعبير عن موقفها على هذا النحو؟ إنَّ تخويف، وترهيب، وتفزيع، وإرعاب، إيران هو معنى هذه "الحرب النفسية"، التي غايتها، بحسب وجهة نظر طهران، هي حَمْل إيران على التخلي عمَّا تعتبره حقَّاً نووياً لها، وهو "تخصيب اليورانيوم"، بجهودها وقواها الذاتية، وبما يؤكِّد سيادتها واستقلالها، توصُّلاً إلى "الاستخدام السلمي" للطاقة النووية، كاستخدامها في إنتاج الكهرباء.

وهذا إنَّما يعني أنَّ إيران لا تفعل شيئاً يُعرِّض، أو يمكن أن يعرِّض، للخطر أمن وسلام واستقرار العالم والشرق الأوسط، ويَسْتَوْجِب، بالتالي، شن الحرب عليها، أي أنَّها لا تخشى الحرب؛ لأنْ ليس من مبرِّر لها، بحسب وجهة نظرها، اللَّهُمَّ إلاَّ إذا فَقَدَت الحرب، مع الداعين إليها ومشعلي فتيلها، كل صلة لها بالعالم الواقعي للسياسة. إنَّ الذي يفعل شيئاً، يمكن ويجب أن يُحرِّض على ضربه عسكرياً، هو وحده من ينبغي له أن يفهم إشارات كتلك الصادرة عن الولايات المتحدة وإسرائيل على أنَّها نذير حرب حقيقية وفعلية؛ وإيران، بحسب الصورة التي تريد أن تَظْهَر فيها أمام أعين العالم، ليست كذاك، ولا يمكنها، بالتالي، أن تفهم "الإشارات" إلاَّ على أنَّها "حرب نفسية صرف".

وتتوقَّع طهران أن يُفْهَم موقفها هذا على أنَّه دعوة لخصومها إلى الاطمئنان، فهي لن تَقْدَم على أيِّ عمل (عسكري) يناقِض فهمها لتلك "الإشارات" على أنَّها "حرب نفسية لا أكثر"، فلو قالت طهران إنَّها تفهم تلك "الإشارات" على أنَّها "نذير حرب حقيقية" فإنَّ خصومها وأعداءها يمكن، عندئذٍ، أن يَقْدِموا على "عمل وقائي"، فَيَقون أنفسهم شرَّ ذلك العمل الإيراني (المتوقَّع أو المرجَّح). إيران، في موقفها هذا، إنَّما تُرْسِل إلى خصومها وأعدائها رسالة مؤدَّاها أنَّها لن تكون المبادِرة إلى شن الحرب؛ لأنَّها تفهم "إشاراتهم" على أنَّها "حرب نفسية لا أكثر"؛ وعليهم هم، بالتالي، أن يطمئنوا.

أمَّا الولايات المتحدة وإسرائيل فهما المدعوَّتان إلى اتِّخاذ الحرب "علاجاً" لمشكلة إصرار إيران على المضي قُدُماً في "تخصيب اليورانيوم"؛ فهما أصرَّتا على فهم "الإصرار الإيراني" هذا على أنَّه إصرار على امتلاك السلاح النووي، الذي صوِّرتا امتلاك إيران له على أنَّه شيء يعدل إعلان إيران الحرب عليهما. ولو عرَّفْنا "الحرب" بما يوافِق موقف الولايات المتحدة وإسرائيل من البرنامج النووي الإيراني، لقْلْنا إنَّها العاقبة الحتمية لإصرار إيران على المضي قُدُماً في "تخصيب اليورانيوم"، وامتلاك "الطاقة النووية" على النحو الذي تريده طهران.

إيران، وعلى ما تزعم، لا تريد لـ "حَمْلِها النووي" أن ينتهي إلى وليد على هيئة "قنبلة نووية"؛ ومع ذلك لا تستطيع أن تفهم "خيارها النووي (السلمي)" على أنَّه نارٌ يمكن أن تنزل برداً وسلاماً على الولايات المتحدة وإسرائيل، فهي طالما أكَّدت أنَّ أعداءها وخصومها لن يتقبلوا برنامجاً نووياً إيرانيا على النحو الذي تريده طهران، ولو تأكَّد لهم أنَّه لن يكون إلاَّ سلمي الاستخدام. وهذا إنَّما يعني أنَّ حرباً تُشَنُّ على إيران هي الأمر الكامن (موضوعياً) في برنامجها النووي، وفي تطوُّره، ولو تأكَّد طابعه السلمي والمدني والاقتصادي. أمَّا ما يمنع، أي ما ينبغي له منطقياً أن يمنع بحسب وجهة نظر طهران، شنَّ الحرب عليها فهو "العجز الموضوعي" للولايات المتحدة وإسرائيل، فالأولى أعْجَزَها مستنقعها العراقي، والثانية أعْجَزَتْها تجربة حرب تموز. وهذا العجز تُغذِّيه خشيتهما من العواقب، فإيران يمكن أن تدافع عن نفسها، إذا ما هوجِمَت، بما يُلْحِق ضرراً كبيراً بمهاجميها.

