أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تاج السر عثمان - نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية:الفترة:1900- 1956















المزيد.....



نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية:الفترة:1900- 1956


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2319 - 2008 / 6 / 21 - 09:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النشأة والتطور
لايمكن تناول نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية بمعزل عن النهضة الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت خلال فترة الحكم البريطاني ، هذا وترجع جذور الطبقة العاملة إلى فترة الحكم التركي ، ولكن التطور الذي شهدته الطبقة العاملة كان منذ بداية الحكم الإنجليزي للسودان عام 1898 م .
ويفيد هنا أن نتابع مظاهر التطور الاقتصادي الذي نشأ في البلاد في القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والخدمات ( مواصلات ، تعليم ، صحة ... الخ ) ، لنرى كيف تطورت الطبقة العاملة من خلال تلك التحولات الاقتصادية والاجتماعية .
أولا : القطاع الزراعي .
أ _ مشروع الجزيرة : شكل القطن محور السياسة البريطانية في السودان ، واصبح السودان جراء تلك السياسة منتجا للقطن ، وتم بذلك تحقيق هدف الاستعمار البريطاني للسودان وهو ضمان القطن الخام اللازم لصناعة الغزل والنسيج في لانكشير بإنجلترا ، وارتبط السودان بمحصول نقدي رئيسي واحد ( القطن ) مع بعض المحاصيل النقدية الأخرى : صمغ ، سمسم ، فول سوداني ، ... الخ . ومقابل ذلك غزت منتجات الصناعة البريطانية وغيرها السوق السوداني : ملابس قطنية وصوفية ، آلات ، مضخات رافعة للمياه ، سيارات ، قطع غيار ، أحذية ، .... الخ . وبهذا الشكل ارتبط السودان بالسوق الرأسمالي العالمي : مصدرا لمواده الأولية للدول الصناعية ومستهلكا بثمنها مصنوعات تلك البلدان وفقا لعلاقة التبادل غير المتكافئة ، كما تم تدمير الصناعات الحرفية المحلية التي كانت سائدة أيام المهدية .
لن نتوقف كثيرا عند فكرة مشروع الجزيرة ، وكيف تم انتزاع الأراضي من المزارعين ، وكيف تم إعادة توزيعها على المزارعين ؟ ، وكيف نشأت فئات المزارعين المختلفة ( أغنياء ، متوسطين ، فقراء ) ، وفرض الحكومة البريطانية لعلاقات الإنتاج لنظام الشراكة الوهمي الذي كانت فيه الشركة والحكومة تستحوذ على 60 % من عائد القطن ، لان ذلك خارج إطار الدراسة ، ولكن ما يهمنا هنا هو اثر مشروع الجزيرة في ظهور عمال زراعيين وصناعيين نفصلهم كما يلي في الآتي :
_ العمال الزراعيين :
كان مزارعو الجزيرة في مستوياتهم المختلفة يستعينون بالعمال الزراعيين في أوقات الذروة في عمليات البذر والحش وتنقية الحشائش والجنى ، وتقليع عيدان الحطب ، وكان هؤلاء العمال الزراعيون قادمين من غرب السودان أو أفريقيا الاستوائية مثل الفلاتا ، الهوسا ، البرنو ، البوجو ، الفور ، الرزيقات ، إضافة لجماعات عربية من إقليم النيل الأبيض وجنوب النيل الأزرق وجماعات رعوية غير مستقرة . وعلى سبيل المثال كان عدد العمال الزراعيين في مشروع الجزيرة 212,168 في عام 1956 م (د . زكى البحيري : التطور الاقتصادي والاجتماعي في السودان ، 1988 م ، ص 72 ) .
وهؤلاء العمال الزراعيين كانوا من ذوى الوعي المنخفض بحكم وضعهم وظروفهم ودوافعهم المختلفة للعمل في مشروع الجزيرة .
_ العمال الصناعيين
مع قيام مشروع الجزيرة وتطوره قامت معه الشركة وسككها الحديدية ، وقامت معها مخازنها ومبانيها ، كما قام خزان سنار عام 1925 م والذي احتاج لمهندسين وعمال وفنيين ، كما قامت مصانع لحلج القطن في المشروع ، ونتج من هذا قيام فئة من العمال الصناعيين بلغ عددها حوالي 3843 عاملا ، بعضهم يتوقفون عن العمل لفترة من الوقت ويتركز عملهم خلال موسم القطن مثل سائقي المحاريث والعربات وموظفي الإدارة الموسميين وعمال استلام ووزن القطن والكتبة والخفراء والممركين ( واضعو أرقام العبوات ودرجات النقاء ) ، وعمال المحالج والشحن والتفريغ وعددهم في محالج الجزيرة الثمانية بلغ خلال الخمسينيات من القرن الماضي حوالي 4608 ( د . زكى البحيرى ، ص 73 ) .
كان العمال الزراعيين يتعرضون لاستغلال من أغنياء ومتوسطي المزارعين ، فكان العامل الزراعي يتقاضى أجرا عبارة عن قرشين ونصف مثلا عن كل 30 رطلا يتم جنيها ، كما أن المزارعين أنفسهم خضعوا لاستغلال الشركة والحكومة فحتى عام 1950 م عندما انتهى عقد الشركة كانت الحكومة والشركة تستحوذ على 60 % من عائد القطن حسب علاقة التوزيع : 35 % للحكومة ، 25 % للشركة ، 40 % للمزارع .
_ مشاريع الطلمبات :
قامت الحكومة بإنشاء سبعة مشاريع لزراعة المحاصيل الغذائية وعلف الحيوانات ، وذلك على ضفاف النيل في المديرية الشمالية ، وكانت تلك المشاريع تعتمد على الري بالطلمبات وكل واحد منها يغطى مساحة تتراوح بين 2000 إلى 4000 ( تيم نبلوك : صراع السلطة والثروة في السودان ، ص 25 ) . وكان إنشاء هذه المشاريع خلال الحرب العالمية الأولي يستهدف تلبية احتياجات البلاد من الغذاء ، واحتياجات فرق الخيالة العسكرية البريطانية فى مصر من علف الحيوان في الوقت نفسه ، وترتب على قيام هذه المشاريع إنشاء ورش لصيانة طلمبات الري ، ولخراطة قطع الغيار شملت مهندسين وعمال مهرة ( فنيين ) وعمال .
_ مشاريع القطن الخاصة :
إضافة لمشاريع الحكومة كانت هناك مشاريع دائرة المهدى في الجزيرة أبا ، القندال ، الهدى ، القطينة ، الطويلة ، والحديب ، والشوال ، الرياض ، الكنوز ، قلى ، ابوهنده ، الجملاب ، والفقيراب ... الخ .
