|
لماذا سيطرت الاصولية بعد سقوط الدكتاتور في العراق؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2321 - 2008 / 6 / 23 - 10:16
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان الراي الغير المخالف عليه و المتفق عليه تقريبا هو ان اكثر العقائد و الاديان المختلفة المتطرفة تبيح حق اللجوء الى القوة و العنف في هذا العالم و يؤوٍلون ما يؤمنون به لتلك الاغراض و من اجل اهداف ايديولوجية و دينية سياسية بحتة سوى هيئو الارضية لها بطرق شتى او نفذوا ما يؤمنون دون النظر او دون قراءة الواقع . ليس الشرق ففط منبعا لتلهف الاصولية لممارسة العنف دائما، و كما يبين و يوضح لنا التاريخ فان جميع الاديان و بسبب صلتها بالسياسة قامو بهذا الدور العنفوي في مراحل سيطرتهم و نشر عقائدهم . كما هو الحال في الايديولوجيات اتسمت الاديان ايضا بالصراع بين الاصل و المتغير ، اي اصلاح واقعي داخل العقيدة نفسها و اعتمادا على البديهية او النظرية العلمية المبرهنة و هو ان الحياة في تغيير دائم و تطور مستمر، فان اي دين او عقيدة لابد لها ان تتغير او تكيف نفسها مع المتغيرات الحاصلة نتيجة تغير الزمان و الظروف ، و هذا لم يحصل من قبل المعتنقين بالافكار الاصولية المتطرفة ابدا. ان الكبت و انتشار الكآبة بين معظم ابناء الشعب العراقي و تغيير نفسياتهم و وضعهم الثقافي الاجتماعي الاقتصادي و حصرهم لمدة35 عاما من كافة المجالات نتيجة انعدام الحرية في تلقي الجديد و حصول التغيير في العالم دون ان يتلقى اي فرد هذه المتغيرات، و نتيجة القهر و العنف و الحروب المتتالية و تطبيق كافة النظريات المخابراتية النفسية و الجسدية و الالاعيب السياسية القذرة على كافة فئات الشعب العراقي، حصل ما لا يمكن ان يحصل في اي بلد اخر، و لذلك كان اقصر الطرق للهروب و الخلاص من كل هذه الضغوطات المفروضة من قبل النظام القمعي اي الهروب الى الفراغ و التوجه نحو الخرافات و سيطرة الروح و عدم النظر الى الواقع و الثوابت العلمية. بعد سقوط النظام الدموي حصلت مفاجئة كبيرة ليست في كيان الدولة لوحدها و انما احدث التغيير القشعريرة في نفس كل مواطن الذي كان مقوقعا و منطويا و منعزلا نتيجة القيود التي فرضها النظام البائد دون ان يعلم، فالحرية المفاجئة حصلت و كان الانسان العراقي الروحاني ترك في ساحة خاوية و في لحظة دون ان يدري انعتق من القيود الذاتية قبل ما كانت مفروضة من النظام و لكن دون ان يقع على سطح ارض خضراء او جنينة او مشفى روحي متوفرة الاحتياجات و كانه انعتف من العبودية و وقع في بئر كطفل مقطوع حبل السرة حديثا بعد ولادة عسيرة ، هذا كله في لحظة سريعة من سقوط اعتى نظام. في هذا الوضع الشائك و غير المعلوم النهاية و الافاق و كما يعلم الجميع يتشبث الغريق بقشة اذا صادفها و اكثر هذه القشات كانت روحية اصولية عقيدية متطرفة و في وقت عاش الجميع في فوضى الايديولوجيات و تخبطت العقائد و اصطدم ما استورد بالقوة و من فعل المتدخلين في شؤون البلاد بهذا الوضع النفسي للمواطن العادي، و ابتعدت النخبة الواعية عن الساحة و فرغت الارضية من المرشد و الرائد الذي حار في الوضع المتغير و لم يحصل هذا في اي وقت و مكان و حتى عند وضع الحروب العالمية اوزارها في اية منطقة من العالم. بعد عودة المثقف و المواطن الواعي الى ذاته تبين لديه ما هو المركًب و الخليط و ما هو الاصيل ، و ساعد التاريخ الحضاري و المستوى الثقافي في الارتجاف للحظات و العودة عن الحالة الشاذة و لحد اليوم يعاني