أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عارف جابو - أسير حرب أم مجرم حرب؟ اشكالية محاكمة صدام حسين















المزيد.....

أسير حرب أم مجرم حرب؟ اشكالية محاكمة صدام حسين


عارف جابو

الحوار المتمدن-العدد: 718 - 2004 / 1 / 19 - 05:32
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


أثارت تصريحات و زير الدفاع الامريكي رامسفيلد و مصادر البنتاغون حول منح صدام حسين صفة اسير حرب، ردود فعل و تساؤلات عديدة في الاوساط السياسية و القانونية العراقية والدولية المهتمة بالشأن العراقي.
كما و أثارت هواجس و مخاوف البعض في العراق من وجود صفقة بين الادارة الامريكية و صدام، و بالتالي المماطلة في تسليمه الى العراقيين و محاكمته امام محكمة عراقية بموجب القوانين العراقية النافذة.

ان منح صدام صفة اسير حرب، لا يعني ابدا سقوط الجرائم المنسوبة اليه عنه، و لا يمنع من تقديمه للمحاكمة. فهذه الصفة لا تمنحه اي حصانة تمنع محاكمته. و إنما حسن معاملته اثناء اعتقاله و التحقيق معه بالاضافة الى بعض الامتيازات مثل عدم تعذيبه او إكراهه على الادلاء بالمعلومات و معاملته معاملة انسانية و تأمين الرعاية الصحية له و حقه في طلب مقابلة مندوبي منظمة صليب الاحمر الدولي و تبادل المراسلة مع الخارج من خلالها، و ذلك حسب بنود اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 المتعلقة بأسرى الحرب.
و بموجب هذه الاتفاقية تمنح صفة اسير حرب او يعامل كأسير حرب: كل عسكري يقع في قبضة الطرف الآخر (عدوه) عن طريق الأسر او الاستسلام أثناء العمليات الحربية، سواء في جبهات القتال او في مقرات القيادة و توجيه العمليات.
اذا اخذنا هذا التعريف او التوصيف، نرى بأنه لا ينطبق على صدام حسين لأنه لم يؤسر او يستسلم اثناء العمليات الحربية. فقد تم اعتقاله بعد سبعة أشهر من انتهاء العمليات الحربية و اعلان الرئيس الامريكي رسميا انتهاء الحرب.
و بالتالي فإن صفة اسير حرب لا تنطبق عليه حسب اتفاقية جنيف المعترف و المعمول بها دولياً. و قرار البنتاغون غير صحيح قانونياً، و ما هو إلا قرار سياسي اتخذ لحسابات أمريكية خاصة دون الالتفات الى النواحي و التوصيفات القانونية للقرار.

