أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم علاء الدين - هكذا يتخذ خلفاء المسلمين قرارتهم وهكذا يلغونها















المزيد.....

هكذا يتخذ خلفاء المسلمين قرارتهم وهكذا يلغونها


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2314 - 2008 / 6 / 16 - 10:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الرئيس بورقيبه كان كريما فاستضاف مقرات ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بعد خروجها من لبنان اثر الغزو الصهيوني عام 1982، وحظيت المنظمة وكوادرها ومسؤوليها برعاية وعناية واحترام من قبل كافة المؤسسات التونسية الرسمية والشعبية، وتمكنت خلال وجودها هناك من اعادة ترتيب اوضاعها التي دمر بفعل الغزو الاسرائيلي للبنان ، واصبح مقر القائد الشهيد ابو جهاد في تونس غرفة ادارة العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني، كما كان القائد الشهيد ابو اياد يدير معركته الكبرى ضد جهاز الموساد الاسرائيلي وكافة انواع المخابرات من خلال الاخوة امين الهندي وعاطف بسيسو والاخوة الاخرين من تونس ايضا.

وليس هذا غريبا على الرئيس بورقيبه الذي له سجل وطني حافل في النضال ضد الاستعمار الفرنسي وسجن مرات عديدة وتعرض للاضطهاد والنفي وعاش لاجئا سياسيا في القاهرة.
لكن هذا الماضي الحافل بالنضال الوطني سرعان ما تغير منذ اصبح بورقيبه خليفة لتونس بمواصفات خليفة حزب الخرافة، فطغى وتجبر واستبد وقهر.

والخليفة كما وردت صفاته في دستور حزب الخرافه،(حزب التحرير) هو الذي ينوب عن الأمة في السلطان وفي تنفيذ الشرع ، و هو الدولة، يملك جميع الصلاحيات التي تكون للدولة، فهو الذي يجعل الأحكام الشرعية حين يتبناها نافذة فتصبح حينئذ قوانين تجب طاعتها، ولا تجوز مخالفتها. وهو المسؤول عن سياسة الدولة الداخلية والخارجية معاً، و للخليفة مطلق الصلاحية في رعاية شؤون الرعية حسب رأيه واجتهاده، وليس للخليفة مدة محدودة.
وكما هي جلية وواضحة ولا تقبل اللبس فان الخليفة بمجرد اختياره يصبح ديكتاتورا كلي السلطه والجبروت (حرام شرعا مخالفته) .
هذا الخليفة يقرر ما يشاء وبيده حياة او فناء من يشاء من الرعية، واليه تنسب جميع الانجازات ان وجدت، والرعية هي المسؤولة عن جميع المصائب وما اكثرها.
هذا الخليفة الذي حكم بلاد المسلمين منذ 1400 سنة وحتى الان وبدلا من خليفة واحدا لكل البلاد اصبح لكل بلد خليفة ومن هؤلاء الخليفة الحبيب بورقيبه الذي حكم تونس 30 عاما، منذ 25 يوليو 1957 حين تم الغاء الملكية وإعلان الجمهورية وخلع الملك محمد الأمين باي، الى ان تم عزله على يد وزيره الاول زين العابدين بن علي في 7 نوفمبر 1987 ، وما زال بن علي رئيسا للجمهورية (خليفة للمسلمين التوانسه) حتى الان.

الرئيس بورقيبه له قصة طريفة مع الفلسطينيين توضح بشكل جلي كيف يتخذ الخلفاء الديكتاتوريين قراراتهم، وهذه القصة سمنعتها مباشرة من الاخ القائد الشهيد ابو اياد في تونس عشية قيام العدو الصهيوني بشن غارة جوية على مقر قيادة منظمة التحرير في منطقة حمام الشط في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة في الاول من اكتوبر عام 1985 ، وسقط فيها نحو مائة شهيد وجريح.
وهنا ارتبك الرئيس بورقيبه وغضب على الفلسطينيين كما قال ابو اياد ،وانه يعتبر ان استفزانا لاسرائيل هو الذي تسبب بالغارة على بلاده.
وقال ابو اياد ان السيد محمد مزالي (الوزير الاول – اي رئيس الوزراء) اتصل وابلغني بان الرئيس اتخذ قرارا بطرد الفلسطينيين كافة من تونس، وان البيان سيذاع في نشرة الاخبار الساعة التاسعة من مساء اليوم.
ثم اتصلت السيدة وسيله حرم الرئيس وطلبت مني ( والكلام لابو اياد) ان لا نقوم باية ردة فعل فورية لانها تحاول ثني الرئيس عن قراره بالتعاون مع السيد مزالي.
وكان من عادة الرئيس بورقيبه ان ينام فور استماعه لنشرة اخبار التاسعة مساء، فاتفقت السيدة وسيلة مع السيد مزالي على عدم اذاعة النشرة حتى ينام الرئيس، ثم يبثوا النشرة دون ان تتضمن قراره بطرد منظمة التحرير.

