أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - وصفي السامرائي - دراسة نقدية تاريخية للحزب الشيوعي العراقي















المزيد.....

دراسة نقدية تاريخية للحزب الشيوعي العراقي


وصفي السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 08:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يشكل الحزب الشيوعي العراقي أعرق الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة اليوم . لقد أنغمز هذا الحزب منذ سنوات تأسيسه الأولى في النضال من أجل قضايا الشعب بشكل عام والطبقات المسحوقة بشكل خاص .
لقد قاد وساهم بشكل فعَّال في النضال ضد النظام العميل مما كلفه قوافل طويلة من الذين سقطوا عن طيب خاطر ، لتحقيق هدف الشعب العراقي بإقامة حكومة وطنية تراعي مصالحه .
يمكن تقسيم تاريخ الحزب إلى مرحلتين أساسيتين ، الأولى قبل ثورة تموز 1958 والتي تمثل مرحلة الصعود ، بينما تمثل المرحلة الثانية ( الانحدار ) بعد الثورة لنَّ الحزب لم يتمكن من استغلال نفوذه الجماهيري المتعاظم لاستلم السلطة أو الوصول إلى موقع متميز فيها على أقل تقدير .
ففي شهادة يسجلها الراحل صالح مهدي دكلة ، عضو اللجنة المركزية للحزب عن هذه المرحلة التاريخية : ( منذ اليوم الأول لثورة تموز ، أدركت قيادة الحزب أنَّ سلطة قاسم تتخذ موقفاً يتجاهل دور الحركة الجماهيرية وموقع اليسار فيها .
وظهر هذا واضحاً من تشكيلة الحكومة التي ألفها قاسم . فلقد كان لكل حزب في جبهة الاتحاد الوطني ممثلاً في الحكومة ما عدا الحزب الشيوعي ) . ويرى بهاء الدين نوري في موقف قاسم هذا كان معتمداً .
وعن موقف الحزب من هذا الموضوع يذكر دكلة أنَّ الحزب قد انتبه إلى هذا الموضوع الذي أثاره سلام عادل في أول اجتماع عقدته اللجنة المركزية للحزب . كما يروي هو نفسه في كتابه ( من الذاكرة ) حيث يقول : ( في أول اجتماع تعقده اللجنة المركزية للحزب أثير هذا الموضوع ، وكان محور الاجتماع كما طرحه الرفيق سلام عادل ، تسوية التناقض بين قوى الثورة وشكل تمثيلها . وقد حضر الاجتماع فؤاد نصَّار الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني . وعندما بدأ الحديث لمناقشة هذه الموضوعة ، تدخل فؤاد نصَّار بعد أنْ استأذن من سلام عادل محذراً من خطورة إثارة الخلافات مع الحكم ، مؤكداً أنَّ مثل هذه الخلافات ممكن أنْ تزول مع مرور الوقت . وأثار هذا لدى زكي خيري اعتراضا على ما طرحه سلام عادل معتبراً ذلك بداية لخوض صراعٍ لا مبرر له مع حكومة قاسم . الأمر الذي اضطر سلام عادل إلى إيقاف الاجتماع وعقده في وقت لاحق ) .
يمكن إرجاع موقف قاسم من الحزب الشيوعي إلى جملة أمور: -
أولها : - خوفه من المد الجماهيري المتصاعد بعد الثورة حيث يقول بهاء الدين نوري : ( أصبح الحزب أمام مهمة تنظيم الألوف وعشرات الألوف . فالإقبال كان واسعاً على الحزب من شتى الطبقات والمراتب الاجتماعية بحيث لم يكن في الحزب من الكوادر من يستطيع استيعاب هذا العدد الكبير ....... ) .
هذا بالإضافة إلى نفوذ الحزب المتنامي في الجيش وخصوصاً في المواقع الحساسة وفي هذا الصدد يقول بهاء : ( .... يجدر الذكر أنًَّ نفوذ الحزب في الجيش كان كبيراً وتنظيماته ضمت الآلاف من الضباط وضباط الصف . وكان الضباط الشيوعيين يشغلون عدداً من المراكز الهامة في القوات المسلحة ، أمثال جلال الأوقاني قائد القوة الجوية ، وقائد الفرقة الثانية داوود الجنابي ، ومدير الحركات العسكرية طه الشيخ أحد وقادة وحدات المدرعة .... )
ثانياً : - الموقف السلبي لحلفاء الأمس وخصوصاً حزبي الاستقلال والوطني الديمقراطي ، اللذان أخذا يوجهان الانتقادات للحزب وأحياناً يحرضان السلطة عليه. على حد قول بهاء الدين نوري ، الذي يصف موقف الحزب الوطني الديمقراطي : ( بعد صدور أول عدد من جريدة اتحاد الشعب بشكل رسمي قرر وزير الإعلام حسين جميل سكرتير الحزب الوطني الديمقراطي ، غلقها بدون أي سبب مبرر ، وبالضد من كل المفاهيم الديمقراطية التي يرفع لواءها هذا الحزب .... ) .
