أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمود القرني - أحمد الخميسي - كتاب جديد عن أقباط مصر















المزيد.....

أحمد الخميسي - كتاب جديد عن أقباط مصر


محمود القرني

الحوار المتمدن-العدد: 2313 - 2008 / 6 / 15 - 10:35
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يفتح الدكتور أحمد الخميسي بابا واسعا علي ريح عاتية، أرادته الأزمات المجتمعية والسياسية في مصر أن يكون مغلقا.
لكن تلك الدعوة الحميمة أحيانا والجارحة أحيانا أخري التي يدفعها الخميسي للأمام تعني أن أزمة العلاقة بين الأقباط والمسلمين تستحق أكثر من القبلات الفارغة التي يتبادلها البابا وشيخ الأزهر تحت الإشراف الرئاسي، والتي باتت لا تعني شيئا ذا بال بالنسبة لجموع المصريين، بل ربما بات التأكيد الدائم عليها يعني انتشار المرض في الجسد المتهالك.
قدم الخميسي كتابا فريدا في نبرته، وتنوع خطابه، فهو يتراوح بين الإنسان المغرق في الإنسانية، والتنظيري المغرق في الوعي بجذور المشكلة، وذلك تحت عنوان الباب المغلق بين الأقباط والمسلمين في مصر ، وقد غلبت الخميسي أجواؤه القصصية التي أنجز فيها مجموعة فريدة هي قطعة ليل ، وها هــو يفتتــح كتابه بقصة فريدة وفاتنة وجارحة تحت عنوان الباب المغلق ، وهي قصة ربما كانت تمثل أفضل المداخل للأزمة التي يتناولها الكتاب.
يتناول الدكتور أحمد الخميسي قصة الصبية اليافعة هدي التي لا زالت في سن الطفولة، فهي ابنة بواب من اقصي جنوب البلاد يعيش حارسا لعقار في حي الظاهر، توفيت زوجته وتركت له ابنتهما هدي الطفلة التي كانت تقوم بقضاء معظم حاجيات السكان نيابة عن ابيها المريض بالفشل الكلوي، حيث وافته المنية نتيجة هذا المرض، فما كان من السيد موريس المحاسب بأحد البنوك والسيدة جانيت زوجته ـ وهما قبطيان يسكنان الطابق الأول بنفس العمارة ـ إلا أن آويا الطفلة هدي وقاما حيالها بما يفعله الأهل في مثل هذه الظروف، بل فكرت مدام جانيت ـ التي لم تنجب أطفالا لزوجها موريس ـ أن تجهز غرفة لهدي بغرض الإقامة الدائمة، غير أن الأقاويل التي سادت الشارع كله والتي تناقلتها الألسن أن موريس وجانيت سوف يقومان بتنصير هدي، وعندما شعرت الأسرة الصغيرة أنها ستكون مستهدفة عما قريب، لم يكن أمام الاستاذ موريس إلا أن يطرد هدي، ويرصد الخميسي مشهدا مأساويا للبنت التي كانت ترفض ان تفارق أسرة أحبتها وكذلك الأسرة التي كان تحترق مشاعرها وهي تفعل ذلك بالبنت، غير أن الأستاذ موريس يغلق الباب من الداخل وهو يتمزق ألما، وهدي في الخارج تدق الباب بعنف وتبكي، بكاء مرا.
هذا هو الباب المغلق الذي أشاع ألما مبكرا في الكتاب الجديد لأحمد الخميسي، الذي لا يكتفي بمثل هذه الرواية التي جاءته من الواقع، بل يرصد لنا في ثاني تلك الأقاصيص حكاية سعاد التي في خاطري تلك الطفلة فائقة الجمال التي جمعته بها علاقتهــــــما كجيران، وكيف أن سنوات البراءة الأولي زرعت مساحة هائلة من الحب والتواصل عكس ما حدث في السنوات التالية من نضج ووعي فتحا مسامع الفتي علي تفرقة لا معني لها يلعب فيها الدين السبب الأساسي دون وعي من عامة الناس، وهنا يري الخميـسي أن تلك الثقافة التي تقوم علي التفرقة ظلمت الأقباط كما ظلمت المسلمين، ويقول في ذلك أدركت أن أخطر ما يهدد الثقافة المصرية هو التفرقة التي ينتشر بها من طفولتنا، لان المسلمين هنا ينشأون علي ثقافة إسلامية فحسب، ـ بالمعني العام للثقافة ـ بينما ينشأ معظم الأقباط بدورهم علي ثقافـــــة مسيحية فحسب، لا أحد يعلمنا منذ الطفـــــــولة أن تاريخ مصر وحده لا يتجزأ، وأنه لا يمكن لمصري أن يلم بتاريخ بلده من دون أن يتعرف إلي هاتين الثقافتين ومن دون أن ينشر بهما وجدانه ومن ثم فإن التفرقة في التربية في الصغر، والطائفية في الكبر عقاب يحل ليس فقط بالأقباط ولكن بالمسلمين أيضا لأنها تحرمهم من اكتمال شعورهم بالوطن .
