|
نعومي كامبل في البلدة
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2320 - 2008 / 6 / 22 - 08:29
المحور:
حقوق الانسان
أقولُ الحقَّ : إنني أُحِبُّ نَعومي كامبل ( الـســوبَر عارضة أزياء الشهيرة طبعاً ) . أحبُّها ، أحبّ مشيتَها ، شَـعرَها الفاحم المنسدل ، وغرورَها أيضاً . أحبُّ اعتزازَها بزنجيّــتِها ، وبقومِها . وربما أحببتُ أيضاً طريقتَها الفظّـةَ في الدفاع عن النفس ، ومُدافعة الآخر . وأعجبتني جداً قصةٌ قصيرةٌ لمحمود شقير ، أدخلَ فيها نعومي إلى مخيّمِ لاجئين فلسطينيين ! كما شعرتُ بسعادةٍ خاصةٍ حين علمتُ أن صديقَها ( عباس ) عربيّ من دُبَيّ ، غنيٌّ أكيداً ، وأنها تُمضي معه ، هناكَ ، لياليَ مِـَلاحاً ، آخرُها كانت لمناسبة عيد ميلادِها الميمون ! وقد لا يصدِّقُني أحدٌ آنَ أقول إنني أتتبّعُ أخبارها في صحف التابلويد الرخيصة ، وأنني أحتفظُ في زاويةٍ سرّية من مكتبتي بصورِها المقتطَعة من تلك الصحف والمجلات . في الحُلمِ تزورني نعومي ، وقد أمستْ ذات جناحَينِ أسْوَدَينِ مُهفهِفَين . أقول لها : يا نعومي . أنتِ نِعمةٌ من نِعَمِ الله . تسألُني : ماذا تعني ؟ أجيبُها : لقد جعلتِ عالمَنا أجملَ . ووهبتِ الـمُهَمّشــينَ أجنحةً تشبه جناحَيكِ . * كل هذا الذي أكُنُّه وأُبْـديهِ لم ينفعْني في أن أحظى منها بنظرةٍ ! حتى جاء أمس ، الجمعة … البلدةُ التي أسكنُ ضمن حدودِها الإدارية ، تُدْعى أَكْـسِـبْـرِجْ Uxbridge ، وهي بين مناطـق لندن الإدارية ، الأقربُ إلى مطار هيثرو ، البوابة الهائلـة إلى المملكة المتحدة ، التي يحاول اقتحامَها ، دوماً ، طالبو لجوءٍ وعملٍ من قاراتٍ شتى . المتاعب القضائية المتعلقة بهؤلاء من حجز ، وتحقيق ، وإبعادٍ … إلخ ، تتولاّها حاكميةُ أكسبرِج ، أي مُجَمّعُها القضائي . هذا الـمُجَمّعُ متواضعٌ ، وقد طالما مررتُ به ، وأنا في الحافلة ، فلم يُثِر انتباهي كثيراً . المبنى عاديّ من القرميد الأحمر الذي أمسى بُنِّـيّـاً بفعل الدهر والمطر . مبنىً يكاد يخلو من الناسِ ، إلاّ أولئك الذين يتركون مكاتبَهم في الداخل ، ليلتذّوا بتدخين سجائرِهم ، وبالهواءِ الطّلْقِ . أمسِ ، كنتُ عائداً بالحافلة ، من البلدةِ إلى منزلي . عجباً ! مبنى الحاكمية ، ومحيطه ، من شوارع وأزقّة ، ومستديرات ، يكاد ينفجر بالناس … سيارات تلفزيون وإذاعة . أفراد شــرطة إضافيون . أناسٌ تجمّعوا في كل مكان ، يتطلّعون ، ويستطلعون … نزلتُ من الحافلة عند الموقف الأقرب ، عائداً إلى مبنى الحاكمية . سألتُ : ما الخبر؟ ( خير يا طير … كما يقول الفلسطينيون ) ! نَعومي كامبل ، تُحاكَمُ ! انتظرتُ طويلاً ، علِّي أحظى بنظرةٍ متكرِّمةٍ من نعومي ، صديقتي . لقد جئتُ كي أقف إلى جانبها ، في محنتِها . لا يهمُّني إنْ عرفتْ هذا أم لم تعرف . أنا امرؤٌ مخْلصٌ ، لا أنتظرُ ثواباً على إخلاصٍ . طال الانتظار ، ولم تظهر ! ربما جاؤوا بها من طريقٍ سرّيةٍ أو نفقٍ . وعندما انتهتْ محاكمتُها جعلوها تسلك المدخل مَخرَجاً . * في أخبار المساء ، على شاشة التلفزيون ، كان خبرُها ، الأوّلَ … لقد حُكِمَ عليها بالعمل الاجتماعي لمدة مائتي ساعة : العنايــة بالكبار مثلاً ، أو بالحدائق . تنظيف الجدران من الملصقات والغرافيتي … إلى آخر الاحتمالات المتأتية من تعبير العمل الاجتماعيّ . * لماذا حوكمتْ ؟ لأنها أهانت طاقم الطائرة والشرطة حين فُقِدَتْ حقائبُها في مطار هيثرو ( القاعة الخامسة ) قائلةً لهم : أنتم عنصريّون . لو كانت الحقائبُ لامرأةٍ بيضاء لَما فُقِدَتْ ! * سأظل أحبّ نعومي كامبل !
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طويريج ، وما أدراك!
-
ثقافةُ عراقٍ بين سيفَينِ
-
رسالة إلى حسن الخياط
-
جائزة الإبداع تُمنَح إلى سعدي يوسف
-
لماذا نقرأ لك ؟
-
الله صامتٌ أيضاً
-
إعدام مقتدى الصدر
-
قصائد فورتَيسّا
-
منظّمة العفو الدولية
-
ولاية الفقيس الذمّيّ
-
نشيدٌ للبصرة
-
إلى سركون بولص
-
تحت الوصاية ... نعم !
-
حديث الجمعيات والأحزاب
-
البؤس العراقي في حملة الرئاسة الأميركية
-
أربع قصائد من الأقصُر
-
أغنيةُ صيّادِ السّمَك وقصائد نيويورك
-
ردّ على الديلي تلغراف
-
تابعو التابعين
-
ثلاث قصائد مُبْتلّّة
المزيد.....
-
البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح
...
-
الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي
...
-
قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا
...
-
لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح
...
-
اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي
...
-
استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
-
فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر
...
-
فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت
...
-
مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال
...
-
اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|