أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - العراقيون ومهرجان روتردام للفيلم العربي















المزيد.....

العراقيون ومهرجان روتردام للفيلم العربي


نصير عواد

الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 04:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما وقف الناشط الإسلامي المتطرف "محمد أبو ليل" في افتتاح مهرجان روتردام السينمائي العام الماضي محرضا وداعما للإرهاب في العراق كان يومها نصف الحضور من الجالية العراقية المتواجدة بهولندة.عندها وقف الكاتب "كريم كَطافة" محتجا على كلمة "أبو ليل" المشحونة بالعنف والتحريض على قتل العراقيين،وبدا الجمهور متعاطفا مع الاحتجاج ومتهامسا للأعراب عن ملله من تفشي وباء الفكر الأصولي بين الجاليات العربية المتواجدة في المنفى.ويومها لو وقف شخص آخر من الحضور للاحتجاج لكان المهرجان قد أقفل بابه من اللحظات الأول لافتتاحه وذهب الضيوف لتمضية يومهم في شوارع روتردام الضاجة بالمارة والمطاعم والأضواء.فنحن الجالسين قرب "كريم كَطافة" كان لنا ذات الموقف من كلمة الفلسطيني المتطرف وارتأى قسم منا مراجعة الجهات الداعمة في هولندا لكي تعرف هذه الأخيرة أين تذهب أموالها،وارتأى آخرون تأسيس موقع وعنوان لغرض الاحتجاج وجمع التواقيع الرافضة للأصولية والتطرف الديني وإيصالها إلى الجهات الداعمة للمهرجان،ولكننا في افتتاح المهرجان ما أحببنا أن يضيع جهد العشرات من السينمائيين والموظفين وعلى مدى أشهر طويلة من التحضير والسفر والمعاناة فآثرنا السلامة والتعقل وعدم الوقوف في طريق المهرجان وغض الطرف عن تهويشات "أبو ليل"،وهو ما أخذه علينا كثيرون. وكانت الفرصة ذهبية أمام مدير المهرجان "خالد شوكات" أن يوضح اللبس ويهدئ النفوس المضطربة ويخفف من قسوة المفردات التي قيلت بحق العراقيين لكنه بدلا عن ذلك ظهر علينا بمقالة من رذاذ وصراخ "أبو ليل" ملقيا فيها اللوم على موقع "إيلاف" لعدم تغطيته نشاطات المهرجان ومهاجما بسخرية الكتاب الذين لم يكتبوا إلى جانب المهرجان ومتذمرا من الجمهور وخص في ذلك الجالية العراقية الأكثر حضورا من بين الجاليات العربية في هولندا ومعّيرا إياها بخصالها الشاذة وبتاريخها المتخاذل والمتمثل بقتل الحسين بن علي،بل ذهب "شوكات"أبعد من ذلك في تبيان بطولاته ومواقفه النضالية بتفضّله في مساندة قضية الشعب العراقي أيام الديكتاتور السابق الأمر الذي أدى إلى تكبده خسارات مادية ومعنوية كما يقول هو.لقد لعب شوكات بكل أوراقه دفعة واحدة وداس في أول مواجهة شفافة مع الآخر على كلامه الإنشائي عن اللبرالية والديموقراطية التي صدع بها رؤوسنا أعوام طوال، لقد غرق الإسلا _ ليبرالي الجديد في طست ماء.
وبما أن موقع إيلاف والكتاب والسينمائيين الذين حضروا المهرجان يستطيعون تبرير مواقفهم والدفاع عن أنفسهم أمام ردة فعل شوكات، إلا أنني في هذه السطور سأتحدث عن الأغلبية المنسية باعتباري واحدا منهم،أتحدث عن الجمهور الذي جرى دعوته ومن ثم الإساءة إليه والتحريض ضده،ومذكرا القائمين على المهرجانات بأنه قد ولى الزمن الذي يبحث فيه الجمهور عن المنتديات والمهرجانات والأحزاب وحل زمن تبحث فيه هذه المهرجانات والندوات والقنوات الفضائية والأحزاب عن الجمهور.إن الجمهور الذي تواجد في مهرجان روتردام السينمائي السابع لم يكن جمهورا سينمائيا خالصا أو منسجما ثقافيا وسياسيا بل يتكون من جاليات متنوعة الثقافات ومختلفة المرجعيات تبحث عن التسلية والمعلومة واللقاء الجميل،لذلك فإن طبيعة الدعوة للمهرجان وانتقاء كلمات الافتتاح وشخصية من يلقيها وتصرفات القائمين على تنظيم العروض ولجان التحكيم والجوائز،حاجات ضرورية، لمسنا غياب بعضها في ردود الأفعال المتسائلة والمشككة بنوايا القائمين على المهرجان. فليس من المعقول أن تلقى كلمة نارية في افتتاح مهرجان للسينما تشيد بدكتاتور العراق وتدعو إلى الحرب والقتال ودعم "المقاومة الشريفة" على مسامع أناس هاربين من الموت والحرب فيهم من فقد عائلته وفيهم من فقد بيته وفيهم من فقد أطرافه أو بصره. ولو كان مدير المهرجان قريب عن معاناة الجمهور ـ خصوصا العراقي ـ كما يدعي لكان قد عرف أن الضحايا والهاربين من الموت تبدو لهم أجمل المفاهيم السياسية والتحررية مثيرة للرعب فكيف بالأفكار الحاملة لشحنات متطرفة ودعوات واضحة لإشاعة القتل في وادي الرافدين.لقد كانت كلمات "أبو ليل" في مديح المقاومة "الشريفة" أشبه بوخزات في قلوب العراقيين الهاربين من جحيم الحرب الأهلية التي شاع فيها القتل على الهوية وعلى الاسم وعلى المهنة.