وبالمناسبة فان السيد مزالي الذي درس الفلسفة في باريس يعتبر رجلا عروبيا قوميا ومن الاصدقاء المقربين للثورة الفلسطينية ولمنظمة التحرير، وهو رجل موثوق لدى الرئيس وقد تسلم عدة حقائب وزارية هامه قبل ان يصبح رئيسا للوزراء عام 1980.
فيما السيدة وسيلة بن عمار زوجة الرئيس بورقيبه لها تاريخ حافل بالنضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي وكانتت تقود مجموعات من المناضيلن خلال معركة الاستقلال لطرد المستعمر والقي ااقبض عليها وتم سجنها عام 1948, وهربت من ملاحقة الشرطة السرية الفرنسية الى القاهرة وهناك التقت بالحبيب بورقيبه .
وقال ابو اياد ان السيدة وسيلة اتصلت قبل منتصف الليل بقليل وقالت انه لم يتم اذاعة خبر الطرد ، مما يوفر بعض الوقت للتعامل مع الازمة. وطلبت لقاءا فوريا معها والسيد مزالي.
وبناء على توجيه من ابو عمار التقيت والاخ ابو اللطف مع السيده وسيلة والسيد مزالي، واقترحت السيده وسيلة ان نقابل الرئيس صباح الغد على اعتبار اننا ابلغنا بالقرار، وان نشير الى رغبتنا بالانتقال الى ليبيا، فلربما يتراجع الرئيس عن قراره نظرا للخلافات الحاده بينه وبين الرئيس القذافي.

وفي اليوم التالي صحا الرئيس من نومه كالعادة، وعلى غير العادة طلب الصحف الى غرفة الطعام متوقعا ان تكون مانشيتات صحف العالم كلها تتحدث عن قراره بطرد منظمة التحرير من تونس.
لكنه لم يجد اي ذكر لقراره، فغضب وسال وسيلة ، ماذا حدث لماذا لم تنشر الصحف شيئا عن قراري؟
فقالت ان السيد مزالي ابلغها انه حدث خلل فني بالبث التلفزيوني مما ضطر لتاجيل نشرة الاخبار، ولما كنت قد نمت نمت اقترحت والسيد مزالي ان نؤجل اذاعة الخبر الى اليوم حتى تشاهده.
فهدأ الرئيس ثم توجه الى مكتبه بالقصر الجمهوري ، وبعد 15 دقيقه من وصوله وبالتنسيق مع السيدة وسيله والسيد مزالي كنت انا وابو اللطف في القصر وتوجهنا جميعا (انا وابو اللطف والسيدة وسيلة والسيد مزالي) الى مكتب الرئيس بعد ابلغته السيده وسيلة بوجودنا.
فوجدنا الرئيس مكفهر الوجه غائر العينين متبرم الشفاه ولم ينظر لنا مباشرة الا لماما وبطرف عينه.
فبادرته على الفور بعد القاء التحية بالقول : فخامة الرئيس اننا جئناك بتفويض من الاخ ابو عمار لنبلغكم شكرنا وتقديرنا واحترامنا لكل ما قدمتموه لشعبنا وثورتنا ومنظمة التحرير الفلسطينية، واننا علمنا بقراركم الحكيم واننا على استعداد لتنفيذ اوامركم، وعدم تحميل تونس اية اعباء ، وسنبلغ شعبنا بان القرار اتخذ بالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية, حتى لانحملكم اية مسؤولية حتى ولو ادبية، وكل ما نرجوه فخامة الرئيس ان تقدم لنا مساعدة بسيطه وهي ان تامر الجهات المختصة تزويدنا بعدد من الشاحنات لنقل مقاتلينا وموظفينا وبعض الاجهزة الى ليبيا لان السيد الرئيس القذافي قدرحب بنقل مقرات المنظمة الى طرابلس.
وقال ابو اياد : هنا انتفض الرئيس بورقيبه ونهض عن كرسيه وقال : تريدون الرحيل الى ليبيا؟؟ ... ولماذا ليبيا؟؟ وما الذي يضايقكم بتونس....؟ مضيفا انه كان بالامس غاضبا وان غضبه قد زال وسيلغي قراره اليوم.
واوضح ابو اياد انه وابو اللطف قدما شكرهما الجزيل على حكمة الرئيس ومشاعره الوطنية تجاه الشعب الفلسطيني.
وهكذا انتهت الحكاية بفضل السيد محمد المزالي والسيدة المناضله وسيلة بن عمار حرم الرئيس.

