أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد هادف - نصف قرن على مؤتمر طنجة: الشرط الغائب في مسألة الاتحاد المغاربي















المزيد.....


نصف قرن على مؤتمر طنجة: الشرط الغائب في مسألة الاتحاد المغاربي


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 2318 - 2008 / 6 / 20 - 11:02
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



هذه السنة يكون قد مر على مؤتمر طنجة نصف قرن. منذ خمسين عاما اجتمعت شخصيات مغاربية لإعادة رسم خارطة سياسية جديدة للمنطقة، لا هُم ولا اللذين جاءوا من بعدهم أفلحوا في تحقيق هذا الحلم. فالمؤتمر كان نتاج بزوغ الفكرة المغاربية لدى أجيال المناضلين الوطنيين الأوائل، والترويج لها في أوروبا من قبل فاعلين مثقفين وسياسيين من تونس، الجزائر والمغرب و الحركات الجمعوية والطلابية، بالمهجر الأوروبي وعلى رأسها "جمعية شمال إفريقياّ واتحاد الطلاب المسلمين لشمال إفريقيا وغيرها.

وقد نادى المؤتمر، بتأسيس برلمان ومؤسسات فدرالية. وقد تأسست في هذا السياق اللجنة الاستشارية للمغرب العربي في بداية الستينات والتي يعد الاتحاد وريثا لأهدافها على المستوى الاقتصادي، لكن بمكونات قانونية ورؤيا سياسية أكثر شمولية (حسب ماورد في مداخلة السيد الحبيب بن يحي أمين عام اتحاد المغرب العربي في ندوة مركز تونس لجامعة الدول العربية حول آفاق تنشيط العمل المغاربي [31/05/2007]).
ما هي العوائق؟ وأين مكمن الخلل؟
إن تحليلا تاريخيا وجيوسياسيا يفضي بنا إلى الاستنتاج التالي:
إن بناء الاتحاد المغاربي مشروط بعودة العلاقة المغربية الجزائرية باعتبار أن المغرب والجزائر هما حجر الأساس لهذا الاتحاد،. وعليه فـ (المخطط) الذي يقف ضد الاتحاد يعتمد أساسا على تعطيل العلاقة المغربية الجزائرية.
نجد المغرب مطوقا من كل الجهات:
- شمالا( طوق سبتة ومليلية ) –غربا ( طوق المحيط والجزر) –جنوبا( طوق مشكلة الصحراء(-
شرقا( طوق الحدود المغلقة(.
- لماذا تم تطويق المغرب؟ هل لعزله عن محيطه بوصفه البلد الأكثر أهلية في مواكبة التغيير والتطورات الحاصلة في العالم ومن ثمة الثأثير في المنطقة ؟ ماذا ربحت الجزائر من هذا الوضع؟ الحصيلة تقول أن الجزائر لم تجن سوى الخسران فالذين أوحوا لها بلعب ذلك الدور إنما قادوها إلى إنعزال عدمي و مدمر، استفردوا بها وأ دخلوها سياقا لاتاريخيا كان من نتائجه الصراع العروبي الأمازيغي والمد الأصولي الذي وفر المناخ النفسي لـ (المخطط) الإرهابي العالمي. صحيح أن الخسارة عمت دول المنطقة، غير أن الجزائر كانت على رأس اللائحة، أقصد لائحة الخاسرين.
- فالمخطط الذي استهدف المغرب لعزله، هو ذاته الذي استهدف الجزائر ليس لعزلها عن المغرب فحسب، بل لضربها بثرواتها وخصوصياتها بطريقة فرجوية.
إذا عادت العلاقة المغربية الجزائرية إلى مجراها الصحيح، فماذا سيحدث؟ تخيلوا معي ما يلي:
- 1 قيام الاتحاد المغاربي.
- 2 تأثير هذا الاتحاد في الفضائين الجيوسياسيين (العربي والأفريقي).
- 3 تأثير الفضاء الجيوسياسي العربي في الفضاء الجيوسياسي الإسلامي.
تخيلوا معي هذه التأثيرات المتتالية (مغاربيا، أفريقيا، عربيا، إسلاميا)، حتما سيكون التأثير متوسطيا، وأسيويا وبالتالي عالميا.
إذا طرحنا السؤال التالي: ما هو الشرط المؤسس لاتحاد الجارين (المغرب والجزائر)؟
الفرضية الأولى: أن يبتكر كلاهما أو أحدهما دستورا يحمل في صلبه تصورا أساسيا أصيلا للدولة ورؤية فلسفية متطورة لحقوق الإنسان، ومشروع مجتمع تكون فيه الخصوصيات اللغوية والثقافية والجغرافية عامل تأهيل وقوة وتماسك، وبهذا الشرط يمكن للاتحاد أن يتحقق بسيادة وأصالة موفورتين.
الفرضية الثانية: أن يعمد (أسياد العالم) إلى فرض هذا الاتحاد كرها وفق الكيفية التي تخدم مصالحهم.
فالاتحاد في الحالتين سيتحقق لأنه حتمية وليس (خيارا) مثلما يصدح به الرسميون، فلو كان خيارا ما ضاع كل هذا الوقت، إنه حتمية فإما بإرادة مغاربية حرة وسيدة، وإما بضغط خارجي.
لماذا لم تجد المبادرة المغربية تجاوبا من الجزائر؟
مهما كانت مبررات عدم التجاوب، فستبقى مجرد (ذرائع)، ولا تعبر سوى عن ضعف في التقدير ونقص في الشجاعة. هناك شعب يجب احترامه فعزة النطام من عزة الشعب. الصراع الحقيقي ينبغي أن يكون راقيا، وليس على حساب الأطفال والعجزة والوديعين الذين يحترمون جدا قرارات الدولة.