ولا شكَّ في أن سعي إيران إلى إظهار هذا العجز (عن شن الحرب عليها) على أنَّه السبب الذي يَحْمِلها أكثر من غيره على فهم "إشارات الحرب" على أنَّها "حرب نفسية لا أكثر"، هو ما يستفزُّ إدارة الرئيس بوش، فطهران، في موقفها هذا، كأنَّها تقول لتلك الإدارة: إنَّنا نتحدَّاك أن تشنِّي الحرب علينا، فأنتِ تريدين الحرب، ولك مصلحة فيها، ولكنَّكَ لا تملكين الجرأة، ولا القدرة، على مهاجمتنا؛ لأنَّكِ في هزيمة لا تستطيعين اجتنابها في العراق (على وجه الخصوص).

ولو كانت إيران تريد الحرب، وتسعى إليها، لَمَا وَجَدَت موقفا أفضل من موقفها هذا لجهة قدرته على استفزاز إدارة الرئيس بوش، التي يكفي أن ترحل من غير أن تشنَّ الحرب على إيران حتى يصبح في مقدور طهران عندئذٍ أن تقول: لقد انتصرنا من غير أن نطلق رصاصة واحدة، فها هو الرئيس بوش يُثْبِت بمغادرته البيت الأبيض أنَّنا كُنَّا على حقٍّ إذ قُلْنا، كلَّما لوَّح بخيار الحرب، إنَّه (وبلاده) أعْجَز من أن يخوض حرباً ضدنا.

إذا حدث ذلك فإنَّ إيران تكون قد اشترت "نصراً عظيماً" بثمن بخس، وكأنَّ إدارة الرئيس بوش ستَدْخُل التاريخ بوصفها القيادة التي قادت الولايات المتحدة إلى هزيمتها في العراق؛ ثمَّ قادت إيران إلى هذا النصر (المجَّاني) على الولايات المتحدة!

أمَّا إذا فَعَلَتْها إدارة الرئيس بوش، وجاءت الحرب بنتائج مخيِّبة لِمَا توقَّعت، فإنَّ طهران، التي تُظْهِر الآن "إشارات الحرب" على أنَّها "حرب نفسية لا أكثر"، ستقول عندئذٍ: كنَّا نتوقَّع ألاَّ يفعلوها؛ لأنَّهم أعْجَز من أن يفعلوها؛ ولكنَّهم تسلَّحوا بالحماقة ففعلوها، وها هم يحصدون ما زرعوا. وإذا جاءت النتائج مخيِّبة لآمال طهران فيمكن عندئذٍ أن تقول: لم نكن نتوقَّع أن يفعلوها؛ لأنَّنا لم نكن نهدِّد أمن أحد ببرنامجنا النووي.

إنَّ موقف "هي حرب نفسية لا أكثر" هو خير موقف يمكن أن تقفه طهران، فهو يصيب أكثر من عصفور بحجرٍ واحد!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة الحرب!
- تهدئة مع حصار مخفَّف قليلاً!
- صحافة الموت وموت الصحافة!
- جدل -الأزمة السكانية- في مصر!
- خطوة سعودية قد تكون تاريخية!
- -الفشل الوشيك- و-التحدِّي الكبير-!
- نمط استهلاكنا مهدَّد ب -الصَّوْمَلَة-!
- ظاهرها -كتابة- وباطنها -إملاء-!
- أما حان للولايات المتحدة أن تستقل عن العراق؟!
- عسكر تركيا يلبسون -حجاب العلمانية-!
- عَصْرٌ من الجوع.. و-الطاقة الذُّرَوية-!
- هذا هو كل متاعهم الفكري!
- -حزيران-.. -سلام الهزيمة- و-هزيمة السلام-!
- -أزمة اولمرت- هي خير عُذْر!
- اولمرت.. كم أنتَ مسكين!
- خطاب نصر الله في ميزان الخطأ والصواب!
- الأُميَّة الديمقراطية!
- مفاوضات للسلام أم لاجتناب مخاطر حرب؟!
- -الأمن الغذائي- أوَّلاً!
- القوميون العرب الجُدُد!


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جواد البشيتي - لماذا تردُّ طهران على -التهويل- ب -التهوين-؟