ويذكر محمد عمر بشير انه في العام 1933 م كانت المساحة المعدة للزراعة في الجزيرة أبا ومديريات الفونج والنيل الأبيض وكسلا 13.000 فدان وكان دخل السيدعبدالرحمن يتراوح ما بين 15.000 إلى 40.000 جنيه في العام الواحد وبلغ نفوذ القوى العاملة بمشروع الجزيرة أبا 4500 شخص تقريبا ، وهذا الوضع بالطبع جعل من السيد عبد الرحمن رجلا ثريا وذا نفوذ سياسي بالغ الأثر . ( محمد عمر بشير : تاريخ الحركة الوطنية في السودان ، ص 159 ) .
بالإضافة لدائرة المهدى كانت هناك مشاريع خاصة يعمل بها عمال زراعيون مثل : مشروع محمد البربرى لزراعة القطن في الزيداب ، مشروع عزيز كافوري في شمال وشرق الخرطوم بحري ، السيد على الميرغنى الذي بالإضافة لاراضيه في الشمالية وكسلا منحته الحكومة مشروعين : الأول في العالياب بالمديرية الشمالية والثاني في الخليلة وقد نقل مجال عمل المشروع الأخير إلى الخرطوم بحري إلى جوار مزرعة كافوري ( د . زكى البحيري : ص 110 _ 111 ) . هذا إضافة للمشاريع الأخرى التي منحتها الحكومة للشريف يوسف الهندي وكبار الشيوخ والتجار والرأسماليين من الأجانب والمحليين .
مشاريع الزراعة الآلية :
خلال الحرب العالمية الثانية كانت البلاد تعانى من نقص كبير في المخزون من الحبوب ، وكان من الصعوبة تغطية هذا النقص عن طريق الاستيراد نتيجة لظروف الحرب وكان لابد من اتخاذ الخطوات الضرورية لتشجيع انتاج الحبوب ، وبدأت مشاريع الزراعة الآلية في منطقة القدمبليه شرق مدينة القضارف ، وبدأت هذه العملية في البداية في قطاع الدولة ثم انتقلت في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي إلى القطاع الخاص .
ما يهمنا هنا إن العملية واكبتها تطور في عدد العمال الزراعيين سائقي التراكتورات والجرارات وفنيي الصيانة ، إضافة لعمال الزراعة من بدايتها وحتى نهايتها . ويقدر د .سعد الدين فوزي إن حجم المساحة الزراعية التي دخلت المشاريع الزراعية الخاصة موسم 1957 م حوالي 400.000 فدان ( فوزي : جوانب من الاقتصاد السوداني ، ص 42_47 ) ، كما يقدر د . زكى البحيري متوسط الجرارات الزراعية المستخدمة في الزراعة في السودان في الفترة 1952 – 1956 م بحوالي 215 جرارا و8 آلاف آلة للحصاد ( بحيرى ، ص 123 ) .
المشاريع الزراعية التعاونية :
هناك أيضا مشاريع الزراعة التعاونية التي قامت في منطقة النيل الأزرق وشندى وشمال الخرطوم وفى المديرية الشمالية . صدر قانون التعاون في سبتمبر 1948 م وبلغ عدد الجمعيات التعاونية عام 1952 م ما يقرب من 233 جمعية أكثرها زراعي تقوم على زراعة القطن والمحاصيل الغذائية ، كما قامت الجمعيات التعاونية للزراعة الآلية ( محمد احمد داؤد : الحركة التعاونية السودانية ، 1991 ، ص 34 – 36 ) . وهذه المشاريع الزراعية ارتبط بها عمال زراعيون وعمال و فنيون لصيانة وتشغيل الطلمبات التي كانت تعمل بها هذه المشاريع .
مشاريع الإعاشة :
وهى التي نشأت بعد قيام خزان جبل الأولياء عام 1936 م وذلك كتعويض لأهالي المنطقة عما أصابهم من ضرر وقامت الحكومة المصرية بدفع 750.000 جنيها مصريا كتعويض للمزارعين الذين فقدوا أراضيهم الزراعية بسبب إنشاء الخزان ( تيم نبلوك ، ص 35 ) .
وارتبط بقيام الخزان عمال وفنيون ومهندسون وعمال زراعيون في المشاريع التي قامت ، وكان اكبر هذه المشاريع هو مشروع عبد الماجد الذي كانت مساحته 38.000 فدان في عام 1944 م وكان يروى من قنوات مشروع الجزيرة .
مشروعا القاش وطوكر لزراعة القطن :
قام هذان المشروعان على دلتا نهر القاش وطوكر لزراعة القطن وكان بهما عمال زراعيون من أبناء المنطقة ، ولكن اغلبهم كانوا من مهاجرى نيجريا وأفريقيا الاستوائية كما كانت توجد محالج للقطن في طوكر وبور تسودان .
وبلغ عدد العمال الزراعيين عام 1947 م في القاش حوالي 12 ألف ، وكان عددهم يصل إلى 20.000 وقت الحصاد . هذا إضافة للعمال الذين كانوا يحضرون من المديرية الشمالية وسنكات ليعملوا في نقل وتعبئة وشحن القطن إلى بور تسودان أو طوكر وقد بلغ عددهم في طوكر حوالي خمسمائة عامل ( صوت السودان 26 – 5 – 1947 م )
مشاريع جبال النوبة وكردفان لزراعة القطن :
قامت هذه المشاريع على أساس الزراعة المطرية ، وبلغت المساحة المزروعة قطنا موسم 54 / 1955 حوالي 252.000 ، وكان بهذه المشاريع عمال زراعيين ( بحيرى ، ص 164 ) .
مشروع الزاندى :
كان يهدف المشروع إلى تنمية المنطقة الجنوبية الغربية للسودان التي كانت تسكنها قبيلة الزاندى ، والتي كانت تحترف الزراعة كحرفة رئيسية . لم يكن المشروع قاصرا على عملية انتاج القطن فقط إنما ارتبط به قيام مشروعات صناعية تقوم على حلج القطن وغزله ونسجه وتسويقه وعصر البذرة لاستخراج الزيوت ، وكذلك إقامة صناعات تعتمد على زراعة محاصيل أخري كالسمسم وقصب السكر ، كما قام مصنع للنسيج في انزارا ، وتوقف المشروع بسبب تدهور الوضع الأمني في المنطقة بعد تمرد 1955 م ( للمزيد من التفاصيل راجع : تيم نبلوك ، مرجع سابق ) .
ثانيا : قطاع الخدمات :
_ السكك الحديدية : بقيام السكك الحديدية قامت ورش للصيانة والخدمات وتركزت الورش الأساسية للسكة حديد في عطبرة ، كما أدى قيام السكك الحديدية ألي تكوين طبقة عاملة ذات خبرات فنية جديدة كما شجعت على تطوير التعليم ألفني ، هذا وقد بلغ مجموع العاملين في السكة الحديد والنقل النهري في العام 1953 م : 25.263 ( سعد الدين فوزي : الحركة العمالية في السودان ) .
