أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - مخيلة الأدباء المنفيين . . إشكالية الكتابة عن الداخل والخارج














المزيد.....

مخيلة الأدباء المنفيين . . إشكالية الكتابة عن الداخل والخارج


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 719 - 2004 / 1 / 20 - 08:06
المحور: الادب والفن
    


أُثيرتْ في في المشهد الثقافي العراقي في الآونة الأخيرة ظاهرة جديدة أُصطُلحَ عليها اسم ( أدب المنفى ) وهو توصيف نقدي يُراد به حصر المنجز الأدبي العراقي الذي يبدعه الأدباء العراقيون المبثوثون في المنافي البعيدة، ومحاولة تمييزه عن أدب ( الداخل )بغض النظر عما يترتب عن هذا التقسيم القسري من نتائج سلبية في أغلب الأحوال. وهذه الظاهرة قد لا تقتصر على الشعر والنثر، وإنما تتجاوزهما لى بقية الأجناس الإبداعية، فهناك موسيقى المنفى، وسينما المنفى،وتشكيل المنفى، ومسرح المنفى، وصحافة المنفى وما إلى ذلك. فجيل الهجرة العراقية الثالثة قد تأبط الكثير من المشاريع الأدبية والفنية، ومن الطبيعي أن يفرض حضوره الفاعل في المشهد الثقافي العالمي، فإذا كان الجيلان المهاجران الأول والثاني يمكن معرفتهما عن ظهر قلب كالجواهري والبياتي والحيدري ومظفر النّواب وسعدي يوسف وغائب طعمة فرمان وبرهان الخطيب وصادق الصائغ وفاضل العزّاوي وزهدي الداوودي وإبراهيم أحمد وفوزي كريم وعبد الكريم كاصد وهاشم شفيق وكمال سبتي وزهير الجزائري وسميرة المانع وعبد الله صخي وهيفاء زنكنة وكريم ناصر وجنان جاسم حلاوي وحسين الموزاني وسليم مطر وآخرين، فأن الجيل الثالث يصعب الإلمام به لأنه يشمل الجزء الأكبر من جيلي الثمانينات والتسعينات الذين غادروا الوطن لأسباب سياسية واقتصادية معروفة، وقد يبدو عدد هذا الجيل ( فلكياً ) إذا ما قارناه بكل البلدان العربية والأجنبية المحيطة بالعراق، والتي يهاجر البعض من أدبائها هجرة طبيعية قد لا تترك أثراً يٌذكر على واقع العملية الإبداعية في بلدانهم، فتخيلوا مدى الضغط الذي كانت تعاني منه الشخصيات العراقية المثقفة بحيث تعلن السلطة البائدة نفسها من دون خجل عن هجرة ( 306 ) أدباء تصنفهم إلى مرتدين ومتأرجحين ومرتزقين وغيرها من التوصيفات السمجة. ونتيجة لتلك الظروف الاستثنائية فقد توزع الأدباء والفنانون العراقيون بكثافة في ثلاث قارات وهي أوربا وأمريكا وأستراليا، ولا غرابة أن تجدوا عدداً من الأدباء العراقيين في نيوزلندا والباكستان، أو بعض البلدان المتشددة دينياً، أو تلك التي تشتعل فيها الحروب بين آونة وأخرى. هكذا وجد الأدباء والمبدعون العراقيون أنفسهم أمام معطيات مغايرة، وصار لزاماً عليهم أن يخترقوا هذه المجتمعات الجديدة، ويتغلغلوا فيها، ليعّروا المساحات المختفية فيها، ويكتبوا عنها دونما زيف أو رتوش. والكتاب العراقيون ليسوا أول من عاش في المنافي، فلقد سبقهم اللبنانيون من أدباء المهجر الذين فجروا شرارة الهجرة ليمهدوا الطريق أمام الأدباء العرب الذين ضاقت بهم الأرض الفسيحة الممتدة من المياه إلى المياه. ولكن السؤال الذي ينهض أمامنا جميعاً هو : إلى أي مدى استطاع هؤلاء الأدباء أن يكتبوا نصوصاً لها علاقة حقيقية بالمنفى؟ فأغلب الكتاب العرب الذين عاشوا في الخارج كتبوا عن الداخل، بل أن جل أعمالهم حتى في سنوات متأخرة كانت تدور في داخل أوطانهم، وهذا يعني أنهم كانوا يعيشون حياةً هامشية في منافيهم الجديدة، أو لم يندمجوا بالقدر الذي يؤهلهم لأن يلعبوا دوراً فاعلاً فيها. فعندما كتب الطيب صالح ( موسم الهجرة إلى الشمال ) ظل بطله المحوري مصطفى سعيد بينما لعبت الشخصيات البريطانية النسائية تحديداً دوراً ثانوياً، وهذا الأمر يصدق على سهيل إدريس وعلي أفيلال و وغيرهم، كما ينطبق على الكًتاب العرب الذين كتبوا بلغات عالمية أمثال الطاهر بنجلون وكاتب ياسين وألبير قصيري وأمين معلوف وأهداف سويف