أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم علاء الدين - الاخلاق الاسلامية لا تختلف عما جاء في الديانات الاخرى السماوية والوثنية















المزيد.....


الاخلاق الاسلامية لا تختلف عما جاء في الديانات الاخرى السماوية والوثنية


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2309 - 2008 / 6 / 11 - 08:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يحاول بعض الذين يطلقون على انفسهم دعاة وشيوخ دين وعلماء مسلمين عند الحديث عن اخلاق المسلم المبالغة والتضخيم واعتبارها تمتاز عن اخلاق الكفرة من الديانات الاخرى، ونسمع على شبكة الانترنت وخصوصا موقع (بال توك) بعض هؤلاء الادعياء خصوصا ممن يطلقون على انفسهم باتباع السلف (الصالح) يخاطبون غيرهم من اتباع الديانات الاخرى بلهجة متعالية ومفردات تخلو من اي ذوق او ادب ، ويستهزئون بديانات الاخرين ويسخرون من اتباعها لدرجة ان احد اولئك المجانين وصف الانبا شنودة بالحشرة ذات الاربع ارجل. ووصف السيد المسيح بالمخرف.
واكاد اجزم ان هؤلاء المدعين لم يطلعوا على جوهر الدين الاسلامي ولا يعرفوا ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم جاء ليتمم مكارم الاخلاق.
ويجهل هؤلاء الادعياء ان الاخلاق في جميع الديانات السماوية والوثنية وحتى عند الشعوب التي امنت بتعدد الالهة تشترك كلها في نفس الاخلاق تقريبا, حتى ليمكن القول انها منسوخة عن بعضها بعضا, مع زيادة هنا ونقص هناك.
كما يجهل هؤلاء الادعياء ان الاخلاق التي جاء بها الاسلام وفرضها على المسلمين تكاد تكون نسخة مطابقة للاخلاق عند ديانة الصابئة, وهي ديانة غير سماوية وسبقت ظهور الدين الاسلامي بنحو 3000 سنة .
كما انها تتطابق بهذه الدرجة او تلك مع الاخلاق في الديانة المسيحية واليهودية السماويتان، وتلتقي مع الكثير مما جاء في الديانات الوثنية مثل البوذية والهندوسية والزرادشتية والمجوسية والماوية والتعاليم الكونفوشيوسية.
وحتى لا يكون كلامنا مجردا ويعتبره البعض مجرد راي او استنتاج فاني اعرض فيما يلي ملخصا لما جاء في عدد من الديانات السماوية وغير السماوية من اخلاق دعت كل منها اتباعها بالالتزام بها وتطبيقها والا سيكون مصيرها جهنم.

اخلاق الصابئة / 2500 قبل الميلاد

واول هذه الديانات هي ديانة الصابئة والتي نشات في العراق حوالي (2500 سنة قبل الميلاد) وما زال لها اتباع في العراق حتى الان تقول وصاياها والتي حرمت : التجديف باسم الخالق ، (الكفر) ، عدم اداء الفروض الدينية، قتل النفس، الزنا، السرقة ، الكذب، شهادة الزور، خيانة الأمانة والعهد، الحسد، النميمة، الغيبة، التحدث والإخبار بالصدقات المُعطاة، القسم الباطل ، عبادة الشهوات ، الشعوذة والسحر،الختان ، شرب الخمر ، الربا ، البكاء على الميت ولبس السواد ، تلويث الطبيعة والأنهار ، أكل الميت والدم والحامل والجارح والكاسر من الحيوانات والذي هاجمه حيوان مفترس ، الطلاق (إلا في ظروف خاصة جدا) ، الانتحار وإنهاء الحياة والإجهاض ، تعذيب النفس وإيذاء الجسد ، الرهبنة ، زواج غير الصابئة.
هذه اخلاق الصاءئة ومحرماتهم ، فلندقق فيها لنكتشف مدى تطابقها مع اخلاق المسلمين ومحرماتهم

اخلاق المسلمين / 625 ميلادي

الاخلاق التي حث عليها الاسلام تكاد تطابق تماما مع ما جاء في ديانة الصابئة وقد جاء معظمها تقريبا في سورة الانعام اذ قال الله تعالى:
{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( الأنعام :151 - 153 ) .