ثالثاً : - التعرضات اللا مسئولة من قبل الأعضاء الجدد ، من العناصر الانتهازية التي انتمت للحزب بعد الثورة ضناً منها أنَّه أصبح حزب السلطة سواء كانت هذه التطرفات فردية أو كانت ردة فعل على ممارسة أعضاء بعض الأحزاب الأخرى .
وقد تزايدت مخاوف قاسم من الحزب الذي أخذ يطالب بالمشاركة بالحكم وهو هدف مشروع لكل حزب شيوعي ، على حد قول صالح دكلة الذي يقول في هذا الصدد ( يخيل إلي أنَّ سياسة الحزب الشيوعي العراقي منذ اللحظات الأولى لانتصار الثورة . كانت تتضمن مثل هذا الفهم فعندما طرح الحزب ضرورة إزالة التناقض بين قاعدة الثورة وشكل الحكم الذي جاء بعدها . إنما كان يعبر عن فهم عميق لأهمية السلطة السياسية ويستمد مبرراته من واقع السيطرة التامة التي تتمتع بها على الحركة الجماهيرية لا سيما للأيام الأولى للثورة .... أنَّ شعارات مشاركة الحزب في الحكم مطروحة في الشارع العراقي دون دراسة ) .
كان من الطبيعي أنْ يرتعب كل من قاسم الطامح إلى بناء دولته فهو ابن هذه البيئة الاقصائية وبقية القوى السياسية وخصوصاً تلك القوى التي تمثل طبقات التي تضررت مصالحها من التغير وبقايا الإقطاع والنظام الملكي البائد وتلك التي تتوقع لمصالحها أنْ تغرر إذا ما استمرت الثورة على خطها ، والقوى الإقليمية والعالمية .
لقد دق الحزب الشيوعي العراقي ناقوس الخطر لمجمل هذه القوى عندما نظم مظاهرته الأول من أيار 1959 والتي يتحدث عنها بهاء الدين الكوري كم يأتي ( ... وقد أوصينا تنظيماتنا في المدن غير البعيدة بإرسال العمال والشباب للمشاركة فيها . كما قررنا أنْ تشارك قيادة الحزب نفسها في المظاهرة باسم ( موكب جريدة اتحاد الشعب ) ..... كشفت المظاهرة عن أكبر مهرجان عمالي وشعبي في تاريخ العراق وحصلت بعض المفاجئات السياسية ، وبالأخص رفع شعا مشاركة الحزب في الحكم .
لقد هتف أكثر من نصف مليون بل ما يقارب المليون ..... مطالبين قاسم بإشراك الحزب في الحكم . على أنَّنا حددنا جميع الشعارات ولم ندخل فيها هذا الشعار الذي ولد بصيغة توفيقية أراد تجنب إثارة قاسم ( عاش الزعيم عبد الكريم ، الحزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيم ) وكان أبو لميس قد تنبه للشعار غير المقرر فذهب إلى سلام عادل ... فأجابه سلام عادل : ( دعهم يهتفون كما يروق لهم ولا داعي للتدخل والتغيير ) .
وفي اليوم الثاني اجتمعنا لدراسة وتقييم المظاهرة وبعد نقاش ضاف في المكتب السياسي قررنا تبني شعار المشاركة في الحكم باعتباره تعبيراً عن إرادة العمال والجماهير . وقررنا القيام بحملة إعلامية لدعم هذا المطلب .... ) .
جاء رد الفعل سريعاً من قاسم إذ بدأ يهجم على بعض المكتبات الديمقراطية للثورة بهجوم غير معلن على الحركة الجماهيرية كون الحزب يسيطر على معظمها إنْ لم تكن كلها فغلق بعض النقابات والجمعيات الفلاحية وتزوير الانتخابات فضلاً عن تسريح بعض ضباط الجيش .
ثم انحازت السلطة إلى القوى المعادية للحزب ، فسكتت عن الاغتيالات التي كان يمارسها حزب البعث لأعضاء وكوادر الحزب ، بل أوغلت أكثر من ذلك حيث بدأت تعتقل الظبية بدل الجاني .