_ ميناء بور تسودان : بقيام الميناء في عام 1909 م ، تطورت مدينة بورتسودان ، وقامت بها ورش للصيانة ونشأت واتسعت فئة عمال الشحن والتفريغ .
_ الطرق البرية : إضافة للسكك الحديدية كانت هناك حاجة لشق الطرق وتعبيدها لخدمة أغراض الإدارة لكي تتصل بالأجزاء النائية بالمدن والقرى ولكي تيسر مهام الإدارة . وترتب على ذلك قيام عمال لتشييد الطرق والكباري ، كما ترتب على ذلك أيضا ظهور سائقين وفنيين لصيانة هذه اللوارى والشاحنات وانتشرت فئات العمال و الميكانيكيين في المدن للقيام بتلك الأعمال . وكان من نتائج ذلك أن بدأت الصناعة البترولية في السودان بصورة تجارية في عام 1928 م بواسطة شركة شل الهولندية البريطانية وذلك باستيراد وتوزيع المنتجات البترولية الرئيسية وزيوت التزييت والشحوم وقد شملت المنتجات الرئيسية بنزين السيارات وكيروسين الإضاءة والجاز اويل والديزل والفيرنس ( أمين عبد الرحيم اوشى : قطاع البترول : تاريخ ورؤيا مستقبلية ، مخطوط غير منشور ، ص 6 )
_ النقل النهري : تطورت وتوسعت مصلحة النقل النهري ، وقامت معها ورشها التي تركزت في الوابورات بالخرطوم بحري وكوستى وكريمة ، ونشأت فئات من عمال الصيانة للبواخر
_ الخطوط الجوبة : في عام 1950 م أنشئت مصلحة الطيران المدني ، وبالتالي نشأت معها ورشها التي ضمت عمالا وفنيين ومهندسين .
_ شركة النور والطاقة السودانية : في عام 1928 م أنشئت شركة النور والطاقة السودانية ، وقامت معها ورشها التي ضمت عمالا ومهندسين وفنيين ، إضافة لعمال وسائقي الترام الذي كان تابعا لشركة النور ، والواقع إن شركة مواصلات العاصمة كانت قد أنشئت منذ عام 1924 م ، وبعدها أصبحت تتبع لشركة النور والكهرباء .
تطور التعليم الفني والصناعي : اتجهت الإدارة البريطانية للتعليم الحديث ، وكان هدفها الأساسي منه إيجاد موظفين وعمال مهرة يساعدونها على ملئ الوظائف الصغرى في دواوين الحكومة . ما يعمنا فى هذا المقام هو تطور التعليم الفني والصناعي لما له من ارتباط بتخريج الفنيين والعمال المهرة الذين شكلوا العمود الفقري لتطور حركة الطبقة العاملة فيما بعد . وفى عام 1901 م تم تأسيس مدرسة ام درمان الصناعية ، وفى عام 1924 م تم إنشاء المدرسة الصناعية في عطبرة ، كما قامت مدارس صناعية أخرى في الحصاحيصا وجبيت وغيرهما . وفى عام 1903 م بعد اكتمال مباني كلية غردون تم إنشاء ورشه للكلية فيها مركز جديد للتدريب .
ولكن ظلت قاعدة التعليم الفني محدودة ، ذلك نتيجة لخطة مدروسة من الإدارة البريطانية التى تجاهلت تطوير وتشجيع التعليم الفني وحصرته في حدود احتياجاتها المباشرة لفنيين وعمال مهرة .
_ الخدمات الصحية : في عام 1900 م شيدت مستشفيات في أمد رمان والخرطوم وبربر ودنقلا ، كما تأسس قسم طبي مدني مستقل عام 1904 م ، وفى الوقت نفسه أسست معامل أبحاث ويلكوم كهبة من السير هنري ويلكوم ومن ثم ألحقت بكلية غردون .
ما يهمنا هنا انه مع تطور الخدمات الصحية نشأت فئات جديدة من المهنيين والعاملين في الحقل الصحي : أطباء ، مساعدين طبيين ، ممرضين ، قابلات ، فنيي معامل ، وعمال صحة الخ .
_ مصلحة الغابات : اهتمت الحكومة بالغابات ، وانشات مدرسة ملاحظي الغابات بالخرطوم ، كما أنشأت مدرسة لتدريب عمال المناشير في المديرية الاستوائية ، وقامت بتطوير صناعة الخشب ، وبالتالي ظهرت فئة عمال المناشير .
_ قوة دفاع السودان : في عام 1925 م قامت قوة دفاع السودان ، ما يهمنا هنا انه في داخل أفرع قوة دفاع السودان كانت هناك ورش لصيانة الأسلحة والعربات والطائرات وأقسام للأشغال العسكرية والهندسة وأسلحة متخصصة يعمل فيها فنيون وعمال ، وعندما يترك هؤلاء الخدمة ينضم بعضهم إلى صفوف الطبقة العاملة .
_ مصلحة النقل الميكانيكي والمخازن والمهمات : قامت مصلحة النقل الميكانيكي لصيانة العربات الحكومية ، وقامت ورشها التى استوعبت أعدادا من الفنيين والعمال في أقسام الميكانيكا والكهرباء المختلفة ، كما كانت مصلحة المخازن والمهمات تمد الوزارات والمصالح الحكومية بالأدوات المختلفة التى تقوم بتصنيعها من أدوات مكتبية وملابس ، وكان بها عمال ونجارون ونقاشون وترزية .. الخ .
_ عمال المطابع : مع تطور الصحافة تبعها توسع المطابع مما أدى إلى تطور العاملين والفنيين في مجال الطباعة في القطاعين الحكومي والخاص .
ثالثا : القطاع الصناعي :
السمة الغالبة على التطور الصناعي خلال الفترة تحت الدراسة ، انه كان هناك عدد قليل من الصناعات الكبيرة ، وكانت الغالبية هي عبارة عن صناعات صغيرة ، وهذا راجع إلى أن الاتجاه كان نحو الصناعات الخفيفة . وكانت المجالات الرئيسية للاستثمار الصناعي تتمثل في تكرير : صناعة حلج القطن ، الزيوت ، الصابون ، الألبان ، حفظ وتعليب اللحوم ( مصنع كوستى 1952 ) ، دباغة الجلود ، العصير والفواكه ، السكر ، ملح الطعام ، المياه المعدنية ، البيرة ، الثلج ، النسيج ، صباغة المنسوجات ، التعدين ، الأسمنت ، الطوب ، الزرار ير ، مطاحن الدقيق ، الحلويات ، الطباعة ، الورش الهندسية ، ورش النجارة ، الصفيح ، ... الخ .
