أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ضمد كاظم وسمي - الاختلاف بين التنميط العولمي والاقصاء القومي















المزيد.....

الاختلاف بين التنميط العولمي والاقصاء القومي


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2320 - 2008 / 6 / 22 - 08:25
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لايماري أحد في أن النزعة العالمية لاتتقاطع مع الثقافات القومية والوطنية ، بل تسعى دائماً لتمديد أطر التعارف بينها وبين ثقافات الشعوب والأمم المختلفة ، وإن هذا الحراك الأنساني المبني على أسس التبادل المعرفي يتطلب حواراً حضارياً قبلياً لينتهي الى القبول بالإختلاف والتعايش السلمي مع الآخر . وبخلاف العالمية فإن قطار العولمة الداعي الى التوحيد والتنميط بات يشكل خطراً محدقاً بالثقافات الوطنية من خلال محاولته لفرض نموذج محدد هو أمركة العالم بعدما تجاوز مرحلة تغريب العالم . والأمر الأكثر إيلاماً أن شعارات مثل القومية أو الوطنية حيث إستخدمت على نحو أكثر إبتذالاً وإيذاءاً للشعوب من قبل القادة والسياسيين .. راحت تلك المفاهيم لاتجد لها رواجاً في قواميس إعتزاز وكبرياء الشعوب .. مما يهبط بها الى قاع الافتخار بالخصوصيات والهويات الثقافية في الوقت الذي كان يجب أن تمثل مصدر قوة وعنفوان لتلك الهويات ، الأمر الذي يسهل مهمة قطار العولمة في إختراقه للهويات الثقافية لبلدان العالم المختلف والعمل على تشويهها- وهذا مايجري بالضبط في تشويه الثقافة العربية والإسلامية من خلال إنتاج وتسويق الفكر التكفيري – أملاً في احلال ثقافة مغايرة – النمط الأمريكي – بدلاً عن تلك الثقافة التي صارت مسخاء شوهاء لاتطاق حتى من قبل أوساط مهمة من الشعب العربي نفسه .. وبذلك فإن العولمة كما يصفها الدكتور سليمان ابراهيم العسكري : (( لن تكون إلا تنميط العالم ، وهو أمر مخالف لطبيعة الحياة ، ومنطق الوجود اللذين يجدان إستمرارهما الصحي ، الخلاق ، في التنوع الذي تغتني به المفردات من تكاملها مع بعضها ، ويغتني الكل بإغتناء أجزائه )) .
الثقافة القومية والإقصاء
ولعل من نافلة القول أن الثقافة الوطنية تمثل أسلوب حياة المجتمع وبالتالي فإن تناظر الثقافات وتعددها يعطيها أهمية متقاربة تنطوي على القبول بحق الإختلاف الضامن لسلامة الجميع .. وصولاً الى عالم واحد متنوع الثقافات والحضارات .. وهذا ما تصبو اليه العالمية بخلاف العولمة .. ولكن قبل التعرض الى مخاطر العولمة على الثقافة الوطنية لابد من التذكير بأن الثقافة القومية أو الوطنية هي الأخرى تمارس ذات لعبة العولمة في البلاد المختلفة والفرق بين الإثنين أن العولمة تمارس لعبتها التنميطية على العالم كله .. بينما تقتصر الثقافة القومية أو الوطنية تلك اللعبة ضمن إطارها القومي أو الوطني . إذ تعمد هذه الثقافة القومية وخاصة في البلاد العربية الى طمس الثقافات والهويات الفرعية الاخرى الموجودة في اطار البلاد العربية وتسعى بكل ما أوتيت من قوة الى فرض نمط معين من الثقافة – القومية السلفية – وتعجيم وتغريب الثقافات الفرعية الأخرى التي كان يمكن أن تكون أعظم روافد إغناء للثقافة القومية العربية .. لذلك فهي تعد الثقافة الشيعية إيرانية ، وبذلك يكون الشيعي في البلاد العربية إيرانياً ولو كان سيدياً قريشياً .. والثقافة المسيحية غربية ، فالمسيحي صليبياً وإن كان عربياً من بني تغلب .. وهكذا يكون التعامل مع الثقافات الفرعية الأخرى بذات المنهج والفكر !! وبذلك لايمكن لثقافتنا القومية أن تواجه الحمولة التنميطية للعولمة بحمولة تنميطية محلية ولايمكنها تفادي إقصاء العولمة بالإنغلاق على الذات وممارسة الإقصاء على الآخر المحلي إذ أن هذا الأخير سيلجأ هو الآخر الى الإنغلاق والموت بين براثن العرقية والطائفية .. والنتيجة فشلان ، فشل ثقافتنا في مواجهة عقلانية مع العولمة وفشلها ثانية في تعامل عقلاني مع الآخر المحلي .. وبذلك ربما سيصطف الآخر المحلي مع قطار العولمة لأنه سيجد فيها المتنفس الوحيد الذي سينتشله من براثن الامحاء والإقصاء الذين تمارسهما ثقافتنا القومية ضده .