وفؤاد العروي وعشرات الأسماء الأخرى التي بقيت تكتب عن الداخل بينما هي تعيش في الخارج. أما الأدباء العراقيون فقد حاول البعض منهم الكتابة عن الداخل والخارج معاً، إذ كتب الروائي الكبير برهان الخطيب عن شخصيات روسية ودانماركية وسويدية في عمليه الروائيين المهمين ( حب في موسكو ) و ( الجنائن المغلقة ) وغيرها من نصوصه القصصية والروائية. كما كتب الروائي المبدع إبراهيم أحمد عملاً استثنائياً عن المجتمع الأمريكي وهو ( طفل ال CNN )، واستطاع أن يغوص في أعماق الشخصية الأمريكية، ويكشف الكثير من تشوهاتها الداخلية عبر رصد محايد ودقيق لنمط التفكير الغربي الذي يتميز في كثير من الأحيان بالشوفينية والاستعلاء.كما رصد الروائي الحاذق حمزة الحسن العديد من الشخصيات النرويجية والهنكارية في روايته القيمة ( سنوات الحريق )، ومحمود سعيد في رواية ( الضالان )، وكذلك فعل نجم والي في العديد من قصصه القصيرة. ويدعي كاتب هذه السطور  رصد جوانب محددة من الشخصية الهولندية في  مجموعته القصصية الثانية ( أقواس المتاهة ). ولابد من التنويه إلى الجهود المحمومة التي بذلها القاص حمودي عبد محسن  في الكتابة عن الشخصية السويدية في روايته الثانية ( حورية أكشوا )، وعمل جاهداً على المزاوجة بين الأجواء العراقية والأوربية. ومن الطريف الإشارة إلى أن بعض القصاصين العراقيين كانوا يكتبون عن أوربا وهم يعيشون في الداخل معتمدين فقط على زياراتهم الخاطفة لبعض البلدان الأوربية، ومن أبرز هؤلاء القاص المتألق عبد الستار ناصر الذي كتب قصصاً جميلة عن نساء وعشيقات أوربيات فقط، دون أن يكلف نفسه عناء الكتابة عن رجل أوربي واحد، معّولاً على تجاربه الشخصية، ومخيلته المجنحة التي لا تتوقف عند حد. إن أدب المنفى الحقيقي هو الذي كتبه ، ويكتبه أبناء الجيل الأول من المهاجرين العرب، أولئك الذين ولدوا في المنافي، أو زُجوا إليها وهم صغار السن، وأتقنوا العديد من اللغات الأوربية، بينما تعّثرت اللغة العربية على ألسنتهم، حتى أنهم يغّصون فيها تعبيراً عن صعوبة النطق بها، وصارت الأوطان مجرد صور غائمة لا يتذكرون منها شيئاً سوى قصص خاطفة رواها الأهل والأصدقاء، لكنها سرعان ما توارت خلف حجاب الذاكرة الأوربية التي برمجت لهم المستقبل الأدبي على أقراص مدمجة، ومحت لهم كل ما يتعلق بالماضي الذي كان تليداً ذات يوم. لكن هذه الذاكرة لن تموت، لأنها تتماوج في أعماق اللاشعور، وستطفح بين الحين والآخر رغم عمليات الإجهاض والقتل المتعمد.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الفنان التشكيلي سعد علي
- ملامح الإستبداد الديني في العراق الجديد
- عقدة الرُهاب من الأجانب وتحفيز خلايا الأحقاد النائمة
- المخرج قتيبة الجنابي في فيلمه الجديد: خليل شوقي. . الرجل الذ ...
- الفنان الكاريكاتوري كفاح محمود لـ - الحوار المتمدن
- حوار مع الشاعرة الأفغانية زاهدة خاني
- القاص إبراهيم أحمد- الكلمات ينبغي ألاّ تفيض أو تشح عن المعنى
- بلجيكا تمنع إرتداء الحجاب والرموز الدينية في المؤسسات الرسمي ...
- مسرحية ( ليلة زواج ) محاولة لاستنطاق الغياب
- حوار مع النحّات والتشكيلي حسام الدين العقيقي
- حوار مع القاص فهد الأسدي
- حوار مع الفنان التشكيلي فاضل نعمة
- حوار مع الفنان والمخرج راجي عبد الله
- ندوة ثقافية في لاهاي عن حق الاختلاف والكتابة الجديدة
- الفنان التشكيلي منصور البكري لـ- الحوار المتمدن
- الفنان والمخرج الكردي بكر رشيد لـ- الحوار المتمدن
- المخرج د.عوني كرومي ل - الحوار المتمدن
- حوار مع المخرج د. فاضل السوداني
- الروائية السورية حسيبة عبد الرحمن ل - الحوار المتمدن
- جاذبية المخيّلة الجمالية وبنية النص بوصفة ( وثيقة نفسية ) في ...


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - مخيلة الأدباء المنفيين . . إشكالية الكتابة عن الداخل والخارج