كانت المميزات الرئيسية لقطاع الصناعات تتمثل في صغر حجمه الكلى وصغر وحداته الإنتاجية الفردية والتي يعكسها لنا نمط الاستخدام داخل القطاع . ففي عام 55 / 1956 م كانت الصناعات تستخدم حوالي 9.500 من القوى العاملة و90 % من هذه القوى كانوا يعملون في وحدات تستخدم اقل من عشرة أفراد . ( تيم نبلوك ، ص 52 ) . وهكذا بدأت تظهر صناعات حديثه خفيفة ، تم استخدام الآلات وأدوات الإنتاج الحديثة ، كما بدأ ينشأ جنين طبقة عاملة صناعية تعمل في تلك الصناعات ، وتتعرض للاستغلال الرأسمالي وتستحوذ الشركات ألا جنبيه أو الرأسماليون المحليون على فائض القيمة أو العمل المضاف الذي شكل مصدر أرباحهم الحقيقة إضافة للأرباح الأخرى ، كما كانت الشركات ألا جنبيه مثل الشركات أو فروع الشركات التى كانت تشرف على صناعة البيرة والأسمنت تصدر فوائض تلك الأرباح للخارج ، إضافة لتهربها من الضرائب والإعفاءات والتسهيلات الجمركية إلى كانت تحصل عليها .
بالإضافة للصناعات الحديثة ، كانت هناك صناعات محليه أهمها : الاحذيه ، البلح في المنطقة الشمالية ، الخبز ، الخميرة ، الفخار ، صناعة العنا قريب والقفف والابراش .. الخ
فترة الحرب العالمية الثانية : 1939 – 1945 م :
آدت ظروف الحرب العالمية الثانية إلي قيام صناعات محليه بسبب نقص الاستيراد الخارجي مثل : صناعة الزجاج ، كما أدت ظروف الحرب إلى توسع حجم القوى العاملة ، وذلك نتيجة للمساهمة التى قدمها السودان للحلفاء في الشرق الأوسط ( في مجال التسهيلات ومجال المساهمة المباشرة في العمليات الحربية ) ، وهذا أدى ألي توسع في الصناعات الصغيرة أثناء فترة الحرب وبسبب الحاجة لانتاج المعدات الحربية لجيوش الحلفاء وانتاج السلع الاستهلاكية التى لم يكن من الممكن استيرادها في تلك الظروف ( للمزيد من التفاصيل راجع هند رسون : السودان الإنجليزي المصري ، تيم نبلوك مرجع سابق ، عبد الخالق محجوب : لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني )
رغم أن السودان كان لايملك المصانع ولا العمالة المدربة ، الاانه نجح في إنتاج المعدات العسكرية الصغيرة في ورش المخازن والمهمات والسكة حديد والأشغال .
لقد كان للتوسع الكبير الذي شهدته قوة دفاع السودان خلال فترة الحرب وتسريح إعداد كبيرة من الجنود بعد انتهاء الحرب تأثيرات هامة وإيجابية في مجال تنمية اهتمامات جديدة وسط سكان المدن ، فقد ارتفع عدد الجنود من 4.500 عام 1939 م إلى 30.000 عام 1944 م ( تيم نبلوك ، المرجع السابق ، ص 117 ) . ومن المهم أن نشير هنا إلى أن بعض العمال الذين تقدموا نشاط الحركة النقابية العمالية في الأربعينيات من القرن الماضي ، كانوا من الجنود المسرحين من قوة دفاع السودان ، وخاصة الذين تحصلوا على تدريب في المجالات الفنية . يقول السير جيمس روبرتسون في مؤلفه فترة الانتقال ( كانت مرتبات الجنود تعتبر عالية بالمقارنة مع مستوى الدخول في السودان ، والعديدون منهم قاموا بالعمل في الشرق الأوسط ، سيريلانكا ، إريتريا ، وطرابلس الغرب . وعندما كانوا مع القوات البريطانية كانوا يتمتعون بشروط حياة أرقى بكثير من شروط حياتهم العادية بالإضافة إلى ذلك فقد قام بعضهم بزيارة مصر وتعلم أساليب حياة جديدة لم تكن معروفة ، ونجح عدد من العمال حوالي 2 __ 3 ألف عامل على الأقل في التدريب على قيادة السيارات ، الحدادة ، التلغراف ، وغير ذلك من المهن الجديدة ، وكنا نتساءل كيف يعود هؤلاء مرة أخرى إلى أساليب حياتهم التقليدية ؟ ) .
أما بالنسبة لحالة العمال المعيشية خلال فترة الحرب فقد كانت في قمة التدهور نتيجة لارتفاع معدلات التضخم أثناء سنوات الحرب وارتفاع تكاليف المعيشة والأسعار ، ففي عام 1946 م ظلت أجور عمال السكة حديد مثلا كما هي دون تغيير يذكر منذ 1935 م ، وكانت تتراوح ما بين 105 __ 200 قرشا مصريا في الشهر . ( تقرير الحاكم العام : 1939 __ 1941 م )
رابعا : تطور التشريعات العمالية :
نلاحظ مما سبق تطور العمل المأجور ، وظهور عاملين بأجر مع مشاريع الإدارة الاستعمارية في الخدمات والصناعة والتعليم والصحة ... الخ .
وفى تقرير أعده كر ومر عام 1900 م أشار إلى أهمية صرف بعض الأموال في المشاريع التي تقدم البلاد وتساعد فى تنميتها (تقرير الحاكـم العام : 1939 _ 1941 م) .
وفى تقرير الحاكم العام لسنة 1903 م يقول ( إن المواطنين في السودان يكادون يجمعون على أن أهل السودان ليسوا أهل الكد والعمل ) ويواصل التقرير ويقول ( ولكن لا غرابة في كراهية السودانيين للعمل إذ أن حاجتهم بسيطة وقليلة ، فانهم لا يحتاجون إلى ثياب للملبس ولا بيوت للسكن ولا وقود يذكر للطبخ ، ولا تعلموا ولا تثقفوا حتى يطمعوا بتحسين حالته)، أما المستر (بنفل) فشكك في هذا الزعم حيث اكد أن المواطنين السودانيين (متى عرفوا من يعاملهم وينقدهم الدراهم التي توفر لهم ما يريدون ويعاملهم بالعدل والحسنى جاءوه أفواجا ).كما أشار المستر(بنفل) للسبب الرئيسي لضعف الإنتاج وهو الغبن الواقع على العامل وعلى الوطن ككل للاستعمار وسياسته الاستعمارية) .