وككلمة أخيرة، لقد نجحت المخططات في قطع عرى التواصل المغربي الجزائري، لكنها فشلت في إشعال حرب طويلة المدى بين الدولتين. فبالرغم من كل شيء ظل التعقل يسود الأزمة، والفضل يعود إلى (العقلاء) الذين يوجدون في دواليب الحكم بكلا البلدين ومساعي المثقفين والسياسيين المؤمنين بالاتحاد المغاربي.

لم يفلح المجتمع المدني في ما أخفقت فيه الطبقة السياسية، فالأزمة كما يبدو أزمة نخب، وأن الأزمة الجزائرية المغربية ليست مشكلا بين البلدين بقدر ما هي مشكل ضد(هما)، لن تجد هذه الأزمة طريقها إلى الحل إلا من طرف واحد، الطرف الذي يكون له قصب السبق الديموقراطي، أي فضل التأسيس لزمن مغاربي جديد، وهذا الطرف هو من ينجح في تحقيق انسجامه المحلي، وهذا الانسجام المحلي الذي تناضل من أجله القوى الحية لكلا البلدين، لن يتحقق إلا بشرط واحد، هو الذهاب رأسا إلى دستور تبتكره النخب من صلب شعبها، النخب بكل مشاربها ومذاهبها ومصالحها، دستور يتطابق وخصوصية الشعب.
الاتحاد المغاربي:في سبيل تحرير المشروع من النزعات الفردانية
]هذه الورقة قدمتها بمدينة وجدة مساء الإثنين 18يونيو،2002، في إطار لقاء تحت عنوان"الاتحاد المغاربي : واقع وآفاق" نظمه الفضاء المغاربي, وهو منظمة مدنية غير حكومية[.


اسمحوا لي أولا أن أتحدث عن " الاتحاد", هذه الكلمة المحظوظة و المثيرة للشفقة في آن، محظوظة لأنها من المفردات الأكثر شيوعا وتداولا على المستوى النظري في الوسطين السياسي و الإعلامي، ومثيرة للشفقة لأنها ظلت تكابد وضعية جهنمية لا تموت فيها ولا تحيى.

