أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالآله السباهي - اللطلاطة (2)















المزيد.....

اللطلاطة (2)


عبدالآله السباهي

الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:00
المحور: الادب والفن
    


حيهن
إلى الشرق من ميسان حيث هور الحويزة يصب نهر الكرخة، وعلى منتصفه تقع مدينة الحويزة، والتي تبعد حوالي 90 كم عن الأحواز شمال غرب مدينة المحمرة .
كانت الحويزة عاصمة الدولة المشعشعية في أيام المغول. أبدل اسمها الإيرانيون اليوم إلى( دشت ميشان ).
في هذه المدينة الكبيرة تقاسم بعض المندائيون العيش مع أهلها العرب من عشائر طي. ولكون المندائيون رعايا دين توحيدي قديم، ورد ذكرهم في القران الكريم ، تسامح الجميع معهم ، وتركوهم يعيشون بسلام في الحويزة، فشيدوا لهم معبدا فيها (مندي) وكانوا يمارسون طقوسهم في الإرتماس في نهر الكرخة بكل حرية. وكانوا يرددون اسم الله في تلك الطقوس بلغة أخرى هي المندائية. تلك اللغة التي كانت سائدة في تلك الأصقاع قبل الفي عام على الأقل .(1)
في تلك المدينة ولدت حيهن في أوآخر القرن التاسع عشر، أو في بدايات القرن العشرين. أبو حيهن رجل الدين المندائي الأكبر في تلك الأصقاع، وكان أنشأ بعض أولاده على طريقته فأصبحوا رجال دين مرموقين هناك قبل أن يهربوا إلى العراق بعد أن فشلت ثورة الحويزة ضد الظلم الفارسي عام 1928، وبعد أن تعرضوا للقمع والإبادة، حيث لم يشفع لهم توحيدهم أو مساهمات أجدادهم في بناء الحضارة في تلك الأصقاع.
ربما كان ( بار أنوش) أحد الأجداد الأوائل لحيهن، والذي عاش في الأهواز في عهد الملك شابور. أشاد بار أنوش، هذا الرجل المندائي جسرا على نهر الكارون طوله 435 ذراع، وعرضه ستة أذرع، وبفتحات بلغت 15 فتحة في مدة لم تتجاوز الثلاث سنين .
استقدمت حيهن بعد أن ترملت أمها لتعيش معها في دار واحدة في اللطلاطة. فأصبحت تلك المرأة الوافدة ( طبيب) اللطلاطة والقرى المجاورة، بما لديها من تجارب في معالجة بعض الأمراض، وبما تملكه من الخرز والأحراز التي كانت تساعد بها النساء الحوامل وغيرهن. ولكونها محسنة للجميع وتتكلم اللغة الفارسية إضافة إلى العربية أضفى عليها هاله من التبجيل ذاع صيتها بعيدا.
كان أخوة حيهن وأغلبهم رجال دين، يحيطون بها ويساعدوها في عيشها كأرملة، بعد أن استقروا معها في اللطلاطة.
عند الحديث عن مناخ العراق، كان معلم الجغرافيا يلقن التلاميذ الصغار، أن العراق ( حار جاف صيفا وقارص البرد ممطر شتاء ).
نعم الشتاء هناك بارد جدا، وبيوت الطين وإن كانت ممتازة في فصل الصيف، إلا أنها لا تحمي ساكنيها من برد الشتاء. مما يضطر الناس في الليالي الشديدة البرد إلى استخدام مناقل الحطب للتدفئة، والنوم تحت أغطية ثقيلة ذات ألوان وزخارف هندسية رائعة كأنها السجاد تسمى الواحدة منها ( إزار ركم ) .
كانت العائلة في بيت سلمان تنام في الغرفة الواقعة على الشارع الموازي للنهر، أو قل كورنيش اللطلاطة، وكانوا يدخلون البقرة ( الدبسة ) في تلك الغرفة الواسعة لتنام معهم خوفا عليها من البرد، ومن اللصوص اللذين أخذوا يغيرون على القرية من حين لآخر.