ثم تأكد ضعف زعم قلة قدرة العامل على العطاء بما جاء في تقرير الحاكم العام ( ثم تبين إن قليلين من عرب البدو استخدموا في التعدين فجاء عملهم على ما يرام ) يواصل ويقول ( ثم أكد هؤلاء البدو قدرتهم وحرصهم على العمل حينما اقر سلاطين استخدامهم في بناء السكة حديد .. فقال عنهم الكولونيل مكولى : انهم اثبت على العمل مما كنت أظن . ويواصل مكولى ويقول : وهم يطلبون العمل فلا يخلو محل واحد حتى يطلبه ثلة منهم ولم يبد منهم ما يوجع الرأس ويشغل البال . ( تقرير الحاكم العام 1903 م )
وكانت أوضاع العاملين سيئة في بداية القرن العشرين ، كما كانت أجورهم ضعيفة ، وبالتالي قامت إضرابات واحتجاجات تطالب بزيادة الأجور وتحسين أحوال العاملين ، وكان من نتائج احتجاجات العاملين وتطور العمل والعاملين ، أن تطورت ونشأت التشريعات العمالية على النحو التالي :
• في عام 1904 م انشئي مكتب مركزي للعمل بالخرطوم وله عدة فروع بالمديريات لكي يعمل على توفير العمال وتطوير العمالة إلى الحد المطلوب .
• وفى عام 1908 م صدر قانون لتعويضات العمال ، والغرض منه هو إيراد نصوص افضل لتعويضات العاملين في حالة الإصابة التىتلحق بالعامل أثناء تأدية خدمته أو أدائه لاعماله بموجب عقد . ( محمد عمر بشير : تاريخ الحركة الوطنية في السودان ، ص 41 ) .
• وفى عام 1921 م تم تكوين لجنة العمل واستمرت دون نشاط يذكر حتى عام 1936 ، وفى الفترة اللاحقة الممتدة حتى عام 1945 م كان نشاطها نادرا ودون حكم مسبق ، وكان من المفترض أنس تقوم لجنة العمل المذكورة بتقديم الاستشارة اللازمة في شئون العمل للإدارة الاستعمارية الحاكمة والقيام بالمشاركة في المفاوضات بين الإدارة وأي طرف آخر ، بالإضافة إلي تقديم الاستشارة في قضايا العمل والأجور لحكام المديريات وقوة دفاع السودان ( د . حسن احمد الجاك : الحركة النقابية والتطور السياسي في السودان ، مجلة الثقافة الوطنية ، عدد يناير 89 ، ص 50 ) .
• وفى عام 1924 صدر قانون محاسبة العاملين .
• في عام 1904 م صدر أول قانون للمعاشات وفوائد ما بعد الخدمة ، ثم صدر قانون معاشات 1919 م ، وكان قانون 1904 ، 1919 يشمل السودانيين والأجانب .
وفى عام 1922 م أصدرت الحكومة هيكل مرتبات هدلستون ، وفى عام 1935 م تم هذا الهيكل وصدر هيكل جديد للمرتبات استمر حتى عام 1948 م .
كانت الطبقة العاملة السودانية محرومة من حق التنظيم النقابي ومحرومة من حق الإضراب حتى عام 1948 م حينما انتزع عمال السكة حديد الاعتراف بهيئة شئون العمال . وهذا الحرمان نجد التعبير عنه في صدور قانون الجمعيات غير المشروعة لسنة 1924 م من الإدارة البريطانية ، الذي كان ينص على عقوبة صارمة على كل من يشارك في إنشاء مثل تلك الجمعيات وكانت العقوبات تشمل ( السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات للأعضاء ) ويسترسل القانون ( أي شخص يدير أو يساعد في إدارة أي جمعية غير قانونية أو تنظيم اجتماع لأي جمعية غير مشروعة يعاقب بالسجن لمدة تصل إلي سبع سنوات ) ( جمهورية السودان: قوانين السودان 1901 __ 1925 م ، النائب العام ، الخرطوم 1975 م ) . وهذا القانون رغم انه عام ويشمل الأحزاب السياسية إلا انه بالطبع يشمل أيضا التنظيم النقابي ويحرم الإضراب ، وبغياب التنظيم النقابي وتحريم حق الإضراب تعرضت الطبقة العاملة لاستغلال بشع من الشركات الأجنبية والرأسماليين الأجانب والمحليين في الصناعة والزراعة . هذا فضلا عن أن هذا القانون شكل عقبة كبيرة في تطور وعى الطبقة العاملة السياسي والنقابي وعقبة في طريق تكوين تنظيمها النقابي .
خامسا : ملاحظات على التطور الصناعي وتطور الطبقة العاملة :
حتى لا نبالغ في التطور الصناعي ، وبالتالي في تطور الطبقة العاملة خلال الفترة تحت الدراسة نضع الحقائق آلاتية في الاعتبار :
أ _ كان القطاع الصناعي ضعيفا ، وعلى سبيل المثال في عام 1956 م كانت الصناعة تساهم بأقل من 1 % من إجمالي الناتج المحلى وتستخدم حوالي 3 % من عموم القوى العاملة في البلاد ، والواقع كما يشير تيم نبلوك : إن مساهمة الصناعة الحديثة في إجمالي الناتج المحلى كانت اقل من ثلث مساهمة الصناعة الحرفية التقليدية مثل : صناعة الحصائر ، الحبال ، النجارة ، الغزل ، النسيج ، الملابس ، الطواقي ، الأواني ، المريسة ، الجلود ، الأحذية ، الجلادة ، التنباك ، منتجات العاج ، أشغال الذهب . ( تيم نبلوك : ص 54 ) .
وكان نصيب القطاع الصناعي لا يزيد نصيبه من مجمل الإنتاج الأهلي عن 9 % يقابل هذا تفوق في ثقل الإنتاج الحرفي بالأدوات القديمة والذي كان يمثل 3 % من مجمل الإنتاج ، وكان نصيب الصناعة بالأرقام من إجمالي الإنتاج الأهلي مطلع الاستقلال لا يتعدى مليونين و762 ألفا من الجنيهات مقابل 9,9 ملايين للقطاع الحرفي ، وكان نصيبها بين القوى العاملة 12.257 عاملا ، وهذا لا يتعدى 5 % من مجمـوع المستخدميـن من الرجـال . ( الماركسية وقضايا الثورة السودانية ، طبعة دار الوسيلة 1987 ، ص 70 ) .
وكان نصيب العامل من مجموع إنتاج تلك الصناعات لم يكن يتعدى 375 جنيها سنويا ، بل يصل هذا النصيب إلى مستوى مخجل في مطاحن الدقيق إذ لم يتعد 101 جنيها في السنة ، وقد ترك هذا الانحدار أثره على مستوى معيشة جماهير العاملين في الصناعة ، فواجهت انخفاضا مستمرا في الأجور وفقدانا لكل ضمانات العمل وامنه . ( الماركسية .. المرجع السابق ، ص 70 _ 71 ) .
وكان من أسباب تخلف الصناعة هي :
أ _ تركيز الحكومة الإنجليزية على الزراعة ( القطن في المقام الأول ) ، واعتبار النشاط الصناعي نوعا من الترف إضافة لأضراره الاجتماعية عليها .
ب _ لم يخضع الاستثمار الصناعي لمحاولة جادة بل إن الحكومة الثنائية خلقت من العقبات أمام تطور الصناعة .