وتشتمل اخلاق المسلمين كما وردت في القران والسنة النبوية على (تحريم قتل النفس، الزنا، السرقة ، الكذب، شهادة الزور، خيانة الأمانة والعهد، الحسد، النميمة، الغيبة، التحدث والإخبار بالصدقات المُعطاة، القسم الباطل ، عبادة الشهوات ، الشعوذة والسحر، شرب الخمر ، الربا ، القمار، زيارة المقابر، أكل لحم الميت والدم والحامل والجارح والكاسر من الحيوانات ، الانتحار وإنهاء الحياة والإجهاض ، تعذيب النفس وإيذاء الجسد ، الرهبنة .
قال تعالى { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ } ( الأنعام : 145 ) .


الوصايا العشر في اليهودية / 1100 قبل الميلاد

الوصايا العشر هي قوانين اعطاها الله لشعب اسرائيل بعد الخروج من مصر. وتعتبر هذه الوصايا ملخص لعدد كبير من الوصايا (حوالي 600 وصية) موجودة في الشريعة أو العهد القديم. والوصايا العشر موجودة في خروج 1:20-17 وتثنية 6:5-21 وهي كالآتي:

(1) "لا يكن لك آلهة أخري أمامي". هذه الوصية تحذر ضد عبادة أي آلهة أخري غير الله. فكل الآلهة الأخري باطلة.

(2) "لا تصنع لك تمثالا منحوتا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب الهك اله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي، وأصنع احسانا الي ألوف من محبي وحافظي وصاياي". هذه الوصية تحذر من صنع التماثيل وعبادة التماثيل المصنوعة والمنحوتة التي تمثل الله.

(3) "لا تنطق باسم الرب الهك باطلا، لأن الرب لا يبريء من نطق باسمه باطلا". هذه الوصية تحذر من استخدام اسم الله باطلا أو باستخفاف للحديث أو الحلفان. فيجب علينا اظهار الاحترام والكرامة اللائقة بالله عند ذكر اسمه.

(4) "اذكر يوم السبت لتقدسه. ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب الهك. لا تصنع عملا ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك. لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، واستراح في اليوم السابع. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه". هذه وصية لتخصيص السبت (أو اليوم الأخير في الاسبوع) للرب.

(5) "أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك علي الأرض التي يعطيك الرب الهك". هذه وصية لتذكيرنا بأكرام الوالدين واحترامهم.

(6) "لا تقتل". هذه الوصية تحذر ضد القتل المتعمد من الانسان لأي انسان آخر.

(7) "لا تزن". هذه وصية ضد ممارسة علاقات جنسية خارج الزواج.

(8) "لا تسرق". هذه وصية ضد أخذ أي شيء من أي أحد بدون معرفته.

(9) "لا تشهد علي قريبك شهادة زور". هذه وصية ضد الشهادة الزور والكذب.

(10) "لا تشته بيت قريبك. لا تشته امرأة قريبك، ولا عبده، ولا أمته، ولا ثوره، ولا حماره، ولا شيئا مما لقريبك". هذه الوصية ضد اشتهاء اي شيء ليس ملك لك. فالاشتهاء والحقد يمكن أن يؤدي الي أشياء مثل القتل، الزني، والسرقة. وان كان هناك شيء لا يحق علينا أن نفعله فيجب علينا الا نشتهيه.