وللتاريخ لا بد أن نسجل أنَّ سلام عادل وبعض القياديين قرروا التصدي للهجمة كما يروي دكلة ( ..... في إحدى أمسيات حزيران 1959 تلقيت تقريراً بوصفي مسئول منطقة بغداد ، يفيد أنَّ ثمة حركة انقلابية يعدُ لها بعض الضباط القوميين ومنهم أحمد صالح ألعيدي والحاكم العسكري العام ، تهدف هذه العملية إلى الإطاحة بقاسم وتصفية الحزب الشيوعي . فالتقطت السماعة واتصلت بجريدة اتحاد الشعب حيث يعمل سلام عادل ...... فأمهلني قليلاً وقال أنًَّه والشهيد جمل الحيدري سيحضران بعد قليل ... وصل الرفيقان ..... وبادروا بالسؤال ما الذي لديك ؟ عرضت عليهم التقرير . فكان جوابهما أنَّه نفس المعلومات التي تلقتها قيادة الحزب من مصدر آخر .... تداولنا الأمر وتوصلنا إلى أن من الصعب ، بل من المستحيل ، أن نحصل على رأي موحد فيما تعلق بعملية استيلاء على الحكم داخل قيادة الحزب . عندها تركز الحديث عن الإمكانات التي يمتلكها الحزب في الجيش ، فاقترح سلام عادل أن تستدعي الرفيق عطشان الأيزر جادي وهو أحد منظمي الخطوط العسكرية ولا سيما في سلاح الدبابات .... فجاْء وعرض أمامنا إن تنفيذ مثل هذه أمر ممكن ومتيسر حتى بدون الاستعانة بتنظيماتنا العسكرية في الخطوط الأخرى.
فتقرر في تلك الليلة إخراج مظاهرات تسد جميع الطرقات من باب المعظم حتى الباب الشرقي تمنع خروج أي كان من وزارة الدفاع .
وأغلق مكتب جريدة اتحاد الشعب وانتقل الرفيقان سلام عادل وجمال الحيدري إلى دار في منطقة باب الشيخ قريبة من مكتب بغداد .
واتفق على أن التحرك سيتم بعد منتصف الليل بفتح الطريق نحو وزارة الدفاع لاعتقال عبد الكريم قاسم والضباط المتآمرين ... راح مرافقو عبد الكريم وكبار ضباط وزارة الدفاع يستفسرون ما الذي يجري في بغداد ؟ ولم يحصلوا على أجوبة شافية لأنَّ مكتب اتحاد الشعب أغلق .... اجتمع القادة وتوجهوا إلى مكتب بغداد وهم عامر عبد الله وكريم أحمد وزكي خيري وآخرون ، ويبدو أنَّ مناقشات حادة جرت واطر سلام عادل للمجيء إلى مكتب بغداد وأصدر أوامره بتفريق المظاهرة وإبلاغ الأيزر جادي بإرجاء التحرك ) .
الحزب يتراجع عن المشاركة في السلطة على أثر تبني الحزب شعار المشاركة في الحكم ، تلقى مذكرة من قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي ، توجه له الانتقادات على هذا المطلب وتعتبر موقفه تطرفاً يسارياً وتؤكد أنَّ من الضروري دعن سلطة قاسم ضد ما تتعرض له من مؤامرات ودسائس امبريالية رامية إلى إسقاطها . هنا قرر الحزب التراجع عن موقفه ليدخل مرحلة التراجع الجماهيري والسياسي فيتحدث بهاء الدين نوري عن العلاقة بين الحزبين الشيوعي العراقي والسوفيتي . ( ..... وكنا من جانبنا أسرى التقاليد والتقديرات السائدة في نظام العلاقات داخل الحركة الشيوعية آنئذ . كنا دراويش للقيادة السوفيتية معتقدين بأنًَّها الأكثر فهما لأوضاع بلدنا ..... فامتثلنا للأمر وتخلينا عن شعار المشاركة بالحكم في أوسط 1959 استقر خطابنا السياسي العام على نهج ذيلي يميني إزاء قاسم ) .
وهنا لا بد من تسليط الأضواء على طبيعة العلاقة بين الحزب الشيوعي العراقي والسوفيتي من خلال ما يتحدث صالح دكلة تحت عنوان أيام في جمهورية الصين الشعبية . ( .... في أعقاب الاجتماع الكامل للجنة المركزية في تموز 1959 وبناء على قرار من المكتب السياسي يفيد بضرورة إرسال عدد من أعضاء اللجنة المركزية للدراسة الحزبية .... ) .