الاتحاد لغة يعني الاقتران و الاتفاق و كل ما يتفرع عنهما من مدلولات كالتواصل و الانسجام أو التعاون و التضامن. في النقيض نجد الفرقة و الانفصال, التشتت والتشرذم,... و لأن الاتحاد ضرورة تمليها المصلحة المشتركة بين أطراف معينة, فإنه و الحالة هذه يجد إزاءه عوائق ذاتية كما يجد جهات تعمل على تعطيله لأن وجودها يقوم أساسا على عدمه ومصلحتها تقوم على فشله.
و الحديث عن الاتحاد يلزمنا بالحديث عن الرغبة، رغبة الذات الداعية إليه و العاملة على تأسيسه و بالموازاة يستدرجنا الموضوع أيضا إلى الحديث عن (السيطرة) هذا النزوع الذي يماثل نزعة التوحد أو الاتحاد شكلا ويختلف عنها مبدءا و مضمونا.
نجد أنفسنا اليوم في خضم وضع دولي تحكمه الحيرة و الترقب، وضع فقد بعض معالمه ونقاط استدلاله ولا ينفك يبيّنُ لنا يوما بعد يوم أن القوى التي تحكمه وتشرف على تدبيره تقبع في الخفاء، خلف حجاب مغلف بالأسرار لا تكشف عن ملامحها إلا بالقدر الذي تراه ضروريا، كما نجد أنفسنا نحن الحالمين, ليس فحسب بزمن مغاربي أفضل بل بكوكب يعمه السلام و العدل و كل ما يصون كرامة الإنسان وحريته. نجد أنفسنا تحت أسئلة ضاغطة أفرزتها سياسات عربية ظلت ترفع شعارات حالمة لم تفلح سوى في تحقيق نقيضها.
إن السياسات التي تربعت على عرش الاستقلال بدا وكأنها خرجت فجأة إلى فضاء لم تكن تتوقع أبدا أنها ستخرج إليه, فراحت تسابق الزمن و انطلقت مغمورة بفرح عارم متوهمة أنها تحررت من قيد الاحتلال، و بحماس ظل محمولا على تمثل قاصر للتاريخ و مفارق للواقع عملت هذه السياسات على تضخيم الذات العربية، وقد تبين مبكرا أن الفاعلين الذين احتلوا مكانة أسطورية في مشاعر الشعوب ومخيالها لم يكونوا سوى متعطشين للسلطة، وأن الرغبة التي ظلت تحدوهم كانت تفتقر إلى روح الإبداع، و الحماس الذي رافق غمرات الاستقلال رافعا شعاراته البراقة انكفأ على نفسه, وطفت إلى السطح صراعات ترجمت ما كان يعتمل في العمق سواء على مستوى القطر الواحد أو على مستوى العلاقات البينية.
لقد علمتنا الفلسفة الفينومينولوجية أن الوعي لا يدرك موضوعا ما إلا في علاقة قصدية تجعله يتجاوز الشيء المرئي لكي يدرجه داخل سياق لا مرئي. إن التركيز على مقولة القصدية يبين بما فيه الكفاية بأنه لا يمكن أن توجد أية معرفة بدون وجود حركة يمارسها العقل في اتجاه الشيء. باعتبار أن الشيء يحتوي على أمر آخر مخالف للشيء ذاته. فالاتحاد الذي ظل محل رغبة ظل في الآن ذاته متمنعا ومتعذرا عن التحقق.
ولعل هذا التمنع هو الذي يمنح الوعي قدرته على الإدراك من خلال حمله على تجاوز مسألة الاتحاد كموضوع جاهز (مرئي) و إدراجه ضمن سياق لا مرئي. ويعني هذا أن المفاهيم السائدة حاليا، يقول الدكتور محمد مواعدة، المفاهيم التي ناضلنا من أجلها و تبنيناها هي الآن جميعها محل تساؤل و بدون استثناء، و بالتالي فإن جميع التنظيمات سواء كانت سياسية أو اقتصادية، أو اجتماعية أو غير ذلك هي اليوم موضوع تساؤل، و بطبيعة الحال و مادام النظام العالمي يعاني من الانحدار و الاضطراب وباعتبار أن النظام العربي يعد جزءا منه فلا بد أنه ينعكس ذلك عليه وباعتبار أن المغرب العربي جزء من النظام العربي, فسينسحب هذا الانحدار و الاضطراب على المغرب العربي أيضا ويضيف مواعدة، ليس بإمكاننا كمثقفين و كمناضلين و من مختلف المواقع أن نتحدث عن المغرب العربي بمعزل عن إطاره العربي و الإسلامي وإطاره الإقليمي و الدولي.