الوصايا العشر بالمسيحية (خروج:20، 1/17).
وجاءت الوصايا المسيحية نسخة متطابقة تماما عن الوصايا اليهودية وقد وردت في (خروج:20، 1/17). على النحو التالي:
الوصية الأولى:
"لا يكن آلهة أخرى أمامي". يطالب الله الإنسان أن يعبده وحده دون سواه، فليس من الضروري أن يعبد الشمس والقمر، أوما إلى ذلك، حتى يقال إنه عبدٌ دون الله، فقد يكون الشيء الذي ينصرف إلى عبادته تسلية محبوبة أوهداية مرغوبة، أو فرداً يعبده ويعتزّ به أو يشغل باله بالمال المودع في المصارف أو العقارات وما إلى ذلك.
وقد دلّ السيد المسيح على عبادة الله الواحد بقوله: "أن نحب الرب إلهنا من كل قلوبنا ومن كل أنفسنا ومن كل أفكارنا" (متى: 37/ 22).
الوصية الثانية:
"لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً". إذا كانت الوصية الأولى ترمي إلى هدف العبادة وغايتها، فإن الوصية الثانية تشير إلى كيفيتها وحالتها.
الوصية الثالثة:
لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً". وهذه الوصية تدعو إلى احترام اسم الله وتقديسه، بحيث يتمّ تدنيس اسمه بالتفوّه بالكلمات غير اللائقة بحقه والنطق بها باطلاً،
الوصية الرابعة:
"اذكر يوم السبت لتقدسه". فإن الله جعل السبت لأجل الإنسان، (مرقس:27/2). ولسد حاجاته وللراحة والعبادة،. ويوم الأحد هو يوم "مقدس"، وهو يوم الرب، لا يوم المسيحي، ويجب أن يصرفه في طريقه، في عبادته وخدمته، لا في الملذات الشخصية.
الوصية الخامسة:
"أكرم أباك وأمك". ولعلّ بولس في إحدى رسائله (تيموثاوس:2/3) يضع "غير الطائعين لوالديهم" في مصاف الذين يظهرون في الأيام الأخيرة، وفي هذه الدائرة بنوع خاص تنكشف الأنانيات والمحبة للذات حتى بلوغ سنّ الرشد.
الوصية السادسة:
"لا تقتل". وقد اعتبر يسوع في موعظته على الجبل أن من يغضب على أخيه باطلاً أو يهين أخاه، فإنه يرتكب خطية القتل، ويصل الرسول يوحنا في رسالته الأولى (15/3) إلى القول: "كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس"، وبذلك يعد إفلات زمام الشهوات، والحنق والغضب والحقد والحسد والإهمال والكيد والضغينة وما إلى ذلك من جرائم القتل.
الوصية السابعة:
"لا تزنِ". وتتجاوز هذه الوصية مسألة الأمانة الزوجية إلى حالات ارتكاب الزنى قبل الزواج، والاستباحة في العلاقات الأخلاقية والتعاطي الجسماني مع الجنس الآخر قبل عقد الزواج وما إلى ذلك من انحرافات جنسية، ويصل الأمر إلى حد أن النظرة الشهوانية إلى المرأة تعتبر زنى. وهذا ما صرّح به يسوع في كلامه: "كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (متى:28/50).
فكما أن التمسك بالأفكار الشريرة المحرّمة في القلب يعدّ قتلاً، كذلك الاحتفاظ بالأفكار الدنسة في القلب يعتبر زنى، وهذه الوصية تشمل كل سوء استعمال لأية قوة أو موهبة نبيلة منحها الله للإنسان.
الوصية الثامنة:
"لا تسرق". السرقة هي سلب أي شيء مما يملكه إنسان آخر، أو مما هو حق له، ولا تقتصر السرقة على الأموال والمقتنيات، بل تشمل مظاهر الحياة كلها، كأن يتهرب من دفع الضرائب المستحقة أو التحايل على تخفيفها أو الإقلال من ساعات العمل المطلوبة، أو أن تدفع له أجراً أقل مما يستحق، أو يشتغل العامل أكثر من الوقت المقرر، فإن ذلك يعتبر نقضاً لهذه الوصية، ولم يقتنع الرسول بولس بالقول إن اللص يجب أن يمتنع عن السرقة، بل قال إن عليه أن يشتغل وأن يعمل "فلا يسرق السارق في ما بعد، بل بالحري يتعب عاملاً الصالح بيديه ليكون له أن يعطي من له احتياج" (أفس:28/4) أن يتحول من سارق إلى إنسان محسن".
الوصية التاسعة:
"لا تشهد على قريبك شهادة زور". لا تقتصر هذه الوصية على الشهادة في المحاكم فقط، ولكنها تصل إلى حدّ الحلف بالكذب، وتشمل كل أنواع النميمة والوشاية والأحاديث الباطلة والغيبة والاستماع إلى الشهادات المغرضة، أو نقلها أو ترويجها وما شابهها.
الوصية العاشرة:
"لا تشته". تعتبر هذه الوصية من أهم الوصايا وتطال الأخلاق الشخصية، بحيث تنطلق إلى الذات وتمتد الشهوة، ويسود الطمع، ويقول الرسول بولس: "الطمع الذي هو عبادة، عبادة الأوثان" (لولوسي: 3/5). ونرى أن التقوى بمقابله "وأما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة" (تيموثاوس: 6/6)، وبالتالي فإن الله يرى كل إنسان على حقيقته، وتكشف الشريعة (الناموس) مدى اتساع خطايا الإنسان وخطورتها، لأن "الناموس معرفة الخطية" (رومية:20/3).
هذه هي الاخلاق والمحرمات التي تضمنتها الديانات السماوية الثلاث ، والديانة التوحيدية الاقدم في العالم واترك للقاريء التعرف على كم هي الفروقات طفيفة.

