أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - ولادة انثى .... تكملة القرين














المزيد.....

ولادة انثى .... تكملة القرين


زينب محمد رضا الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 2318 - 2008 / 6 / 20 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


كانت تنام كما تعودت منذ شهور بهدوء في رحم أمها ... ولكن هذا اليوم لم يكن كسابقه... وكأنما حرب أو ثورة اندلعت في هذا المكان... صراخ.. خبط..رقع.. الماء يقل من حولها و أمها تبكي أفزعها ما يدور حولها....كل ما يصل إلى أحاسيسها غريب ومفجع.. كورت جسمها الصغير وجاهدت في الوصول إلى جدار مسبحها... تتلفت حولها محاولة أن تجد شخصا يساعدها أو يشرح لها على الأقل ما يحصل ...ولكن لا أحد... تمد يدها بصعوبة علها تمسك الجدار لتنصت وتفهم ما يدور هناك ... فينهكها التعب... ولكنها لا تستسلم ...أمها تصرخ بقوة و الم يعتصر قلبها فتبكي...يجري الماء من حولها هاربا.. تحاول إمساكه بيدها ولكنها تعجز... صدرها يضيق...والتنفس أصبح أسوء ما قابلها من مشاكل في هذا اليوم الغريب المخيف.. تبحث عن تلك الفتحة اللعينة التي يتسرب منها الماء لتسدها فتعيقها تقلصات رحم أمها التي باتت تشدد الخناق عليها وتشل حركتها وفي النهاية تدفعها بعيداً.. ترى لماذا يحاربها هذا الرحم الم تسكنه تسع شهور... ألم يكن يحبها دوما وجاهد طويلا في حمايتها و توفير الأمن لها... ما باله الآن... لا تذكر أنها أغضبته لهذه الدرجة التي أصبح بها كالبركان الثائر يقذف حممه ويدفعها إلى الخارج بقوة دون أن يرحم ضعفها ... توسلت .. بكت.. رجته أن يهدأ ويتركها لكن لا فائدة.
وبما أن الحرب قد وقعت إذاً لا مفر من القتال ..
يدها تتحرك بعنف وكأنها تدافع عن نفسها من كل ما حولها... يخيفها منظر يديها اللتان تحولتا إلى اللون الأزرق... تشهق مرة رعبا مما يجري.. ومرة طالبة مزيدا من الهواء.. وعندما هدها التعب ...أغمضت عينيها و استسلمت بيأس وهي تندفع بقوة إلى ممر ضيق طويل. تدور فيه.. وتشهق وتبكي.. طالبة النجدة.. لا هواء ولا ماء ولا معين في هذا الدرب الضيق الطويل..
و فجأة يظهر نور من بعيد و تمسك برأسها أصابع بدينة.. تمنت لو تدافع عن نفسها ولكنها متعبة عاجزة عن الحراك تسحبها الأصابع .. فتنسل من بطن أمها وهي راغمة ... الأصابع الغريبة ليد المرأة اليمنى تمسكها من قدميها وتحملها بالمقلوب وتضرب أصابع اليد اليسرى على ظهرها بقوة.. تدور الصغيرة بعينيها مستغربة ... لماذا رأسها في الأسفل وقدميها مقيدة في الأعلى؟ .. وماذا تفعل هذه الغريبة؟... وهل ستبقى هكذا بالمقلوب إلى أن تكبر وتصبح بحجم والدتها؟ أتراها طريقتهم في الترحيب بالقادم الجديد؟.. أم تضربها لأنها حزينة من كونها أنثى؟.
زادت الممرضة في الضرب حتى بكت الصغيرة .. وتساءلت لماذا يصرون على بكائها؟..حملتها بعدها بين ذراعيها وأخذتها لتزيل عنها بقايا الدم الملتصق بها ... وضعتها على منضدة بآخر الغرفة وألبستها ملابس بيضاء جميلة كانت قد أعدتها أمها سابقاً... ثم وضعتها على قطعة قماش مثلثة بيضاء كبيرة تسمى (القماط) ولفتها بقوة عدة لفات وجعلتها تبدو كمسطرة مستقيمة .. حاولت التحرك.. عجزت ... حاولت مرة أخرى وبقوة أكبر ولكن لا فائدة.. قضبان سجنها الأبيض محكمة الإغلاق... وأيقنت بعدها أنها لن تستطيع الرقص واللعب والحركة كما كانت سابقاً... ولكن أتراها قيدتها كي لا ترقص أم تعذبها لأنها أنثى وغير مرغوب بها؟
أمسكت بعدها تلك السيدة البدينة بمثلث أبيض آخر ولكنه أصغر بكثير من سابقه وأخذت تلف به رأسها وعقدته في الأعلى مخبئة شعرها وجزء كبير من جبهتها...
ما هذا هل سيخفون وجهها أيضا؟ ... أيكرهون الأنثى لهذه الدرجة؟ ... تمنت لو أنها بقيت هناك حيث الحرية والسعادة والرقص ... لا سجون بيضاء ولا هم يحزنون .
تنظر لوجه أمها الذي غزته ملامح الحزن والصدمة والتعب ... وتتساءل هل أنا سيئة لهذا الحد الذي يجعل أمي منهارة و بهذا الشكل؟... تدور بعينيها في الغرفة ... كثير من الغرباء يدخلوها ... ليشاهدوا تلك الطفلة الجميلة في غرفة رقم واحد وكما أخبرتهم الممرضة بأنها أجمل طفلة ولدت على يديها ... كانت معجبة جدا بفتحها لعينيها طوال الوقت والنظر بتمعن لما حولها وكأنها شخص كبير..
كان كل فرد من أهلها حزين و واجم ... إلا والدها ... تنظر إليه فتسعدها ابتسامته ... يقترب منها ويداعب خدها الناعم بيده.. ثم يدعو أمه لتشاهد ملاكه الصغير ويقول فرحاً ... أليست جميلة..إنها حتى أجمل مما تمنيت... أنها تنظر لي أتراها تعرفني.... كان لجدتها تسعة ذكور واثنان من الإناث وطبعاً كانت تتمنى أن يأتي القادم ذكرا حتى لا يمحى أسم أبنها من الدنيا... وقفت الجدة قرب سرير الطفلة ووضعت يدها على رأسها ... وسمت الله وقالت ... ماذا ستسميها؟ سكت والدها برهة ثم قال وردية ... أسم صغيرتي وردية.




#زينب_محمد_رضا_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو
- صحوة حلم
- القرين
- لبيك الله سأذبحهُ
- حملة أعمار قلوب الشباب ( المشيبين)
- عيد سعيد جنتي
- عرس السبايا
- لأن الله يحبني
- عصفور و وردة
- شيطان في وجهي
- عيد وثواب
- عميدة وصانع الخبز وخوفي
- تحية الى شهداء وابطال بشت ئاشان في ذكراها الخامسة والعشرين!
- حشرٌ معَ من نحب
- حكومتنا والأرقام ال 5
- خمسةٌ في عين الحسود
- ليلى والذئاب
- عمو لينين وحمامة وبطة
- مرفوض ضوء النهار(تكملة لموضوع حوار في الجنة)
- مرفوض ضوء النهار


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - ولادة انثى .... تكملة القرين