رغم كل ذلك لو أصر البنتاغون على قراره  و حاجج السيد رامسفيلد و مستشاروه القانونيون و برروا منح صدام صفة اسير حرب التي هي مؤقتة و تنسحب على فترة اعتقاله فقط، و لايمنع محاكمته عن الجرائم التي ارتكبها قبل او اثناء تسلمه للسلطة، فتاريخه حافل بالاجرام.
حسب الباحث العراقي عادل درويش و كما ذكر في مقال نشره في صحيفة الشرق الاوسط بانه رصد 318 جريمة ارتكبها صدام حسين بنفسه او شارك فيها شخصيا في الفترة ما بين 1959 – 1968 مثل جرائم التهريب و التزوير و حيازة السلاح دون ترخيص و تهريب الاموال و الاسلحة و الاتجار بها والقتل و التشويه و التعذيب و الاختطاف و التسبب في عاهات للآخرين و غيرها من الجرائم الشائنة.... و الفترة التالية من حياته منذ بداية تسلمه للمناصب الرسمية اي عام 1969 و حتى تاريخ تحضير السيد درويش لأبحاث كتابه (1988 – 1990) رصد لصدام حوالي 400 جريمة اضافة الى الجرائم السابقة المذكورة أعلاه مثل جرائم استغلال الوظيفة للقيام بأعمال مخالفة للقانون.
أما كبرى جرائمه فهي جرائم الحرب ضد جيرانه و ذلك اثناء حربه مع ايران و غزوه للكويت. اما أمّ جرائمه فهي جرائم الانفال التي راح ضحيتها اكثر من 180 ألف كردي، و جرائم الابادة الجماعية و لاسيما قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيماوية التي راح ضحيتها أكثرمن خمسة آلاف قتيل و عشرة آلاف جريح، و جريمة قتل الآلاف من المواطنين الشيعة في الجنوب بعد انتفاضة 1991.
و جرائم الابادة الجماعية حسب المادة الثانية من اتفاقية وقاية و مناهضة الابادة الجماعية التي اقرتها الامم المتحدة في 09.12.1948 هي: تلك الاعمال التي تهدف الى إبادة احدى الجماعات القومية او العرقية او الدينية بشكل كلي او جزئي، و ذلك عن طريق القتل او الايذاء الجسدي او النفسي او وضعهم في ظروف حيايتة قاسية بغية تحطيمهم جسديا او نفسيا او اتخاذ اجراءات تستهدف الولادات او نقل الاطفال و ابعادهم عن اهلهم بشكل قسري.
و تنص المادة الاولى من هذه الاتفاقية على وجوب معاقبة مرتكبي جرائم الابادة الجماعية سواء ارتكبيت في فترة السلم او الحرب.
و هذه الجرائم (الانفال او الترحيل القسري و الابادة الجماعية) لا تتقادم و لا تسقط بمرور الزمن، و ذلك حسب المادة الاولى من الاتفاقية الدولية المتعلقة بعدم تقادم جرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية لعام 1968.
و تلزم المادة السادسة من اتفاقية مناهضة الابادة الجماعية الدول الاطراف بوجوب تسليم الاشخاص الذين ارتكبوا هذه الجرائم الى الدولة التي ارتكب فيها الجرم. 
بما ان صدام حسين ارتكب هذه الجرائم او على الاقل شارك فيها باعطاء الاوامر او الموافقة علي ارتكابها، و عليه فإذا لم يعتبر فاعلا مباشراً فإنه محرض على اقل تقدير (تبعة المحرض مستقلة عن الفاعل و يعاقب سواء ادى تحريضه الى نتيجة أم لا) فيجب معاقبته عليها و مقاضاته  امام محكمة عراقية لأنه ارتكب هذه الجرائم في العراق و ضد عراقيين و هو عراقي، فالمحاكم العراقية هي المختصة بمحاكمته حسب الاختصاصيين الاقليمي و الشخصي. و على الولايات المتحدة الامريكية ان تسلمه الى الحكومة العراقية اذا طالبت بتسليمه اليها تطبيقا للمادة السادسة من اتفاقية مناهضة الابادة الجماعية، خاصة اذا علمنا بأن هناك اتفاقية تسليم المجرمين بين الدولتين (العراق و امريكة).

إشكاليات المحاكمة:
ان محاكمة صدام حسين تثير تساؤلات و اشكاليات عديدة موضوعية و شكلية، من قبيل: أين يجب ان تجري المحاكمة؟ اي قانون يجب تطبيقه؟ ما هي المعايير الواجب توافرها في المحكمة و القضاة؟ كيف سيتم تشكيل المحكمة و من سيكون قضاتها، و ممثلوا الادعاء و الدفاع؟ من يحق له اتخاذ صفة الادعاء ضده؟ و غيرها من الاسئلة و الاشكاليات.

من المرجح ان المحاكمة ستكون في العراق، حيث ان تصريحات الادارة الامريكية و الرئيس بوش عقب اعتقال صدام تشير الى تفضيل محاكمته في العراق امام محكمة عراقية من قبل قضاة عراقيين. و المحاكمة يجب ان تكون في العراق لأن الجرائم ارتكبت في العراق ضد عراقيين من قبل عراقي. و بما ان الاختصاص يعود للمحاكم العراقية فإن القانون العراقي واجب التطبيق.