الديانات الوثنية

وماذا عن الديانات الوثنية التي عرفها العالم وما هي الاخلاق التي دعت اليها وهل تختلف كثيرا عن تلك التي وردت بالديانات السماوية لنرى ذلك:

الوصايا البوذية 600 قبل الميلاد
وصايا البوذية :
وهي وصايا عشر جوهرية، وهي ـ كما جاءت في دائرة معارف البستاني ـ : لا تقتل، لا تسرق، كن عفيفاً، لا تكذب، لا تسكر، لا تأكل بعد الظهر، لا تغنِ ولا ترقص، وتجنّب ملابس الزينة، لا تستعمل فراشاً كبيراً، لا تقبل معادن كريمة، وهناك وصايا تتعلّق بما يجب أن يقدّم من الاحترام لبوذا والشريعة وهي السيرة الجيّدة، والصحة الجيّدة، والعلم القليل.

القواعد الخمس التي تشكل اساس الممارسات الاخلاقية للبوذية:
الكف غن القتل, الكف عن اخذ ما لم يعطى, الكف عن الكلام السيء, الكف عن السلوكيات الحسية المشينة,
الكف عن تناول المشروبات المسكرة ةالمخدرة.

وتضمنت الحقيقة الرابعة في الديانة البوذية وهي الطريق التي تؤدي إلى إيقاف المعاناة: وتتألف من ثمان وصايا، ويسمى بالدَرْب الثُماني النبيل، ثمان فضائل:
الفهم السوي، التفكير السوي، القول السوي، الفعل السوي, الارتزاق السوي, الجهد السوي, الانتباه السوي, واخيرا التركيز السوي.
وتتوزع هذه الفضائل الى ثلاث اقسام هب : الفضيلة – الحكمة – التأمل . ويتم الوصول الى كل واحدة منها عن طريق وسائل مختلفة. أول هذه الوسائل هي اتباع سلوكيات أخلاقية صارمة، والامتناع عن العديد من الملذات. تهدف الوسائل الأخرى إلى التغلب على الجهل، عن طريق التمعن الدقيق في حقيقة الأشياء، ثم إزالة الرغبات عن طريق تهدئة النفس وكبح الشهوات.
وصايا الهندوسية 1500 قبل الميلاد

الاخلاق والشرائع الهندوسية /
إنَّ تتبع نصوص شرع مانو أو منُّوسَمَرتي تبيِّن أنَّ لدى الهندوس نظام أخلاقي دقيق معظم ما يتضمنه غير مخالف لما تأمر به الرسالات السَّماوية.
أول ذلك ما يأمرون به هو الاحترام الشديد لكبير السنّ، ويطلبون من الصغير آداب يتعاطى من خلالها مع من هم أكبر منه، بأن يبدأ الكبار عندما يلقيهم بالسَّلام وأن يعرفهم نفسه، ومن لا يعرف ألفاظ السَّلام يستخدم مع الكبير تعبير تَمسْكار؛ أي أنحني أمامك.
ولم يقتصر هذا التكريم على العمر فقط، بل يتسع ليشمل الأمر مجموعة كبيرة من الأشخاص، «قف وعظِّم خالك وعمّك وحماك والعلماء الذين يقومون بالأعمال الدينية وأستاذك ولو كانوا أصغر منك سناً»..
وأعطى التشريع الهندوسي مكانة عظيمة للأبوين لما لهما من فضل في إعداد الأولاد وتربيتهم «ليس بالمستطاع مكافأة الأبوين، حتّى ولا بمئة سنة، على ما يقاسيانه من العذاب في نسل الأولاد... على التلميذ أن يقوم على خدمة الأبوين والأستاذ بما يرضيهم، وبذلك ينال ثواب عباداته كلّها... إنَّ طاعة هؤلاء الثلاثة هي خير الاخلاق، فعلى التلميذ ألاّ يقوم بعبادة ما رجاء الثواب وزيادة الحسنات إلاَّ بإذنهم».
والهندوسي عليه أن يسعى إلى النعيم الأخروي، وبذلك عليه أن يتحمّل الأذى في الدنيا، وأن لا يردّ الإساءة بمثلها.
وفي الهندوسية جملة وصايا تصبّ كلّها في مجرى اتباع الاخلاق الفاضلة، وقد ركزت النصوص عندهم على عدم ايذاء الغير ، وأن لايحسدهم على ما آتاهم الله من فضله.
وتحرّم الهندوسية القمار، وتطالب الحاكم أن يمنع القمار وكلّ أشكال الرهانات، وأن يعمل على معاقبة من يُمارس ذلك، ويعدون القمار كسباً غير مشروع، وهو من جملة أنواع السرقة.
وتستمر الهندوسية في تحريم ومحاربة النفاق والتدليس، وتحظّر التنجيم والارتزاق من خلاله، كما أنَّها تعاقب من لا يمارس عمله، خاصة الأطباء، بصدق وأمانة، وتطالب الحاكم بأن يلاحق هؤلاء وينـزل بهم العقاب المناسب لاستئصال الفساد من المجتمع، كما تحرم الرشوة والمكر والتدليس والمقامرة وسلوك طريق الخبث والنفاق والعيش بالتنجيم والشعوذة والمومسة والزنا والسرقة والغش، وتعاقب على ارتكاب أي مما ورد من هذه الأمور.
وتحرِّم الهندوسية الخمر، لأنَّه نجس ومصدر للخبث «إنَّ الخمر نجسة كالإثـم، فعلى المولودين ثانية ألا يشربوها».

