أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال كريم - طيور-روي- ونوارس جسر الاحرار














المزيد.....

طيور-روي- ونوارس جسر الاحرار


جمال كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 06:13
المحور: الادب والفن
    



ذكرني مقال الصديق عبد الرزاق الربيعي المنشور في صحيفة "الزمان " ، مؤخرا ، وهو يتحدث فيه عن طاعم طيور آسيوي في مدينة "روي" العمانية حيث يقيم ، أقول ذكرني الربيعي الذي لم التقه منذ مفترقنا الاخير "صنعاء " بعد منتصف تسعينيات القرن المنصرم ، بطاعم النوارس البغدادي ، كنا نعرفه ونتحدث اليه ،مثلما تعرفه الطيور البيض الخافة فوق صفحة ماء دجلة تحت سماء بغداد ، ما ان تلمحه حاملا كيس رزقها ، حتى تأتيه من الافاق والجهات ،مغردة راقصة فوق شيخ النوارس وجسر الاحرار في بغداد ، كنا نرقب لوحة هائلة الجمال ، تجمع الاشياء والمعاني والحياة ومخلوقات الشيخ المفعم بالحب والسلام والانسانية، لقد كان مشهدا احتفاليا مفعما بالفرح والحياة والجمال ، فالنواس كانت تحلق فوقه والمارة والجسر ،فرادى وجماعات ، هو يقف عند منتصف الواصل ،الرصافة بالكرخ ، كان يتامل كائناته البيض المحلقة قبل ان يلقي بارزاقها فوق صفحة الماء ، ماء فضي ينحدر منسابا نحو مدن الجنوب ، يتاملها وهو يقي بكف واهنة عينيه الافلتين من اشعة شمس صيف بغداد اللاهبة ، يشعر العابرون الى الجهتين ، ان ثمة تخاطبا وتخاطرا بين الطاعم ومخلوقاته ، نعم .فهي تظل تحوم فوق حامل الكيس وهو يتنقل بين مطاعم شارع الرشيد وحافظ القاضي ، وتظل تلازمه منتظرة مقدمه نحو الجسر ، وحالما يلقي بالاطعمة ، "تهيص"النوارس ، حتى تهدأ طائفة ، تهدهدها الامواج ، وهي تلتقط رزقها ،منحدرة بسلام وامان .
من خلف واجهة حانة "شريف وحداد " الزجاجية ، كنا نرقب هذا المشهد اليومي ، نحن المتمردين ، المعادين ،لخطوط الحزب والثورة والامة ، ،انا ،سهيل ياسين، جمال جمعة ، عادل خلف ، رزاق عداي ، صلاح عواد، جان دمو، جمال حافظ واعي ، صبحي ابراهيم ، ظافر عدنان ، ناجي حسين، سعدي فري ، وجبار منشد المقيم في منسكه ومزهده الهولندي الان ، و"لمة" اخرى من الساخطين ، والعابثين ، والمتصعلكين ، بين فنادق بغداد ومقاهيها.
مرة كتب سهيل ياسين مختزلا تلك الملتقيات بالقول" كيف لنا ان نحقق حلما ونحن لم نكن سوى مناضلين في حانة، جبهتنا اباريق الخمور ورأسمالنا وعود معلقة دائما، بعد الفراغ من تشريح خصمنا الفكري وعدونا الطبقي وتحقيق نصر افتراضي عليه، لا يسعنا الا ان نشتبك في اخر الليل احيانا ببعضنا البعض في خصام او مشادة كلامية تنتهي بوعيد وتهديد نتيجة خلاف مضحك تافه نكتشفه عند الصباح، لا يتعدى التصادم والاختلاف حول قصيدة اوقصة ومسألة نحوية اكل الدهر عليها وشرب" ، حقا كنا نختصم ،ونتغاير ، ونتخالف ، ونتساجل ، حول قضايا الادب والفكر والفن والالسنيات ، وغيرها من ميادين المعارف والافكار ، لكن وفي ذروة الاحتدامات ،لم تغب عنا المشاهد والمرئيات الجميلة ، كنا نحتفي ،معلقين على جماليتها ومفارقاتها ،ومشتركاتها احيانا ، فثمة مشترك بين نوارس شيخ حافظ القاضي ، والراحل جان دمو ، فالنوارس ما تنفك تترقب مطعمها حتى يلوح لها منتصفا الجسر ، وجان الذي يظل محدقا في البناية المقابلة لواجهة الحانة ، ففي عصر كل يوم ،وفي رابع ساعته ، يدعونا بعد شتيمته الشهيرة "ابناء المرحاض"، يصرخ عاليا جان : اريد صمت ... الجميع يصمت ، فتاج رؤوسكم سوف تنزل ......
تهبط السلالم عاملة الخياطة حقا ، كل يوم في ميقاتها الذي يعرفه ويترقبه جان ، حيث يبقى بعينيه الصغيرتين
يلاحقها وهي تمضي باناقتها المعهودة نحوشارع الرشيد ، نوارس الجسر ، وفتاة جان ، مشهدان اليفان يتكرران كل يوم ، لكن ما ان حلت بنا المحن والنكبات ، و ما ان اشعل النظام السابق شرارات سلسلة حروبه المتصلة ، وعلت نيرانها الافاق والمناحي والجهات، ، وبدات تأكل ابناء البلاد وتشوه معاني الحياة والاخلاق، وتباعد الاحبة والاصدقاء ، وتمر السنون ، حتى هيمنت على مجتمعنا ثقافة القتل والموت والارهاب .
ياااااااه ياصديقي عبد الرزاق ..عشرون وخمسة اعوام ، مضت على طاعم نوارس جسر الاحرار ، و1871 يوما على رحيل جان دمو في منفاه الاسترالي ، بعيدا عن مرقبه فتاة معمل خياطة "دجلة"، عند "ركبة " الجسر.
عبد الرزاق شكرا لروح عالمك ....شكرا لذلك الاسيوي صديق الحمائم والحياة.



#جمال_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الفئات الدنيا في الثورات الشعبية
- صنعة الشعر لخورخي لويس بورخيس
- حياة شرارة سيرة حافلة بالعطاء الابداعي والانساني...
- عجز الكفاءت
- الديمقراطية والمساواة
- قبلة ابن خلدون البراغماتية ليست معيارا اخلاقيا !
- الفيدرالية : نشأتها ونظامها السياسي
- مأزق الدستور- نقد وتحليل 2/2
- دريدا عربيا ...قراءة التفكيك في الفكر النقدي العربي
- المهاجرون ثانية ..
- مأزق الدستور- نقد وتحليل 1-2
- أس البلاء
- د.محمد حسين الاعرجي في -مقالات في الشعر العربي المعاصر -رؤى ...
- الاصغاء وثقافة الحوار
- الكاتب والمفكر فلك الدين كاكه ي : فاضل العزاوي كان يميل الى ...
- الكاتب والمفكر فلك الدين كاكه ي : الموسيقى ستحمل المعنى الاخ ...
- الكاتب والمفكر السياسي فلك الدين كاكه ي:
- في -حامل الهوى-سرديات مشهدية تفضي الى تضاديات شرسة بين الذات ...
- لمحة في خصوصية المكان لدى الروائي فؤاد التكرلي
- خليل الاسدي في(ويظل عطرك في المكان) يروي ما كان ويرى ما كائن ...


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال كريم - طيور-روي- ونوارس جسر الاحرار