|
ملامح السياسة الامريكية المستقبلية في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 04:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ اكثر من عقد تقريبا و لم تحس امريكا بالنشوة التي كانت فيها نتيجة تفوقها في سياستها الخارجية في الشرق الاوسط ابان حكم بوش الاب و خروجه منتصرا من حرب تحرير الكويت بنصر ساحق على العراق، و وضحت و اثبتت لجميع اصدقائها انها صديق قوي يمكن ان يُعتمد عليها في المحن و الازمات الكبيرة. و تغير الوجه الامريكي تقريبا و خصبت الارضية التي جعلت السعي نحو عملية السلام الشامل في المنطقة ممكنا و تمتعت بتايد قوي من حلفائها الاوربيين و نجحت في مد جسور الصداقة الى روسيا و الصين.و لكن تغيرت مكانة امريكا بشكل كبير و اهتزت مصداقيتها بعد تحرير العراق و الذي كان من اجل اهداف خاصة و امريكية بحتة و مختلفة جدا عن تحريرها للكويت ، و ان ما اقترفته من الاخطاء بعد سقوط الدكتاتور العراقي اجبرتها على تغيير مسار سياستها مرات عديدة في كل فترة من فترات بقائها في العراق، لان مطامعها كانت اكبر من تحرير العراق و تسليمه لاهله كي يعيشوا برغد كما ادًعت في البداية و كما فعلتها عند تحرير الكويت. في النهاية وصلت الى الظروف التي اجبرتها على محاولة عقد اتفاقية ثنائية لبقائها في العراق و صلاحياتها و الحفاظ على ماء وجهها و ان ساعدته الظروف المستقلبية تعمل على تحقيق الاهداف التي لم تتمكن ان تحققها لحد اليوم . ان ما يمكننا ان نستوضحه و نؤكده حقا هو ان الجميع مقتنع الآن بما فيهم امريكا بعدم وجود حلول سحرية و سهلة للمشاكل العويصة التي وقعت فيها امريكا في العراق، الا ان الوضع العراقي العام و حكمه بنفسه ربما انعكس بشكل مُرضي للمضي قدما نحو الاستقلال و السيادة الكاملة نتيجة المعادلات الاقليمية و الدولية المتداخلة و الوضع الامني و العسكري للعراق و التحالف الامريكي في العراق، و بات الوقت متاخرا جدا لمحاولات امريكا لكسب معركة السيطرة على عقول العراقيين ، و بعد كل ذلك انني اعتقد ان السياسة الامريكية توضحت بعض من ملامحها التي تحاول ان تفرضها في العراق و ما يجب على السلطة العراقية ان تفعله مستندا على امكانياتها و دوافعها و ما يفرضها ارض الواقع . من تابع دور الامم المتحدة في العراق بعد سقوط النظام العراقي و موقف امريكا منها و كيفية معاملتها لها ، تبين له ان امريكا غير مرتاحة منها و انها تريد ان تبقى الساحة تحت تصرفها و كانها تنجح في ذلك و تكون الساحة السياسية و العسكرية حكرا بيدها و تحت تصرفها ما شاءت ان تفعل ، الا انه بعد تغيير الوضع العام من كافة النواحي و ما عانته، انقلب السحر على الساحر ، فامريكا هي التي تلهفت و حاولت ان تدعم الامم المتحدة كبديل لها في اكثر الاحيان لكي لا تزيد هي من الطين بلة و اقحمتها في حل المشاكل الكبيرة و كما هو اليوم هي التي تحاول ان تقرر مصير المناطق المتنازع عليها، اي بعد ان شارفت مرحلة بوش الابن على الانتهاء و ظهرت ملامح سياسة امريكا بقدر من الوضوح خلال ما تريده من بعض البنود من الاتفاقية الثنائية الامريكية العراقية و محاولتها سحب عديد قواتها قبل نهاية هذا العام ، و هي تواجه معارضة جمة داخلية و خارجية ، مما تجعل فعالية السياسة الامريكية في العراق تواجه معوقات كبيرة ، فكل محاولتها هو الخروج من النفق المظلم و لو بقليل من ماء الوجه. جلً ما تعمل في هذه المرحلة هو ضمان بقاء السيطرة السياسية المعقولة في المنطقة و ان يكون بيدها العصا السحري الذي ترفعه عند اي خروج من الخط الاحمر من قبل المامورين الى ان يترسخ ما يطمئنها من الوضع السياسي الثقافي العام