إن المعلومة التاريخية التي غابت عن "شوكات" فيما يخص قتل الحسين بن علي أبن أبي طالب وتعيير العراقيين بذلك هي أن القاتل والقتيل في معركة الطف بكربلاء هما ليسوا من أهل السواد بل أنهما أبناء عمومة سكن أجدادهما مكة قبل الإسلام وبعده، وحتى القبائل التي ساهمت بالقتال يومها هي الأخرى قدمت من الجزيرة ولم تكن قبائل عراقية أصلا، ناهيك عن نصيحة الفرزدق الشاعر للحسين بن علي عندما التقى به على أطراف العراق وقال له أن أهل العراق قلوبهم معك وسيوفهم عليك.دع عنك ياشوكات العراقيين الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء ودع عنك صراعاتهم التي لا تنتهي والتي قال فيها معاوية أبن أبي سفيان لعامله بالعراق زياد أبن أبيه عندما طالب أهل السواد بتغيير الوالي "أن تغيير الوالي كل عام خير من مواجهة مائة ألف سيف" دع عنك أهل العراق ياشوكات فافتتاح مهرجان للسينما غير مطالب بأن يناقش أمورا تاريخية عويصة أو صراعات معاصرة مختلف عليها ولم توضح خيوطها بعد وفيها القاتل والمقتول شهداء.ففي افتتاح المهرجانات السينمائية المحاطة بالأضواء والنجوم والكاميرات وبسبب مناخها الاحتفالي وتنوّع جمهورها،تستدعي عريفا للحفل رقيق الكلام وجميل المظهر وملما بالموضوع ومبتعدا عن التطرف والنكد والإساءة للحضور الذين قدموا من بعيد،خصوصا وإن قسم منهم اشترى ملابس خاصة للافتتاح.
القائمون على المهرجان أحرار فيما يلبسون ويقولون وما يتحملون من كلمات الضيوف والبحث لإخوانهم عن سبعين عذر ولكنهم ليسوا أحرارا في توجيه الإهانة للآخرين والتشكيك بوطنيتهم والتحريض على قتلهم.ونحن هنا لا نتحدث عن عداوة شخصية أو عن ثارات وحقوق فالرجل "أبو ليل" لم يقصدني شخصيا أو يقصد الكاتب "كريم كَطافة" بل هو تعامل مع كتلة وهو ما أدى إلى غياب الأسماء المشتومة،ولكننا كجمهور نرى في وجود من هم على شاكلة "أبو ليل" في إدارة مهرجان للسينما لهو إساءة لفن السينما ولنا نحن الجالسين بأمان الله نبحث عن المتعة والمعلومة والصحبة الطيبة. إذا كان مرور الأيام والشهور يضعف من قيمة حكم الجمهور غير المنسجم فإن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال ضعف الذاكرة وبلع الشتيمة ونسيان المرارة .ولو كان مهرجان روتردام السينمائي قد رفع من شأن فن السينما في مواجهته للعراقيين وشتمهم لكنا قد بلعنا ذلك عن طيب خاطر وبحثنا عن القصور في وعينا ونسيجنا الاجتماعي بالمنفى ولكن الإعلاء من شأن القتل والموت تحت مفردات ومسميات ندركها نحن الضحايا العراقيين أكثر من غيرنا بعد حروب داخلية وخارجية تجاوزت الربع قرن،فهذا ما لا نستطيع بلعه وسنقاطع مهرجان روتردام السينمائي جراء المواقف الأصولية المتطرفة المعادية للعراقيين،وبئس المعلومة الثقافية والمتعة السينمائية والإضافة الفنية التي مصدرها الفكر الأصولي المتطرف.وأنني على ثقة بأن المهرجانات المبدعة لا يقيمها متطرفون متشوقون إلى الموت ولون الدم،وإن أقيم مثل هكذا مهرجان على غفلة من الداعمين والحاضرين فأنه سوف لن يستمر طويلا،والأيام بيننا.



#نصير_عواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طف كربلاء.. الحادثة التي أتت عليها أحوال
- حروبنا الأهلية..بين سوريا والسعودية
- ثلاث هُجْرات..ثلاثة حُرُوب..ثلاثة عُقود
- المنفى .. دليل كاظم جهاد إلى دانتي
- الإرث إلاسماعيلي.. وأحزابنا السياسية
- الحركية .. ومواسم التحليل
- إبحث للمبدع عن عشرين عذر


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - العراقيون ومهرجان روتردام للفيلم العربي