ج _ السياسة التجارية في فترة الحكم الثنائي كانت تسير في اتجاه تسهيل عمليات التبادل بين منتجات السودان الزراعية والسلع الصناعية البريطانية ( وبقدر اقل السلع المصنعة ) ، وفى هذا الخصوص كانت الضرائب الجمركية متدنية تماما ، كما هو الحال في البلدان المستعمرة الأخرى ، ولم ترفع نسبتها الابعد الحرب العالمية الثانية ، ومع ذلك ظلت متدنية ، فقد كانت النسبة العامة لرسوم الواردات حتى عام 1950 م في حدود ال15 % فقط بجانب نسب أعلى أخري للمشروبات الكحولية ، التبغ ، الحرير ، والملابس الصناعية . ( تيم نبلوك : ص 54 ) ، وفى الوقت نفسه كانت السلع المستوردة من مصر عن طريق ميناء وادي حلفا معفاة في معظم الأحيان ، لذلك لم تكن الصناعة المحلية تتمتع بأي نوع من الحماية الجمركية ، ولذلك تعرضت الصناعة المحلية الجديدة لمنافسة جديدة شديدة من السلع المستوردة . وهى منافسة غير متكافئة بحكم التفاوت الكبير بين الصناعات الكبيرة الحجم والصناعات المحلية الصغيرة الحجم ، وهذا ما جعل من الاستثمار الصناعي مغامرة لا تستحق حتى مجرد المحاولة . ( تيم نبلوك ، ص 54 ) .
رغم التقدم الملموس الذي تم في مجالات الزراعة المروية ، الزراعة الآلية ، المواصلات والتوزيع ، البناء والتشييد ، وفى مجالات حديثة أخري ورغم توسع الخدمات الحكومية ونمو المدن التي شهدت نموا متزايدا في أعداد الحرفيين يلبى احتياجات سكان المدن ، ولكن رغم ذلك ظل الجزء الأكبر من سكان السودان مسجونا في إطار القطاع التقليدي ( المعيشي ) الذي يعتمد على أساليب الزراعة التقليدية وتربية الثروة الحيوانية .. وتوضح الإحصاءات الرسمية إن القطاع الحديث كان يساهم ب 43.6 % من إجمالي الناتج المحلى في عام 55 / 1956 م ، بينما كان يساهم القطاع التقليدي ب 56.4 % ( الدخل القومي في السودان ، مصلحة الإحصاء 1959 م ) . كما أن وجود القطاع الحديث لايعنى بالضرورة أن مستوى السكان المرتبطين به كانت في مستوى معقول ، فالواقع إن العكس هو الصحيح ، وذلك لان أجور العمال غير المهرة في القطاع الحكومي وقطاعات الصناعة والتجارة ومتوسط عائدات المزارعين كانت في معظمها متدنية إلى درجة أنها لاتوفر لاصحابها سوى مستوى معيشة قريب من حد الكفاف .
سادسا : تطور المدن السودانية :
أشرنا سابقا إلى أن من سمات الطبقة العاملة أنها كانت تسكن المدن فما هو التطور الذي حدث في المدن خلال تلك الفترة ؟ .
أدت التطورات الاقتصادية السابقة إلى ازدهار المدن القديمة وقيام مدن جديدة ، وازدادت الهجرة من الريف إلى المدن ، وانتقل العمال إلي مناطق العمل في المدن الكبرى كالعاصمة المثلثة ، مدنى ، بور تسودان وعطبرة وكسلا وكوستى والأبيض والجزيرة أبا والحصاحيصا وكادوقلى والدلنج ... الخ . وانتشرت في تلك المدن ورش السكة حديد ومحالج القطن والمصانع الحديثة والصناعات الحرفية . وبازدياد مستوى الوعي والبحث عن العمل والرغبة في التعليم زادت الهجرة إلى المدن ولكن ضعف الصناعة والتطور الصناعي عموما لم يساعد في تحسين وزن الطبقة العاملة كما ونوعا ، وبالتالي فان الهجرة لم يقابلها طلب زائد على العمالة .
وفى المدن الكبرى تطورت الحياة الاجتماعية والمؤسسات الحديثة ، وظهرت فيها الأندية الرياضية والاجتماعية والثقافية وانتشرت فيها المقاهي ودور اللهو ووسائل النقل الحديثة من بصات وترام ( العاصمة ) ، كما ارتبطت بعض المدن بنشاطات اقتصادية معينة مثل العاصمة المثلثة التي انتشرت فيها التحويلية كالحلج ومعاصر الزيوت والصناعات الأخرى كالصابون والمشروبات الروحية وغيرها .
وارتبطت بور تسودان بعمال الشحن والتفريغ في الميناء كما كان بها أربعة مناطق صناعية ، كان القسم الرئيسي منها يقع في الغرب وبه جراجات وورش ومصانع الثلج والمياه المعدنية والصابون ومعاصر الزيوت ودباغة الجلود ..
أما مدينة عطبرة فقد تركزت فيها ورش السكة الحديد وكان بها مصنع الأسمنت ومصنع الزرار ير ومعمل الألبان ، إضافة للمنطقة الصناعية التي كانت تقع شمال شرق عطبرة والتي انتشرت فيها الجراجات والورش الصغيرة . وكان عمال السكة الحديد فى عطبرة يشكلون قوة عمالية كبيرة ومتجانسة ، وذلك بعكس الحالة العامة لاوضاع عمال المدن الأخرى في البلاد حيث كانت الغالبية تعمل في ورش ومجالات تجارية متعددة ومتنوعة ومع مخدمين متعددين ومتنوعين وتحت شروط خدمة متباينة في شروطها وظروفها .. ويرى هولت ان عمال السكة الحديد وسواهم كانوا يشكلون 90 % من سكان عطبرة في عام 1946 م ( هولت : تاريخ السودان الحديث ، 1961 ) .
أما مدينة الأبيض فقد ازدهرت كمركز لتجارة الصمغ والفول السوداني والسمسم والماشية وخاصة بعد مد السكة الحديد إليها .
وارتبطت مدينة ود مدنى بمشروع الجزيرة وقام حولها وغيرها من المدن داخل المشروع المحالج وعمال الري ، وكذلك مدينة سنار التي ارتبطت بالخزان الذي انشئي عام 1925 م .
وارتبطت مدينة القضارف بالزراعة الآلية وعمال التراكتورات خاصة منذ الحرب العالمية الثانية . كما ارتبطت كوستى والخرطوم بحري بورش وموانـي النقـل النهـري . وبخصوص الأوضاع الاجتماعية وحالة الطبقة العاملة في تلك المدن فقد كانت سيئة ، كان العمال يسكنون في أحياء ( ديوم ) قديمة عبارة عن منازل من الطين أو قطاطى من الطوب أو القش ، وكانت مساحة المنزل من الطين 200 متر مربع ، كما كانت تعوزها المياه والنور والمطابخ ودورات المياه .