منها، و لهذا كله راينا سيطرة المبشرين الاصوليين على زمام الامور دون جهد يُذكرو سيطرو على كافة الزوايا و اركان الحياة العامة و السياسية بشكل خاص. اي بدات احتكار السياسة من قبل الاصوليين لاسباب موضوعية فرضها الواقع العراقي المتدهور في لحظته، من كافة النواحي قبل السقوط و بعد الفوضى العامة التي حصلت بعد السقوط، و كما هو عادة الافكار و العقائد الاصولية اعتمدو على ما كان في حوزتهم من التاويلات العقائدية و حصلو على ما ارادوا و ساعدهم على ذلك الارضية المتاحة لهم و شجعهم على التشبث بالاعمال العدوانية و العنف من اجل الوصول الى ما كانو يسعون اليه بمساعدة خارجية، و ذهبو الى ابعد ما يمكن من اعمال الارهاب و الاغتيالات ، و بعد معرفة ماهية هذه المجموعات و ما ينوون ومن من ورائهم و ما دوافعهم لا يُستغرب سيطرة الاصولية على الوضع و انتشار الافكار الاصولية العنفية الارهابية و هذا لا يدعو الى الدهشة و الاستغراب ابدا. و لذلك نرى الوضع الان في تغيير مستمر و سريع بعد ان حسً المواطن العراقي ما اقترفته ايدي الاصولية و ما عملو من خراب و دمار بعيدا عن المدنية و الحداثة و عصر العلم و التكنولوجيا و حقوق الانسان، و اصبح ما آل اليه الوضع بعد السقوط مباشرة تجربة غنية و توضَح الامور و لابد ان تعود الى نصابها و هذا ما يحتاج الى الوقت و به تبتعد ايدي الاصولية بمرور الزمن و عودة النخبة الصالحة لتعود المياه الى مجاريها و يبدا العمل من اجل المساواة و تقارب الطبقات و حقوق الطبقة الكادحة و الشعب جميعا.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يولٍد الفقر الغضب ضد الراسمالية لينتج عصر المساواة؟
-
هل تحديد نسبة النساء في الانتخابات(الكوتا) من مصلحتهن؟
-
الدبلوماسية العراقية و كيفية انقاذها في نهاية المطاف
-
كيف يُمحى الارهاب في العراق؟
-
ملامح السياسة الامريكية المستقبلية في العراق
-
آليات ترسيخ المجتمع المدني في العراق
-
الامن الوطني و حق العراق في مياه الدجلة والفرات ام النفط مقا
...
-
الجبهة الوطنية ام التعاون السياسي
-
هل يجني المالكي من الجولات المكوكية شيئا؟
-
اين مفهوم اليسار في العمل السياسي العراقي؟
-
من باستطاعته تغيير العقليات السائدة في المنطقة؟
-
هل يُرضي ديمستورا جميع الجهات لتطبيق مقترحاته؟
-
اي نظام سياسي نريد ؟
-
اقليم كوردستان العراق بحاجة الى المثقفين اكثر من السياسيين
-
السلطة و الاعلام والالتزام بالثوابت
-
الضغوطات منعت نيجيرفان البارزاني من المضي في بعض العقود النف
...
-
الاتفاقية العراقية الامريكية وتدخلات دول الجوار
-
الاهتمام بالمظهر دون الجوهر في حكومة اقليم كوردستان العراق!!
-
الفكر و مصداقية الحكم في العراق!!
-
هل تترسخ مسالة قبول الآخر في العراق؟
المزيد.....
-
إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل
...
-
-التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم
...
-
أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
-
ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
-
-حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع
...
-
زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا
...
-
تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
-
ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
-
زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
-
-بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|