ثنائيات الحداثة
يمكن القول أن الحداثة الغربية قد أفضت الى علاقة التباسية بينها وبين الثقافات الوطنية لشعوب العالم الثالث من خلال إعتمادها الفكري على ثنائيات ضدية قسمت العالم الى مركز متطور ومتخم وأطراف متخلّفة وفقيرة ، وقد ساعدت الموجات الإستعمارية وإكتشاف العالم الجديد على تجذير وتعميق هذا الانشطار على مستوى القوة والنفوذ إقتصادياً وعسكرياً وما تبعه من قسر ثقافي يبجل الثقافة الغربية من جهة ويبخس الثقافات الأخرى من جهة ثانية .. الأمر الذي أفشل مشروع الحوار الحضاري الذي كان يمكن أن يتم وفق أطر إنسانية لإنتاج ثقافة عالمية لاتزدري بالتنوع وترضى بالإختلاف من أجل تحقيق سلام ثقافي يحمي الجميع . بيد ان هذا التقسيم الحداثي الاقصائي .. (( صارت تواجهه الثقافات المحلية في الجنوب بدفاعات ذاتية جوهرها الانغلاق والارتباط بالنزعات العرقية والمذهبية . ولم يجد التحاور والتكامل الثقافيان مكانا حقيقيا لهما بين الشمال والجنوب في ظل اطروحات الحداثة الغربية )) ، على أية حال لايمكن تبرئة العالم الثالث من جرائر الفشولات التي لازمت العلاقة الغربية بالعالم الثالث في اطار فكر وممارسة العصر الحداثي رغم ان العالم الغربي يتحمل الوزر الاعظم من تلك الجرائر.. ومع ذلك كله فان ضبابية محددات ومكونات فكر الحداثة ، وغموض مضامينها تعد من اهم سمات الفكر العالم ثالثي .. الذي يطرح اليوم بشدة قضية الحداثة والتحديث دون المام واضح بعناصر مشروع العصرنة في مكونيه الرئيسيين : (( الحداثة والديمقراطية، فالحداثة اختيار فكري ستراتيجي عام ، والديمقراطية هي تجسيده السياسي )) .. فانماط الحداثة ومقولاتها تطلبت جهدا فكريا وعقليا لسبر سيرورة الفكر العالمي بانعطافاته ومخاضاته .. والولوج في رواق العقل والاهتداء بانواره والنزول في جبّه للكشف عن مطمراته ونبش قبوره .. الامر الذي لانجد ما يناظره في تاريخنا الفكري الاّ صبابة ما برحت تجثم على انفاسها حد التغييب ، مقولات فكرنا التقليدي المتكلّس .