وفى بور تسودان كانت المساكن من الخشب ، وفى بعض المدن الأخرى كالقضارف ومدن الجنوب والغرب كانت المنازل تبنى من القش .
أما الغذاء الأساسي فكان عبارة عن الكسرة والملاح وعصيدة الدخن ، والويكة ، واللحم الجاف ( الشرموط ) . وازدادت حالة الطبقة العاملة سوءا خلال الأزمة الاقتصادية العالمية في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي ، وبعد تخفيض المرتبات وتسريح آلاف العمال ..
وخلال فترة الحرب العالمية الثانية التي ارتفعت فيها أسعار المواد الضرورية خاصة بعد الحرب ، وارتفعت من 100 عام 1938 م إلى 183.4 في آخر سنة 1946 م ثم إلي 329.3 في آخر سنة 1947 م ، وكانت نسبة الزيادة 230 % عن سنة الأساس 1938 م ( انظر د.زكى البحيرى : المرجع السابق ص 53 _54 ، وتقرير الحاكم العام 1947 م ) .
وكان متوسط دخل الفرد في السودان عام 1956 م 27.4 جنيها مصريا، هذا إضافة للمجاعة التي حدثت عام 1948 م – 1949 م نتيجة لشح الأمطار خلال تلك السنوات والتي انعكس آثارها على العمال وغيرهم من المواطنين .
وكانت منازل العمال مسقوفة بالجريد والبر وش والدوم ( المروق والرصاص ) أو غير مسقوفة ، والمباني من الجالوص تطلى داخليا بالرمل ، ومن الخارج بروث البهائم ( الزبالة ) ، والأثاثات عبارة عن بروش وعناقريب للنوم وبعض الأواني الفخارية وملاعق من الخشب ( إذا وجدت) وبراد لعمل الشاي وبعض الأكواب .
وغالبا ما كانت توجد حول بيوت العمال زرائب للغنم أو برج للحمام أو قفص للدجاج ، بحكم انتقال أعداد كبيرة من هؤلاء من الريف إلى المدينة ، كما كان للعمال ارتباط بأهلهم في الريف ، ويمارس بعضهم الزراعة والرعى في أوقات الإجازات ، أو في فترات جنى المحاصيل .
ومن الأثاثات أيضا كانت شنط الحديد والسحارات وملابس الرجال كانت تتكون من العراقي والجلابية والعمة والمركوب ، أما ملابس المرأة فكانت عبارة عن مركوب وتوب زراق ، وطرحة لغير المتزوجة .
وعموما الأحياء الشعبية كانت ذات شوارع ضيقة وبها محال غير منتظمة (دكاكين ) مسقوفة بالأخشاب ( حوانيت الحرفيين ) .
أما عن الخدمات الصحية فقد كانت أوضاع العمال والشعب السوداني سيئة ومزرية ، وحتى عام 1946 م لم يزد عدد الأطباء في كل السودان عن 94 طبيبا ، وكانت الأمراض المنتشرة هي التهاب السحائي والحمى الشوكية ، وفى عام 1951 م بلغ عدد المصابين بالحمى 57.000 ( د. زكى البحيرى : المرجع السابق ، ص 397 ) . وحتى عام 1956 م لم يكن متوفرا فى السودان سوى 40 مستشفى ، إضافة لبعض العيادات ونقاط الغيار الخارجية . وفى عام 1952 م كان يوجد سرير واحد في المستشفيات لكل 1.100 مواطن ( جاك وديس : جذور الثورة الإفريقية ، القاهرة 1971 م ) .
وإذا قارنا أحياء العمال بالأحياء التي كان يقطنها الإنجليز والأجانب الآخرين ، نجد أن الأحياء الخاصة بهم تتكون من مباني جميلة من الحجر أو الطوب والمباني على النمط الإنجليزي ، واثاثانها راقية ، وبها حدائق غناء وأحواض للسباحة وميادين لسباق الخيل والتنس والجولف ، وبها متاجر واسعة مليئة بالسلع الاستهلاكية من معلبات ومأكولات وغيرها ، وكانت المنازل تتكون من أثاثات فاخرة ، راديو فيلبس ، ثلاجة كهربائية ، سيارة فورد ( كانت هذه السلع الاستهلاكية نادرة خلال تلك الفترة ، ولا يملكها إلا الأثرياء من الأغنياء والتجار ) ، وطقم غرفة نوم وسجاجيد كبيرة ، وقس على ذلك منازل كبار الرأسماليين والتجار الأجانب وكبار التجار والرأسماليين السودانيين ، هذا إضافة لاستمتاع الإنجليز والأجانب بدور لهو ، سينما وبارات خاصة ( كانت البارات تخص الإنجليز فقط ، وكان السودانيون ممنوعين من ارتيادها ) ، ونوادي ليلية للتسلية والترفيه تنتشر فيها المشروبات الكحولية كالخمور والبيرة ، هذا إضافة لنمط الحياة الآخر : السكن في أحياء خاصة والأثاثات المنزلية ألا وربيه والمواصلات الخاصة ، أما بعض أفراد الطبقة الرأسمالية من الأجانب والسودانيين فكانوا يسكنون العمارات والقصور الفاخرة ولهم نوادي وحدائق خاصة ويرتدون احسن أصناف الملابس ومنازلهم بها أثاثات جيدة ويمتلكون السيارات ويسافرون كل عام للخارج .
وكان لكل من ال عبد المنعم وال ابو العلا وال المهدى وال كونت ميخالوس ومعلوف وعزيز كافوري وعثمان صالح وغيرهم قصور واستراحات ومساكن عالية المستوى تجاور بيوت السادة من الأجانب والإداريين والإنجليز ( د. زكى البحيرى : المرجع السابق ، ص 473 ) .
أما بخصوص الفوارق في الأجور ، وكما أشارت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية ، إن نصيب العامل من مجموع الإنتاج الصناعي لم يكن يتعدى 375 جنيها سنويا عشية الاستقلال ، في حين كان مرتب الحاكم العام 5000 جنية فى السنة ( اى اكثر من عشرة أمثال مرتب العامل ) ، ومرتب رئيس قسم الهندسة الميكانيكية فى السكة الحديد 2100 جنيها مصريا في السنة .
وكان إجمالي مرتبات الموظفين الإنجليز في سنة 1949 م 970.000 جنية مصري ، وهذا يمثل متوسط مرتباتهم الإجمالية للسنوات الممتدة من 1939 حتى 1949 م وهو يمثل 20 % من ميزانية 1939 م و16 % من ميزانية 1945 م ، 7 % من ميزانية 1949 م وحوالي 60 % من إجمالي المرتبات ( د . زكى البحيرى : مصدر سابق ، ص 472 ).