وصادف أنْ تلقت قيادة الحزب دعوة من قيادة الحزب الشيوعي الصيني لزيارة الصين ، بمناسبة احتفالات الذكرى العاشرة للثورة الصينية . لذلك اختارت القيادة أعضاء الوفد وكانوا هادي هاشم رئيساً للوفد وعضوية كل من جمال الحيدري ومحمد حسين أبو العيس وصالح دكلة وعامر عبد الله ، لكن الأخير لم يلتحق بالوفد لاعتراضه على رئاسة هادي للوفد . وقد قوبل الوفد باهتمام بالغ لأهمية الحزب ودوره في ثورة تموز وما يمكن أنْ يعول عليه من إجراء تغيرات في المنطقة ، فضلاً عن أنَّ قيادة الحزب الشيوعي الصيني يرغبون باستمالة الحزب الشيوعي العراقي إلى سياستهم فيما يتعلق بالصراع بين الشيوعيين الصيني والسوفيتي قد ابتدأ وإن لم يخرج إلى العلن .... تجاوزت القيادة الصينية بعض الاعتبارات المتعارف عليها فجعلت كلمة الحزب في حفل الافتتاح قبل أحزاب الدول الاشتراكية ....
ولقد خصص الرفاق الصينيون في زحمة الاحتفالات وقتا ثميناً وكبيراً .... وكان وفد الحزب الشيوعي الصيني على مستوى عالي يترأسه ( ليو تشاوتشي ) رئيس الجمهورية ، فضلاً عن خمسة من أعضاء المكتب السياسي ......
ومن جانبنا قدمنا عرضاً وافيا لظروف عمل الحزب وإمكانياته ... وفي ختام المحادثات قال ليو تشاوتشي : ( .... إنَّ حزبكم أيُّها الرفاق حزبٌ عظيمٌ وهو يحضا بتأييد واسع ورصيد لا بد أنْ تحافظوا عليه.....
وصار حكم أنَّ حزبك يستند إلى تأييد شعبي لا نستطيع نحن في الصين كحزب حاكم امتلاك مثل هذه الجماهيرية .... ولذلك فإنَّ حزبكم حزب الثورة الاشتراكية ... ذلك أنَّ نصائح الرفاق السوفيت قد أساءت إلينا ... ) .
اجتمعنا وصرنا كيف نقيم الحديث فهادي هاشم ألأعظمي اليميني والمتردد لم يلتقط سوى عبارة ( الرفاق السوفيت أساؤوا لنا ) في اعتبار البوليس كلام الصينيين دعوة للاستعداد والتهيؤ للسلطة وبمجرد وصوله إلى بغداد قدم مشروعاً كاملا يقترح فيه على قيادة الحزب توفير المستلزمات الضرورية للوثوب إلى السلطة .

أسباب الخلاف بين الأحزاب السياسية ونتائجها
يمكن القول أن ما حصل من صراع بين الأحزاب السياسية العراقية بعد ثورة 14 تموز يرجع إلى الطبيعة الاستبدادية لكل الأحزاب ، وأنّ جميعها تتحمل وزر ما حصل من صراع كانت نتيجة سلسلة من الانقلابات العسكرية أدت إلى توليد أعتا دكتاتورية عرفها التاريخ العراق المعاصر .
وهنا لا بد من أن نؤكد على الدور الخارجي ، عالمياً كان أم إقليميا ، فعلى الصعيد الإقليمي كان موقف جمال عبد الناصر في البداية دائما للثورة لكن الوقائع التالية بينت أنَّ دعمه لم يكن بمعزل عن رغبته في ضم العراق إلى الجمهورية العربية المتحدة ضما فورياً . وقد أيد حزب البعث الوحدة الفورية للوصول إلى السلطة لا لكونه راغباً بالوحدة ( فقد رفض الوحدة الاندماجية الفورية عقب تسلمه السلطة ) . إلا أنَّ الحزب لم يكن ضد الوحدة ، أنما رفع شعار الاتحاد الفدرالي ، هنا لا بد من التنويه لماذا لم يحاول الحزب فتح أبواب الحوار مع القوى القومية ومن ضمنها حزب البعث ؟ خصوصاً وأنه أسس لعلاقات جيدة في مرحلة لاحقة مع التيارات القومية العربية مثل ( الحركة الاشتراكية العربية ) ولا يمكن تفسير هذه الظاهرة إلاَّ كون جميع القوى قد تمرست بمواقفها . كما أنَّ الحزب لم يستثمر العلاقة القومية مع البارتي لخلق جبهة مناهضة لجبهة البعث وحلفاءه ، على الرغم من أن البارتي قد طلب من الحزب حل تنظيماته في كردستان مما يعتبر تدخلاً ساخراً في شؤون الحزب ، لكن هذه المشكلة كان يمكن حلها بالتفاوض خصوصاً أنَّ كردستان طالما شكلت ملاذاً للشيوعيين في فترات الهجوم الشرسة التي توجهت له من قبل خصومه .