كان موقد النار يتوسط الغرفة الواسعة في بيت سلمان، في ليلة شتوية قارصة البرد. حطبه كرب النخيل، وبضعة أغصان من التوت، أخذت ناره ترسم لوحة بألوان قانية الحمرة بعد أن انقشع الدخان وتوهج الجمر.
غط الأطفال في نوم هادئ، وظلت حيهن وأمها يقلبن الأمور في حديث هادئ، عن مستقبل الأسرة، وكيف سيدبرن إعالة الأطفال بعد أن رحل سلمان .
كان للصوص تلك المناطق طريقة خاصة شائعة بينهم في السطو على البيوت. يدخلون الدور من خلال فتحة، يحفرونها في الجدر الطيني بخناجرهم المشحوذة دائما، يدخل اللص مؤخرته في تلك الفتحة خوفا على رأسه ممن قد يتربص به، ثم يدخل كامل جسمه، وبعد أن يطمأن يسرق ما يجده في تلك الدار، وما يقدر على حمله ويخرج من الباب الرئيسي، المقفول بمزلاج خشبي يعصى فتحه على الداخلين للدار لا الخارجين منها، وسكان الدار يغطون في النوم تحت تلك الأغطية الثقيلة .
استغرق حديثهن وقتا طويلا مع أمها، فالمشاكل معقدة والحديث يتشعب ولم يبقى من الليل إلا الهزيع الأخير .
وعندها سمعت حيهن نقرا على الجدار، ثم تأكد لها أن أحدهم يحفر فيه. قامت بهدوء وأحضرت محراث التنور، وهو سيخ طويل من الحديد يستخدم في تحريك الجمر داخل التنور لتنضج الأرغفة فيه. وضعته في الموقد وزادت الحطب عليه واستمرت بالحديث مع أمها التي لم تسمع منه شيئا بعد أن غلبها النوم وراحت تشخر بصوت مكبوت.
استمر الحفر في الجدار طويلا فالجدار كان عريض وطينه مداف جيدا بالتبن فتماسك جدا وحيهن تنتظر بقلق. أخذ السيخ يحمّر تحت وهج أغصان التوت الذي غطت شجرته وسط دار سلمان.
بعد أن أنجز اللص المرحلة الأولى من عمله، وظهرت فتحته صغيرة في أسفل الجدار، تسللت منها خيوط القمر البيضاء، راح اللص يدس مؤخرته فيها ليلج الدار على عادته، حالما بصيد ثمين. بعد أن أدخل كل مؤخرته في تلك الحفرة الصغيرة، وقبل أن يدخل باقي جسمه، أخذت حيهن السيخ المحمر وراحت تكويه على مؤخرته بكل قوة وثبات، أخذ اللص يصرخ من شدة الألم محاولا الفرار.
لم يخرج اللص من تلك الورطة إلا بعد أن أيقظت رائحة الشواء أم حيهن، واختلط صراخ الصغار المرعوبين بصراخ اللص.
تركت حيهن اللص يهرب ولم توقظ الجيران، وأعادت الأطفال إلى فراشهم، وأغلقت الفتحة بحقيبة حديدية كبيرة كانت تضم بعض أدواة عمل سلمان وكأنها تعاتبه .
انتشر الخبر في اليوم التالي في المدينة كلها، ولم يجرأ بعدها أحد من اللصوص بدخول اللطلاطة.
بعد تلك الحادثة عرض عليها أحد إخوتها بالانتقال للعيش معه، لكنها أصرت على أن يظل بيت سلمان مفتوح.
أراد ابنها الكبير قاسم ترك الدراسة، والتي قطع فيها شوطا كبيرا، ليعمل ويعيل العائلة. ولكن حيهن أصرت على إرساله إلى بغداد ليكمل تحصيله في كلية الملكة عالية، والتي ذاع صيتها بعد أن ينهي تعليمه الثانوي.
أخذت حيهن تشتغل هي وابنتها يساعدها الصغار في نسج الأطباق من جريد النخل، وصنع الحصران من سعفه، وبناء التنانير من الطين، وغزل الصوف، وحياكة الهمايين (2) وخياطة الرسته (3)، وغيرها من الأعمال التي كانت توفر دخلا شحيحا. لكن الحياة كانت تجري، وبمساعدة البستان والبقرة الدبسة التي كانت ساهمت بشكل جدي في توفر الحد الأدنى من العيش.