زرادشت والقيم الأخلاقية: 700 قبل الميلاد
إن صرح القيم الأخلاقية بناء تشيده في النفس ثلاثة أركان:
ـ حُمادا أو التفكير الحميد.
ـ حُقاتا أو القول الحق أو الصدق.
ـ خفائر شتا، أو العمل الطيب أو الخير.
وانطلاقاً من ذلك كما يرى زرادشت يستطيع الإنسان أن يحدد بأن ما يراه حقاً هو حق بالفعل، وأن العمل الذي يراه خيراً هو حقاً الخير، وذلك على طريق التفريق بين الباطل والخير، فالباطل طبيعته الفناء، و الخير طبيعته البقاء. يا أيها الإنسان، حكِّم العقل منك.. وخالِف الهوى فيك، هذا هو التفكير الحميد، والقول الحق، والعمل الطيب أو الخير.
قوانين زرادشت وتشريعاته:
سنّ زرادشت قوانين تنظم المجتمع ، فنهى عن حياة الغزو ودعا إلى حياة السلم، وترك للناس حرية الاختيار في اعتناق مذهبه أو رفضه، وقال باستقبال المشرق حيث مطلع الأنوار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الخبائث.
كما يقول زرادشت" إن على الإنسان أن يؤدي صدقتين: "الصدقة العملية والصدقة العلمية..".
ففي مجال الصدقة العملية يقول "من يعاون الفقير البائس يسهم في إقامة دولة آهورا مزدا".
ويقول أيضاً: "إن الذي لا يجود بماله مع ما أوتي من سعة الرزق سوف يُساق إلى هاوية الفقر، سوقاً، ولتنصّب المصائب انصباباً على الأشحاء الذين لا يتصدقون".
أما الصدقة العلمية فيوجبها زرادشت على أهل المعرفة لتسد الحاجة العقلية والروحية للجهلاء! والإيمان بوحدانية الإله الخير، وتقويم انحراف أفراد المجتمع الذين حادوا عن الخلق الطيّب حتى يزول من نفس الأفراد الجهل، وتذوب في اضمحلال من هذه النفس شهوة الشهوات.
دعا زرادشت إلى مكارم الأخلاق، وجعل دعائم الأسرة تقوم على أسس قوية من قواعد الأخلاق، فاعتبر أن الرباط العائلي عن طريق الزواج هو جزء من الدين وفي البيت الزوجي تبلغ الدنيا أقصى سعادتها: "إنه البيت الذي يضمّ زوجة صالحة ويمرح فيه أطفال وتزداد فيه التقوى".ويقول إن البيت السعيد هو البيت الذي تتناسل فيه الماشية ويكثر فيه غذاء الحيوان ويكون الكلب فيه سعيداً.
اعتبر زرادشت أن العمل الزراعي هو العامل الأول لنهضة الأمة، لأنها توفر للأمة قوتها وتقيها في سنين الجفاف شر القحط، والقحط باعث على إثارة شهوات الغزو في النفس وباعث على الحروب، ومن ثم كانت الزراعة عامة من أهم النواحي التي دعا زرادشت أتباعه إلى النهوض بها بقوله: إنّ زرادشت سأله ربه عن خير الطرق لإعلاء كلمة دين مزدا، فأجابه: "إنها زراعة القمح، فمن زرع القمح يزرع الاستقامة ويعين دين مزدا"، لأنه "حين تبذر حبوب القمح تذعر الشياطين.. وحين تنبت تضطرب وتمرض.. وحين ترى سيقانها تبكي.. وحين ترى سنابلها تدير ظهرها".
اعتبر زرادشت أن الكون ساحة يدور عليها الصراع الدائم بين الخير والشر في العالم، في الأسرة، في نفس الإنسان.. وعلى الإنسان أن يحارب في هذه الميادين الثلاثة والنصر بجانبه إذا بدأ بنفسه.. إن جهاد النفس أشقّ الجهاد..
كما أنه دعا الإنسان إلى أن يعمل الخير دون أن ينتظر الجزاء، فإن الخير يحمل جزاؤه في نفسه، ولذلك عليه أن يستأصل عامل الشر من نفسه وينمّي في نفسه بذرة الخير، لأن خالقه جعل له عقلاً وأعطاه القلم بيده وعلّمه به ما لم يكن يعلم، وتركه يسطّر في لوحه ما يريد بعد أن بيّن له طرق الخير وأمره باتّباعها وبين له طرق الشر وأمره بمقاومتها، عن طريق هذا العقل الذي أعطاه إياه وهذا الضمير الذي أودعه فيه..
خلاصة : من الواضح تماما عند المقارنة بين ما ورد في الديانات السماوية والارضية الوثنية ان هناك توافقا شبه تام واتفاقا يصل الى حد التطابق، فالخبرة والتجربة الانسانية على مر العصورتمكنت من تحديد ما هو خير للبشرية وما يضرها، ومن المدهش حقا ان معظم ما ورد في جميع الديانات السماوية والارضية، تضمنته ديانة الصابئة وهي اقدم الديانات المعروفة على الاطلاق.
وتعاليم الصابئة لم تكن بالمطلق ابتكارا واختراعا لشيوخ الصابئة ومعلميهم ، بل هي امتداد وتطوير وتواصل بين ما سبقها من نتعاليم لتنظيم المجتمع ، مثل تعاليم الفراعنة بمصر حيث نهت تعاليمهم عن معظم ما نهت عنه الديانة الصابئية، باستثناء ما يتعلق بالزواج حيث كان الزواج من الاقارب العمة والخالة والاخت شائعا في العصور الفرعونية الاولى، وهذا يخضع للتطور التاريخي للحياة البشرية ، فقبل الفراعنة كانت المشاعية سائدة فيها واستمرت مشاعية المراة على مر العصور وما زالت حتى الان في بعض المجتمعات البدائية في افريقيا وفي مناطق حول نهر الامازون بالبرازيل.