ويتحمل قاسم الوزر الأكبر بسبب تغير نهجه عندما انحرف نحو القوى القومية وساندها بضرب الحزب الذي تخلا عن مطلبه بالمشاركة في الحكم ، وظل يساند قاسم حتى آخر لحظة من حياته الأخيرة على الرغم من الخسائر الكبرى للحزب والمتمثلة في خسرانه لعدد كبير من مواقعه ، وحصول الخلافات بين قياداته مما شتت جهودهم .
هنا لا بد من ذكر شهادة الرفيق حكمت خزن دار لكونه قد عمل عن قرب من اللجنة المركزية ومكتبها السياسي حيث يقول : ( لم تكن قيادة الحزب موحدة في قراراتها .... مما دفع الحزب إلى التخطيط تجاه الثورة ، وتجاه حلفاء الأمس ... )
لم تكن القيادة حاذقة ويقظة لإدراك أساليب المناورة والدس بين القوى الوطنية التي أنتجتها القوى المعادية خاصة نجاح القوى المعادية الخارجية في الاستفادة القصوى من القوى القومية وفي مقدمتها حزب البعث .... لأنَّ القيادة اعتقدت أنَّ المد الجماهيري يكفي الحزب للانفراد في الساحة السياسية والاستغناء عن القوى السياسية الأخرى مما دفع هذه القوى لتكون فريسة للقوى الرجعية المحلية والخارجية . وكان الأول بقيادة الحزب أنْ تجرَ البساط من تحت أقدام الرجعية وتلجأ إلى القوى القومية السليمة لإبعادها عن الانسياق في الطريق الخاطئ من خلال الحوار وتطمينها بأنها ما زالت حليفة ، ويجب المشاركة سوية في قيادة الحياة السياسية .
... بدلا من ذلك ركزت القيادة على دعم عبد الكريم قاسم دون تحفظ ! ودون اتفاق مشترك مع حكومته حول تطور اللاحق للبلاد .... لم يعاملنا عبد الكريم قاسم بالمثل ، فهو بدل أن يدرك أنَّنا حلفاء حقيقيون لا نطمح لإبعاده عن السلطة ! كان ينتهج سياسة مترددة وفق أهواءه .... ) .
خلاصة القول ، أن على الحزب اليوم أن يفتش عن القوى القريبة من توجهاته ،القوى الديمقراطية بمختلف تلاوينها لتشكيل جبهة ديمقراطية عريضة يكون له الموقع المتميز فيها ،كونه أكثر هذه الأحزاب امتلاكا لقواعد قويه وكوادر كفوئة تمكنه من أن يلعب مثل هذا الدور .
ثم عليه الابتعاد عن سياسة المهانة مع القوى الأخرى لأن هذه القوى لا يؤمن جانبها وهي مستعدة للانقلاب على الحزب وعلى كل القوى الديمقراطية في أي وقت تشعر أنها أصبحت قادرة على ذلك والتجارب السابقة تؤكد هذا التوجه .





المصادر التاريخية للبحث
1- من الذاكرة ( سيرة حياة صالح مهدي دكلة من صفحة 56 إلى صفحة 86
2- حكمت خزن دار (سفر ومحطات )من صفحة 43الى صفحة 44.
3- بهاء الدين نوري






#وصفي_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة الفكر القومي العربي وتأثيراتها في العراق
- هل يمكن حل الصراع السوري الاسرائيلي بالظرق السلمية
- الى متى ايتها الحكومة المصرية
- الى متى ايتها الحكومة المصرية؟؟
- التطور السياسي في العراق- الحلقة الثانية
- تطور الوعي السياسي في العراق
- هل ستتغير موازين القوى في الانتخابات العامة المقبلة
- العراق بين احتلالين
- مؤامرات ودسائس
- ماذا لو خرج الامريكان من العراق ؟؟
- الدولة العراقية ما بين العولمة و الاسلمة
- السبل الكفيلة لبناء دولة ديمقراطية علمانية في العراق
- لنستخلص العبر والدروس من انقلاب 8شباط 1963 الاسود
- حول الستراتيجية الجديدة للرئيس بوش
- ملاحظات حول المصالحه الوطنيه
- العقليه الاقصائيه لاحزاب الاسلام السياسي
- الطائفية الاسباب والنتائج و كيفية النعاطي معها
- الحوار الهاديء سبيلنا للخروج من المحنة


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - وصفي السامرائي - دراسة نقدية تاريخية للحزب الشيوعي العراقي