أنهى قاسم المرحلة الثانوية من الدراسة بتفوق، فأصرت حيهن على إرساله إلى بغداد ليحقق طموحه وطموح الأسرة، وليعيد اسم سلمان إلى الواجهة.
كانت تزور اللطلاطة في تلك الأيام، ومن حين إلى آخر مستشرقة وباحثة في الأديان القديمة انكليزية الجنسية، وكانت تقضي الساعات الطوال في متابعة طقوس المندائيين وتتعلم لغتهم وعاداتهم. وخلال زياراتها، كانت تسكن في موقع الحامية البريطانية المبنية في الجهة الأخرى من النهر.
كانت الليدي دراور ( وهذا اسمها) تطلب من قاسم أن يجلب لها قنينة حليب من الدبسة كل يوم، وكانت تغدق عليه العطايا. وتستعين بإنكليزيته البسيطة في التفاهم مع الآخرين في اللطلاطة، قبل أن تتعلم هي العربية. كتبت هذه الباحثة أهم الكتب عن الدين المندائي وعن هذا الشعب المنسي، وكان الكل هناك يستقبلونها دائما باحترام شديد، فكان يفرد لها كرسي في وسط مندي (4) اللطلاطة، تظللها شجيرات الياسمين ، ويحيطها ورد الجوري البري الذي يغرق الجميع بعطره الفواح.
لم يكن العيش سهلا على الرجال في اللطلاطة، فلم تتوفر لهم فرص للعمل في المدينة عدا بعض الحرف الصعبة كالحدادة ونجارة الزوارق والقلة منهم وجدت فرصة العمل في مجال التعليم . وهكذا تغرب الغالبية منهم في البصرة أو في دول الخليج يحثا عن الرزق.
حاول عبد الرزاق وهو أخو قاسم الأصغر، أن يجرب حظه في السفر أيضا . ترك اللطلاطة ، قاصدا مدينة البصرة وهو لا يزال غلاما . ليعمل هناك من أجل أن يشبع بطنه بعد أن عجزت الأم الأرملة في إطعام كل الأفواه التي كانت لم تعرف الشبع يوما .
كان يضحك دائما فلم يحزر أحدا قدر ألمه عندما روى لأمه ذات مرة كيف أن الذين عمل صانع عندهم في البصرة. يضعون مائدة الغداء ظهرا بعد ساعات من العمل الشاق . فتمتد العديد من الأيدي القوية إليها مسرعة . أما هو فكان يجد صعوبة في الوصول إلى قلب المائدة التي توسطتها سمكة مشوية تناهشتها أيدي الكبار. فيلملم ما كان على الأطراف منها في لقمته .
وقبل أن يشبع بطنه يأمره الأسطى بجلب كوب من الماء ليدفع به الغصة . فيعود صاحبنا بالماء وعندها تكون المائدة أخليت تماما . فيأمرونه برفعها ليتكرر ذلك في اليوم التالي والذي بعده إلى أن هرب من عقاب ( تعلم الصنعة ) .
كان الكبار يعودوا إلى اللطلاطة بالمناسبات محملين بالهدايا، والتي كانت تدخل القرية لأول مرة، فلم تعرف اللطلاطة السجاير مثلا، ولم يكن فيها من يدخنها أصلا، فكانت علب سجاير (بلايرس) المعدنية والتي يصرّ غالبيتهم على جلبها ربما إعجابا بصورة البحار الملونة التي طبعت على العلبة بإتقان، تفرغ تلك العلب في اللطلاطة من السجاير لتتحول إلى صناديق لبعض الحلي ولوازم الخياط من أبر وخيوط وأزرار. أما السجاير فيفرغها الأطفال من التبغ وتتحول إلى فرارات.
الكثير من الهدايا وخاصة المرسلة للعائلات فلا يعرف أحد طريقة استعمالها، فراحت النساء تلبس القمصان الداخلية الحريرية فوق الملابس ليتفاخرن بشرائط الدانتيلا التي تزين حواشيها، أما حمالات الصدر فكانت تستعمل في اللطلاطة كواقيات لرفع القدور الساخنة، وكان صبغ الأظافر يستعمل في الشعر أو يستعمل كعطر، وعندما وصلت حبوب الفاصوليا أول مرة، قامت النساء بطحنها وأطعامها للأبقار.