لم يخف محمد مواعدة حيرته في هذه المداخلة التي قدمها سنة1995 بدعوة من المجلس القومي للثقافة العربية وهي الحالة ذاتها التي اعترت الدكتور محمد مالكي في كتابه " المغرب العربي أية آفاق" الصادر سنة 1999 ،وإذا كانت حصيلة سنوات الاستقلال على المستويين السياسي والاقتصادي مخيبة للآمال فإنها بالمقابل حرضت النخب على سحب بعض الأسئلة المصيرية من الحقل السياسي إلى الحقل المدني.
ما يهمنا اليوم هو أن المشروع الذي نسعى إلى تفعيله تمتد جذوره إلى الثلث الأول من القرن التاسع عشر مع بداية الاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة صدمة حضارية عاشتها دول الشمال الإفريقي في علاقتها بالمحتل الأوروبي. في تلك الأثناء تلقت حركة الأمير عبد القادر أشكالا من الدعم من لدن السلطان المغربي مولاي عبد الرحمان على الأقل حتى سنة 1844 . كما عرفت القضية التونسية أشكالا من التآزر على معاهدة الحماية بالإضافة إلى مظاهر الترابط و التواصل بين الحركتين المناضلتين المغربية والليبية . غير أن اللحظة المؤسسة لهذا المشروع الوحدوي المغاربي إزاء هذه الصدمة ، كانت سنة 1926 من خلال " نجم شمال إفريقيا" بقيادة مصالي الحاج وبعد سنتين من ذلك ظهر إلى الوجود تنظيم ثان تحت اسم " جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين " بقيادة محمد الفاسي. إن هذا الوعي الوحدوي بدأ يتنامى في سياقات لم تخْلُ من التعثر و الانكفاء ، لقد ظل دعاة الوحدة يجتهدون في ابتكار آليات وتنظيمات لتفعيل هذا المشروع في إطار حركات التحرر الوطني ، و كان من نتائج هذا الاجتهاد تأسيس مكتب المغرب العربي بالقاهرة سنة 1947 ثم مؤتمر طنجة في أبريل سنة 1958 .
في سنوات الاستقلال و بدل العمل على تفعيل شروط التواصل و الانفتاح و الاستقرار على الصعيد القطري و ترقية العلاقات على الصعيد المغاربي، تصدّر المشهد السياسي على مستوى الحكم كما على مستوى المعارضة فاعلون تربوا على لغة الحرب و لذلك كان حديثهم عن الوحدة يتبطن رغبة الاستحواذ و السيطرة. و اتضح أن المجتمعات المغاربية التي خرج من صلبها هؤلاء الزعماء، هذه المجتمعات لم تحسم في شروط اندماجها الداخلي و هذا ما سيشكل تحديا بنيويا للأنظمة الحاكمة، بعد ما يناهز ثلاثة عقود من مؤتمر طنجة بادرت الدول المغاربية سنة 1989 إلى التوقيع على معاهدة مراكش القاضية بتأسيس "اتحاد المغرب العربي" و لأن الحلم لم يستوف شروط هويته قضت (الصدفة) أن تكون مراكش سنة 1994 هدفا لعمل إرهابي و بسرعة البرق تبادل الطرفان (المغربي و الجزائري) رسائل الوداع اختلط فيها التأنيب بالتثريب.