هكذا يتخذ الخلفاء قراراتهم وهكذا يغيرونها .
ولن يصلح "حال الامة" بتعبير رجال الدين, الا عندما تصبح صناديق الاقتراع هي التي تقرر من يحكم الامة ويدير شؤونها ، ولتذهب كل النظريات والرؤى الاخرى الى الجحيم بما فيها نظرية ودستور حزب التحرير.
فلا خليفة حزب التحرير ولا الرئيس الذي ياتي على دبابة ، أو بالوراثة، او على الدبابات الامريكية يمكنه ان يخلص الامة من مشاكلها المزمنة.
وحتى تجد صناديق الاقتراع الاحترام اللائق بها وتصبح سيدة القرار فان ذلك يتطلب جهودا ضخمة لنشر الوعي في اوساط الجماهير لتتخلص من جرثومة الانتماء القبلي والعشائري والفئوي والمذهبي والطائفي، ولا يتم ذلك الا بتصدى مفكري الامة ومثقفيها والمستنيرين فيها الى الافكار البالية والبدائية التي تنشرها الاحزاب الدينية بكل مسمياتها ، وممثليها ومن على شاكلتهم من شيوخ الكيمياء والزغل.
مسقبل امتتنا مرتبط بمدى قناعة الناس كافة بالديمقراطية سبيلا لادارة المجتمع في كل مناحي حياته، وبفصل الدين عن الدولة.
الحاكم الذي لا ياتي الى كرسي الحكم عبر صناديق الاقتراع والذي لا تكون فترة حكمه محددة ، والذي لا يخضع للمسائلة والدستور والذي يعدل الدستور كما يشاء ليضمن بقاءه بالسلطة مدى الحياة. هو الخليفه الذي حكم ويحكم بلاد المسلمين وهو الذي يطالب به حزب التحرير وهو مرفوض ولن تسمح الشعوب بعودته لان اي حاكم اذا ما سيطر على السلطات كافة ايا كان لقبه او اسمه او لونه او نوعه او جنسيته او دينه لا يمكن الا ان يكون مستبدا بهذه الدرجة او تلك الا من رحم ربي.
فالى الاخ حكمت زيد لا تاخد على خاطرك لما قام به خليفة السنغال عبدالله واد، واتباعه من حزب الاخوان المسلمين.

ابراهيم علاء الدين
[email protected]








#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستقبل المفقود .. امة تفتقد الى القادة رغم اعدادهم الغفيرة
- الرسول امر بقطع راس الاعلامي
- الاخلاق الاسلامية لا تختلف عما جاء في الديانات الاخرى السماو ...
- معلمة المدرسة تهدد بالاستقالة
- المحاربة هيلاري كلينتون الى اللقاء .. ولنساء المسلمين العزاء
- على حماس ان تعلن استسلامها لفتح افضل من استسلامها لاسرائيل
- عارية في ناد ليلي .. وسعيدة لانها قريبة من الله
- تركيا لماذا هذا الضجيج ؟؟ الحجاب مسالة سياسية وليست دينية
- شيوخ التزييف -الكيمياء- و-الزغل- يرتعون بيننا
- الجن خطفوا الاولاد
- في ذكرى نكسة 67.. يا ريت تتحقق نبوءة موشي ديان
- انت دائما معي
- سيدة الزهور : شابة يمنية في نيويورك
- احتفالات زائفة في بيروت تؤجل الصراع ولا تلغيه
- الطفل خالد النيويوركي يريد العودة الى اللد
- الفلسطينيون مستاؤون .. نعم لضم الضفة للاردن وغزة لمصر
- احتفالات زائفة في بيروت احتفاء بتاجيل الصراع لا الغائه
- هل يستطيع التميمي من لندن اقصاء فتح
- سمعت الآف الآهات
- رد على كلالده – مطلوب حكومة وطنية لانقاذ الاحزاب الاردنية


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم علاء الدين - هكذا يتخذ خلفاء المسلمين قرارتهم وهكذا يلغونها