العولمة .. صراع ام حوار ؟
يمكن القول ان العولمة التي اعقبت عصر الحداثة وجاءت بأفكار عصر مابعد الحداثة فأنها جددت ذات الاهداف التي انتجتها الحداثة .. وان اختلفت الوسائل والاليات والمفاهيم ، فان العولمة تروج لمشروع (( نهاية التاريخ )) والذي تقصد منه نهاية عصر الايديولوجيات الى الابد .. بعد ان انتصرت الليبرالية الجديدة – العولمة – كافق وحيد للتطور التاريخي .. في ذات الوقت الذي ترفع فيه شعار (( صراع الحضارات )) .. وبغية التخفيف من طاة النفور من هذا المصطلح راحت تطلق مفاهيم اقل وطاة على الاخر واكثر قبولا من خلال تاسيسها لما يسمى ب (( الحضارة المشتركة )) .. طبعا حضارة الجانب الاقوى بكل تاكيد هي التي ستسود .. فيما يتم تهميش الحضارات الاخرى حيث (( ذهب فرانسيس فوكاياما الى حتمية سيادة الحضارة الامريكية وهيمنتها في كل المجالات ويرى ان الحضارة الامريكية قد وصلت اعلى مستوى للرقي والتقدم الذي يمكن ان يبلغه الانسان في أي زمان ومكان وان الانسان الغربي صانع هذه الحضارة هو ارقى واعلى سلالة بشرية يمكن ان تخرج الى الوجود ، انه خاتم البشرية )) .. ومن جانب اخر يرى بعض الباحثين المتفائلين ان لا تناقض ولا صراع حقيقي بين العولمة والثقافة الوطنية .. لان الاولى تعمل على بلورة ثقافة عالمية تستوعب الخصائص الانسانية المشتركة بما فيها الثقافات المحلية .. وبالتالي يمكن ان تكون العلاقة بينهما افقية / تبادلية وليست بالضرورة عمودية / تسلطية من خلال دعوة (( حوار الحضارات )) المبنية على اساس التثاقف والتلاقح الفكري والحوار السلمي الندي .. باستنهاض القيم الاخلاقية الراقية للشخصية البشرية في العالم .. وهذا يعني ان الثقافة الشاملة والكونية التي تحاول العولمة العمل عليها لاتهمش التنوع الثقافي اوتلغيه .. وقد حدثنا التاريخ المعاصر عن بروز حقائق واقعة تؤكد ان دولا عديدة تفاعلت مع العولمة بايجابية واستفادت من منجزاتها العلمية .. ومع ذلك احتفظت تلك الدول بثقافاتها الوطنية وموروثها التاريخي ولنا في تجربة اليابان خير مثال على ذلك .
ثقافتنا والعولمة
للتحدث عن العلاقة بين ثقافتنا والعولمة لابد من ذكر بعض خصائص الثقافة العربية التي اصبحت عصية على التغيير والتطور والحداثة !! .. اولى خصائص ثقافتنا هي هيمنة العقيدة على سائر عناصر الثقافة الاخرى .. كما تمتاز ثقافتنا بالاعتناء الكبير بثقافة التراث والماضي على حساب ثقافة الحاضر والمستقبل فضلا عن اعتمادها على الجدل الديني المشاد على الانفصال والتصادم والمواجهة واخيرا التكفير ونفي الاخر والغائه .. ومما يزيد الطين بلة انقسام المثقفين اما الى (( الاغترابين )) الذين يتعالون على الواقع بالهروب الى ثقافة العولمة او بالانعزال عن الواقع العربي .. او (( التقليديين )) الذين يعمدون الى اعادة انتاج الثقافة المتكلسة التراثية بحجة الحفاظ على الهوية الثقافية لذلك فان ثقافتنا مدعوة للحوار والتعامل مع الثقافات الاخرى ومع موجة العولمة ايجابيا وعلى اساس التثاقف والاخذ والعطاء بعيدا عن التعصب والانغلاق ، وبنفس الدرجة بات على ثقافتنا ان تتسلح بالعلم والتكنولوجيا والانفتاح على الاخر الحداثوي لايجاد حلول للمشكلات والاختلالات البنيوية التي تنخر في عظام المجتمعات العربية من خلال تشجيع ثقافة ابداعية لااجترار ثقافة تراثية والعمل على صناعة المعرفة لا استبدالها فقط .. كما يتطلب الامر تجديد في اشكال النظم السياسية واستبدالها بنظم ديمقراطية تضمن المشاركة الشعبية في صنع القرارات المصيرية .. وبناء تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية تعطى فيها الاولوية للقضاء على التخلف وتقليص الفوارق الطبقية وافساح الفرص المتكافئة اما الجميع .. والاهتمام بنظم التربية والتعليم والطفولة والمراة والاسرة .. وضرورة التحرر من الفكر التقليدي الدوغمائي واعطاء الحرية اللازمة لتشغيل الثقافات الفرعية والمحلية بعيدا عن القمع والكبت والالغاء .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة النيوليبرالية
- الحداثة .. واشكالية الخصوصية
- اورهان باموك : ظل الذكريات وتكامل الحضارات
- نقد العقل العربي / النخب الفاعلة والاحادية الفكرية
- السياسة الامريكية وتقسيم العراق
- نقد الفكر العربي/المشروع النهضوي اعادة تشكيل الوعي العربي


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ضمد كاظم وسمي - الاختلاف بين التنميط العولمي والاقصاء القومي