و نحن نتأمل المسار المغاربي نقف على حقيقة فادحة، نجده مسارا ظل محكوما بالتوتر و مشوبا بالحذر، و لأن السياسات لم تستطع الخروج من حلقتها المفرغة, فكّر فاعلون من المجتمع المدني في ابتكار آليات جديدة لإنقاذ المشروع فجاءت ندوة وجدة نهاية ماي 2001 حول موضوع " دور المجتمع المدني في بناء الوحدة المغاربية"، و لم يدخر المنظمون جهدا في إنجاح هذه الندوة و قد حرصوا على أن تكون نقلة لا تكرارا لتجارب فاشلة، و أهم ما ميز هذه الندوة الجدية و الانضباط والروح النسقية التي صاحبت أشغالها و العمق المعرفي الذي اتسمت به المداخلات و الورشات، ولعل ما جاء في مداخلة محمد الأسعد "الاندماج الإقليمي و بناء اتحاد المغرب العربي" يعد عتبة - من وجهة نظري- لأي نقاش حول الوحدة المغاربية في أفقها المفترض. إن الوحدة المغاربية بوصفها اندماجا بين الأقطار المغاربية لا يمكنها أن تتحقق إلا في ظل اندماجات قطرية, إذ من المستحيل أن يدخل قطر يفتقر إلى شروط انسجامه الداخلي في مشروع وحدوي. فالاندماج الأفقي بتعبير محمد الأسعد مرهون باندماجات عمودية وتحقيق الاندماج الاقليمي أصبح ضرورة حتمية نظرا لتزايد ظاهرة التكتلات الجهوية .لهذا فإن الاندماج البيني لأقطار المغرب الكبير يعد قاعدة متينة للاندماج الوظيفي مع باقي البلدان وخاصة منها البلدان العربية والبلدان المصنعة. ويعد تحقيق الاندماج الاقليمي لأقطار المغرب الكبير مسؤولية الأنظمة السياسية، وباقي مكونات المجتمع المدني. إن الاندماج وعي وصيرورة تاريخية تقتضي تجاوز الأزمات القطرية(تنمية مستقلة ، تنمية بشرية ،وتحقيق الديموقراطية) والتحرير التدريجي لحركية السكان والموارد والمعلومات. و عليه فإن الاندماج العمودي يكون عامل تأهيل قد يرقى إلى شرط من شروط الاندماج الأفقي. و لا يخفى على أحد أن السجالات الخلافية التي صاحبت هذا المشروع تكاد تتعذر على الإدراك لتشعبها وشبحيتها, و لعل أبرزها السجال الذي لا يزال قائما حول الإسم. فمقابل المغرب العربي نجد تسميات أخرى، فهناك مفهوم المغرب الكبير و المغرب الإسلامي و بلدان شمال إفريقيا، و في هذا الصدد يقول الدكتور محمد مواعدة إن مفهوم المغرب العربي مفهوم حضاري ايديلوجي معروف, ويتبناه البعض كمرادف أو معادل للمغرب العربي الكبير، مع فروق ليست كبيرة، ولا يقع الخلط داخل هذا المفهوم و خاصة بين المجموعة العربية و المجموعة الأمازيغية، المفهوم الثاني و هو المغرب الكبير الذي يزيح كلمة عرب, هذا المفهوم له قيمة كمية، و ليست له قيمة إيديولوجية أو حضارية بمعنى أن الخلفية التي يستند عليها خلفية سياسية محضة و المدلول هنا يختلف تماما عن المدلول السابق.
أما المفهوم الثالث فهو مفهوم المغرب الإسلامي الذي يتبناه بعض زعماء الحركة الإسلامية. والعودة إلى مفهوم شمال إفريقيا و هو المفهوم الذي كان سائدا إبان الاستعمار الفرنسي للمنطقة وكان يعني حدود المنطقة جغرافيا. و يتم الآن لاعتبارات أخرى معينة فبعد أن كانت في الماضي غربية فرنسية أصبحت اليوم اعتبارات سياسية جديدة إسرائيلية أمريكية.
إن النتيجة التي وصل إليها محمد مواعدة، هي أن المشروع المغاربي الذي يندرج في أفق تصور قومي كان يتصارع في مرحلة سابقة مع مشروع استراتيجي أوربي أو مع مشروع انعزالي, وأصبح اليوم يتصارع مع مشروع أكثر خطرا يندرج في إطار التصور الاستراتيجي الأمريكي، أولا في نطاق الصراع بين أوروبا و أمريكا، و ثانيا في إطار الهيمنة الإسرائيلية كتعويض و نيابة عن الأمريكيين في هذه الساحة، يضاف إلى ذلك ما يثيره المفهوم الآخر المتعلق بالإطار المتوسطي أي المغرب العربي كطرف رئيسي في حوض البحر الأبيض المتوسط.