في العراق المستقبل ، و ان ما انتجته اخطائها تريد ان تمحيها بمرور الزمن و من ثم بقائها كعامل هام ، و سوف تتبين الضغوطات من وراء الستار و الكواليس و حتى علنيا بعد حين و آخر على دفع التقارب العراقي الاسرائيلي و فتح باب اخر لاسرائيل من اجل انخراطها في المنطقة و ازالة انعزالها و كعامل مساعد لانجاح عملية السلام في المنطقة، اما ثقافيا فان امريكا لها يد طولى و منذ مجيئها و ما تتطلبها نظامها السياسي الراسمالي و شروطها التي تفرضها على السياسة العراقيةالثقافية والاقتصادية. نحن على يقين بان امريكا تبقى كطرف رئيسي لرسم السياسة العراقية سوى بنت القواعد العسكرية ام لم تبنها و تستعمل كل اوراقها في سياستها الثقافية الفكرية الطويلة المدى، وكل ما تحاول ان تفعله في الاونة الاخيرة هو التركيز على مبادئها الفكرية التي تريد ترسيخها في المنطقة من متطلبات العولمة و مباديء نهاية التاريخ و صراع الحضارات و الشرق الاوسط الكبير و الجديد و ابقاء النظام الليبرالي الراسمالي كواقع ثابت و كمرحلة اخيرة من مراحل التطور الحياة السياسية الاجتماعية الثقافية الاقتصادية كما تعتقد هي، و على الاكثر تكون التدخلات المقبلة في شؤون المجتمع اكثر مما كانت عليه في الفترة الماضية. هذه هي الملامح البدائية التي تظهر للعيان للسياسة الامريكية في المرحلة المستقبلية القريبة في العراق، و لكن اني على الاعتقاد بان الاستراتيجية الطويلة الامد لامريكا تفرض مجموعة من المهام المتعددة الاوجه لا يتمكن اي رئيس ديموقراطي كان ام جمهوري ان يغيرها جذريا ، ولكن على الاكثر تتغير الآلية او الطريقة التي تنتهجها في الوصول الى الاهداف المرسومة ، و مهام الرئيس القادم تحديد الآلية و كيفية العمل لا تحديد الاهداف العامة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آليات ترسيخ المجتمع المدني في العراق
-
الامن الوطني و حق العراق في مياه الدجلة والفرات ام النفط مقا
...
-
الجبهة الوطنية ام التعاون السياسي
-
هل يجني المالكي من الجولات المكوكية شيئا؟
-
اين مفهوم اليسار في العمل السياسي العراقي؟
-
من باستطاعته تغيير العقليات السائدة في المنطقة؟
-
هل يُرضي ديمستورا جميع الجهات لتطبيق مقترحاته؟
-
اي نظام سياسي نريد ؟
-
اقليم كوردستان العراق بحاجة الى المثقفين اكثر من السياسيين
-
السلطة و الاعلام والالتزام بالثوابت
-
الضغوطات منعت نيجيرفان البارزاني من المضي في بعض العقود النف
...
-
الاتفاقية العراقية الامريكية وتدخلات دول الجوار
-
الاهتمام بالمظهر دون الجوهر في حكومة اقليم كوردستان العراق!!
-
الفكر و مصداقية الحكم في العراق!!
-
هل تترسخ مسالة قبول الآخر في العراق؟
-
لم يقرر الشعب بعد!
-
نيجيرفان البارزاني والعمة(بوره مه نيج)
-
ما الحل الجذري للمسالة العراقية؟
-
اقليم كوردستان العراق....الى اين؟
-
هل حرية العراق تنتج قيادة مسؤولة؟
المزيد.....
-
نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة
...
-
وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض
...
-
بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا
...
-
روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
-
للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف
...
-
قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
-
مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
-
مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد
...
-
دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران
...
-
صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|