لكن هل يمكن تشكيل محكمة من قضاة عراقيين حياديين تماما؟ حيث لا يوجد شخص او اسرة لم تعان من ظلم و جور صدام و حكمه بشكل مباشر او غير مباشر، مما سينعكس و يؤثر على حيادية القاضي التامة اثناء اتخاذه القرار، طبعا هذا لا يعني التشكيك بنزاهة القضاة حيث هناك و بالتأكيد قضاة مشهود لهم بالنزاهة و مؤهلين لهكذا محاكمة.
من ناحية اخرى لا بد و أن يشعر القاضي بالهدوء و الأمان على حياته و حياة اسرته، و هذا صعب في الظروف الامنية الراهنة. فماذا لو ارتكب عمل ارهابي ضد احد القضاة او حتى عملية ارهابية خارج قاعة المحكمة تفجير سيارة مفخخة مثلا. او حتى وجود جموع من المتظاهرين من ضحايا صدام خارج المحكمة تطالب بالموت له، او غير ذلك مما يمكن ان يؤثر على صفاء و هدوء المحكمة و القضاة.
فالناحية الامنية مهمة جدا و هي صعبة، لذا هناك رأي يقول بنقل المحكمة الى دولة مجاورة او حتى الى دولة اوربية لحل مشكلة الامن. لكن هذا سينعكس و يؤثر على مصداقية المحكمة لدى العراقيين، ثم هل ستقبل هذه الدولة قضاة عراقيين او تطبيق القانون العراقي على اراضيها و خاصة اذا كانت عقوبة الاعدام واردة؟.

من يحق له الادعاء على صدام و تقديم شكوى ضده؟ فلو اتيح المجال لكل من يرى نفسه ضحية لجرائمه - صدام-  سيصل العدد بالتأكيد الى عشرات و مئات الآلاف بل حتى سيتجاوز المليون ادعاءأ و شكوى اذا اضيف الى العراقيين الايرانيون و الكويتيون الذين كانوا في عداد ضحاياه. و هذا سيتطلب و قتا طويلا جدا ربما يمتد لسنوات ناهيك عن الجهد و العدد المطلوب من الموظفين و القضاة المؤهلين لتصنيف هذه الادعاءات و النظر و البت فيها. لذا يمكن حل هذه المشكلة، بتشكيل جمعيات (ضحايا جرائم صدام حسين) التي يمكن من خلالها تمثيل الضحايا و تقديم ادعاءات جماعية باسم اعضائها عن طريق ممثليها القانونيين.

الدفاع عن صدام ايضا إشكالي، لأنه من الصعب ان يتقدم محامون عراقيون للدفاع عنه نظرا لحساسية الموقف و ردود فعل الشارع العراقي تجاههم. أما اذا سمح لهيئة دفاع عربية من خارج العراق، يمكن ان يتقدم للدفاع محامون قوميون ممن يرون في صدام (بطلا قوميا) فيحولون المحكمة الى ساحة استعراض سياسي لإلقاء خطبهم العصماء الجوفاء بمؤازرة و تغطية من الفضائيات العربية، و بالتالي تمييع المحاكمة و حرفها عن هدفها و اطالة مدتها و اضاعة الوقت.

رغم كل ذلك و مهما تكن هناك من مصاعب و مشاكل و اشكاليات يمكن ان ترافق المحاكمة، فإنها يجب ان تكون نزيهة و عادلة و محايدة تتوفر فيها المعايير و الضمانات التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية و اتفاقيات حقوق الانسان. رغم ان المجرم لم يراع يوما القوانين و الاعراف الدولية و لا حقوق الانسان و لا حتى القوانين العراقية التي اصدرها بنفسه.
فمحاكمة نزيهة عادلة ستدشن عصرا جديدا من الحرية و الديمقراطية في العراق، دولة القانون التي اساسها استقلالية و نزاهة القضاء الذي يطبق القانون بعدالة و مساواة على الجميع دون تفريق.
هكذا محاكمة ستطوي صفحة من تاريخ العراق الحديث امتد لأكثر من ثلاثة عقود من الظلم و الجور و القتل و الارهاب و التدمير و غياب العدل و الحق و القانون.



#عارف_جابو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع السيد محي الدين شيخ آلي سكرتير حزب الوحــدة الديمقرا ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عارف جابو - أسير حرب أم مجرم حرب؟ اشكالية محاكمة صدام حسين