هذه هي مجمل الرؤية الإنسانية أولا والفكرية ثانياً التي ينطلق منها كتاب الدكتور الخميسي، وهي الرؤية التي توضحها بجلاء عدة دراسات تالية شملها الكتاب، حيث يتناول الكاتب ذلك الحادث المؤسف الذي روجته صحيفة النبأ في عام 2001، حول راهب دير المحرق بأسيوط الذي اغتصب العديد من النساء، وهو الحادث الذي أثار فتنة كبري راح ضحيـــتها رئيس تحـــــرير الجريدة ممدوح مهران، بينما كان الحادث قديم وتم شلح الراهب وطرده من الكنيسة وهي معلومات لم تشر إليها الجريدة، وتشكك الخميسي في مقاله في الدوافع وراء النشر، وعدم الإشارة الي تاريخ الحادث والعقوبات التي وقعتها الكنيسة علي الراهب، وكذلك كيفية حصوله علي الصور، ويقول هنا: إن الموضوع يثير أربع قضايا هامة الأولي: تتعلق بمفهوم حرية الصحافة، والثانية: خاصة بتوقيت النشر والجهة التي وقفت خلف ذلك وأمدت الصحيفة بصور من سجلات تحقيق رسمي وأهداف هذه الجهة من ذلك في ظل ظروف اجتماعية وسياسية محتقنة، والثالثة تخص انحسار الفكر العلمي بشكل عام والقضية الرابعة هي قضية الطائفية التي اختفت مع أحداث الكشح لتعود من جديد مع هذه الحادثة ، ويخلص الخميسي في مقاله الي أن التعليم والإعلان عندما يتجاهلان تاريخ الأقباط إنما يجعلانه موضوعا مبهما في الوعي يصعب تصوره، وهو ما يراه يشكل خطورة مزدوجة علي الوحدة الوطنية والثقافة المصرية التي يقول انها علي هذا النحو تري بعين واحدة.
وفي مقال آخر يتناول الخميسي معني شائكا آخر هو غياب الأدب الذي يتناول أوضاع الأقباط ويشير إلي أن أدبا من هذا النوع لم يوجد سوي في روايات كتاب مسلمين مثل إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ وأن النماذج القبطية التي ظهرت لدي كاتب قبطي مثل إدوار الخراط ظهرت علي استحياء، ويدعو الخميسي الي ضرورة ملء هذا الفراغ ويقول إن ثمة أهمية للتعبير الأدبي عن القضايا القبطية، ويري كذلك أن العوالم المعنوية والفكرية والفردية والجماعية لهم يجب الا تبقي أسيرة للعتمة والصمت.
ويقول: إن ذلك يجعلها شيئا مجهولا، قابلا لإضافات الخيال بالسلب والايجاب لأن الطبيعة تكره الفراغ، ومن ثم تملأه ـ علي الأغلب ـ بالأوهام والتصورات المريضة عن الآخر ، ويدعو الخميسي في نهاية مقاله إلي دعم أدب مصري متعدد ومتنوع حتي لا ننتهي الي رفع شعارات ممجوجة الأدب الإسلامي و الأدب القبطي .
وفي مقال من أهم مقالات الكتاب يتناول الخميسي موضوع المطالب القبطية التاريخية لإقرار نوع من المساواة المرجوة، وذلك تعقيبا علي أحداث الفتنة الطائفية بمدينة الإسكندرية في العام الماضي.
يجمل الخميسي ويتبني ما يطالب به الأقباط ويدعو القوي السياسية لمؤازرته والوقوف خلفه وممارسة الضغط المطلوب علي الحكومة لتنفيذه.
يقول الخميسي إن ذلك لكي يتحقق لا بد من:
نزع خانة الديانة من البطاقات وجوازات السفر لأن المواطن يعرف بجنسيته وليس بدينه ومساواة الأقباط بغيرهم في أوقات البث الإعلامي والتليفزيوني لطقوس الأقباط الدينية، والإلغاء الكامل لقرارات الخط الهمايوني، وإعادة أراضي الوقف المسيحية للأقباط، ووقف كافة أشكال التمييز فيما يتعلق بشغل المناصب العليا، ووضع القوانين الكفيلة بنبذ الكراهية علي المنابر وفي المدارس والنظام التعليمي، ووضع مواد دراسية تعيد الاعتبار للتاريخ المصري باعتباره تاريخا واحدا.
يتضمن كتاب الدكتور الخميسي الي جانب ذلك العديد من المقالات المؤثرة التي وصلت إلي سبعة عشر مقالا منها وحش التمييز، أيام عزبة واصف وأيام طه حسين، جبهة إسلامية مسيحية، الدولة والنزعة السحرية، الطائفية إلي متي، الطريق للخروج من الأزمة، من أجل القرآن، المسألة القبطية وما جري في الإسكندرية .
وقد صدر الكتاب عن سلسلة كراسات الشعب التي تصدر عن مؤسسة الهلالي للحريات، وهي المؤسسة التي حملت اسم المحامي والمناضل السياسي الراحل نبيل الهلالي أحد رموز الحركة الوطنية المصرية وحسب وصف أقرانه قديس الحركة الوطنية الذي رحل عنا منذ ما يتجاوز العام، وهو أحد المكافحين والمدافعين عن المضطهدين والمقموعين من كافة فئات المجتمع وعلي رأسهم الجماعات الدينية، والفقراء والعمال، وهو إلي جانب ذلك سليل الارستقراطية المصرية حيث ينحدر من نجيب الهلالي باشا رئيس الوزراء الأسبق.
والمؤسسة الجديدة تعمل تحت رعاية مجلس أمناء يتكون إلي جانب الخميسي من المحامي أحمد سيف الإسلام، رضوي عاشور، رؤوف عباس، سمير أمين، شكري عازر، صنع الله إبراهيم، عبدالعال الباقوري، عبدالمحسن شاشة، مصطفي الجمال، والدكتورة مني أنيس.
يقع الكتاب في 146 صفحة من القطع الصغير، في غلاف متميز وطباعة أنيقة تحت إشراف الفنان فتحي غالي والهيئة التنفيذية لمؤسسة الهلالي للحريات المكونة من سيد فتحي، ممدوح حبشي، ونبيل صبحي.

***
محمود القرني – شاعر وكاتب من مصر
13 يونيو 2008






#محمود_القرني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمود القرني - أحمد الخميسي - كتاب جديد عن أقباط مصر