إن التاريخ مثلما يكون عامل تأهيل و تفعيل يكون أيضا عامل تعطيل في غياب القدرة على تملكه و استيعابه، فالمجتمع المدني كقوة اقترا حية يجد نفسه مدعوا إلى إعادة صياغة أسئلة التاريخ محاولا التجرد من كل نزعة فردانية متعالية و ذلك بغرض البحث عن أسماء تتطابق مع مسمياتها، و إن أمرا كهذا بلا شك سيكون بمثابة تهوية للتاريخ و إضاءة لتجاويفه المعتمة.
و لعل ما نحتاجه آجلا أم عاجلا في إطار المجتمع المدني هو إشاعة ثقافة ذات روح ديمقراطية تكون بمثابة المجال الحيوي للحوار و التواصل و الانفتاح على الرأي المخالف و تحويل الدين والتاريخ و الخصوصيات الثقافية و اللغوية إلى عوامل تأهيل و تنمية و استقرار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ بعد أن تضاربت التوقعات حول مستوى التمثيل في القمة المغاربية التي كان من المقرر أن تنعقد يومي 21و22 يونيو من سنة 2002, أشارت بعض المصادر إلى تغيب العاهل المغربي محمد السادس وترجيح عدم مشاركة الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد أحمد الطايع تم الإعلان وبشكل مفاجئ عن تأجيلها إلى أجل غير مسمى, وجاء قرار التأجيل بطلب من الزعيم الليبي معمر القذافي. وتساءل محللون عن معنى هذا التأجيل, تأجيل أول اجتماع للزعماء المغاربة منذ 1995, وكتب الباحث والمحلل نورالدين قلاله أن الوهن الذي يعانيه الاتحاد يرجع إلى عدة أسباب أهمها أزمة القيادة وأزمة السيادة, ويرى أن الاتحاد المغاربي بلغ مرحلة الموت الإكلينيكي(جريدة الخبر19يونيو2002).
ــــــ إن فكرة الاتحاد كما اتضح لم تكن غائبة عن الأدبيات الحزبية المغاربية زمن الاحتلال, لكن السياسي المغاربي وقتئذ ( وحتى اليوم) كان يعاني من قصور فكري. لقد كان هناك وعي من قبل بعض المثقفين بهذه المعضلة منذ السنوات الأولى لحرب التحرير.(انظر مؤلفات محمد لبجاوي/ حقائق حول الثورة الجزائرية - باسم الجزائر و أصول الأزمة في العلاقات المغربية الجزائرية، للأستاذ زكي مبارك) .
ــــــ إن عدد الشهداء الذين منحوا أرواحهم في سبيل مغرب مثالي أكبر من ارتيابنا في أن نحقق ذات يوم المغرب الكبير. هناك عوائق أخرى, لكن هذا الحلم, حلم أسلافنا, حلمنا وحلم أبنائنا سيتحقق لأنه حتمية تاريخنا وهاجس حاضرنا وأمل مستقبلنا. محمد لبجاوي ، /باسم الجزائر/1976
ــــــ كان على المراقبين المطلعين ان يتكهنوا أن الدول/الأمم, راسخة في الأرض, تكتسب واقعا يتفوق على جميع الأحلام بفدرالية أو حتى بوحدة مغاربية. وبدت الدول /الأمم في أفريقيا الشمالية تتضامن أكثر, وما أشد هذا التناقض, لتتصارع لا لتواصل نضالها من أجل الاستقلال(...) إن المغرب الكبير حتى يحتمي من لهب الشمس الحارق لا مخرج لديه سوى استظلال يديه, فليجمعهما، من نواكشوط إلى طرابلس الغرب. المغرب الكبير في ظل يديه/ ميشال جوبير.

سعيد هادف/ باحث جزائري



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد هادف - نصف قرن على مؤتمر طنجة: الشرط الغائب في مسألة الاتحاد المغاربي