كان أحدهم قد جلب لأولاده (غراموفون) مع اسطوانات غربية مختلفة ، فأصبح مفخرة اللطلاطة الأولى، وراحت الموسيقى تسمع في القرية لأول مرة، ولكن أولاد ذلك الرجل كانوا يمنعون بقية الصبية من الاقتراب من الدار كي لا يستمعوا إليها. ولكن الحضارة أخذت تقتحم تلك القرية بإصرار مع الأيام.
لم يعد يشغل حيهن وسكان اللطلاطة إلا مسألة الحصول على سندات ملكية الدور ( الطابو) بعد أن ازدهرت القرية وأصبحت محط أنظار الجميع.
كانت رسوم التسجيل ( الطابو) تلك الورقة السوداء السحرية باهظة الكلفة في ذلك الوقت، وتتطلب معاملة خاصة في دوائر التسجيل العقاري في مدينة العمارة مركز اللواء.
قام السكان بحملة تقشف لتوفير رسوم الطابو، والتي بلغت ثلاثة دنانير وسبعمائة فلس. و بعد أن جمع المبلغ، كلفت القرية قاسم بإيصال هذا المبلغ إلى أحد المعارف، والذي يسكن مدينة العمارة.
بعثوا له مع قاسم الذي سيسافر إلى بغداد رسالة، وحلانة (5) من التمر النادر، وكيس من الكليجة، وكل الأوراق والوثائق المطلوبة.
بعد أن وصل قاسم بمشقة إلى سوق العمارة في طريقه إلى بيت أبو علوان وحلانة التمر قد هدت كتفه وهو يجرجر بحقيبة سفره. وعند مروره بالسوق ، وبعد أن أجهدت الحلانة كتف سلمان، وزاد به العطش، استجاب لنداء بائع اللبن الذي افترش الدرب وسط السوق، فوقف بجانبه، فكف هذا عن صراخه في مناداته الغريبة على بضاعته (ماي دجلة، ولبن عجله، واليشربه يشيل رجله)، شرب قاسم طاسة من لبن العجلة وكان نصفها من ماء دجلة، ودفع ثمنها ثم شال حلان التمر، وواصل البحث عن بيت أبي علوان.
طرق قاسم الباب فاستقبلت الحلانة بترحاب كبير، وحل قاسم عندها ضيفا عزيزا في بيت أبي علوان. تسامر الرجل مع قاسم مرحبا به، وأخذ منه الدنانير وكافة الأوراق وتعهد له بأن ينجز المعاملة بسرعة، ويوصل السندات لأهلها قريبا بيده مباشرة إن شاء الله .
نام قاسم ليلته تلك مطمئنا،فقد انزاحت الحلانة من على ظهره، والنقود وصلت للشخص المطلوب، ولم يبقى له إلا الحلم ببغداد ومباهجها وببنات بغداد.
من الصباح الباكر غادر العمارة في سفرة طويلة وشاقة على متن حافلة تجر نفسها بصعوبة إلى بغداد. تلك كانت سفرته الأولى إلى خارج حدود العمارة.
عاد قاسم إلى اللطلاطة بعد عدة شهور، ليقضي عطلته الأولى فيها، بعد فصل دراسي مرهق، قطع الدرب من قلعة صالح إلى اللطلاطة ماشيا بين البساتين، سارح بفكره يستعيد ذكرى أيام الطفولة، وعندما وصل القرية تجمع حوله جميع من كان فيها يومئذ، وحتى قبل أن يصل الدار، سائلين قبل كل شيء عن أوراق الطابو، وعن مصير النقود والأوراق التي أرسلت معه منذ عدة أشهر، وضحت الصورة لقاسم، ووضح سبب هذا الأستقبال الغاضب من سكان القرية له، بعد أن علم أن نقودهم قد تحولت إلى طابوق في واجهة بيت أبي علوان الجديد، في وسط العمارة، ولم يعرف مصير الأوراق بعدها.
سببت تلك الحادثة ألما موجعا لقاسم، وإحراجا كبيرا لحيهن، وظلت اللطلاطة مسجلة في دوائر الطابو، ولا يملك أصحابها سندات التمليك إلى اليوم .
لم يستطع قاسم الصمود في بغداد لأكثر من سنة بسبب فقره المدقع فعاد إلى قلعة صالح ليعمل معلما في مدرستها الوحيدة.