وفى المدن والمناطق الأخرى انتشر التعامل النقدي ، وكانت العملة هي الجنية المصري ، وانتشرت الأسواق الكبيرة التي تعرض المواد الغذائية الضرورية : الفواكه ، اللحوم ، الخضر وات ، منتجات الألبان ، وكان أهم هذه المراكز يتمثل في العاصمة المثلثة ( الخرطوم ، أم درمان ، الخرطوم بحري ) التي بلغ عدد سكانها حوالي 81880 نسمة فى عام 1904 م ثم ارتفع إلى 202,381 في عام 1930 م والى 245.360 في تعداد 1956 ( تيم نبلوك : مرجع سابق ، ص 26 ) .
وكان من الطبيعي إن تلعب هذه القوى التي تتحصل على مرتبات نقدية كل شهر دورا هاما في جذب صغار المنتجين في الأرياف إلى نطاق اقتصاديات السوق والتعامل مع المراكز الحضرية مثل : العاصمة المثلثة ، بور تسودان ، عطبرة ، كوستى ، مدنى ، الأبيض وغيرها .
ومع توسع النشاط التجاري وانتشار التعامل النقدي زاد حجم طبقة التجار التي تمكنت من تحقيق أرباح وفوائد كبيرة .
الخلاصة :
حسب ما خطط الاستعمار البريطاني فقد برز السودان خلال الفترة : 1898 _ 1956 كواحد من البلدان الرئيسية المنتجة للقطن إضافة للصادرات الأخرى مثل : الصمغ والجلود والماشية والفول السوداني والسمسم وحب البطيخ .. الخ . وقد أدى تطور المواصلات وقيام الميناء إلي تطور اقتصادي وتجارى ملحوظ ، وكان للقطن نصيب الأسد في صادرات السودان الخارجية بلغ 90% عام 1930 ، كما ازدهر التعليم الأكاديمي والفنى والصناعي ونشأت المدن واتسع التعامل بالنقد ، وارتبط السودان بالسوق الرأسمالي العالمـي .
كل ذلك أدى إلي زيادة الإنتاج المحلى وتوسيع النشاط التجاري الداخلي ، ولكن ذلك التطور كان محدودا ، ولم يخرج عن الإطار الذي رسمه له المستعمر ، وهذا واضح من أن 75% من إجمالي الناتج المحلى في عام 1930 كان يعتمد على القطاع التقليدي ( المعيشي ) ، مما يشير إلى أن الغالبية العظمى من السكان ظلت بعيدة عن تأثيرات النتائج المباشرة وغير المباشرة لنمط التنمية الاقتصادية التي أقامها المستعمر .
لم يكن واردا في تخطيط المستعمر توسيع التعليم الفني والصناعي وتطوير الصناعة في البلاد بل ركز على الزراعة وجعلها حجر الزاوية في الاقتصاد السوداني ، وكان لذلك انعكاسه السلبى على تطور ونمو الطبقة العاملة السودانية من حيث الكم والنوع .
رغم ذلك أدت النهضة المحدودة إلي نشؤ طبقة عاملة من خلال المنشآت التي قامت في الزراعة الحديثة وقطاع الصناعة والخدمات أهمها في مجال السكة الحديد . وأخذت تنمو وتتطور مع تطور الاقتصاد والحياة الاجتماعية والسياسية ، وكان لعمال المدن التأثير الأكبر في الحياة السياسية من العمال الزراعيين .
وحسب إحصاء 55 /1956 كان مقدار وحجم عمال المدن في السودان على النحو التالي :
الحرفيون والميكانيكيون 109.586 ، الخدمات الشخصية 108.182 ، عمال الماكينات
33.648 .
العمال الزراعيين في مشروع الجزيرة كان العـدد عـام 1956 ( 212.168 ) ( المصدر : د .زكى البحيرى ، ص 482 ) .
في القاش وطوكر : كان العدد في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي في القاش 20.000 وفى طوكر كان 13.000 ( المرجع السابق )
في جبال النوبة : بلغ عدد العمال الزراعيين في عام 1939 حوالي 1500 .
في مشروعات دائرة المهدى بلغ العدد عام 1941( 16000 ) ( المرجع السابق ) .
هذا إضافة للعمال الزراعيين الذين كانوا يعملون في مشروعات زراعية أخرى كان يحوزها البعض مثل : الدكتور معلوف ، عزيز كافوري ، عثمان صالح ، الهندي ، السيد على الميرغنى والبربرىوغيرهم .
العمال الصناعيين :
عدد عمال الصناعة لم يزد عن 100 ألف في بداية الخمسينيات من القـرن الماضي .
عمال السكة الحديد والنقل النهري : بلغ عددهم عام 1953 ( 25.263 ) ( سعد الدين فوزي : الحركة العمالية في السودان ) .
صغار الكتبة : وهم العاملون في الإدارة والمصالح الحكومية وادارة المديريات والمراكز وصغار موظفي البريد والتلغراف ، وهؤلاء بلغ عددهم حوالي 5.000 عام 1951 .
وقدر عدد الفنيين والعمال في صفوف الخدمة المدنية الحكومية ما بين 50.000 إلى 60.000 . (البروفيسور محمد عمر بشير : التعليم ومشكلة العمالة ، 1980 ، ص 28 ) .
هذا ويلاحظ أن الطبقة العاملة لم تتجاوز ال10% من الأفراد النشطين اقتصاديا في السودان حسب نتائج الإحصاء الأول عام 1956 .



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر السوداني: الماركسية احد حلقات تطور الفكر السوداني
- في الذكري الثانية لرحيل البروفيسور محمد ابراهيم ابوسليم
- حول مستقبل الحزب الشيوعي السوداني
- ماهي طبيعة وحقيقة اتفاق التراضي الوطني؟
- الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني (3)( الحلقة الثالثة ...
- الشمال والجنوب واحتمالات تجدد الحرب ومستقبل الاوضاع في دارفو ...
- ابيي ولعنة النفط: هل سيجد الاتفاق الاخير حول ابيي طريقه للتن ...
- نقاط حول تجديد برنامج الحزب الشيوعي السوداني
- جذور الفكر الماركسي والاشتراكي في السودان
- كيف تناول مشروع التقرير السياسي العلاقة بين الكادر القديم وا ...
- المفهوم المادي للتاريخ:محاولة لتوسيع مدي المفهوم
- حول اسم الحزب
- اتفاقية نيفاشا ومستقبل الشراكة
- المتغيرات في الاوضاع المحلية والعالمية بعد المؤتمر الرابع لل ...
- الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في السودان
- الاثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لنشأة وتطور سكك حديد ...
- حول قرار عبد الواحد بفتح مكتب لحركته داخل اسرائيل
- الرحلة من موسكو الي منسك
- حول تجربة مشاركة التجمع في السلطة التشريعية والتنفيذية
- وثيقة الحقوق في الدستور الانتقالي لعام 2005م: التناقض بين ال ...


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تاج السر عثمان - نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية:الفترة:1900- 1956