#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معلمة المدرسة تهدد بالاستقالة
- المحاربة هيلاري كلينتون الى اللقاء .. ولنساء المسلمين العزاء
- على حماس ان تعلن استسلامها لفتح افضل من استسلامها لاسرائيل
- عارية في ناد ليلي .. وسعيدة لانها قريبة من الله
- تركيا لماذا هذا الضجيج ؟؟ الحجاب مسالة سياسية وليست دينية
- شيوخ التزييف -الكيمياء- و-الزغل- يرتعون بيننا
- الجن خطفوا الاولاد
- في ذكرى نكسة 67.. يا ريت تتحقق نبوءة موشي ديان
- انت دائما معي
- سيدة الزهور : شابة يمنية في نيويورك
- احتفالات زائفة في بيروت تؤجل الصراع ولا تلغيه
- الطفل خالد النيويوركي يريد العودة الى اللد
- الفلسطينيون مستاؤون .. نعم لضم الضفة للاردن وغزة لمصر
- احتفالات زائفة في بيروت احتفاء بتاجيل الصراع لا الغائه
- هل يستطيع التميمي من لندن اقصاء فتح
- سمعت الآف الآهات
- رد على كلالده – مطلوب حكومة وطنية لانقاذ الاحزاب الاردنية
- الرئيس الامريكي يضع برنامجا واقعيا شاملا لنهضة الامة العربية ...
- احبك كما تشائين
- لا تبحري في عيوني


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم علاء الدين - الاخلاق الاسلامية لا تختلف عما جاء في الديانات الاخرى السماوية والوثنية