عندها تبدلت الحال وتركت حيهن العمل الشاق واكتفت بحياكة (الهمايين) ولغرض المتعة وتمضية الوقت، وأخذت الأسرة تعتمد على الراتب الشهري الذي يتقاضاه قاسم من مديرية المعارف.
عاد قاسم إلى قلعة صالح وقد غيرته بغداد. فعاد منها محملا بأفكار جديدة كانت هي السبب في هجرهم اللطلاطة والتشرد في القرى النائية، وفي معاناتهم القادمة.
ظلت حيهن تنتقل مع قاسم من قرية إلى أخرى حتى سكنت بغداد، بعد أن تزوجت ابنتها هناك، وبعد أن انتقل قاسم إلى بغداد ليدّرس في مدارسها. وهكذا حرمت حيهن من النعيم والأمن الذي كانت توفره لها اللطلاطة .
لم تستمر أيام السعادة في بغداد طويلا، فقد أعلنت الأحكام العسكرية فيها، بعد مظاهرات صاخبة تحولت إلى وثبة عارمة كادت تطيح بالحكم، وأعتقل قاسم بسبب دوره فيها، وبسبب أفكاره التي ظل يبشر بها أينما حل. لقد كان قاسم أحد الدعاة المزمنين ل(جمهورية افلاطون) .
جرت محاكمة قاسم في محاكمة سميت ب (محكمة النعساني)، والتي كانت مهزلة مضحكة وليست بمحكمة، فبعد أن جلبت مجموعة من المعتقلين وقاسم بينهم مقيدي الأيدي إلى تلك المحكمة، راح الحاكم ينطق بالأحكام على صف الشباب الذي اصطف أمامه، والذين لا يعرف أسماءهم حتى، وكان فيهم شابا طويل القامة وقف في الوسط،، فتليت الأحكام ، وكانت:
من الطويل وإلى اليمين سبعة أعوام سجن مع الأشغال الشاقة، ومن الطويل وإلى اليسار، عشر سنين سجن مع الأشغال الشاقة، فحار الطويل في أمره، فسأل الحاكم مع من هو؟ فأعطاه القاضي خمسة عشر سنة سجنا مع الأشغال، وكان قاسم يقف على يسار الطويل، فكان نصيبه عشرة سنين، قضاها في سجن نقرة السلمان وسط صحراء السماوة.
وهكذا عادت حيهن إلى الفقر من جديد، وعادت تصارع جوعها، ولكنها كانت الخاسرة في صراعها الجديد، بعد أن تبدل سلاح المعركة، فلا حصران ولا همايين في بغداد.
دفعت الثمن غاليا من عوز وجوع، وحرمت صغارها من التعليم، ودفعتهم للعمل قبل أن يشتد عودهم، فراحوا يذرعون الشوارع بحثا عن لقمة العيش، والتي تطالعهم على خجل.
إنتقلت عدوى الأفكار ( الهدامة) إلى أولاد سلمان الواحد بعد الآخر، وظلت حيهن تحمل همومهم إلى أن توفاها الله.

يتبع

(1) وجدت آثار وبنقود مدونة بلغة شبيهة جدا بالمندائية تعود إلى من فترة الدولة الفرثية في جنوب غرب إيران
(2) ، (3) الرسته : لباس قطني أبيض خاص يستخدمه المندائيون في طقوسهم الدينية يلبسه الرجال والنساء على حد سواء يتوسطه حزام يشد أقسامه يسمى بالهميانة وهي من الصوف الأبيض وتكون مجوفة ولها مواصفات خاصة من حيث الطول وعدد العقد،. وكانت حيهن تتقن حياكتها ولها سوق رائجة بين المندائيين .
(4) كلمة مندي تعني في المندائية بيت المعرفة، وتقام فيه أهم طقوسهم.
(5) كان التمر يكبس بسلال مغلقة تحاك من خوص النخل وهي ثقيلة يصل وزنها إلى ما يقارب العشرين كم. والكليجة نوع من الكعك يصنع من الطحين ويحشى بالتمر ويخبز في التنور. وفي المدن تحشى الكليجة بالجوز وغيرها وتخبز في الأفران.




#عبدالآله_السباهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللطلاطة (1)


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالآله السباهي - اللطلاطة (2)